الهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل وأقسام الناس في التقوى والصبر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم
سُئل الشيخ الإمام، العالم العامل، الحبر الكامل، شيخ الإسلام، ومفتي الأنام، تقي الدين بن تيمية أيده الله وزاده من فضله العظيم، عن الصبر الجميل، والصفح الجميل، والهجر الجميل، وما أقسام التقوى والصبر الذي عليه الناس؟.
فأجاب رحمه الله: ـ
الحمد لله. أما بعد فإن الله أمر نبيّه بالهجر الجميل، والصفح الجميل، والصبر الجميل، فالهجر الجميل هجر بلا أذى، والصفح الجميل صفح بلا عتاب، والصبر الجميل، صبر بلا شكوى، قال يعقوب عليه الصلاة والسلام: {إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وحُزْني إِلَى اللَّهِ} مع قوله: {فَصَبْرٌ جَميلٌ، وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} فالشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل، ويروى عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول: اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان. ومن دعاء النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، اللَّهُمَّ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ أَإِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى عَدُوَ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيَّ فَلاَ أُبَالِي، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي. أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَت الظُّلُمَاتُ لَهُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، أَنْ يَنْزِلَ بِي سَخَطُكَ، أَوْ يَحِلَّ عَليَّ غَضَبُكَ، لَكَ العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى» وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر: {إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْني إِلَى اللَّهِ} ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف. بخلاف الشكوى إلَى المخلوق.
قرىء على الإمام أحمد في مرض موته أن طالوتاً كَرِهَ أنين المريض وقال: إنه شكوى. فما أنّ حتى مات. وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال، إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه، والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه، كما قال تعالى: {فَإذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} وقال صلى الله عليه وسلّم لابن عباس: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرَّجلُ لأخيهِ بظَهرِ الغيبِ قالَتِ الملائِكةُ آمينَ ولَك بمِثلٍ»
الراوي: عويمر بن مالك أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود -
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلاتحرمونا دعائكم
|