عرض مشاركة واحدة
قديم 16 Mar 2010, 05:35 AM   #107
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


7 - ومنها: أن القرآن الكريم فرقان يفرق بين الحق، والباطل؛ وبين النافع، والضار؛ وبين أولياء الله، وأعداء الله؛ وغير ذلك من الفرقان فيما تقتضي حكمته التفريق فيه.
8 - ومنها: وجوب الصوم متى ثبت دخول شهر رمضان؛ وشهر رمضان يثبت دخوله إما بإكمال شعبان ثلاثين يوماً، أو برؤية هلاله؛ وقد جاءت السنة بثبوت دخوله إذا رآه واحد يوثق بقوله(139).
9 - ومنها: لا يجب الصوم قبل ثبوت دخول رمضان.
ويتفرع على هذا أنه لو كان في ليلة الثلاثين من شعبان غيم، أو قتر يمنع من رؤية الهلال فإنه لا يصام ذلك اليوم؛ لأنه لم يثبت دخول شهر رمضان؛ وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم؛ بل ظاهر حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما أن من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم(140): أي أن صيامه إثم.
10 - ومن فوائد الآية: التعبير بـ { شهر رمضان }؛ قال أهل العلم: «وهذا أولى»؛ ويجوز التعبير بـ «رمضان» - بإسقاط «شهر» ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً... ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً»(141)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة»(142)؛ ولا عبرة بقول من كره ذلك.
11 - ومن فوائد الآية: تيسير الله - تبارك وتعالى - على عباده، حيث رخص للمريض الذي يشق عليه الصوم، وللمسافر مطلقاً أن يفطرا، ويقضيا أياماً أخر.
12 - ومنها: إثبات الإرادة لله عز وجل؛ وإرادة الله تعالى تنقسم إلى قسمين:
إرادة كونية: وهي التي بمعنى المشيئة؛ ويلزم منها وقوع المراد سواء كان مما يحبه الله، أو مما لا يحبه الله؛ ومنها قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء} [الأنعام: 125] ؛ وهذه الآية، كقوله تعالى: {من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم} [الأنعام: 39] .
وإرادة شرعية: بمعنى المحبة؛ ولا يلزم منها وقوع المراد؛ ولا تتعلق إلا فيما يحبه الله عز وجل؛ ومنها قول الله تبارك وتعالى: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً * يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً} [النساء: 27، 28] .
13 - ومن فوائد الآية: أن شريعة الله سبحانه وتعالى مبنية على اليسر، والسهولة؛ لأن ذلك مراد الله عز وجل في قوله تعالى: { يريد الله بكم اليسر }؛ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه»(143)؛ وكان صلى الله عليه وسلم يبعث البعوث، ويقول: «يسروا ولا تعسروا؛ وبشروا ولا تنفروا»(144)؛ «فإنما بعثتم ميسرين؛ ولم تبعثوا معسرين»(145).
14 - ومنها: انتفاء الحرج والمشقة والعسر في الشريعة؛ لقوله عز وجل: { ولا يريد بكم العسر }.
15 - ومنها: أنه إذا دار الأمر بين التحليل، والتحريم فيما ليس الأصل فيه التحريم فإنه يغلب جانب التحليل؛ لأنه الأيسر، والأحب إلى الله.
16 - ومنها: الأمر بإكمال العدة؛ أي بالإتيان بعدة أيام الصيام كاملاً.
17 - ومنها: مشروعية التكبير عند تكميل العدة؛ لقول الله تعالى: { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم }؛ والمشروع في هذا التكبير أن يقول الإنسان: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» ؛ وإن شاء أوتر فقال: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» ؛ وإن شاء أوتر باعتبار الجميع فقال: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» ؛ فالأمر في هذا واسع - ولله الحمد.
18 - من فوائد الآية: أن الله يشرع الشرائع لحكمة، وغاية حميدة؛ لقوله تعالى: { لعلكم تشكرون }.
19 - ومنها: الإشارة إلى أن القيام بطاعة الله من الشكر؛ ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله} ؛ وقال تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}»(146)؛ وهذا يدل على أن الشكر هو العمل الصالح.
20 - ومنها: أن من عصى الله عز وجل فإنه لم يقم بالشكر، ثم قد يكون الإخلال كبيراً؛ وقد يكون الإخلال صغيراً - حسب المعصية التي قام بها العبد.
تــنــبــيــه:
استنبط بعض الناس أن من كانوا في الأماكن التي ليس عندهم فيها شهور، مثل الذين في الدوائر القطبية، يصومون في وقت رمضان عند غيرهم عدة شهر؛ لأن الشهر غير موجود؛ وقال: إن هذا من آيات القرآن؛ فقد جاء التعبير صالحاً حتى لهذه الحال التي لم تكن معلومة عند الناس حين نزول القرآن؛ لقوله تعالى: { ولتكملوا العدة }.

القـــــــرآن
{ )وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186)
التفسير:
{ 186 } قوله تعالى: { وإذا سألك }؛ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم؛ والمراد بقوله تعالى: { عبادي }: المؤمنون؛ وقوله تعالى: { عني } أي عن قربي، وإجابتي بدليل الجواب: وهو قوله تعالى: { فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان }.
قوله تعالى: { فإني قريب }: بعضهم قال: إنه على تقدير «قل» أي إذا سألك عبادي عني فقل: إني قريب؛ فيكون جواب { إذا } محذوفاً؛ و{ إني قريب } مقول القول المحذوف؛ ويحتمل أن يكون الجواب جملة: { فإني قريب } لوضوح المعنى بدون تقدير؛ والضمير في قوله تعالى: { فإني قريب } يعود إلى الله.
قوله تعالى: { فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان }؛ { قريب } خبر «إن» ؛ و{ أجيب } خبر ثان لـ «إن» ؛ فيكون خبرها الأول مفرداً؛ وخبرها الثاني جملة؛ و «الدعاء» بمعنى الطلب؛ و{ الداعِ } أصلها «الداعي» بالياء، كـ«القاضي» و«الهادي»؛ لكن حذفت الياء للتخفيف نظيرها قوله تعالى: {الكبير المتعال} ؛ وأصلها: «المتعالي» ؛ فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: { إذا دعان } بعد قوله تعالى: { الداع } - لأنه لا يوصف بأنه داع إلا إذا دعا؟ فالجواب أن المراد بقوله تعالى: { إذا دعان } أي إذا صدق في دعائه إياي بأن شعُر بأنه في حاجة إلى الله، وأن الله قادر على إجابته، وأخلص الدعاء لله بحيث لا يتعلق قلبه بغيره.
وقوله تعالى: { دعان } أصلها دعاني - بالياء، فحذفت الياء تخفيفاً.
قوله تعالى: {فليستجيبوا لي} أي فليجيبوا لي؛ لأن «استجاب» بمعنى أجاب، كما قال الله تعالى: {فاستجاب لهم ربهم} [آل عمران: 195] أي أجاب، وكما قال الله تعالى: {والذين استجابوا لربهم} [الشورى: 38].
وقوله تعالى: { فليستجيبوا } عدَّاها باللام؛ لأنه ضمن معنى الانقياد - أي فلينقادوا لي؛ وإلا لكانت «أجاب» تتعدى بنفسها؛ نظيرها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه: «فإن هم أجابوا لك بذلك»(147)؛ فضَمَّن الإجابة معنى الانقياد.
قوله تعالى: { وليؤمنوا بي } أي وليؤمنوا بأني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان؛ واللام في الفعلين: { فليستجيبوا }؛ و{ ليؤمنوا } لام الأمر؛ ولهذا سكنت بعد حرف العطف.
قوله تعالى: { لعلهم يرشدون }؛ «لعل» للتعليل؛ وكلما جاءت «لعل» في كتاب الله فإنها للتعليل؛ إذ إن الترجي لا يكون إلا فيمن احتاج، ويؤمل كشف ما نزل به عن قرب؛ أما الرب عز وجل فإنه يستحيل في حقه هذا.
و «الرشد» يطلق على معانٍ؛ منها: حُسن التصرف، كما في قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء: 6] ؛ ولا شك أن من آمن بالله، واستجاب له فإنه أحسن الناس تصرفاً، ويوفّق، ويُهدى، وتُيسر له الأمور، كما قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} [الطلاق: 4] ، وقال تعالى: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى} [الليل: 5 - 7] .
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: أن الصيام مظنة إجابة الدعاء؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الآية في أثناء آيات الصيام؛ ولا سيما أنه ذكرها في آخر الكلام على آيات الصيام.
