عرض مشاركة واحدة
قديم 03 Apr 2010, 02:43 AM   #17
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فصل # تنازع المسلمون في تسمية الله بالدهر ففي الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر ولا يقولن أحدكم للعنب الكرم فإن الكرم الرجل المسلم وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار وفي رواية أخرى يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما هذه ألفاظ مسلم # قال القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات اعلم أن أبا بكر الخلال قال أخبرني بشر بن موسى الأسدي قال سألت أبا عبدالله أحمد بن حنبل عن الدهر فلم يجبني فيه بشيء قال القاضي وظاهر هذا أن أحمد توقف عن الأخذ بظاهر الحديث وقال حنبل سمعت هارون الحمال يقول لأبي عبدالله كنا عند سفيان بن عيينة بمكة فحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا الدهر فقام فتح بن سهل فقال يا أبا محمد نقول يا دهر ارزقنا فسمعت سفيان

يقول خذوه فإنه جهمي وهرب فقال أبو عبدالله القوم يردون الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نؤمن بها ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله قال القاضي وظاهر هذا أنه أخذ بظاهر الحديث ويحتمل أن يكون قوله ونحن نؤمن بها راجع إلى أخبار الصفات في الجملة ولم يرجع إلى هذا الحديث خاصة # قال وقد ذكر شيخنا أبو عبدالله رحمه الله يعني ابن حامد هذا الحديث في كتابه وقال لا يجوز أن يسمى الله دهرا والأمر على ما قاله لأنه قد روي في بعض ألفاظ الحديث ما يمنع من حمله على ظاهره هذا ولم يرد في غيره من أخبار الصفات ما دل على صرفه عن ظاهره فلهذا أوجب حملها على ظاهرها وذلك أنه روي فيه أنه يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار وفي لفظ آخر لي الليل والنهار أجدده وأبليه وأذهب بملوك وآتي بملوك فتبين أن الدهر هو الليل والنهار خلق له وبيده وأنه يجدده ويبليه فامتنع أن يكون إلا له وأصل هذا الخبر أنه ورد على سبب وهو أن الجاهلية كانت تقول أصابني الدهر في مالي بكذا ونالتني قوارع الدهر ومصائبه فيضيفون كل حادث يحدث بما هو جار بقضاء الله وقدره وخلقه وتقديره من مرض أو صحة أو غنى أو فقد أو حياة أو موت إلى الدهر ويقولون لعن الله هذا الدهر والزمان ولذلك قال قائلهم % أمن المنون وريبه تتوجع % والدهر ليس بمعتب من يجزع %
# وقال تعالى ^ نتربص به ريب المنون ^ أي ريب الدهر وحوادثه وقال سبحانه وتعالى ^ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ^ فأخبر عنهم بما كانوا عليه من نسبة أقدار الله وأفعاله إلى الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم

لا تسبوا الدهر أي إذا أصابتكم المصائب لا تنسبوها إليه فإن الله هو الذي أصابكم بها لا الدهر وأنكم إذا سببتم الدهر وفاعل ذلك ليس هو الدهر # وقال أبو بكر الخلال سألت إبراهيم الحربي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر وعن لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر قال كانت الجاهلية تقول الدهر هو الليل والنهار يقولون الليل والنهار فعل بنا كذا فقال الله تعالى أنا أفعل ليس الدهر قال القاضي فقد بين إبراهيم الحربي أن الخبر ليس على ظاهره وأنه ورد على سبب وذكر أبو عبيد نحو ما ذكرنا فقال لا ينبغي لأحد من أهل الإسلام أن يجهل وجهه وذلك أن أهل التعطيل يحتجون به على المسلمين واحتج به بعضهم فقال ألا تراه يقول فإن الله هو الدهر قال وتأويله أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف فيقولون أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر وأتى عليهم الدهر فيجعلونه الذي يفعل ذلك فيذمونه عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الذي فعل بكم هذه الأشياء أو يصيبكم بهذه المصائب فإنكم إذا سببتم فاعلها فإنما يقع السب على الله تعالى وهو الفاعل لها لا الدهر


فصل # القول بأن الله تعالى ليس فوق العرش أول من ابتدعه في الإسلام الجعد بن درهم والجهم بن صفوان وشيعتهما وهم عند الأمة من شرار أهل الأهواء وقد أطلق السلف من القول بتكفيرهم ما لم طلقوه بتكفير أحد وقالوا نحكي كلام اليهود والنصارى ولا نحكي كلام الجهمية وقالوا اتفق المسلمون واليهود والنصارى على أن الله تعالى فوق العرش وقالت الجهمية ليس فوق العرش وليس هذا قول أئمة متكلمة الصفاتية لا أبي محمد عبدالله بن سعيد بن كلاب ولا أبي العباس القلانسي ونحوهما ولا قول أبي الحسن الأشعري وأبي الحسن علي بن مهدي الطبري والقاضي أبي بكر الباقلاني وغيرهم من أئمة الأشعرية الذين تزعم أنهم أصحابك وإن قيل هؤلاء

