موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح

موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح (https://www.1enc.net/vb/index.php)
-   أعظم الرقاة والمعالجين في العالم . (https://www.1enc.net/vb/forumdisplay.php?f=144)
-   -   هَدْيِ النبي محمد فِي دَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَعِلَاجِهِ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» . (https://www.1enc.net/vb/showthread.php?t=44914)

ابن الورد 13 Mar 2024 02:57 PM

هَدْيِ النبي محمد فِي دَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَعِلَاجِهِ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» .
 
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي دَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَعِلَاجِهِ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» :
مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:

«قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُرَيْنَةَ وَعُكَلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ: «لوخَرَجْتُمْ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا،
فَفَعَلُوا، فَلَمَّا صَحُّوا، عَمَدُوا إِلَى الرُّعَاةِ فَقَتَلُوهُمْ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ،
وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آثَارِهِمْ،
فَأُخِذُوا، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ،
وَأَلْقَاهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا» «١» .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أن هذا المرض كان الاستقساء،
مَا رَوَاهُ مسلم فِي «صَحِيحِهِ» فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ
قَالُوا: إِنَّا اجْتَوَيْنَا الْمَدِينَةَ، فَعَظُمَتْ بُطُونُنَا،
وَارْتَهَشَتْ أَعْضَاؤُنَا، وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ ...

وَالْجَوَى: داء من أدواء الجوف-

والاستقساء: مَرَضٌ مَادِّيٌّ سَبَبُهُ مَادَّةٌ غَرِيبَةٌ بَارِدَةٌ تَتَخَلَّلُ الْأَعْضَاءَ
فَتَرْبُو لَهَا إِمَّا الْأَعْضَاءُ الظَّاهِرَةُ كُلُّهَا،
وَإِمَّا الْمَوَاضِعُ الْخَالِيَةُ مِنَ النَّوَاحِي الَّتِي فِيهَا تَدْبِيرُ الْغِذَاءِ وَالْأَخْلَاطُ،
وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ:
لَحْمِيٌّ، وَهُوَ أَصْعَبُهَا.
وَزِقِّيٌّ،
وَطَبْلِيٌّ.
وَلَمَّا كَانَتِ الْأَدْوِيَةُ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي عِلَاجِهِ
هِيَ الْأَدْوِيَةُ الْجَالِبَةُ الَّتِي فِيهَا إطْلَاقٌ مُعْتَدِلٌ، وَإِدْرَارٌ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ،
وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَوْجُودَةٌ فِي أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا،
أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشُرْبِهَا،
فَإِنَّ فِي لَبَنِ اللِّقَاحِ جَلَاءً وَتَلْيِينًا، وَإِدْرَارًا وَتَلْطِيفًا، وَتَفْتِيحًا لِلسُّدَدِ،
إِذْ كَانَ أَكْثَرُ رَعْيِهَا الشِّيحَ، وَالْقَيْصُومَ، وَالْبَابُونَجَ، وَالْأُقْحُوَانَ،
وَالْإِذْخِرَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَدْوِيَةِ النَّافِعَةِ لِلِاسْتِسْقَاءِ.
وَهَذَا الْمَرَضُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ آفَةٍ فِي الْكَبِدِ خَاصَّةً، أَوْ مَعَ مُشَارَكَةٍ،
وَأَكْثَرُهَا عَنِ السَّدَدِ فِيهَا، وَلَبَنُ اللِّقَاحِ الْعَرَبِيَّةِ نَافِعٌ مِنَ السَّدَدِ،
لِمَا فِيهِ مِنَ التَّفْتِيحِ، وَالْمَنَافِعِ الْمَذْكُورَةِ.

قَالَ الرازي: لَبَنُ اللِّقَاحِ يَشْفِي أَوْجَاعَ الْكَبِدِ، وَفَسَادَ الْمِزَاجِ،

وَقَالَ الإسرائيلي: لَبَنُ اللِّقَاحِ أَرَقُّ الْأَلْبَانِ، وَأَكْثَرُهَا مَائِيَّةً وَحِدَّةً،
وَأَقَلُّهَا غِذَاءً، فَلِذَلِكَ صَارَ أَقْوَاهَا عَلَى تَلْطِيفِ الْفُضُولِ،
وَإِطْلَاقِ الْبَطْنِ، وَتَفْتِيحِ السُّدَدِ، وَيَدُلُّ على ذلك ملوحته اليسيرة
التي فيه الإفراط حَرَارَةٍ حَيَوَانِيَّةٍ بِالطَّبْعِ،
وَلِذَلِكَ صَارَ أَخَصَّ الْأَلْبَانِ بِتَطْرِيَةِ الْكَبِدِ، وَتَفْتِيحِ سُدَدِهَا،
وَتَحْلِيلِ صَلَابَةِ الطِّحَالِ إذا كان حديثا،
وَالنَّفْعُ مِنَ الِاسْتِسْقَاءِ خَاصَّةً إِذَا اسْتُعْمِلَ لِحَرَارَتِهِ الَّتِي يَخْرُجُ بِهَا
مِنَ الضَّرْعِ مَعَ بَوْلِ الفصيل، وهو حاركما يَخْرُجُ مِنَ الْحَيَوَانِ،
فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ فِي مِلْوَحَتِهِ، وَتَقْطِيعِهِ الْفُضُولَ،
وَإِطْلَاقِهِ الْبَطْنَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ انْحِدَارُهُ وَإِطْلَاقُهُ الْبَطْنَ،
وَجَبَ أَنْ يُطْلَقَ بِدَوَاءٍ مُسَهِّلٍ.

قَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ: وَلَا يُلْتَفَتُ
إِلَى مَا يُقَالُ: مِنْ أَنَّ طَبِيعَةَ اللَّبَنِ مُضَادَّةٌ لِعِلَاجِ الِاسْتِسْقَاءِ.
قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ لَبَنَ النُّوقِ دَوَاءٌ نَافِعٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَلَاءِ بِرِفْقٍ،
وَمَا فِيهِ مِنْ خَاصِّيَّةٍ، وَأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ شَدِيدُ الْمَنْفَعَةِ،
فَلَوْ أَنَّ إِنْسَانًا أَقَامَ عَلَيْهِ بَدَلَ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ شُفِيَ بِهِ،
وَقَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ فِي قَوْمٍ دُفِعُوا إِلَى بِلَادِ الْعَرَبِ،
فَقَادَتْهُمُ الضَّرُورَةُ إِلَى ذَلِكَ، فَعُوفُوا.
وَأَنْفَعُ الْأَبْوَالِ: بَوْلُ الْجَمَلِ الْأَعْرَابِيِّ، وَهُوَ النَّجِيبُ، انْتَهَى.

وَفِي الْقِصَّةِ: دَلِيلٌ عَلَى التَّدَاوِي وَالتَّطَبُّبِ،
وَعَلَى طَهَارَةِ بَوْلِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ،
فَإِنَّ التَّدَاوِيَ بِالْمُحَرَّمَاتِ غَيْرُ جَائِزٍ،
وَلَمْ يُؤْمَرُوا مَعَ قُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْإِسْلَامِ بِغَسْلِ أَفْوَاهِهِمْ،
وَمَا أَصَابَتْهُ ثِيَابُهُمْ مِنْ أَبْوَالِهَا لِلصَّلَاةِ، وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لَا يَجُوزُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.
https://shamela.ws/book/23649/34
(١) أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي. و «عرينة» قبيلة منهم العرينون المرتدون عن الإسلام «عكل» وعكل بالضم بلد وأبو قبيلة فيهم غباوة


الساعة الآن 11:17 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي