عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 03:36 AM   #42
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ففرشت الأنطاع والنمارق وذبحت الذبائح فقلنا: لسنا بذائقي طعامك حتى تقضي حاجتنا فقال: وما حاجتكم قلنا: نخطب عقليتك الكريمة لعتبة بن الحباب بن المنذر فقال: إن التي تخطبونها أمرها إلى نفسها وأنا أدخل أخبرها ثم دخل مغضبا على ابنته فقالت: يا أبت مالي أرى الغضب في وجهك فقال: قد ورد الأنصار يخطبونك مني فقالت: سادات كرام استغفر لهم الرسول صلى الله على ه وسلم فلمن الخطبة منهم؟ قال: لعتبة قالت: والله لقد سمعت عن عتبة هذا إنه يفي بما وعد ويدرك إذا قصد فقال: أقسمت لأزوجنك إياه أبدا ولقد نمى إلى بعض حديثك معه فقالت: ما كان ذلك ولكن إذا أقسمت فإن الأنصار لا يردون ردا قبيحا فأحسن لهم الرد فقال: بأي شيء قالت: اغلظ على هم المهر فإنهم قوم يرجعون ولا يحبون فقال: ما أحسن ما قلت فخرج مبادرا على هم فقال: إن فتات الحي قد أجابت ولكني أريد لها مهر مثلها فمن القائم به؟ فقال عبد الله بن معمر: أنا فقل ما شئت فقال: ألف مثقال من ثوب من الأبراد وخمسة أكرسة من عنبر فقال عبد الله: لك ذلك كله فهل أجبت؟ قال: نعم قال: عبد الله فأنفذت نفرا من الأنصار إلى المدينة فأتوا بجميع ما طلب ثم صنعت الوليمة فقمنا على ذلك أياما ثم قال: خذوا فتاتكم وانصرفوا مصاحبين ثم حملها في هودج وجهز بثلاثين راحلة من المتاع والتحف فودعناه وسرنا حتى إذا



ص -273- بقي بيننا وبين المدينة مرحلة واحدة خرجت علينا خيل تريد الغارة أحسبها من سليم فحمل عليها عتبة فقتل منهم رجالا وجندل منهم آخرين ثم رجع وبه طعنة تفور دما فسقط إلى الأرض وأتانا نجدة فطردت الخيل عنا وقد قضى عتبة نحبه فقلنا: واعتبتاه فسمعتنا الجارية فألقت نفسها عن البعير وجعلت تصيح بحرقة وأنشدت:

تصبرت لا أني ثبرت وإنما أعلل نفسي أنها بك لاحقة

فلو أنصفت روحي لكانت إلى الردى أمامك من دون البرية سابقة

فما أحد بعدي وبعدك منصف خليلا ولا نفس لنفس موافقة

ثم شهقت وقضت نحبها فاحتفرنا لهما قبرا واحدا ودفناهما فيه ثم رجعت إلى المدينة فأقمت سبع سنين ثم ذهبت إلى الحجاز ووردت المدينة فقلت والله لآتين قبر عتبة أزوره فأتيت القبر فإذا عليه شجرة عليها عصائب حمر وصفر فقلت لأرباب المنزل: ما يقال لهذه الشجرة؟ قالوا شجرة العروسين.
ولو لم يكن في العشق من الرخصة المخالفة للتشديد إلاّ الحديث الوارد بالحسن من الأسانيد وهو حديث سويد بن سعيد عن علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن العباس يرفعه"من عشق وعف وكتم فمات فهو شهيد"ورواه سويد أيضا عن ابن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا ورواه الخطيب عن الأزهري عن المعافا بن زكريا عن قطبة عن ابن الفضل عن أحمد بن مسروق عنه ورواه الزبير بن بكار عن عبد العزيز الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس.
وهذا سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم نظر إلى



ص -274- إلى زينب بنت جحش رضي الله عنها فقال :"سبحان مقلب القلوب" وكانت تحت زيد بن حارثة مولاه فلما هم بطلاقها قال له: "اتق الله وامسك عليك زوجك" فلما طلقها زوجها الله سبحانه من رسوله صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سموات فكان هو وليها وولي تزويجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقد عقد نكاحها من فوق عرشه وأنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}.
وهذا داود نبي الله عليه السلام لما كان تحته تسعة وتسعين امرأة ثم أحب تلك المرأة وتزوجها وأكمل بها المائة
وقال: الزهري أول حب كان في الإسلام حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وكان مسروق يسميها: حبيبة رسول صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو القيس مولي عبد الله ابن عمرو: "وأرسلني عبد الله بن عمرو إلى أم سلمة أسألها. أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل أهله وهو صائم؟ فقالت: لا فقال: إن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها وهو صائم فقالت: أم سلمة رضي الله عنها إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأي عائشة لم يتمالك نفسه عنها".
وذكر سعيد بن إبراهيم عن عامر بن سعيد عن أبيه قال: كان إبراهيم خليل الله صلى الله عليه وسلم يزوره جبرائيل في كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلة صبره عنها.
وذكر الخرائطي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما اشترى جارية رومية فكان يحبها حبا شديدا فوقعت ذات يوم عن بغلة له فجعل يمسح التراب عن وجهها ويفديها ويقبلها وكانت تكثر من أن يقول له: يا بطرون أنت قالون تعني



ص -275- يا مولاي أنت جيد ثم إنها هربت منه فوجد عليها وجدا شديدا فقال:

قد كنت أحسبني قالون فانصرفت فاليوم أعلم أني غير قالون

قال أبو محمد بن حزم: وقد أحب من الخلفاء الراشدين والأئمة المهتدين كثير وقال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين رأيت امرأة فعشقتها فقال: ذلك ما لا تملك.
فالجواب وبالله التوفيق: إن الكلام في هذا الباب لا بد فيه من التمييز بين الواقع والجائز والنافع والضار ولا يستعجل عليه بالذم والإنكار ولا بالمدح والقبول من حيث الجملة وإنما يتبين حكمه وينكشف أمره بذكر متعلقه وإلا فالعشق من حيث هو لا يحمد ولا يذم ونحن نذكر النافع من الحب والضار والجائز والحرام.
اعلم إن أنفع المحبة على الإطلاق وأوجبها وأعلاها وأجلها محبة من جبلت القلوبعلى محبته وفطرت الخليقة على تألهه وبها قامت الأرض والسموات وعليها فطر المخلوقات وهي سر شهادة إن لا إله إلاّ الله فإن الإله هو الذي تألهه القلوب بالمحبة والإجلال والتعظيم والذل والخضوع وتعبده والعبادة لا تصح إلاّ له وحده والعبادة هي كمال الحب مع كمال الخضوع والذل والشرك في هذه العبودية من أظلم الظلم الذي لا يغفره الله والله سبحانه يحب لذاته من سائر الوجوه وما سواه فإنما يحب تبعا لمحبته.
وقد دل على وجوب محبته سبحانه جميع كتبه المنزلة ودعوة جميع رسله صلى الله عليه وسلم أجمعين وفطرته التي فطر على ها عباده وما ركب فيها من العقول وما أسبغ على هم من النعم فإن القلوب مفطورة مجبولة على محبة من أنعم على ها وأحسن إليها فكيف بمن كل الإحسان منه وما بخلقه جميعهم من نعمه وحده لا شريك له كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ



ص -276- تَجْأَرُونَ} الآية وما تعرف به إلى عباده من أسمائه الحسنى وصفاته العليا وما دلت عليه آثار مصنوعاته من كماله ونهاية جلاله وعظمته.
والمحبة له داعيين: الجلال والجمال والرب تعالى له الكمال المطلق من ذلك فإنه جميل يحب الجمال بل الجمال كله له والإجلال كله منه فلا يستحق إن يحب لذاته من كل وجه سواه قال الله تعالى: {قُلْ إن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ على الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ على الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عليمٌ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فإن حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} الآية.
والولاية أصلها الحب فلا موالاة إلاّ بحب كما إن العداوة أصلها البغض والله ولي الذين آمنوا وهم أولياؤه فهم يوالونه بمحبتهم له وهو مواليهم بمحبته لهم فالله يوالي عبده المؤمن بحسب محبته له.
ولهذا أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه أولياء بخلاف من يبك أولياءه فإنه لم يتخذهم من دونه بل موالاته لهم من تمام موالاته.
وقد أنكر على من سوى بينه وبين غيره في المحبة وأخبر إن من فعل ذلك فقد اتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} وأخبر عمن سوي بينه وبين الأنداد في المحبة أنهم يقولون في النار لمعبوديهم {تَاللَّهِ إن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}





ص -277- وبهذا التوحيد في الحب أرسل الله سبحانه جميع رسله صلى الله عليه وسلم وأنزل جميع كتبه وأطبقت عليه دعوة جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم ولأجله خلقت السموات والأرض والجنة والنار فجعل الجنة لأهله والنار للمشركين به فيه.
وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنه:"لا يؤمن عبد حتى يكون هو أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"فكيف بمحبة الرب جل جلاله؟ وقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لا حتى أكون أحب إليك من نفسك"أي لا تؤمن حتى تصل محبتك لي إلى هذه الغاية.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أولي بنا من أنفسنا بالمحبة ولوازمها أفليس الرب جل جلاله وتقدست أسماؤه وتبارك اسمه وتعالي جده ولا إله غيره أولي بمحبته وعبادته من أنفسهم؟ وكل ما منه إلى عبده المؤمن يدعوه إلى محبة مما يحب العبد ويكرهه فعطاؤه ومنعه ومعافاته وابتلائه وقبضه وبسطه وعدله وفضله وأمانته وإحياؤه ولطفه وبره ورحمته وإحسانه وستره وعفوه وحلمه وصبره على عبده وإجابته لدعائه وكشف كربه وإغاثة لهفته وتفريج كربته من غير حاجة منه إليه بل مع غناه التام عنه من جميع الوجوه كل ذلك داع للقلوب إلى تألهه ومحبته بل تمكينه عبده من معصيته وإعانته عليه وستره حتى يقضي وطره منها وكلائته وحراسته له وهو يقضي وطره من معصيته وهو يعينه ويستعين عليها بنعمه من أقوى الدواعي إلى محبته فلو إن مخلوقا فعل بمخلوق أدنى شيء من ذلك لم يملك قلبه عن محبته فكيف لا يحب العبد بكل قلبه وجوارحه من يحسن إليه على الدوام بعدد الأنفاس مع إساءته؟ فخيره إليك نازل وشرك إليه صاعد يتحبب إليه بنعمه وهو غني عنه والعبد يتبغض إليه بالمعاصي وهو فقير إليه فلا إحسانه وبره وإنعامه عليه يصده عن معصيته ولا معصية العبد ولومه يقطع إحسان ربه عنه.



ص -278- فالأم اللؤم تخلف القلوب عن محبة من هذا شأنه وتعلقها بمحبة سواه.
وأيضا فكل من تحبه من الخلق أو يحبك إنما يريدك لنفسه وغرضه منك والرب سبحانه وتعالي يريد لك كما في الأثر الإلهي"عبدي كل يريدك لنفسه وأنا أريدك لك"فكيف لا يستحيي العبد إن يكون ربه له بهذه المنزلة وهو معرض عنه مشغول بحب غيره وقد استغرق قلبه محبة ما سواه؟
وأيضا فكل من تعامله من الخلق إن لم يربح عليك لم يعاملك ولا بدله من نوع من أنواع الربح والرب تعالى إنما يعاملك لتربح أنت عليه أعظم الربح وأعلاه فالدرهم بعشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والسيئة بواحدة وهي أسرع شيء محوا.
وأيضا فهو سبحانه خلقك لنفسه وخلق كل شيء خلق لك في الدنيا والآخرة فمن أولي منه باستفراغ الوسع في محبته وبذل الجهد في مرضاته؟
وأيضا فمطالبك -بل مطالب الخلق كلهم جميعا- لديه وهو أجود الأجودين وأكرم الأكرمين ويعطي عبده قبل إن يسأله فوق ما يؤمله يشكر على القليل من العمل وينميه ويغفر الكثير من الزلل ويمحوه ويسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن لا يشغله سمع عن سمع ولا يغلطه كثرة المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين بل يجب الملحين في الدعاء ويجب إن يسأل ويغضب إذا لم يسأل فيستحي من عبده حيث لا يستحي العبد منه ويستره حيث لا يستر نفسه وبرحمة حيث لا يرحم نفسه دعاه بنعمته وإحسانه وناداه إلى كرامته ورضوانه فأبي فأرسل صلى الله



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس