عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Feb 2013, 05:57 PM   #50
طالب علم
باحث علمي ـ جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية طالب علم
طالب علم غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2783
 تاريخ التسجيل :  May 2008
 أخر زيارة : 24 Apr 2024 (02:36 PM)
 المشاركات : 3,116 [ + ]
 التقييم :  11
لوني المفضل : Cadetblue
رد: البيان في أحكام وأخبار الجان . Albayan in Jinns Stories



الباب الثامن والأربعون في السبب الذي من أجله تنقاد الجن والشياطين للعزائم والطلاسم

كفار الجن وشياطينهم يختارون الكفر والشرك ومعاصي الرب وإبليس وجنوده من الشياطين يشتهون الشر ويكيدون به ويطلبونه ويحرصون عليه يقتضى خبث أنفسهم وإن كان موجبا لعذابهم وعذاب من يغوونه كما قال إبليس “ فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين “ وقال “ أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا “ وقال تعالى “ ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين
والإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاحه يشتهى ما يضره ويلتذ به بل يعشق ذلك عشقا يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله والشيطان هو نفسه خبيث فإذا تقرب صاحب العزائم والأقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم بما يحبونه من الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبرطيل لهم فيقضون بعض أغراضه كمن يعطى غيره مالا ليقتل له من يريد قتله أو يعينه على فاحشة أو ينال معه فاحشة ولهذا كثير من هذه الأمور يكتبون فيها كلام الله تعالى بالنجاسة وقد يقلبون حروف “ قل هو الله أحد “ أو غيرها بنجاسة إما دم وإما غيره وإما بغير نجاسة ويكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان أو يتكلمون بذلك فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين أعانتهم على بعض أغراضهم إما تغوير ماء من المياه وإما أن يحمل في الهواء إلى بعض الأمكنة وإما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس كما تسرقه الشياطين من أموال الخائنين ومن لم يذكر اسم الله عليه ويأتى به وإما غير ذلك ولو سقنا في كل نوع من هذه الأنواع من الأمور المعينة ومن وقعت له ممن عرفناه ومن لم نعرفه لطال ذلك جدا قال محمد بن اسحاق النديم في كتاب الفهرست في أخبار العلماء وأسماء ما صنفوه من الكتب في الفن الثاني من المقالة الثامنة زعم المعزمون والسحرة أن الشياطين والجن والارواح تطيعهم وتخدمهم وتتصرف بين أمرهم ونهيهم فأما المعزمون ممن ينتحل الشرائع فزعم أن ذلك يكون بطاعة الله جل اسمه والابتهال اليه والإقسام على الأرواح والشياطين به وترك الشهوات ولزوم العبادات وأن الجن والشياطين يطيعونهم إما طاعة لله جل اسمه لأجل الإقسام به وإما مخافة منه تبارك وتعالى ولأن في خاصية اسمائه وذكره قمعهم وإذلالهم فأما السحرة فإنها زعمت أنها تستعبد الشياطين بالقرابين والمعاصي وارتكاب المحضورات مما لله عز وجل في تركها رضا وللشياطين في استعمالها رضا مثل ترك الصلاة والصوم وإباحات الدماء ونكاح ذوات المحارم وغير ذلك من الأفعال البشرية قال محمد بن اسحاق فأما الطريقة المذمومة وهي طريقة السحرة فزعم من يجيز ذلك أن مدخ بنت إبليس وقيل هي بنت ابن إبليس لها عرش على الماء وأن المريد لهذا الأمر متى فعل لها ما تريد وصل إليها وأخدمته من يريد وقضت حوائجه ولم يحتجب عنها والذي يفعل لها القرابين من حيوان ناطق وغير ناطق وان يدع المفترضات ويستعمل كل ما يقبح في العقل استعماله وقد قيل أيضا مدح هو إبليس نفسه وقال آخر إن مدخ تجلس على عرشها فيحمل إليها المريد لطاعتها فيسجد لها قال محمد بن اسحاق النديم قال لي إنسان منهم إنه رآها في النوم جالسة على هيئتها في اليقظة وأنه رأى حولها قوما يشبهون الزط سوادية حفاة مشققي الأعقاب وقال رأيت من جملتهم ابن منذريني وهذا رجل من أكابر السحرة قريب العهد واسمه أحمد بن جعفر غلام ابن زريق وكان يناطق من تحت الطست

وقال الشيخ ابو العباس احمد بن تيمية بعد ما حكى قريبا من هذا والذين يستخدمون الجن بهذه الأمور يزعم كثير منهم أن سليمان كان يستخدم الجن بهذه الأمور فإنه قد ذكر غير واحد من علماء السلف أن سليمان عليه الصلاة والسلام لما مات كتبت الشياطين كتب سحر وكفر وجعلتها تحت كرسيه وقالوا كان سليمان عليه الصلاة والسلام يعمل ليستخدم الجن بهذه فطعن طائفة من أهل الكتاب في سليمان عليه الصلاة والسلام بهذا السبب وآخرون قالوا لولا أن هذا حق جائز لما فعله سليمان عليه الصلاة والسلام فضل الفريقان هؤلاء بقدحهم في سليمان عليه الصلاة والسلام وهؤلاء باتباعهم السحر فأنزل الله تعالى في ذلك قوله تعالى “ ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب “ إلى قوله “ لو كانوا يعلمون “ فبين الله تعالى أن هذا يضر ولا ينفع إذ كان النفع هو الخير الخالص أو الراجح والضرر هو الشر الخالص أو الراجح وشر هذا إما خالص أو راجح

فصل قال محمد بن اسحاق يقال والله اعلم إن سليمان بن داود أول من استعبد الجن والشياطين واستخدمها وقيل أول من استعبدها على مذاهب الفرس حمشيد بن أويخهان قال وكان يكتب لسليمان بن داود عليه الصلاة والسلام وممن استعبدهم آصف بن برخيان ويوسف بن عيصو والهرمزان بن الكردول والذي فتح هذا الأمر في الإسلام أبو نصر أحمد بن هلال البكيل وهلال بن وصيف وكان مخدوما ومناطقا له وله أفعال عجيبة وأعمال حسنة وخواتيم مجربة وله من الكتب كتاب الروح المتلاشية وكتاب المفاخرة في الأعمال وكتاب تفسير ما قالته الشياطين لسليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام وما أخذ عليهم من العهود ومن المعزمين الذين يعملون بأسماء الله تعالى رجل يعرف بابن الإمام وكان في أيام المعتضد وطريقته محمودة غير مذمومة ومنهم عبد الله بن هلال وصالح المدري وعقبة الأدرعي وأبو خالد الخراساني هؤلاء بالطريقة المحمودة ولهم أفعال جليلة وأعمال نبيلة.

قلت هذا الذي قاله النديم من أن عبد الله بن هلال كان يعمل بالطريقة المحمودة غير صحيح فقد كان عبد الله بن هلال رجلا فاجرا زنديقا يترك الصلاة تقربا إلى إبليس لعنهما الله تعالى ويأمر الشياطين فتلعب ببني آدم ويجمع بين الرجال والنساء في الحرام ويدل على ذلك ما ذكره أبو عبد الرحمن الهروي في كتاب العجائب فقال حدثنا يحيى بن علي ابن حسن بن حمدان بن مزيد بن معاوية السعدي قال حدثني أحمد بن عبد الملك قال جاء رجل إلى عبد الله بن هلال الكوفي وكان صديقا لإبليس وكان يترك له صلاة العصر وكانت حوائجه عنده مقضية قال فجاء رجل فقال إن لي جارا غنيا ومن أحسن الناس صنيعا لي وله ابنة حسناء فأنا أحسده فأحب أن تكتب لي إلى إبليس حتى يبعث شيطانا فيخطبها قال فكتب إلى إبليس إن أحببت أن تنظر إلى من هو شر مني ومنك فانظر إلى حامل كتابي هذا واقض حاجته ثم قال سر إلى موضع كذا وكذا إن خط حولك خطة فإذا جاءك صاحبك فأره الكتاب من بعيد قال ففعل وجعل الشياطين يمرون به حتى جاء شيخ على سرير وأربعة يحملونه قال فلما نظر إليه من بعيد رفع الكتاب فأمر إبليس بالكتاب فأخذ فلما نظر إلى عنوانه قبله ووضعه على رأسه فلما قرأ الكتاب صرخ صرخة رجع إليه من كان قبله ولحقه من كان خلفه فقالوا مالك يا سيدنا قال هذا كتاب صديقي يقول فيه إن أحببت أن تنظر إلى من هو شر مني ومنك فانظر إلى حامل كتابي هذا واقض حاجته هاتوا شيطانا أصم أعمى أبكم ووجهوه إلى بيت ذلك الرجل ليخطبها ففعلوا فإن كانت هذه الطريقة هي المحمودة عند النديم فليت شعري ماذا عنده الذميم قال الحجاج يوما لعمرو بن سعيد ابن العاص اخبرني عبد الله بن هلال صديق إبليس أنك تشبه إبليس قال وما ينكر الأمير أن يكون سيد الإنس يشبه سيد الجن فعجب من قوة جوابه

فصل قال الشيخ أبو العباس أهل العزائم والإقسام يقسمون على بعض الجن ليعينهم على بعض فتارة يبرون قسمه وكثيرا لا يفعلون ذلك بان يكون ذلك الجن معظما عندهم وليس للمعزم وعزيمته من الجبرية ما يقتضي إعانتهم على ذلك إذ كان المعزم قد يكون بمنزلة الذي يحلف غيره ويقسم عليه بمن يعظمه وهذا تختلف أحواله فمن أقسم على الناس ليؤذوا من هو عظيم عندهم لم يلتفتوا إليه وقد يكون ذلك منيعا فأحوالهم شبيهة بأحوال الإنس ولكن الإنس أعقل وأصدق وأعدل وأوفى بالعهد والجن أجهل وأكذب وأظلم وأغدر فالمقصود أن أرباب العزائم مع عون عزائمهم تشتمل على شرك وكفر لا تجوز العزيمة به والقسم فهم كثيرا يعجزون عن دفع الجني وكثيرا ما تسخر منهم الجن إذا طلبوا منهم قتل الجني الصارع للإنسي أو حبسه فيخيلون إليهم أنهم قتلوه أو حبسوه ويكون ذلك تخييلا وكذبا هذا إذا كان يرى ما يخيلونه صادقا الرؤية فإن عامة ما يعرفونه لمن يريدون تعريفه إما بالمكاشفة والمخاطبة إن كان من جنس عباد المشركين وأهل الكتاب ومبتدعة المسلمين الذين تصلهم الجن والشياطين وإما بما يظهرونه لأهل العزائم والإقسام أنهم يمثلون ما يريدون تعزيمه فإذا أراه المثال أخبر عن ذلك وقد يعرف أنه مثال وقد يوهمونه أنه نفس المرئي وإذا أرادوا سماع كلام من يناديه من مكان بعيد مثل من يستغيث ببعض العباد الصالحين من المشركين وأهل الكتاب وأهل الجهل من عباد المسلمين إذا استغاث به بعض محبيه فقال يا سيدي فلان فإن الجني يخاطبه بمثل صوت ذلك الإنسي فإن رد الشيخ عليه الخطاب أجاب ذلك الإنسي بمثل ذلك الصوت قال الشيخ أبو العباس وهذا وقع لعدد كثير أعرف منهم طائفة وكثيرا ما يتصور الشيطان بصورة المدعو المنادي المستغاث به إذا كان ميتا وكذلك قد يكون حيا ولا يشعر بالذي ناداه بل يتصور الشيطان بصورته فيظن المشرك الضال المستغيث بذلك الشخص أن الشخص نفسه أجابه وإنما هو الشيطان وهذا يقع للكفار المستغيثين بمن يحسنون به الظن من الأموات والأحياء كالنصارى المستغيثين بجرجس وغيره من قداديسهم ويقع لأهل الشرك والضلال الذين يستغيثون بالموتى والغائبين يتصور لهم الشيطان في صورة ذلك المستغاث به وهو لا يشعر قال أبو العباس وأعرف عددا كثيرا وقع لهم في عدة أشخاص يقول لي كل من الأشخاص إني لم أعرف أن هذا المستغاث به والمستغيث قد رأى ذلك الذي هو على صورة هذا وما اعتقد أنه إلا هذا وذكر لي غير واحد أنهم استغاثوا بي كل يذكر قصة غير قصة صاحبه فأخبرت كلا منهم أني لم أجب أحدا منهم ولا علمت باستغاثته فقيل فيكون ملكا فقلت الملك لا يغيث مشركا إنما هو شيطان اراد ان يضله وكذلك يتصور بصورته ويقف بعرفات ليظن من يحسن به الظن أنه وقف بعرفات وكثير منهم يحمله الشيطان إلى عرفات أو غيرها من الحرم فيتجاوز الميقات بلا إحرام ولا تلبية ولا يطوف بالبيت ولا بالصفا والمروة وفيهم من لا يعبر مكة وفيهم من يقف بعرفات ويرجع ولا يرمي الجمار إلى أمثال ذلك من الأمور التي يضرهم بها الشيطان حيث فعلوا ما هو منهي عنه في الشرع إما محرم أو مكروه ليس بواجب ولا مستحب وقد زين لهم الشيطان أن هذا من كرامات الصالحين وهو من تلبيس الشيطان فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب ومستحب وكل من عبد عبادة ليست واجبة ولا مستحبة وظنها واجبة أو مستحبة فإنما زين له الشيطان ذلك والله اعلم

فصل يجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيء من كتاب الله عز وجل وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقي كما نص ذلك الإمام أحمد وغيره واحتج بما رواه بإسناده عن ابن عباس أنه كان يكتب لمن أصابها الطلق كلمات الكرب وآيتين من كتاب الله عز وجل تناسب الحال يكتب لا إله إلا الله العظيم الحليم “ سبحان الله رب العرش العظيم “ “ الحمد لله رب العالمين “ “ كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها “ “ كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون

قلت قدمنا في الباب الأول استطرادا أن عامة ما بأيدي الناس من العزائم والطلاسم والرقي لا تفقه بالعربية معناها ولهذا نهى علماء المسلمين عن الرقي غير المفهومة المعنى لأنها مظنة الشرك وإن لم يعرف الراقي أنها شرك ومن رتع حول الحمى أو شك أن يقع فيه وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رخص في الرقي ما لم يكن شركا وقال من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل وفي التطبب والاستشفاء بكتاب الله عز وجل غنى تام ومقنع عام وهو النور والشفاء لما في الصدور والوقاء الدافع لكل محذور والرحمة للمؤمنين من الأحياء وأهل القبور وفقنا الله لإدراك معانيه وأوقفنا عند أوامره ونواهيه ومن تدبر من آيات الكتاب من ذوي الألباب وقف على الدواء الشافي كل داء مواف سوى الموت الذي هو غاية كل حي فإن الله تعالى يقول “ ما فرطنا في الكتاب من شيء “ وخواص الآيات والأذكار لا ينكرها إلا من عقيدته واهية ولكن لا يعقلها إلا العالمون لأنه تذكرة وتعيها اذن واعية والله الهادي للحق
من كتاب : آكام المرجان فى احكام الجان للشبلي



 
 توقيع : طالب علم



رد مع اقتباس