موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح

موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح (https://www.1enc.net/vb/index.php)
-   منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum (https://www.1enc.net/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الجدال المذموم وفضل تركه (https://www.1enc.net/vb/showthread.php?t=43391)

في الجنة نلتقي 03 Jun 2020 09:00 PM

الجدال المذموم وفضل تركه
 
أقسام الجدال المذموم وفضل تركه


1- الجدال في الله بغير علم:

أخطر أنواع الجدال على العباد وعلى الدين الجدال في الله تعالى بغير علم رد ما أثبته الله تعالى لنفسه من الصفات، سواء أكان ذلك بتأويل أو تشبيه أو تعطيل، وكذا وصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه بتجسيم أو تكييف.



قال الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ﴾[1].

ومن الجدال في الله تعالى نسبة الصاحبة والولد له سبحانه.



ومنه نسبة ما ليس من دين الله تعالى إليه، كتحريم الحلال وتحليل الحرام ومنه تحريم البحيرة، والسائبة، والوصيلة والحام.



2- الجدال في القرآن:

ومن الجدال المذموم، الجدال في القرآن بالطعن في آيات الله تعالى بتتبع ما تشابه من آياته ابتغاء الفتنة، وضرب القرآن بعضه ببعض.



قال الله تعالى: ﴿ مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ ﴾[2].

قال القرطبي رحمه الله قوله تعالى: ﴿ مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ سجل سبحانه على المجادلين في آيات الله بالكفر، والمراد الجدال بالباطل، من الطعن فيها، والقصد إلى إدحاض الحق، وإطفاء نور الله تعالى. وقد دل على ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ﴾. فأما الجدال فيها لإيضاح ملتبسها، وحل مشكلها، ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها، ورد أهل الزيغ بها وعنها، فأعظم جهاد في سبيل الله[3].



وقال تعالى: ﴿ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ﴾[4].



وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ- ثَلاَثَ مَرَّاتٍ - فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ»[5].



قال المناوي: أي الشك في كونه كلام الله كفر أو أراد الخوض فيه بأنه محدث أو قديم أو المجادلة في الآي المتشابهة المؤدى إلي الجحود فسماه كفرا باسم ما يخاف عاقبته[6].



وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ تَلَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7] قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ فَاحْذَرْهُمْ »[7].



وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعُوا الْمِرَاءَ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْأُمَمَ قَبْلَكَمْ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ مِرَاءً فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ»[8].



ومنه ما كان يفعله صَبِيغُ بْنُ عِسْلٍ التَميمي، الذي كان يتتبع مَا تَشَابَهَ مِنْ الْقُرْآنِ كأنه يشكك فيه، فعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ: صَبِيغُ بْنُ عِسْلٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابَهِ الْقُرْآنِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ رضي الله عنه فَبَعَثَ لَهُ، وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينَ النَّخْلِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ جَلَسَ فَقَالَ لَهُ: "مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا صَبِيغٌ، فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا عُمَرُ عَبْدُ اللَّهِ، ثُمَّ أَهْوَى إِلَيْهِ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِتِلْكَ الْعَرَاجِينِ حَتَّى شَجَّهُ، فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَدْ وَاللَّهِ ذَهَبَ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ فِي رَأْسِي"[9].



3- الجدال بالباطل لدحض الحق:

ومن الجدال المذموم، الجدل بالباطل لدحض الحق، قال الله تعالى: ﴿ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾ [10].



قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الذين كفروا يجادلون بالباطل، أي يخاصمون الرسل بالباطل، كقولهم في الرسول: ساحر، شاعر، كاهن وكقولهم: في القرآن: أساطير الأولين، سحر، شعر، كهانة. وكسؤالهم عن أصحاب الكهف، وذي القرنين. وسؤالهم عن الروح عناداً وتعنتاً، ليبطلوا الحق بجدالهم وخصامهم بالباطل[11].



4- الجدل بغير علم:

ومن الجدال المذموم، الجدل بغير علم، قال الله تعالى: ﴿ ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [12].



قال ابن كثير رحمه الله: هذا إنكار على من يحاج فيما لا علم له به، فإنَّ اليهود والنصارى تَحَاجوا في إبراهيم بلا علم، ولو تحاجوا فيما بأيديهم منه علْم مما يتعلق بأديانهم التي شرعت لهم إلى حين بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لكان أولى بهم، وإنما تكلموا فيما لم يعلموا به، فأنكر الله عليهم ذلك، وأمرهم بردّ ما لا علم لهم به إلى عالم الغيب والشهادة، الذي يعلم الأمور على حقائقها وجلياتها، ولهذا قال: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [13].



5- الجدل في الحق بعد ظهوره:

ومن الجدال المذموم، الجدل في الحق بعد ظهوره، دفعًا للحق واعراضًا عنه، قال الله تعالى: ﴿ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ ﴾ [14].



فضل ترك الجدال:

ترك الجدال مغالبة للنفس، ومدافعة لشهوة الظهور، وبين الانتصار للنفس وحظوظها والانتصار للحق شعرة دقيقة جداً، ومع ذلك ففيها مدخل عظيم من مداخل الشيطان، يثير من خلاله العداوات، ويقطع فيه المودات، وربما حمل كل واحد من المتجادلين على الانتصار لرأيه ولو كان باطلاً، ودفع رأي الخصم ولو كان محقاً فكان علاج ذلك بترك الجدال والمراء حتى لو كان المجادل يرى نفسه محقاً ومن فعل ذلك فقد ضمن له النبي صلى الله عليه وسلم بيتاً في ربض الجنة.



عَنْ أَبِى أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»[15].



ترك الجدال من كمال الإيمان:

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الإِيمَانَ كُلَّهُ حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ فِي الْمُزَاحَةِ وَيَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ صَادِقاً»[16].



وقَالَ يَحْيَى بن أبي كثير رحمه الله: "سِتٌّ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ: قِتَالُ أَعْدَاءِ اللهِ بِالسَّيْفِ، وَالصِّيَامُ فِي الصَّيْفِ، وَإِسْبَاغُ الْوضُوءِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي، وَالتَّبْكِيرُ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ، وَتَرْكُ الْجِدَالِ وَالْمِرَاءِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ، وَالصَّبْرُ عَلَى الْمُصِيبَةِ " [17].



ترك الجدال علامة حسن الخلق:

عَنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِى السَّائِبِ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُشَارِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الإِسْلاَمِ فِي التِّجَارَةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ جَاءَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَرْحَباً بِأَخِي وَشَرِيكِي كَانَ لاَ يُدَارِى وَلاَ يُمَارِي يَا سَائِبُ قَدْ كُنْتَ تَعْمَلُ أَعْمَالاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ لاَ تُقْبَلُ مِنْكَ وَهِىَ الْيَوْمَ تُقْبَلُ مِنْكَ». وَكَانَ ذَا سَلَفٍ وَصِلَةٍ[18].


[1] سورة الحج: الآية /



رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/86378/#ixzz6OKHNJ92I

ابن الورد 03 Jun 2020 11:14 PM

رد: الجدال المذموم وفضل تركه
 
أختي الفاضلة الكريمة في الجنة نلتقي
نشكر لكم مشاركاتكم المباركة
وجزاكم الله تعالى عن الجميع خير الجزاء

سلطانه 05 Jun 2020 08:48 AM

رد: الجدال المذموم وفضل تركه
 
جزآك الله خير
شكرا ً جزيلا ً على الموضوع القيم


الساعة الآن 03:31 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي