عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 19 Sep 2015, 04:06 PM
أبو موهبة
من السودان الغالية - جزاه الله تعالى خيرا
أبو موهبة غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 9685
 تاريخ التسجيل : Sep 2010
 فترة الأقامة : 5170 يوم
 أخر زيارة : 22 Aug 2022 (11:23 AM)
 المشاركات : 1,653 [ + ]
 التقييم : 13
 معدل التقييم : أبو موهبة is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
شرح وبيان سحررسول الله صل الله عليه وسلم



روى الإمام البخاري في صحيحه فقال : حدثني محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن هشام قال : حدثني أبي عن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه و سلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئا ولم يصنعه ) وفي رواية أخرى قال البخاري رحمه الله قال : حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى بن يونس عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ( سحر رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل من بني زريق يقال له : لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي : لكنه دعا ودعا ثم قال : يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فما استفتيته فيه : أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ فقال : مطبوب قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم قال : في أي شيء . قال : في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر قال : وأين هو ؟ هال : في بئر ذروان فأتاها رسول الله صلى الله عليه و سلم في ناس من أصحابه فجاء فقال : يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين قلت : يا رسول الله أفلا أستخرجته ؟ قال : قد عافاني الله فكرهت أن أثير على عيينة يقول : أول من حدثنا بن أبن جريج يقول : حدثني آل عروة عن عروة فسألت هشاما عنه فحدثنا عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر "
فهذا الحديث الذي رواه البخاري فيه شيء يجب أن ننزه عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو قول عائشة رضي الله عنها : " أنه كان يخيل إليه يفعل الشيء ولم يفعل " لأنه إذا أخذ على ظاهره كان قدحا في رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو المصون المنزه في تفكيره وإدراكه عن كل شائبة من شوائب النقص ولهذا يجب أن نفهم هذه الجملة على وجه معقول واضح :
إن هذه الجملة نطقت بها السيدة عائشة تريد بها أنه كان يخيل إليه أن يأتيها فلم يستطع وبالتالي أنه كان يجد في نفسه رقبة في جماعها فإذا هم بها عجز عن الفعل ونظرا لكون هذا متعلقا بها عبرت عنه بهذه العبارة حياء ويدل على ذلك ما رواه عبد الرزاق عن أبن المسيب وعروة بن الزبير رضي الله عنهما من أن النبي صلى الله عليه و سلم سحر في هذا المعنى فقط وأن السحر لم يحدث في قواه الباطنة أي أثر بل حبسه عن اتيان زوجه عائشة وهذا هو النوع مالمعروف بين الناس لعصمة النبي صلى الله عليه و سلم عن التأثر في أي ناحية من نواحي الإدراك بأي ناحية من نواحي الإدراك بأي أثر ولو مؤقتا

من هذه الروايات وغيرها تعلم أن السحر حق ثابت وقد وقع وحصل لأنه ثابت بنص القرآن الكريم قال تعالى : { ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } وقال تعالى : { ما جئتم به السحر إن الله سيبطله } وقال تعالى : { إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى }
وقد ذكر العلماء ان السحر أنواع كثيرة :
- 1 - ما يقع بخداع وتمويه فيحدث تخيلات لا حقيقة لها وهو ما يفعله المشعوذون بحذق ومهارة وخفة وسرعة مع طول المران والتدريب فيصرفون الأنظار عما يتعاطونه بشعوذتهم وهو ( السيمياء ) قال تعالى : { فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم } وقال تعالى : { فإذا حبالهم وعصيهم يخيل غليه من سحرهم أنها تسعى } وهذا النوع شائع وذائع للآن خصوصا في بلاد الهند والشرق
- 2 - ما يقع بالرقى والنفث في العقد وتصوير صورة المسحور والتأثير فيه بأمور يسمعونها من تلاوة وقراءة وكتابة ورسوم يتوصلون به إلى الأذى والشر قال تعالى : { ومن شر النفاثات في العقد } والنفاثات السواحر وهذه الرقى والعزائم التي يتلونها قد تكون مشتملة على أسما الله الحسنى أو أسماء ملائكته الكرام . وقد تكون العزيمة مشتملة على ايمان وأقسام عظيمة يلجئ الرواح إلى الطاعة لتنفيذ ما يطلبونه منها وهذه الرقى التي يقرؤها السحرة قد تكون معلومة وقد تكون غير معلومة المعنى بل هي ألفاظ مجهولة وكأنها رطانة أو كلمات سريانية كأنها اسماء للجان أو لأرواح خفية غير معلومة
- 3 - ما يقع عن الطلسمات والخواتم التي تكتب بطريقة خاصة مغايرة للكلمات العربية . أو أحرف عربية مقطعة لا صلة بينها موضوعة بطريقة خاصة وحقيقتها نفس اسماء خاصة لها تعلق بالأفلاك وكذلك الاوقات التي ترجع إلى مناسبات الأعداد وجعلها على شكل مخصوص
- 4 - ما يقع بواسطة الكواكب والنجوم فإن الله تعالى خص كل واحد من الكواكب وهذه النجوم بقوة وبخاصية لأجلها يظهر منه أثر مخصوص قال تعالى : { فنظر نظرة في النجوم فقال : إني سقيم } قال أبن زيد : كان له نجم مخصوص وكلما طلع على صفة مخصوصة مرض إبراهيم عليه السلام فلما رآه ذلك الوقت طالعا على تلك الصفة المخصوصة . قال : إني سقيم أي هذا السقم واقع لا محالة وكان القوم نجامين فأفهمهم أنه قد استدل بأمارة من تلك النجوم على أنه سقيم لابد مشرف على السقم { فتولوا عنه مدبرين } خوفا من العدوى . وقد يضاف السحر إلى الآثار السماوي من الاتصالات الملكية وغيرها من أحوال الأفلاك
- 5 - ما يقع باستخدام الشياطين بضرب من التقرب إليهم والإتصال بهم وساخدامهم وتسخيرهم في قضاء المصالح أو إقاع الضرر والأذى بالخلق أو الإتيان بأخبارهم الماضية عن طريق اتصاله بالقرين . وهذا أشد انواع السحر وأخطره : قال تعالى : { ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } وكلما كان الساحر أكفر وأخبث وأشد معاداة لله ولرسوله صلى الله عليه و سلم ولعباده المؤمنين كان سحره أقوى
انفذ وهذا الصنف من الناس هم أتباع الجن وعباده قال الله تعالى { بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم به مؤمنون } وقال تعالى : { ولبئس المولى ولبئس العشير } فالشياطين لا تسخر له ولا تقضي حوائجه إلا إذا أطاعها فيما تطلبه منه وهي خبيثة كافرة لا تطلب من المؤمن إلا الكفر والضلال
قالوا : وللسحر تأثير في المسحور فيغير مزاجه ويصيبه بأمراض عصبية وتخيلات ختلفة قود يؤثر في قوته فيضعفه وقد يصل به إلى القتل وبالسحر يستطعيون أن يفرقوا بين المرء وزوجه ويفسدوا العلاقة الزوجية ويحولوا حياتهما إلى جحيم وقد تصل إلى الطلاق والفرقة ويوقعوا بين المحبين العداوة والبغضاء والقطيعة قال تعالى : { فيتعملون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه }
ويندفع شر السحر بالتعوذ الله تعالى والتحصن به واللجوء إليه وبتقوى الله تعالى وأداء حقوقه ومراقتبه فمن اتقى الله تعالى تولى الله حفظه ولم يكله إلى غيره . قال تعالى : { وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا }
وقال الرسول الله صلى الله عليه و سلم لسيدنا عبد الله بن عباس : ( احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ) . ويندفع شر السحر أيضا بقوة الإيمان وصدق اليقين وثبات العيزيمة والتوكلعلى الله حق التوكل وإن السحر مهما كانت صفته فلا يضره إلا باذن الله عز و جل قال تعالى : { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } القادر على كل شي ء الذي إذا شاء اثر سحرهم ابتلاء منه سبحانه وتعالى أو عقابا للمسحور على عصيانه وإذا شاء تعالى أبطل سحرهم وحفظ المسحور من شرهم وعصمه من كيدهم