متناقضون في أقوالهم لم يكن نفي قول الأثبات الذين صرحوا به عنهم لقولهم بما يناقضه بأولى من نفي القول النافي عنهم لقولهم ما يناقضه لا سيما إذا كان المعروف عنهم أن الأثبات آخر القولين وإذا كان أبو المعالي والشهرستاني وطوائف غيرهما قد خالفوه من أئمة أصحابهم وقدمائهم في الأثبات لم يجز أن يجعل قولهم هو قول أولئك بل نقل لمذهب إمامه أنا قد ذكرنا بنقل العدول الأئمة أن أبا المعالي تحير في هذه المسألة في حياته ورجع إلى دين أهل الفطرة كالعجائز عند مماته وكذلك الرازي أيضا حيرته وتوبته معروفة وكذلك أئمة هؤلاء # ثم يقال هب أنه قول هؤلاء أفهؤلاء ومن وافقوه من المعتزلة هم أهل التوحيد والتنزيه دون سائر النبيين والمرسلين والصحابة والتابعين وسائر أئمة الفقهاء والصوفية والمحدثين وأصناف المتكلمين الذين لم يوافقوا هؤلاء في هذا السلب بل يصرحون بنقيضه أو بما يستلزم وكلامهم في ذلك ملء العالم مع موافقتهم للكتب المنزلة من السماء وللفطرة الضرورية التي عليها عموم الدهماء والمقاييس العقلية السليمة عن المراء وقد ذكر هذا الإمام لأتباعه أبو عبدالله الرازي في كتابه أقسام اللذات لما ذكر اللذة العقلية وأنها العلم وأن أعرف العلوم العلم بالله لكنه العلم بالذات والصفات والأفعال وعلى كل واحدة من ذلك عقدة هل الوجود هو الماهية أم قدر زائد وهل الصفات زائدة على الذات أم لا وهل الفعل مقارن أو محدث ثم قال ومن الذي وصل إلى هذا الباب أو ذاق من هذا الشراب

% نهاية إقدام العقول عقال % وأكثر سعي العالمين ضلال % % وأرواحنا في وحشة من جسومنا % وحاصل دنيانا أذى ووبال % % ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا % سوى أن جمعنا فيه قيل وقال %
# لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفى عليلا ولا تروي غليلا ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن إقرأ في الاثبات ^ الرحمن على العرش استوى ^ ^ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ^ واقرأ في النفي ^ ليس كمثله شيء ^ ^ ولا يحيطون به علما ^ ثم قال ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ومثل هذا كثير عن هؤلاء أئمة هذه المقالة النافية يعترفون بعدم العلم بها ويرجعون إلى ما عليه أهل الفطرة وما عليه أهل الظاهر الحشوية عندهم فكيف يكونون هم أهل التوحيد والتنزيه مع هذا الريب والشك والحيرة والتمويه # الوجه السادس والثلاثون أن يقال له دعواكم الرد على الدهرية بمثل جحد هذه المقدمة وأمثالها مما تبين فيها أنكم جحدتم العلوم الفطرية أوقعكم في أمورا أربعة # أحدها اتفاق سلف الأمة وأئمتها على ذمكم وذم كلامكم # الثاني نفور أهل الإيمان عن طريقكم وما قذف الله تعالى في قلوبهم من البغض لذلك وهم شهداء الله تعالى في الأرض # الثالث طمع الفلاسفة الدهرية فيكم أهل جدل وكلام لا أهل علم وبرهان حتى ارتد خلق كثير منكم إليهم بل أن ابن الراوندي

الذي يقال إنه من شيوخ الأشعري صنف كتابه المسمى بكتاب التاج في قدم العالم موافقة للدهرية وهؤلاء المدعون للتحقيق منكم كصاحب الفصوص وابن سبعين وأمثالهما يؤول بهم الأمر إلى أن يقتصروا على قول الدهرية الذين يثبتون واجب الوجود ويفرقون بين الواجب والممكن بل يجعلون وجوده وجود الممكنات ولا يجعلون له وجودا خارجا عن وجود الأرض والسموات ويصرح من يصرح من فضلائهم بأن قولهم هو قول فرعون وأنهم على قول فرعون فيأتون بقول الدهرية المتضمن لإنكار الصانع وهو شر المقالات ويدعون أن هذا هو التحقيق والعرفان وسببه أنكم سلكتم بهم في طريقة النفي والتعطيل التي لا تثبت للصانع وجودا مباينا للمخلوق وهذه يضطر سالكها إلى أن لا يقول بموجود وراء العالم وهو محض قول الدهرية فكيف تتبرؤون منهم وقولكم يؤول إليهم تصريحا أو لزوما # الرابع أن يقال له أنت معترف بعجزك عن مقاومة الدهرية وأنت في أكبر كتبك المطالب العالمية ذكرت أدلة الفريقين القائلين بحدوث العالم وقدمه وضربت هذه بهذه ولم ترجح شيئا بل ذكرت أن الكتب الإلهية والأدلة السمعية لم تبين هذه المسألة وفي أجل كتبك الكلامية لم تحتج على حدوثه بحجة ظنية فضلا عن علمية وادعيت أن ذلك لا يتم إلا بمقدمة تذكر في سائر كتبك أنها معلومة الفساد بالضرورة وهو ترجيح أحد طرفي الممكن

بلا مرجح فمن تكون هذه حاله كيف يدعي أنه وأصحابه أهل التوحيد والتنزيه دون المثبتين والفلاسفة # وسبب ذلك أنهم أدخلوا في مسألة حدوث العالم حقا وباطلا وطلبوا إثباتهما معا فلم ينهض دليل صحيح بإثبات باطل مع حق وطمع فيهم خصمهم لما رآه من ذلك وإن كان كلام خصومهم فيها أيضا فاسدا متناقضا فالطائفتان فيها ضالتان وذلك أن هذا وأصحابه سلكوا طريق المعتزلة التي التزموا حدوث الموصوفات بحدوث صفاتها والتزموا على ذلك امتناع اتصاف الرب بصفة ولزمهم على ذلك وإن لم يلتزموه حدوث كل قائم بنفسه بل حدوث كل موجود فكان ما ذكروه من الحجة متضمنا حدوث الموجودات كلها ومعلوم أن الدليل على ذلك لا يكون حقا وقابلوا بها من زعم أن من المخلوقات ما هو قديم كالعناصر والسموات وقابلوا باطلا بباطل ثم إنهم اضطربوا في العلم بحدوث الصفات وحدوث موصوفاتها اضطرابا ذكرناه في غير هذا الموضع ثم جاء هؤلاء فوافقوهم في المعنى دون العبارة وزعموا أن الموصوف الذي سموا صفته عرضا يستدل على حدوثه بحدوث صفته وزعموا أن شيئا من صفات المخلوقات لا يبقى زمانين وأن القابل لصفة لا يخلو منها ومن ضدها وقود مقالتهم يوجب مثل تلك المقالة مع ما التزموه في مواضع من المكابرات وإن كانوا في مواضع اعترفوا بالحق الذي أنكره أولئك # ومن تدبر عامة بدع الجهمية ونحوهم وجدها ناشئة عن مباحث هذه الدعوى والحجة # ولهذا كان السلف والأئمة يذمون كلامهم في الجواهر والأعراض وبناءهم علم الدين على ما ذكروه من هذه المقدمات وقد بسطنا الكلام في هذا في غير

هذا الموضع قال الإمام أبو المظفر السمعاني والأصل الذي يؤسسه المتكلمون والأصل الذي يجعلونه قاعدة علومهم مسألة العرض والجوهر وإثباتهما وأنهم قالوا إن الأشياء لا تخلو من ثلاثة أوجه إما أن تكون جسما أو عرضا أو جوهرا فالجسم ما اجتمع من الافتراق والجوهر ما احتمل الأعراض والعرض مالا يقوم بنفسه وإنما يقوم بغيره وجعلوا الروح من الأعراض وردوا أخبار النبي صلى الله عليه وسلم التي لا توافق نظرهم وعقولهم ولهذا قال بعض السلف إن أهل الكلام أعداء الدين لأن اعتمادهم على حدسهم وظنونهم وما يؤدي إليه نظرهم وفكرهم ثم يعرضون عليه الأحاديث فما وافقه قبلوه وما خالفه ردوه وأما أهل السنة سلمهم الله تعالى فإنهم يتمسكون بما نطق به الكتاب ووردت به السنة ويحتجون له بالحجج الواضحة على حسب ما أذن فيه الشرع وورد به السمع وذكر تمام الكلام # والمقصود أن هذا وأمثاله وإن كان في هذا المقام يتجوه بمخالفة الدهرية وليس الرد على الدهرية معلوما من طريقهم بل طريقهم هم والدهرية فيها متقابلون يقولون هؤلاء الحق تارة والباطل أخرى وكذلك أولئك وليس أذكياؤهم على بصيرة فيها وسبب ذلك ما يجحدونه من الحق المعلوم وما يدعونه من الدعاوى الباطلة والمشتملة على حق وباطل وإلا فلو كانت الحجج حقا محضا لم ينكرها أحد من السلف والأئمة ولا كان للمخالفين طريق صحيح إلى هدمها # الوجه السابع والثلاثون إن تسميتك أصحابك أهل التوحد والتنزيه هو مما اتبعتم فيه المعتزلة نفاة الصفات فإنهم فسروا التوحيد بتفسير لم يدل عليه الكتاب والسنة ولا قاله أحد من سلف الأمة وأئمتها كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله

تعالى وادعوا أن من أثبت الصفات لم يكن موحدا لأن الواحد عندهم الذي لا يعقل فيه ما تميز منه شيء عن شيء أصلا وثبوت الصفات يقتضي الكثرة والذي جعلوه واحدا لا ينطبق إلا على معدوم ممتنع كما سيأتي بيان # ومن المعلوم أن التوحيد الذي بعث الله به رسوله وأنزل به كتابه هو ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع مثل عبادة الله وحده لا شريك له فمن عب غيره كان مشركا ولم يكن موحدا وإن أقر أنه خالق كل شيء كما قال تعالى ^ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ^ وقال تعالى ^ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ^ وقال تعالى ^ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون ^ وقال تعالى ^ وإلهكم إله واحد ^ وقال تعالى ^ وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد ^ وأمثال هذه الآيات # وأما تفسير التوحيد بما يستلزم نفي الصفات أو نفي علوه على العرش بل بما يستلزم نفي ما هو أعم من ذلك فهو شيء ابتدعته الجهمية لم ينطق به كتاب ولا سنة ولا إمام وكذلك جعل التشبيه ضد التوحيد وتفسير التشبيه بما فيه إثبات الصفات هو أيضا باطل فإن التوحيد نقيضه الإشراك بالله تعالى والتمثيل له بخلقه وإن كان ينافي التوحيد فليس المراد بذلك ما يسمونه هم تشبيها فإنهم يسمون المعاني بأسماء سموها هم وآباؤها ما أنزل الله بها من سلطان فمن بنى على ذلك الحمد والذم ومن علق الحمد والذم بأسماء ليست مما أنزل الله بها سلطانا بين فيه ما يحمده وما يذمه فقد ابتدع من الدين ما لم يأذن به الله تعالى وليس هذا موضع بسط

هذا وتبيينه إذ كل من كان إلى التعطيل أقرب وعن القرآن والإسلام أبعد كان أحق بهذا المعنى الذي تسميه التوحيد والتنزيه # فإن المعتزلة أحق منهم بهذا لأنهم أحق بنفي الصفات والكثرة وأحق بنفي الأمور التي يجعلون إثباتها تشبيها والفلاسفة أحق من المعتزلة بهذا وأهل وحدة الوجود أحق بهذا من الفلاسفة ولهذا يدعون من التوحيد والتحقيق والعرفان بحسب هذا الوضع والاصطلاح الذي ابتدعوه مالا يمكن هؤلاء رده إلا بنقض الأصول المبتدعة التي وافقوهم عليها ومن المعلوم أن الوجود المطلق ليس شيئا له وجود في الخارج مطلقا حتى يوصف بوحدة ولا كثرة وإنما حقيقة قولهم قول أهل التعطيل الذين هم شرار الدهرية فظهر أن توحيدهم هذا وتنزيههم هذا دهليز التعطيل والزندقة وأن من كان أعظم تعطيلا وإلحادا كان أحق بتوحيدهم وتنزيههم هذا وهذا بخلاف ما كان من أهل الإثبات المقرين بالتوحيد والتنزيه الذي جاءت به الرسل عليهم السلام ونزلت به الكتب التوحيد العلمي القولي كالتوحيد الذي دلت عليه السورة التي هي صفة الرحمن وهي تعدل ثلث القرآن والتوحيد العملي الإرادي الذي دلت عليه السورة التي هي براءة من الشرك وهما سورتا الإخلاص فإن هؤلاء الموحدين كلما حققوا هذا التوحيد بعدوا عن أهل الشرك والتعطيل وتبرؤوا منهم كما قال إمامهم إبراهيم لقومه ^ إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين ^ وقال ^ أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ^ وقال ^ يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ^ وقال تعالى ^ قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ^



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس