• الوجه الثالث : أن أهل العلم أنفسهم ردوا على هذا الافتراء حين سئلوا عن ذلك.
فها هو الشيخ محمد السبيل – رحمه الله تعالى – إمام المسجد الحرام وعضو هيئة الإفتاء يُسئل عن قول بعض الشباب : إن العلماء يداهنون الحكـام، ومضغوط عليهم من قبل الحكام في إصدار بعض الفتاوى نرجو توضيح الحق من معاليكم في هذه المقالة ؟
فأجاب – رحمه الله تعالى – : ما نعلمه من علماء هذه البلاد أنهم لا يداهنون في دين الله، وأنهم يناصحون حكامهم سراً، ويدخلون عليهم، وهم يرحبون بهم ويتقبلون منهم، من يقول : إن العلماء مضغوط عليهم أو يداهنون الحكام، كل هذا ادِّعاء لا حقيقة له.
ومجموعة من العلماء الذين يثق الناس بهم ويطمئنون لهم، إذا جاء أمر من الأمور يتشاورون فيه ثم الذي يتفقون عليه، يرفعونه لولاة الأمر، ونحن أدرى بهذا الشيء ونعرف هذا الشيء، والعلماء يعرفون هذا، وليس للعلماء إذا نصحوا حكامهم في شيء أن يقولوا على رؤوس الأشهاد : إنا ذهبنا وقلنا لولاة الأمر كذا وكذا ! هذا منهي عنه ولا يجوز، هذا أمر.
والأمر الثاني : أتريده أن يقول : أنا فعلت كذا وكذا ! هذا رياء، والرياء من أعمال المنافقين { يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً } (1).
فهؤلاء كلامهم مردود عليهم غير صحيح، ولاة الأمر عندنا يتقبلون – جزاهم الله خيراً – وهناك أمور قد يريد ولاة الأمر فعلها وإذا قال العلماء فيها كلمتهم، تركها ولي الأمر لقول العلماء بنفس طيبة وقبول حسن (2).
__________
(1) ( النساء : 142 ).
(2) اللقاء المفتوح بدورة الإمام محمد بن عبد الوهاب عام 1423 هـ (ب).