عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 17 Sep 2012, 03:46 PM
أبو موهبة
من السودان الغالية - جزاه الله تعالى خيرا
أبو موهبة غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 9685
 تاريخ التسجيل : Sep 2010
 فترة الأقامة : 5021 يوم
 أخر زيارة : 22 Aug 2022 (11:23 AM)
 المشاركات : 1,653 [ + ]
 التقييم : 13
 معدل التقييم : أبو موهبة is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
من تفسير البغوي - آية السحر - (1)



من تفسير البغوي »من سورة البقرة » تفسير قوله تعالى " واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا "
( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 102 ) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 103 ) )
( وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) يَعْنِي مُحَمَّدًا ( مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ) يَعْنِي التَّوْرَاةَ وَقِيلَ : الْقُرْآنَ ( كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) قَالَ الشَّعْبِيُّ : كَانُوا يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهَا ، وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : أَدْرَجُوهَا فِي الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَحَلَّوْهَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهَا فَذَلِكَ نَبْذُهُمْ لَهَا
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَاتَّبَعُوا ) يَعْنِي الْيَهُودَ ( مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ) أَيْ : مَا تَلَتْ ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الْمُسْتَقْبَلَ مَوْضِعَ الْمَاضِي ، وَالْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ ، وَقِيلَ : مَا كُنْتَ تَتْلُو أَيْ تَقْرَأُ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : [ ص: 127 ] تَتَّبِعُ وَتَعْمَلُ بِهِ ، وَقَالَ عَطَاءٌ تَحَدَّثُ وَتَكَلَّمُ بِهِ ( عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) أَيْ : فِي مُلْكِهِ وَعَهْدِهِ .
وَقِصَّةُ الْآيَةِ أَنَّ الشَّيَاطِينَ كَتَبُوا السِّحْرَ وَالنِّيرَنْجِيَّاتِ عَلَى لِسَانِ آصَفَ بْنِ بَرْخِيَا هَذَا مَا عَلَّمَ آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا سُلَيْمَانَ الْمَلِكَ ، ثُمَّ دَفَنُوهَا تَحْتَ مُصَلَّاهُ حَتَّى نَزَعَ اللَّهُ الْمُلْكَ عَنْهُ وَلَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ فَلَمَّا مَاتَ اسْتَخْرَجُوهَا وَقَالُوا لِلنَّاسِ : إِنَّمَا مَلَكَهُمْ سُلَيْمَانُ بِهَا فَتَعَلَّمُوهُ فَأَمَّا عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَصُلَحَاؤُهُمْ فَقَالُوا : مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَأَمَّا السَّفِلَةُ ، فَقَالُوا : هَذَا عِلْمُ سُلَيْمَانَ ، وَأَقْبَلُوا عَلَى تَعَلُّمِهِ ، وَرَفَضُوا كُتُبَ أَنْبِيَائِهِمْ ، وَفَشَتِ الْمَلَامَةُ عَلَى سُلَيْمَانَ فَلَمْ يَزَلْ هَذَا حَالُهُمْ وَفِعْلُهُمْ حَتَّى [ ص: 128 ] بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ بَرَاءَةَ سُلَيْمَانَ ، هَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ
وَقَالَ السُّدِّيُّ : كَانَتِ الشَّيَاطِينُ تَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَيَسْمَعُونَ كَلَامَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ ، فَيَأْتُونَ الْكَهَنَةَ وَيَخْلِطُونَ بِمَا يَسْمَعُونَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ سَبْعِينَ كِذْبَةً وَيُخْبِرُونَهُمْ بِهَا [ فَكُتِبَ ذَلِكَ ] وَفَشَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ الْجِنَّ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ، فَبَعَثَ سُلَيْمَانُ فِي النَّاسِ وَجَمَعَ تِلْكَ الْكُتُبَ وَجَعَلَهَا فِي صُنْدُوقٍ وَدَفَنَهُ تَحْتَ كُرْسِيِّهِ وَقَالَ : لَا أَسْمَعُ أَحَدًا يَقُولُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ ، فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ وَذَهَبَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَمْرَ سُلَيْمَانَ وَدَفَنَةُ الْكُتُبِ ، وَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ، تَمَثَّلَ الشَّيْطَانُ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ فَأَتَى نَفَرًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ : هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزٍ لَا تَأْكُلُونَهُ أَبَدًا قَالُوا : نَعَمْ فَذَهَبَ مَعَهُمْ فَأَرَاهُمُ الْمَكَانَ الَّذِي تَحْتَ كُرْسِيِّهِ ، فَحَفَرُوا فَأَقَامَ نَاحِيَةً فَقَالُوا لَهُ : ادْنُ وَقَالَ : لَا أَحْضُرُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُ فَاقْتُلُونِي ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ يَدْنُو مِنَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا احْتَرَقَ ، فَحَفَرُوا وَأَخْرَجُوا تِلْكَ الْكُتُبَ ، فَقَالَ الشَّيْطَانُ لَعَنَهُ اللَّهُ : إِنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يَضْبِطُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَالشَّيَاطِينَ وَالطَّيْرَ بِهَذَا ، ثُمَّ طَارَ الشَّيْطَانُ عَنْهُمْ ، وَفَشَا فِي النَّاسِ أَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ سَاحِرًا ، وَأَخَذُوا تِلْكَ الْكُتُبَ ( وَاسْتَعْمَلُوهَا ) فَلِذَلِكَ أَكْثَرَ مَا يُوجَدُ السِّحْرُ فِي الْيَهُودِ ، فَلَمَّا جَاءَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَّأَ اللَّهُ تَعَالَى سُلَيْمَانَ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَنْزَلَ فِي عُذْرِ سُلَيْمَانَ : ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ) بِالسِّحْرِ ، وَقِيلَ : لَمْ يَكُنْ سُلَيْمَانُ كَافِرًا بِالسِّحْرِ وَيَعْمَلُ بِهِ ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ) قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ ، " لَكِنْ " خَفِيفَةَ النُّونِ " وَالشَّيَاطِينُ " رَفْعٌ ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ وَلَكِنَّ مُشَدَّدَةَ النُّونِ " وَالشَّيَاطِينَ " نَصْبٌ وَكَذَلِكَ " وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ " ( 17 - الْأَنْفَالِ ) وَمَعْنَى لَكِنْ : نَفْيُ الْخَبَرِ الْمَاضِي وَإِثْبَاتُ الْمُسْتَقْبَلِ .

( يُعَلِّمُونَ النَّاسَ ) قِيلَ : مَعْنَى السِّحْرِ الْعِلْمُ وَالْحِذْقُ بِالشَّيْءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى " وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ ( 49 - الزُّخْرُفِ ) أَيِ الْعَالِمُ ، وَالصَّحِيحُ : أَنَّ السِّحْرَ عِبَارَةٌ عَنِ التَّمْوِيهِ وَالتَّخْيِيلِ ، وَالسِّحْرُ وُجُودُهُ حَقِيقَةً عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأُمَمِ ، وَلَكِنَّ الْعَمَلَ بِهِ كُفْرٌ ، حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : السِّحْرُ يُخَيِّلُ وَيُمْرِضُ وَقَدْ يَقْتُلُ ، حَتَّى أَوْجَبَ الْقِصَاصَ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِهِ فَهُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ، يَتَلَقَّاهُ السَّاحِرُ مِنْهُ بِتَعْلِيمِهِ إِيَّاهُ ، فَإِذَا تَلَقَّاهُ مِنْهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي قَلْبِ الْأَعْيَانِ فَيَجْعَلُ الْآدَمِيَّ عَلَى صُورَةِ الْحِمَارِ وَيَجْعَلُ الْحِمَارَ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ ذَلِكَ تَخْيِيلٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ( 66 - طه ) لَكِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْأَبْدَانِ بِالْأَمْرَاضِ وَالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ ، وَلِلْكَلَامِ تَأْثِيرٌ فِي الطِّبَاعِ وَالنُّفُوسِ وَقَدْ يَسْمَعُ الْإِنْسَانُ مَا يَكْرَهُ فَيَحْمَى وَيَغْضَبُ وَرُبَّمَا يُحَمُّ مِنْهُ ، [ ص: 129 ] وَقَدْ مَاتَ قَوْمٌ بِكَلَامٍ سَمِعُوهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَوَارِضِ وَالْعِلَلِ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي الْأَبْدَانِ .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ ) أَيْ وَيُعَلِّمُونَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ [ أَيْ إِلْهَامًا وَعِلْمًا ، فَالْإِنْزَالُ بِمَعْنَى الْإِلْهَامِ وَالتَّعْلِيمِ ، وَقِيلَ : وَاتَّبَعُوا مَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ] وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ الْمَلِكَيْنِ بِكَسْرِ اللَّامِ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هُمَا رَجُلَانِ سَاحِرَانِ كَانَا بِبَابِلَ ، وَقَالَ الْحَسَنُ : عِلْجَانِ ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يُعَلِّمُونَ السِّحْرَ .
وَبَابِلُ هِيَ بَابِلُ الْعِرَاقِ سُمِّيَتْ بَابِلَ لِتَبَلْبُلِ الْأَلْسِنَةِ بِهَا عِنْدَ سُقُوطِ صَرْحِ نُمْرُودَ أَيْ تَفَرُّقِهَا ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : بَابِلُ أَرْضِ الْكُوفَةِ ، وَقِيلَ جَبَلُ دَمَاوَنْدَ ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِالْفَتْحِ . فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَجُوزُ تَعْلِيمُ السِّحْرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ؟ قِيلَ : لَهُ تَأْوِيلَانِ : أَحَدُهُمَا ، أَنَّهُمَا لَا يَتَعَمَّدَانِ التَّعْلِيمَ لَكِنْ يَصِفَانِ السِّحْرَ وَيَذْكُرَانِ بُطْلَانَهُ وَيَأْمُرَانِ بِاجْتِنَابِهِ ، وَالتَّعْلِيمُ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ ، فَالشَّقِيُّ يَتْرُكُ نَصِيحَتَهُمَا وَيَتَعَلَّمُ السِّحْرَ مِنْ صَنْعَتِهِمَا .

( للموضوع بقية باذن الله ) وهو التأويل الثاني -----




 توقيع : أبو موهبة


رد مع اقتباس