* فضلها *
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ورد في سورة الفاتحه آثار تدل على عظم فضلها ورفعة
قدرها عند الله . ونذكر هذه الأحاديث فيما يلي :
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال : (( كنت أصلي
فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه حتى صليت ،
قال : فأتيته ، فقال : ما منعك أن تأتيني ؟ قال : قلت يا رسول
الله إني كنت أصلي ، قال : ألم يقل الله تعالى : (( يا أيها الذين
آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )) ثم قال :
لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ، قال :
فأخذ بيدي فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت : يا رسول الله
إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن ، قال : نعم
(( الحمد لله رب العالمين )) هي السبع المثاني والقرآن
العظيم الذي أوتيته )) . صحيح البخاري
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : (( ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل
(( أم القرآن )) وهي السبع المثاني ، وهي مقسومة
بيني وبين عبدي نصفين ))
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وعن أبي هريره رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : (( قال الله عز وجل : قسمت الصلاة بيني وبين
عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ،
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
فإذا قال العبد :
( الحمد لله رب العالمين ) قال الله : حمدني عبدي ،
وإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) قال الله : أثنى عليَّ عبدي ،
فإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال الله : مجدني عبدي ،
وقال مرة : فوّض إليّ عبدي ،
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
فإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم
غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) قال الله :
هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ))
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وقد بلغ من بركات الفاتحه أنهم كانوا يرقون بها المريض فيشفى
بإذن الله تعالى . فما أعظمها من رقية وما
أكثر بركاتها من آيات بينات .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : (( كنا في مسير
لنا فنزلنا ، فجاءت جاريه فقالت : إن سيد الحي سليم (( أي لديغ )) ،
وإن نفرنا غُيَّب فهل منكم راق ؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقيه ،
فرقاه فبرأ ، فأمر له بثلاثين شاه ، وسقانا لبناً ، فلما رجع قلنا له :
أكنت تحسن ؟ أو أكنت ترقي ؟ قال : لا ، ما رقيت إلا بأم الكتاب ،
قلنا : لا تحدثوا شيئاً حتى نأتي أو نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال :
(( وما كان يدريه أنها رقيه ؟ اقسموا واضربوا لي بسهم )) .
الصواب ما كنا نأبنه: (ما كُنَّا نَأْبِنُهُ بِرُقْيَةٍ أي ما كُنَّا نعلمُ أَنَّه يَرْقى فَنَعِيبَهُ)
أنظر غريب الحديث لابن الجوزي [1- 8 ] والنهاية في غريب الأثر [1 - 18 ]
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( بينما رسول الله صلى
الله عليه وسلم وعنده جبريل ، إذ سمع نقيضاً فوقه ، فرفع جبريل
بصره إلى السماء فقال : هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط ،
قال : فنزل منه ملك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ،
وخواتيم سورة البقره ، لم تقرأ حرفاً منها إلا أوتيته )) .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وإنها لجديرة بأن تسمى أساس القرآن وأم الكتاب ، فقد اشتملت على
مبادئ الإسلام عقيدة وعبادة وسلوكاً ، وكانت بمثابة البذرة الطيبة التي
غرست في أرض طيبه ، فأنبتت شجرة طيبه باسقة الأغصان
ورافة الظلال كريمة الجنى ،
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
لقد لخصت سورة الفاتحة المبادئ التي فصلها القرآن العظيم .
فقد اشتملت علي الوحدانية بكل معانيها ، وتوحيد الألوهية وتوحيد الربوبية ،
كذلك أشتملت على الجزاء والبعث بعد الموت ، واشتملت أيضاً على العبادة
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
واشتملت على السلوك القويم ، وسيرة الصالحين . فأنت إذا بسملت
وأثبتّ الحمد لله ، وذكرت صفات الكمال الواجبة لله فأنت بذلك من الذين
عرفوا الله وأثبتوا ما يليق بذاته الأقدس وعندما تقرأ (( مالك يوم الدين )) ،
فقد أثبت أن هناك داراً للجزاء إن خيراً فخير وإن شراً فشر ،
وهذا ما يسمى بالمعاد وهو عودة الحياة بعد الموت .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وعندما تقرأ : (( إياك نعبد )) فتلك هي العبادة في أسمى معانيها ،
وفي تقديم الضمير على الفعل ما يدل دلالة قاطعه على توحيد الإلوهيه .
وكذلك في قوله : (( وإياك نستعين )) مايفيد تخليص العقيدة من أي شائبة ،
وبهذا يكون المسلم قد اعتصم بالله وأخلص دينه لله .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
فإذا ما قرأت :
(( اهدنا الصراط المستقيم )) فذاك جانب السلوك في الإسلام .
فأنت تطلب الهدايه فهذا أغلى ما يتمناه المسلم . فالهداية نعمة
لا تعدلها نعمة أخرى . قال تعالى لصفيه وحبيبه : (( إنا فتحنا لك
فتحاً مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم
نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً )) .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وقال جل شأنه : (( والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء
إلى صراط مستقيم )) . فإذا ما قرأت تفسير الصراط في قوله تعالى :
(( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً )) .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وعندما تحترز وتحترس في طلب الصراط المستقيم تبعد عن نفسك
كل فرق الضلال الذين استهوتهم الشياطين . وما أعظمها من كلمة
جامعه لكل الذين انحرفوا عن سلوك الجاده وتنكبوا الطريق .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ما أجمعها من كلمة
(( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وإن كان لي في العمر بقية فسوف أوضح ما تيسر
من فضل كل آية من آيات فاتحة الكتاب ،،،
نسألكم الدعاء .
يتبع ....