وقال بعض أهل العلم: يستفاد منها فائدة أخرى: أنه ينبغي الدعاء في آخر يوم الصيام - أي عند الإفطار.
2 - ومنها: رأفة الله عز وجل؛ لقوله تعالى: { وإذا سألك عبادي }، حيث أضافهم إلى نفسه تشريفاً، وتعطفاً عليهم.
3 - ومنها: إثبات قرب الله سبحانه وتعالى؛ والمراد قرب نفسه؛ لأن الضمائر في هذه الآية كلها ترجع إلى الله؛ وعليه فلا يصح أن يحمل القرب فيها على قرب رحمته، أو ملائكته؛ لأنه خلاف ظاهر اللفظ، ويقتضي تشتيت الضمائر بدون دليل؛ ثم قرب الله عز وجل هل هو خاص بمن يعبده، أو يدعوه؛ أو هو عام؟ على قولين؛ والراجح أنه خاص بمن يعبده، أو يدعوه؛ لأنه لم يَرد وصف الله به على وجه مطلق؛ وليس كالمعية التي تنقسم إلى عامة، وخاصة.
فإن قال قائل: ما الجواب عن قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد} [ق~: 16، 17] - وهذا عام؟ فالجواب أن المراد بالقرب في هذا الآية قرب ملائكته بدليل قوله تعالى: {إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد} [ق~: 17] ، ومثلها قوله تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون} [الواقعة: 83 - 85] : فإن المراد بها قرب الملائكة الذين يقبضون الروح.
فإن قال قائل: كيف الجمع بين قربه جل وعلا وعلوه؟
فالجواب: أن الله أثبت ذلك لنفسه - أعني القرب، والعلو؛ ولا يمكن أن يجمع الله لنفسه بين صفتين متناقضتين؛ ولأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته؛ فهو قريب في علوه عليٌّ في دنوه.
4 - ومن فوائد الآية: إثبات سمع الله؛ لقوله تعالى: { أجيب }؛ لأنه لا يجاب إلا بعد أن يُسمعَ ما دعا به.
5 - ومنها: إثبات قدرة الله؛ لأن إجابة الداعي تحتاج إلى قدرة.
6 - ومنها: إثبات كرم الله؛ لقوله تعالى: { أجيب دعوة الداع إذا دعان }.
7 - ومنها: أن من شرط إجابة الدعاء أن يكون الداعي صادق الدعوة في دعوة الله عز وجل، بحيث يكون مخلصاً مشعراً نفسه بالافتقار إلى ربه، ومشعراً نفسه بكرم الله، وجوده؛ لقوله تعالى: { إذا دعان }.
8 - ومنها: أن الله تعالى يجيب دعوة الداع إذا دعاه؛ ولا يلزم من ذلك أن يجيب مسألته؛ لأنه تعالى قد يؤخر إجابة المسألة ليزداد الداعي تضرعاً إلى الله، وإلحاحاً في الدعاء؛ فيقوى بذلك إيمانه، ويزداد ثوابه؛ أو يدخره له يوم القيامة؛ أو يدفع عنه من السوء ما هو أعظم فائدة للداعي؛ وهذا هو السر - والله أعلم - في قوله تعالى: { أجيب دعوة الداع }.
9 - ومنها: أن الإنابة إلى الله عز وجل، والقيام بطاعته سبب للرشد؛ لقوله تعالى: { فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }.
10- ومنها: أن الاستجابة لا بد أن يصحبها إيمان؛ لأن الله قرن بينهما؛ فمن تعبد لله سبحانه وتعالى وهو ضعيف الإيمان بأن يكون عنده تردد - والعياذ بالله - أو شك فإنه لا ينفعه؛ أو يكون عنده إنكار، كما يفعل المنافقون: فإنهم يتعبدون إلى الله عز وجل ظاهراً؛ لكنهم ليس عندهم إيمان؛ فلا ينفعهم.
11 - ومنها: إثبات الأسباب، والعلل؛ ففيه رد على الجهمية، وعلى الأشاعرة؛ لأنهم لا يثبتون الأسباب إلا إثباتاً صورياً، حيث يقولون: إن الأسباب لا تؤثر بنفسها لكن يكون الفعل عندها.



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس