الموضوع: إخلاص طبيب
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 30 Aug 2008, 06:32 PM
مكاوية
جزاها الله خيراً
مكاوية غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 2275
 تاريخ التسجيل : Jan 2008
 فترة الأقامة : 5981 يوم
 أخر زيارة : 27 Oct 2008 (11:00 AM)
 المشاركات : 1,424 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : مكاوية is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
إخلاص طبيب






إخلاص طبيب



د. محمد بن إبراهيم الحمد



قبل ما يزيد على عشر سنوات حصل حادث اصطدام مروري لشخص قريب، فأصيب من جرائه بإصابات بالغة الخطورة، فلما نُقل إلى المستشفى كادوا يجزمون بوفاته، لأن الإشارات تدل على ذلك؛ حيث أصيب بنزيف داخلي في عدة مواضع من كبده، وطحاله، وأمعائه، إلى كسور في يده، ورجله، وغير ذلك مما لا يحضرني الآن؛ فقد قرأت تقرير حالته، وهذا ما أذكره حال كتابة هذه الارتسامة.

ولمَّا حصلت الشورى في شأنه رأى بعضهم أن يُنقل إلى مستشفى أرقى، وأكثر إمكانات؛ لأن مستشفى الزلفي آنذاك لم يكن على درجة من الكفاءة، والقدرة على استيعاب مثل تلك الحالة.

ولما عزموا على نقله وقف لهم الطبيب الذي أشرف على علاجه -وكان رجلاً فاضلاً، ذا خلق ودين وأمانة، وهو من أهل مصر- فقال: لا يمكن أن يُرسل هذا المصاب إلى أي مكان؛ لأنه لا يحتمل تأخير إجراء العملية له، ولو أُخِّرتْ ولو وقتاً يسيراً لربما فارق الحياة.

فقالوا له: إمكانات المستشفى لا تتحمل إجراء العملية، فهل تتحمل مسؤولية هذا المصاب لو حصل ما حصل؟ فقال الطبيب: نعم، ولو حصلت وفاة لكنا فعلنا ما يمكننا من الأسباب.

وكان بإمكان الطبيب أن يُخليَ مسؤوليته، ويعتذر بتواضع إمكانات المستشفى؛ ولكنَّ إخلاصه، وشعوره بالمسؤولية، والأمانة الملقاة على عاتقه - كل أولئك حمله على القيام بتلك المبادرة العظيمة الخطيرة.

فأُدخل الصاحب غرفة العمليات، وكنت مع بعض إخوانه، ولم يكن أكثرنا تفاؤلاً يقدر أن يعيش ذلك الرجل.

بل كنا نتحاور في تجهيزه غداً، وموعد دفنه.

ولكن لطف الله فوق ذلك كله، حيث أُجريت العملية، واستأصل الطبيب أجزاءً من كبده، وطحاله، وأمعائه، وغير ذلك مما لا أذكره.

وبعد ذلك رجع ذلك الرجل إلى وضعه الأصلي، واسترد عافيته شيئاً فشيئاً إلى أن شُفي تماماً، وهو الآن حي يُرزق.

وكل ذلك بفضل الله ثم بفضل ذلك الطبيب الصادق المخلص الأمين.

تُرى لو كان همه مصلحته الخاصة، وكان ممن لا يعنيه المريض بحال؛ هل ستكون النتيجة ما حدث؟

أترك الإجابة للقارئ، وأقول: فرق كبير بين طبيب همه الأكبر إخلاء المسؤولية، وطبيب يسعى سعيه لإنقاذ مريضه.

وعلى هذا فقس؛ سواء كان في حق الموظف، أو الرئيس، أو المعلم، أو كل من يُسند إليه.

منقول..




 توقيع : مكاوية


رد مع اقتباس