الموضوع: المظهر والجوهر
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 24 Oct 2012, 10:56 PM
أبو موهبة
من السودان الغالية - جزاه الله تعالى خيرا
أبو موهبة غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 9685
 تاريخ التسجيل : Sep 2010
 فترة الأقامة : 5034 يوم
 أخر زيارة : 22 Aug 2022 (11:23 AM)
 المشاركات : 1,653 [ + ]
 التقييم : 13
 معدل التقييم : أبو موهبة is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
المظهر والجوهر



المظهـــر والجوهـــر

عند الحديث عن مظهر الناس ، وما قد يلبسون من أقنعة وأثواب جميلة .. يشبه الشعراء ذلك بالبرق الخلب الذي لا يتبعه مطر ، وبغمد السيف ومعدنه ، وبسرج الفرس ، والطائرالجميل الذي لا يؤكل لحمه ، وبالفاكهة الجميلة الفاسدة ، بل منهم من يتحدث عن الشكل والحجم وحسم البغال وأحلام العصافير .. و يقول إبراهيم الغزي : إن الناس في مظاهرهم مثل جنس النباتات فهي تشمل الفجل والموز والنحيل ..
لا تنظرن إلى القوالب واعتبــــر بجوهر الحيوان وهي عقوله
مالناس إلا كالنبات وداخـــــــــل في أسم النبات ثمامة ونخيله
وكم من فاكهة أعجننا مظهرها ولو نها ولكن كما يقول الشاعر ..
كبطيخة الزراع يعجب لونــــــــها صحيحاً ويبدو داؤها حين تفتح
وكم نعجب بالغصن الاخضر والعود المزهر ولكن مذاقه مر
يقول أحد الشعراء:-
فلا تحمدن الدهر ظاهر صفحة ** من المرء مالم تبل ما ليس يظهر
وما الزين في ثوب تراه وإنما ** يزين الفتى مخبوره حين يخبـر
فإن طرة راقتك منهم فربمــــا ** أمر مذاق العود ، والعود أخضر
فالمظاهر قد تكون خداعة وكم من رجل مظهره بئيس ، وأثوابه رثه ، وبدنه هزيل يحمل نفساً نبلية وقلباً كريما
يقول الحزين الكناني :
وتلقى الفتى ضخما جميلا رواؤه ** يروعك في الندى وليس له عقل
وأخر تنبو العين عنه مهذب ** يجود إذا ما الضخم نهنهه البخل
وتقول ليلى الاخيلية في هذا المعنى :
ومخرق عنه القميص تخاله ** وسط البيوت من الحياء سقيما
حتى أذا رفع اللواء رأيته ** تحت اللواء على الخميس زعيما
وللعباس بن مرداس أبيات شهيره يتحدث فيها عن الرجل النحيف والرجل الطرير { حسن المنظر } ، وعن الصقر ، وعن الجمل الذي يصرفه الصبي ومما جاء في هذه القصيده
ترى الرجل النحيف فتزدر به ** وفي أثوابه أســد مزيــــــر
ويعجبك الطير فتبتليـــــــــــه ** فيخلف ظنك الرجل الطرير
فما عظم الرجال لهم بفخــــــر ** ولكن فخرهم كرم وخيـــــر
ويقول أبن الرومي أن الجسم الضخم وإن كان حسن المنظر ما هو الا جيفه ضخمه ما لم تزرع فيه الشيم الكريمه نفسا طيبه:
إذا فقت الذميم بحسن جســـــم ** فلا يسبقك بالشيم الشريفـــه
فيصبح أفضل الرجلين نفساً ** وتصبح أعظم الرجلين جيفه
وقد لا تمنح الظروف المرء أثوابا مزركشه وتمنحه لساناً فصيحاً ، وقلباً ذكياً ونفساً زكيه
يقول أبن أوس العدوي :
إني وإن كنت أثوابي ملفقة ** ليست بخز ولا من نسج كتان
فإن في المجد هماتي وفي لغتي ** فصاحه ولساني غير لحـــان
وفي مجال تعظيم الناس بناء على أفعالهم وليس لمجرد مظاهرهم
يقول الحريري :
ومن الغباوةأن تعظم جاهلا ** لصقال ملبسه ورونق رقشه
أو أن تهين مهذبا في نفسه ** لدروس بزته ورثة فرشـــــه
ولو كانت الاشياء تقدر بمظهرها وتكتسب لرونقها لكان الفرس يشترى لسرجه الجميل والسيف يقتني لغمده وحمائله .
يقول أبو العلاء المعري:
فأن كان في لبس الفتى شرف له ** فما السيف الا غمد والحمائل
ويقول أبو الطيب المتنبي :
وما الحسن في وجه الفتى شرف له ** إذا لم يكن في فعله والخلائق
وقد يلجا بعض الناس الى الاسلوب الانيق والكلام المنمق المزخرف كمظهر يخفون ورائهم ضعفهم أو نيات سيئه ، وهو مظهر يهدف الى المراوغه لقضاء الحاجات لذالك ينصح الشعراء بأن نحكم على المرء بفعله لا بحلاوة كلامه..
يقول إبراهيم الغزي:
لحسن إصابات المقاله رونق ** وأحسن منهن الاصابة في الفعل
ويكون الختام جامعا مانعا إذا أوردنا هنا بيتين للآمام علي بن ابي طالب ( رضي الله عنه ):
الناس من جهة التمثيل أكفاء أبو هم آدم والأم حــــواء
فإن يكن لهم من قبل ذا نسب يفاخرون به فالطين والماء




 توقيع : أبو موهبة


رد مع اقتباس