عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04 Apr 2010, 03:45 AM
محمد الغماري
وسام الشرف
محمد الغماري غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 فترة الأقامة : 5256 يوم
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : محمد الغماري is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
مقدمة في أصول التفسير ... شيخ الاسلام بن تـيمـيـة




قال شيخ الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن برحمتك الحمد لله نستعينهونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل لهومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداعبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما
أما بعد فقد سألني بعض الأخوان أن أكتب لهمقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه والتمييز فىمنقول ذلك ومعقوله بين الحق وأنواع الأباطيل والتنبيه على الدليل الفاصل بينالأقاويل فإن الكتب المصنفة فى التفسير مشحونة بالغث والسمين والباطل الواضح والحقالمبين
والعلم اما نقل مصدق عن معصوم واما قولعليه دليل معلوم وما سوى هذا فاما مزيف مردود واما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولامنقود وحاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن الذى هو حبل الله المتين والذكر الحكيموالصراط المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق عن كثرةالترديد ولا تنقضى عجائبه ولا يشبع منه العلماء من قال به صدق ومن عمل به أجر ومنحكم به عدل ومن دعا إليه هدى الى صراط مستقيم ومن تركه من جبار قصمه الله ومن إبتغىالهدى فى غيره أضله الله
قال تعالى فأما يأتينكم منى هدى فمن أتبعهداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمىقال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليومتنسى وقال تعالى قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من أتبع رضوانه سبلالسلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم وقال تعالى الركتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيزالحميد الله الذي له ما فى السموات وما فى الأرض وقال تعالى وكذلك أوحينا إليك روحامن أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء منعبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم صراط الله الذى له ما فى السموات وما فى الأرضألا إلى الله تصير الأمور
وقد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسيرالله تعالى من إملاء الفؤاد والله الهادي إلى سبيل الرشاد فصل
يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلمبين لأصحابه معانى القرآن كما بين لهم ألفاظه فقوله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهميتناول هذا وهذا وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآنكعثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى اللهعليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا فتعلمناالقرآن والعلم والعمل جميعا ولهذا كانوا يبقون مدة فى حفظ السورة وقال أنس كانالرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جل فى أعيننا وأقام إبن عمر على حفظ البقرة عدةسنين قيل ثمان سنين ذكره مالك
آياته وقال أفلا يتدبرون القرآن وقال أفلميدبروا القول وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن وكذلك قال تعالى إنا أنزلناهقرآنا عربيا لعلكم تعقلون وعقل الكلام متضمن لفهمه
ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهممعانيه دون مجرد الفاظه فالقرآن أولى بذلك وايضا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا فىفن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله الذى هو عصمتهم وبه نجاتهموسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم ولهذا كان النزاع بين الصحابة فى تفسير القرآن قليلاجدا وهو وان كان فى التابعين أكثر منه فى الصحابة فهو قليل بالنسبة الى من بعدهموكلما كان العصر اشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر ومن التابعينمن تلقى جميع التفسير عن الصحابة كما قال مجاهد عرضت المصحف على ابن عباس أوقفه عندكل آية منه وأسأله عنها ولهذا قال الثورى اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به ولهذايعتمد على تفسيره الشافعى والبخارى وغيرهما من أهل العلم وكذلك الامام أحمد وغيرهممن صنف فى التفسير يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره
والمقصود أن التابعين تلقوا التفسير عنالصحابة كما تلقوا عنهم علموذلك أن الله تعالى قال كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبرواالسنة وان كانوا قد يتكلمون فى بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال كما يتكلمون فى بعضالسنن بالاستنباط والاستدلال
فصل
الخلاف بين السلف فى التفسير قليل وخلافهمفى الأحكام أكثر من خلافهم فى التفسير وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع الى اختلافتنوع لا اختلاف تضاد وذلك صنفان
أحدهما أن يعبر كل واحد منهم عن المرادبعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى فى المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمىبمنزلة الأسماء المتكافئة التى بين المترادفة والمتباينة كما قيل فى اسم السيفالصارم والمهند وذلك مثل أسماء الله الحسنى وأسماء رسوله صلى الله عليه وسلم وأسماءالقرآن فان أسماء الله كلها تدل على مسمى واحد فليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنىمضادا لدعائه باسم آخر بل الامر كما قال تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى
وكل اسم من اسمائه يدل على الذات المسماةوعلى الصفة التى تضمنها الإسم كالعليم يدل على الذات والعلم والقدير يدل على الذاتوالقدرة والرحيم يدل على الذات والرحمة ومن أنكر دلالة أسمائه على صفاته ممن يدعىالظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة الذين يقولون لا يقال هو حى ولاليس بحى بل ينفون عنه النقيضين فان أولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما هو علممحض كالمضمرات وإنما ينكرون ما فى أسمائه الحسنى من صفات الاثبات فمن وافقهم علىمقصودهم كان مع دعواه الغلو فى الظاهر موافقا لغلاة الباطنية فى ذلك وليس هذا موضعبسط ذلك
وإنما المقصود ان كل اسم من أسمائه يدل علىذاته وعلى ما فى الاسم من صفاته ويدل أيضا على الصفة التى فى الاسم الآخر بطريقاللزوم وكذلك اسماء النبى صلى الله عليه وسلم مثل محمد وأحمد والماحى والحاشروالعاقب وكذلك اسماء القرآن مثل القرآن والفرقان والهدى والشفاء والبيان والكتابوأمثال ذلك
فاذا كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرناعنه بأى اسم كان اذا عرف مسمى هذا الاسم وقد يكون الاسم علما وقد يكون صفة كمن يسألعن قوله ومن أعرض عن ذكرى ما ذكره فيقال له هو القرآن مثلا أو هو ما أنزله من الكتبفان الذكر مصدر والمصدر تارة يضاف الى الفاعل وتارة الى المفعول فإذا قيل ذكر اللهبالمعنى الثانى كان ما يذكر به مثل قول العبد سبحان الله والحمد لله ولا اله الاالله والله أكبر واذا قيل بالمعنى الأول كان ما يذكره هو وهو كلامه وهذا هو المرادفى قوله ومن أعرض عن ذكرى لأنه قال قبل ذلك فاما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلايضل ولا يشقى وهداه هو ما أنزله من الذكر وقال بعد ذلك قال رب لم حشرتنى أعمى وقدكنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها
والمقصود أن يعرف أن الذكر هو كلامه المنزلأو هو ذكر العبد له فسواء قيل ذكرى كتابى أو كلامى أو هداى أو نحو ذلك كان المسمىواحدا
وإن كان مقصود السائل معرفة ما فى الاسم منالصفة المختصة به فلابد من قدر زائد على تعيين المسمى مثل أن يسأل عن القدوس السلامالمؤمن وقد علم أنه الله لكن مراده ما معنى كونه قدوسا سلاما مؤمنا ونحوذلك
اذا عرف هذا فالسلف كثيرا ما يعبرون عنالمسمى بعبارة تدل على عينه وان كان فيها من الصفة ما ليس فى الاسم الآخر كمن يقولأحمد هو الحاشر والماحى والعاقب والقدوس هو الغفور والرحيم أى أن المسمى واحد لا انهذه الصفة هى هذه الصفة ومعلوم أن هذا ليس اختلاف تضاد كما يظنه بعض الناس مثال ذلكتفسيرهم للصراط المستقيم
فقال بعضهم هو القرآن أى اتباعه لقول النبىصلى الله عليه وسلم فى حديث على الذى رواه الترمذى ورواه أبو نعيم من طرق متعددة هوحبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وقال بعضهم هو الإسلام لقولهصلى الله عليه وسلم فى حديث النواس بن سمعان الذى رواه الترمذى وغيره ضرب الله مثلاصراطا مستقيما وعلى جنبتى الصراط سوران وفى السورين أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستورمرخاة وداع يدعو من فوق الصراط وداع يدعو على رأس الصراط قال فالصراط المستقيم هوالاسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله والداعى على رأس الصراطكتاب الله والداعى فوق الصراط واعظ الله فى قلب كل مؤمن فهذان القولان متفقان لأندين الاسلام هو اتباع القرآن ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الآخر كما أن لفظصراط يشعر بوصف ثالث وكذلك قول من قال هو السنة والجماعة وقول من قال هو طريقالعبودية وقول من قال هو طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وامثال ذلك فهؤلاءكلهم اشاروا الى ذات واحدة لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها
الصنف الثانى أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود فى عمومه وخصوصه مثل سائل أعجمى سأل عن مسمى لفظ الخبز فأرى رغيفا وقيل له هذا فالاشارة الى نوع هذا لا الى هذا الرغيف وحده مثال ذلك ما نقل فى قوله ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات




 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]

رد مع اقتباس