وأما ما وقع لرسول الله صلى الله عليه و سلم من السحر فلم يكن له أي تأثير في عقل رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا في الوحي الذي كان يبلغه للمة ولا في الأحكام التي كان يشرعها لقومه . وإنما هو أمر عارض للجسم كسائر الأعراض البشرية الجائزة في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . فلا ينافي العصمة . وقد تدارك الله تعالى نبيه صلى الله عليه و سلم وأرسل غليه الملكين فأخبراه بمكان السحر واسم صانعه فلم ينل منه ما قصده الساحر وكيف يحصل ها والله يقول في كتابه : { والله يعصمك من الناس } وكل هذا من باب التشريع ولو شاء ربك ما فعلوه لتعلم أن المؤمن المحبوب لدى ربه بصالح عمله وجميل سعيه يدافع الله عنه ويحرسه من كيد أعدائه وشر خصومه وإن الحسنات يذهبن السيئات ويمحقن الآفات وأنه صلوات الله وسلامه عليه أمام قدرة ربه عبد يبتلى فيصبر ويرضى بقضاء الله وقدره فينجيه الله من سوء ويحفظه من كل ضر كما ابتلى الله الأنبياء من قبله فصبروا فنجاهم الله تعالى { وأيوب إذا نادى ربه انى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر } { ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له وأهله من الكرب العظيم }
ومع ثبوت هذه الأحاديث التي ذكرناها الواردة في الكتب الصحاح في وقوع السحر للرسول الله صلى الله عليه و سلم فقد أنكر بعض المبتدعة هذه الحاديث وقال بعضهم إنها أخبار آحاد فلا يعمل بها وزعموا أن السحر يحط من منصب النبوة ويشكك فيها قالوا : وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل
وقالوا : إن جواز السحر على الأنبياء يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع للعباد إذ يحتمل على هذا أن النبي صلى الله عليه و سلم يحيل إليه أن يرى جبريل وليس هو ثم وأنه يوحى إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء وكلامهم هذا مردود من عدة وجوه
- 1 - لقد قامت البراهين من المعجزات والنصوص الصريحة من القرآن والسنة النبوية على صدقه صلى الله عليه و سلم فيما بلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ قال تعالى : { ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } وقال تعالى : { والله يعصمك من الناس } وقال تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فاتنهوا } وقال تعالى : { ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء } فتلك الآيات وغيرها أدلة قاطعة على أنه صلى الله عليه و سلم الصادق المصدوق فيما قال وبلغ وإن الله عصمه من الضلال وحفظ عقله من الزلل
- 2 - وقد أجمع الرواة على أن هذا السحر لم يكن له أي أثر في عقله صلى الله عليه و سلم بل كان تأثيره في جسمه وبصره كغيره من الأمراض الجسمية وقد وقع السحر لسيدنا موسى عليه الصلاة و السلام فكان يخيل عليه في رأي العين كما قال تعالى : { فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى } فكان هذا السحر من باب المراض الجسيمة وتلك جائزة على النبياء عليهم الصلاة والسلام فإن المراض غير المنفرة جائزة في حقهم فهي من الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتهم العلية مع عصمتهم في أمور الدين والتبليغ وحفظ الوحي الشريف
- 3 - أجمع الرواة على أن رسول الله صل الله عليه وسلم لم ينطق أثناء مرضه بهذا السحر بغير الصواب والصدق والحق حتى في الأمور العادية فكان يرى ويظن كالخاطر يعرض في النفس ولا يتعداها حتى يرجع إلى الصواب والحق فينطق بهما ولم ينطق بغيرهما قط لا في مرضه هذا ولا في غيره طوال حياته صلى الله عليه و سلم
- 4 - أجمعت الأحاديث الواردة في هذا الباب على أن السحر لم ينل إلا من جسمه الشريف صلى الله عليه و سلم فكان يرى ببصره أن هذا الشيء كذا ثم يراه على صوابه بعد قليل وأنه يخيل غليه أنه قادر على إتيان زوجاته ثم لا يستطيع أما عقله الشريف فكان على أتم ما يكون طوال مدة المرض بدليل أنه فوض أمره لله تعالى في مبدأ المرص ثم تداوى ثم لما اشتدت به وطأة المرض لجأ إلى الدعاء كما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : فدعا ثم دعا وهذه الأحوال من التفويضن ثم التداوي ثم الدعاء دليل على أن عقله صلى الله عليه و سلم محفوظ محروس وعصوم لم ينل منه السحر منالا وعنها أنه سحر حتى انكره بصره فالسحر أنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على عقله وتمييز
وهــذا مالزم توضيحه باذن الله ...والله اعلم ..




 توقيع : أبو موهبة


رد مع اقتباس