عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 18 May 2016, 02:57 AM
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا
بالقرآن نرتقي غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5232 يوم
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 3,065 [ + ]
 التقييم : 18
 معدل التقييم : بالقرآن نرتقي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
الصحة النفسية مطلب شرعي للأستاذة أناهيد السميري حفظها الله



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
نحمد الله -عز وجل- حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا، ونسأله بمنّه وكرمه أن يجعلنا مِن أهل القلوب السليمة الذين يُقبضون على سلامة قلوبهم فيلقون ربهم وتُفتح صحائفهم وقد كانوا من السالمين في دنياهم وأخراهم اللهم آمين.

سبب مناقشة موضوع (الصحة النفسية) وحاجتنا لها وأنها مطلب شرعي:
في الأصل أن العبد في هذه الدنيا يتعبّد ربّه بإصلاح نفسه، فالعبادة كلها الناتج المنتظر منها أن تكون عبدًا صالحًا -صالح النفس- وبعدها تكون صالحًا لمجاورة الله، فالعبد الذي لا يصلُح أبدًا لمجاورة الله لأن نفسه خبيثة وهو من شر البرية فهذا سيكون إلى النار -والعياذ بالله-. والعبد الذي يصلُح للمجاورة لكن قلبه فيه من الأخطاء ومن الآثام ما فيه، يُطَهَّر ويدخل جنات النعيم ليصلُح لمجاورة الله وأما العبد الذي بذل غاية جهده في إصلاح نفسه وسلامتها فهذا يصلح للمجاورة ابتداءً فلا يدخل النار.
نحن نقول هذا (عبد صالح) أي صالح لمجاورة ربه في جنات النعيم. ما الذي صلُح فيه وصلح لأي شيء؟ معه قلبه سليم وأمام القلب السليم قلب مريض قلب أو ميت.
إذًا الكلام عن (الصحة النفسية) هذا موضوع أهل الإسلام، فلما يتكلم فيه غير أهل الإسلام ويناقشوه فإنهم يناقشونه من مبادئ أرضية سفلية، فمعنى ذلك إذا سمعت إرشادات لصلاح نفسك ولصحته من ناس أصلًا مرضى ستكون هذه الإرشادات ذاهبة بك إلى أي شيء؟! هم ناس مرضى يرشدوك لصحة نفسك، النتيجة من المؤكد أنهم سيفسدوها.
لماذا نتناقش هذا الموضوع؟ نحن أهله وليس أهل الكفر وأهل الباطل وأهل فصل الدين عن الحياة لأنك أنت تسير في هذا الطريق كله تود أن تلقى ربك بقلب سليم، قلبك هو نفسك، وما يدور في خاطرك وما تتأثر به ويؤثر عليك، فهذه نفسك لابد أن تكون أكثر الناس رعاية وحفظًا ولا تدخل عليه من السموم شيء من أجل أن لا يحصل لها بلاء وتفسد.
في الصحة النفسية نحن نسير على منهجين:



ما علامات الصحة النفسية وكيف يحافظ على صحته النفسية؟
لازم تراقب نفسك، تراها كيف تتقلب وتتحرك حتى تقول عن نفسك صحيح أو مريض، لو ظهر لك أنك صحيح مطلوب منك أن تحافظ على هذه الصحة، لن نتكلم عن الأمراض بتفاصيلها لكن سنتكلم عن مجموعة مفاهيم إذا كانت موجودة في نفسك هذه إشارة إلى أنك صحيح نفسيًا.
فموضوعنا هذا الصحة النفسية لن نتناوله من جهة طبية، إنما من جهة أنك مخلوق لتبقى صحيح نفسيًا ومخلوق لتبقى وقد صححت ما في قلبك من مشاكل وتصلح لمجاورة الله.
هذه الصحة ممكن نتكلم فيها وقائيًا وممكن نتكلم فيها علاجًيا لقاءنا اليوم (وقائي)، نشخص نفسنا هل نحن أصحاء؟ إذا كنا أصحاء كيف نحافظ على صحتنا؟
وعلينا بالقاعدة التي تقول: ارقب نفسك وليس عينك وتحاليلك وقدراتك لا تبذلها لمواقف الناس، ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))، وتهتم بما يعنيك، فتعنيك نفسك التي بين جنبيك فهي التي تريد أن تنجيها.
فهناك مفاهيم إن وجدت دلت على الصحة النفسية: هذه المفاهيم كأنها مجموعة (مقاييس) موجودة أعيشها Ü أفهمها Ü أقيس بها المواقف




أول مفهوم من المفاهيم التي لابد أن تكون موجودة:
القاعدة الأولى: أن الحياة جُبلت أن تكون مشقة وكبد.
كما قال تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}[1]على أحد تفسيرات معنى كلمة (كبد) أنها المشقة، وهذا المفهوم لو فهمه الإنسان جيدًا سيعرف أن الحياة كلها مكابدة من أن يخرج للحياة من لحظة الولادة من بطن أمه سيكون كبد، ثم لما يتعلم الرضاعة يكون كبد، لما تخرج أسنانه كبد، وهكذا كل حياته عبارة عن كبد، الحياة خُلقت كبدًا؛ اختبارًا وامتحانًا.
مِن الخطأ أن يصف لك أحد الدنيا أنك تعيش وتصل لما تريد ويأتي وقت يكون كل ماتريده! وتصل لأحلامك وأمانيك وبأيسر ما يكون، هذا كذب! ولذلك لما يأتي أحد يستشعر واقع الشباب ويراهم أنهم أول ما يكابدون ويتعبون ينفرون ويغضبون، هؤلاء يفقدون أساس الصحة النفسية؛ لأنه لما اصطدم بالواقع وأرى أنه لايأتي شيء بسهولة إنما من وراء كبد، فيحصل اصطدام بين الواقع وبين الحقيقة فيرتد على النفس أنها تحزن وربما تنكف عن المعاملات وربما يتضخم ويفكر في الانتحار وغيره!
الناس من زمانهم يعلمون أن الدنيا كبد، والآباء يورثون لأبنائهم أن الدنيا لا تأتي بسهولة لما دخل علينا الترف ودخلت الأجهزة التي تسهل الأشياء بدأت من هنا نقطة انكسار نفسي صار الناس يرون كل شيء سهل فلما يواجهون صعوبات تتأثر نفسياتهم يكتئبون ويحزنون وينتظرون أن هذه الأشياء تتغير إلى السهولة، زادت المصيبة مصيبة لما جاءت دورات تطوير الذات وقالت تعال اخرج الطاقة الكامنة التي فيك!ماذا تريد؟ فقط أغمض عينيك وقل: أنا أقدر! أنا أستطيع! تريد أن تنسى همومك اكتبها ومزقها فقط انتهى الموضوع! فزادت المصيبة مصيبة علينا، فهو يخرج لأرض الواقع يكتب ويمزق ويكتب ويمزق لكن لم يخرج بنتيجة! يزيد الأمر بلاء، كان يظن أن هنا الحل، قالوا له في ثلاثة أيام تصبح مبدعًا! في أربعة أيام يخرج العملاق في داخلك! إلى آخر الكذب الذي يكذبونه، فلما لم يقابل الواقع يكون الأمر مختلف تمامًا ثم يصطدم بالواقع وتأتيه الحالات النفسية، يأتيه الاكتئاب ويأتيه الحزن والعزلة عن المجتمع ويأتيه كل ما أنتم ترونه.
فالتسهيل الحاصل كان ردّه أن أصبحت النفس صعبة في القدرة على تقبل أو تحمل شيء لدرجة ما نتحمل أحد يقول لنا الطريق هنا! مانقبل توجيه الناس لنا، فنرى أن ما يوجهنا به الناس خطأ ويقولون الناس لا يعرفون أن يتعاملوا مع الناس، وكل واحد يقول أنا شديد الحساسية، وكل ذلك أننا لم نفهم قاعدة الصحة النفسية من الذي غرك وقال لك أن الراحة هنا؟! الحياة خُلقت في كبد، الله خلقها على هذه الطبيعة ولو اجتمع الخلق على تغيير هذه الطبيعة ما يستطيعون أبدًا.
مثال من الحياة، الصغار الذين يرفضون الاستحمام بعد عودتهم من المدرسة نقول لهم لو تعرفون الناس في الماضي كيف كانوا يعانون حتى يأتوا بالماء من البئر كيف كانوا يتمنون هذا الماء يأتي على أبدانهم! ما كان رفضوا الاستحمام لأنهم يشعرون أن لاستحمام صعب! لو كانوا يأتون بالماء من البئر ولا يجدون مكان يستحمون فيه والماء يجري كأسهل ما يمكن، ونحن الآن نغتسل في بيوتنا سنكون أعز حتى من كل الملوك الذين مضوا؛ لأن الملوك الذين مضوا أعلى شيء عندهم خادم في الأعلى يعمل لهم ممر للماء ويصب عليهم من الأعلى! فنحن في بيوتنا ملوك لكن لما كثُرت الأشياء ظنوا أن هذه السهولة لابد أن يكون وراءه كل شيء سهل ومع ذلك لم يروه سهلًا فهم تركوا الاستحمام لأنهم ظنوا أنه صعب!
أين الصعوبة! لا يدرون أن الدنيا خلقت في كبد!
فهذا يؤثر جدًا على الصحة النفسية، يجعل الفتاة التي تتزوج في بداية زواجها تتصور أن كل شيء سيأتيها كما تريد، وبعد أسبوع تغضب منه أنه لم يفعل لها ما تريد! لا تتصور أن كل شيء لابد أن يكون في كبد، تتصوّر ما رُسم لها في الإعلام! فتخرج تقول خدعتموني كذبتم علي! هذا مخادع أنا أبحث عن شخصية غير هذا، أنا أريد أن أتزوج واحد من هؤلاء الذين يخرجون في الإعلام، يكلموك على الجنسيات وعلى الأوضاع وعلى البلدان فيقولون أنتم رجالكم غير رقيقين وإلى آخر مايقولون، وكل هذا لأنهم لا يعرفون أن الدنيا خلقت في كبد.
أو فتاة تقول لك أنا متعقدة جدًا من مسألة الزواج وهي شابة مثلها ينجب ويأتي بالأبناء! أو أنا متعقدة جدًا من مسألة التعامل مع الناس لا أريد أن أكلمهم ومعتزلتهم، وهذا وهذا.. وكل يدور حول نفس المشكلة أن الناس يعتقدون أن الأشياء سهلة ويسيرة يجب أن تكون سهلة ويسيرة وهذا مخالف الحقيقة.
من أعجب ما يثبت لنا هذا، أنّ الله في سورة النحل أخبرنا بمننه على خلقه ومن ضمن المنن صارت علينا منة الماء الذي ينزل من السماء والخمر قبل تحريمه (السَّكر) أتى الإخبار أننا نُخرج من النبات السكر وهو العصير، وكيف يخرج اللبن من الناقة، وكيف يخرج العسل من النحل، بهذا الترتيب، ثم في سورة محمد الله أخبر عن نعيم أهل الجنة أخبرنا بهذا الترتيب، ماء يجري غير آسن، وأنهار من لبن، وأنهار من خمر، وأنهار من عسل مصفى، الشاهد أن الأمور في الدنيا مثلًا اللبن يخرج من بين فرث ودم ولازم الحلب وبطريقة معينة وفي وقت معين ولما ينتهي الاختبار في الآخرة يكون نهر يجري! العسل من أين؟ من المناحل وبعدها وبعدها والطريقة المعروفة، كل هذه حتى يأتي العسل، وفي الآخرة نهر يجري! كل هذا المشوار في الدنيا، في الآخرة أنهار من عسل مصفى! معنى هذا أن الدنيا خُلقت على كبد.

القاعدة الثانية: الله خلق للإنسان الحاجات حتى تصدر منه العبادات.
هذا المفهوم يدور حول وظيفة الإنسان في الدنيا، وظيفتنا في الدنيا عبادة الله، لكن هذه الوظيفة المختصرة تحتاج إلى تفصيل حتى تأتي الصحة النفسية.
العبادة معناها الذلّ والانكسار لله، وهذا الذلّ والانكسار ما يحصل إلا لما تحصل الحاجة، الدنيا خلقت في كبد، وهذا الكبد لماذا يأتي؟ لأنك تحتاج وتتحرك من أجل أن تسدّ حاجتك، تحتاج أن تأكل، تحاج أن تشرب، تحتاج المال، البيت، الزوجة، الأبناء.. وتتحرك لسدّ حاجاتك.
لماذا الحاجات كثيرة وطرقها عسيرة؟ لأن في هذه النظرة أنت تحقق معنى العبادة لله، خلق الله للإنسان الحاجات حتى تصدر منه العبادات. وهذا واضح جدًا في الحديث القدسي ((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ))[2].
خُلقت الدنيا على طبيعة توصلنا للوظيفة، فالذي يريد أن يبقى مرتاحًا وساكنًا وما عنده أي مشاكل ويريد أن يأتي بكل الأمور جاهزة حتى يرتاح فيظهر له شيء ناقص؛ حتى يقول يارب أعنّي، ساعدني، سهّل لي، وفّقني لأصل لهذا الأمر.. فالمشكلة أننا نركز في الشيء الناقص وما نركز أنه ما نقص أصلًا إلا لتطيع! كل ما نشأت الحاجة نشأت الطاعة، حتى الحاجة الفكرية! ((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)).
لما تأتيك شبهة في القلب -نسأل الله أن يحفظ قلوبنا وذرارينا- من أجل أن تطلب الهداية من الله، ولم تأتيك من أجل أن تدور به يمين ويسار قبل ذلك وقبل أن تكبر المسألة وتكتئب أول أمر
[1] سورة البلد4

[2] صحيح مسلم





 توقيع : بالقرآن نرتقي





بالقرآن نرتقي

رد مع اقتباس