عرض مشاركة واحدة
قديم 15 Mar 2010, 05:17 AM   #50
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


والظاهرية والباطنية، وفيهما الإحاطة المكانية. ومنها : العلو، وعموم ربوبيته، وتمام قدرته. ومنها: كما رحمته وحكمته بإنزال الكتب؛ لتحكم بين الناس وتهديهم صراط الله.
*ومن غير الأسماء والصفات: التوسل إلى الله بصفات الله، والتحذير من شر النفوس، وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضى الله دينه ويغنيه من الفقر، وبيان ضعف الحديث الذي فيه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يحييه ربه مسكينا[182].
وفيه من الفوائد المسلكية : التحذير من شر النفس، وتعظيم شأن الدين، وأن يحرص على تلافي الدين بقدر الإمكان، ويقتصد في ماله طلباً وتصرفاً؛ لأنه إذا اقتصد في ذلك ؛ سلم غالباً من الفقر والدين.
* * *
وقوله صلى الله عليه وسلم لما رفع الصحابة أصواتهم بالذكر:" أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنما تدعون سميعاً بصيراً؛ إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته"(1) متفق عليه......
(1)هذا الحديث [183]: في إثبات قرب الله تعالى :
كان الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذا علوا نشزاً ؛ كبروا، وإذا نزلوا وادياً؛ سبحوا[184]؛ لأن الإنسان إذا ارتفع؛ قد يتعاظم في نفه، ويرى أنه مرتفع عظيم؛ فناسب أن يقول: الله أكبر! تذكيراً لنفسه بكبرياء الله عز وجل، وأما إذا نزل؛ فهذا سفول ونزول، فيقول: سبحان الله! تذكيراً لنفسه بتنزه الله عن اسفل. فكان الصحابة رضي الله عنهم يرفعون أصواتهم بالذكر جداً، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:
" أيها الناس اربعوا على أنفسكم"؛ يعني : هونوا عليها.
" فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً"؛ لا تدعون أصم لا يسمع ، ولا غائباً لا يرى.
" إنما تدعون سميعاً"؛ يسمع ذكركم، " بصيرا"؛ يرى أفعالكم.
" إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته": عنق الراحلة للراكب قريب جداً؛ فالله تعالى أقرب من هذا إلى الإنسان، ومع هذا؛ فهو فوق سماواته على عرشه.
ولا منافاة بين القرب والعلو؛ لأن الشيء قد يكون بعيداً قريباً؛ هذا بالنسبة للمخلوق؛ فكيف بالخالق؟! فالرب عز وجل قريب مع علوه، أقرب إلى أحدنا من عنق راحلته.
هذا الحديث فيه فوائد:
- فيه شيء من الصفات السلبية: نفي كونه أصم أو غائباً؛ لكمال سمعه ولكمال بصره وعلمه وقربه.
- وفيه أيضاً انه ينبغي للإنسان إلا يشق على نفسه في العبادة؛ لأن الإنسان إذا شق على نفسه؛ تعبت النفس وملت، وربما يتأثر البدن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " اكلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا"[185].
حتى إن الرسول صلى الله عليه وسمل أمر من نعس في صلاته أن ينام ويدع الصلاة؛ قال : " فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه"[186].
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى يقول القائل : لا يفطر ، ويفطر حتى يقول القائل: لا يصوم[187] كذلك في القيام والنوم[188]
- وفيه ايضاً أن الله قريب، وقد دل عليه قوله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ )(البقرة: من الآية186).
* ونستفيد من هذا الحديث من الناحية المسلكية:
- أنه لا ينبغي لنا أن نشق على أنفسنا بالعبادات، وأن يكون سيرنا إلى الله وسطاً؛ لا تفريط ولا إفراط.
- وفيه أيضاً: الحذر من الله ؛ لأنه سميع وقريب وبصير، فنبتعد عن مخالفته.
- وفيه أيضا من الناحية الحكمية: جواز تشبيه الغائب الحاضر للإيضاح؛ حيث قال:" إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته".
- وفيه أيضاً انه ينبغي أن يراعي الإنسان في المعاني ما كان أقرب على الفهم ؛ لأن هؤلاء مسافرون، وكل منهم على راحلته، وإذا ضرب المثل بما هو قريب؛ فلا أحسن من هذا المثل الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام.
وقوله صلى الله عليه وسلم :" إنكم سترون ربكم كمـا ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته؛ فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها ؛ فافعلوا (1)" متفق عليه....................................
(1) هذا الحديث [189]: في إثبات رؤية المؤمنين لربهم.
· قوله :" إنكم سترون ربكم ": السين للتحقيق، وتخلص الفعل المضارع إلى الاستقبال بعد أن كان صالحاً للحال والاستقبال؛ كما أن (لم) تخلصه للماضي، والخطاب للمؤمنين.
· قوله :" كما ترون القمر:" هذه رؤية بصرية؛ لأن رؤيتنا للقمر بصرية، وهنا شبه الرؤية بالرؤية؛ فتكون رؤية بصرية.
· قوله :" كما ترون" : (ما) هذه مصدرية، فيحول الفعل بعدها إلى مصدر، ويكون التقدير : كرؤيتكم القمر؛ فالتشبيه حينئذ للرؤية بالرؤية وليس للمرئي بالمرئي، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقرب المعاني أحياناً بذكر الأمثلة الحسية الواقعية؛ كما سأله أبو رزين العقيلي لقيط بن عامر؛ قال : يا رسول الله ! أكلنا يرى ربه يوم القيامة، وما آية ذلك في خلقه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" كلكم ينظر إلى القمر مخلياً به" قال: بلى قال النبي صلى الله عليه وسلم :" فالله أعظم"[190]
وقوله :" مخلياً به"؛ يعني : خالياً به.
وكما ثبت به الحديث في " صحيح مسلم "[191] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :" إن الله يقول :قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ فإذا قال : الحمد لله رب العالمين. قال: حمدني عبدي...." الخ.
وهذا يشمل كل مصل، ومن المعلوم أنه قد يتفق المصلون في هذه الآية جميعأً ، فيقول اله لكل واحد:" حمدني عبدي"، في آن واحد
قال :" كما ترون القمر ليلة البدر" أي: ليلة إبداره، وهي الليلة الرابعة عشرة والخامسة عشرة والثالثة عشرة أحياناً، والوسط الرابعة عشرة، كما قال ابن القيم : كالبدر ليل الست بعد ثمان.
*قوله:" لا تضامُون في رؤيته" ، وفي لفظ : لا تضامون" وفي لفظ:" لا تضارون":
- " لا تضامون": بضم التاء وتخفيف الميم ، أي : يلحقكم ضيم، والضيم الظلم، والمعنى: لا يحجب بعضكم بعضاً عن الرؤية فيظلمه بمنعه إياه. لأن كل واحد يراه.
- " لا تضامون" : بتشديد الميم وفتح التاء وضمها : يعني : لا ينضم بعضكم إلى بعض في رؤيته؛ لأن الشيء إذا كان خفياً ؛ ينضم الواحد على صاحبه ليريه إياه.
- أما " لا تضارون" أو "لا تضارُون" فالمعنى: لا يلحقكم ضرر؛ لأن كل إنسان يراه سبحانه وتعالى وهو في غاية ما يكون من الطمأنينة والراحة.
- قوله :" فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غربوها ؛ فافعلوا": الصلاة قبل طلوع الشمس هي الفجر، وقبل غروبها هي العصر.

- والعصر أفضل من الفجر؛ لأنها الصلاة الوسطى التي خصها الله بالأمر بالمحافظة عليها بعد التعميم ، والفجر أفضل من العصر من وجه؛ لأنها الصلاة المشهودة؛ كما قال تعالى (ِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً)(الاسراء: من الآية78) وجاء في الحديث الصحيح:" من صلى البردين ؛ دخل الجنة[192]، وهما الفجر والعصر.
إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه بما يخبر به (1) فإن الفرقة (2) الناجية (3) أهل السنة والجماعة(4)....................................... ......................................
*في هذا الحديث من صفات الله: إثبات أن الله يرى، وقد سبق شرح هذه الصفة عند ذكر الآيات الدالة عليها ، وهي أربعة آيات، والأحاديث في هذا متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبوتها قطعة، ودلالتها قطعية.

ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن من أنكر رؤية الله تعالى ؛ فهو كافر مرتد، وان الواجب على كل مؤمن أن يقر بذلك. قال: وإنما كفرناه؛ لأن الأدلة قطعية الثبوت وقطعية الدلالة، ولا يمكن لأحد أن يقول : إن قول الرسول عليه الصلاة والسلام :" إنكم سترون ربكم" إنه ليس قطعي الدلالة؛ إذ ليس هناك شيء أشد قطعاً من مثل هذا التركيب.
لو كان الحديث :" إنكم ترون ربكم": لربما تحتمل التأويل، وأنه عبر عن العلم اليقيني بالرؤية البصرية، ولكنه صرح بأنا نراه كما نرى القمر، وهو حسي.
وسبق لنا أن أهل التعطيل يؤولون هذه الأحاديث ويفسرون الرؤية برؤية العلم، وسبق بطلان قولهم.
(1)* قوله: " إلى أمثال هذه الأحاديث ..." إلخ؛ يعني : انظر إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه؛ فما كان مثلها ثبوتاً ودلالة؛ فحكمه حكمها.
(2) الفرقة "؛ أي: الطائفة.
(3) " الناجية" التي نجت في الدنيا من البدع، وفي الآخرة من النار.
(4) أي: الذين أخذوا بالسنة واجتمعوا عليها .
يؤمنون بذلك(1) كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز (2) من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل (3)............................................... ................................................
(1) أي: بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسمل .
(2) لأن ما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام يجب علينا أن نؤمن به كما يجب علينا أن نؤمن بما أخبر الله به في كتابه ؛ إلا أنه يختلف عن القرآن في الثبوت؛ فإن لنا نظرين بالنسبة لما جاءت به السنة:
النظر الأول: في ثبوته.
والنظر الثاني: في دلالته.
أما ما في القرآن؛ فلنا نظر واحد، وهو النظر في الدلالة.
وقد سبق لنا بيان الأدلة الدالة على وجوب قبول ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسمل .
(3) سبق شرح هذا.



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس