عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:11 AM   #2
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


حسابه على تلك الأعمال . و ( الثاني : مثل للجهل البسيط وعدم الإيمان والعلم فإن صاحبها في ظلمات بعضها فوق بعض لا يبصر شيئا ؛ فإن البصر إنما هو بنور الإيمان والعلم . قال تعالى : { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } وقال تعالى . { ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه } وهو برهان الإيمان الذي حصل في قلبه فصرف الله به ما كان هم به وكتب له حسنة كاملة ولم يكتب عليه خطيئة إذ فعل خيرا ولم يفعل سيئة . وقال تعالى : { لتخرج الناس من الظلمات إلى النور } وقال : { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات } وقال : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به } . ولهذا ضرب الله للإيمان " مثلين " . مثلا بالماء الذي به الحياة وما يقترن به من الزبد ومثلا بالنار التي بها النور وما يقترن بما يوقد عليه من الزبد . وكذلك ضرب الله للنفاق " مثلين " قال تعالى : { أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال } وقال تعالى في المنافقين : { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون } { صم بكم عمي فهم لا يرجعون } { أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين } { يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير } . فضرب لهم مثلا كالذي أوقد النار كلما أضاءت أطفأها الله والمثل المائي كالمثل النازل من السماء وفيه ظلمات ورعد وبرق يرى . ولبسط الكلام في هذه الأمثال موضع آخر . وإنما المقصود هنا ذكر حياة القلوب وإنارتها وفي الدعاء المأثور { اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا } . و " الربيع " هو المطر الذي ينزل من السماء فينبت به النبات قال النبي صلى الله عليه وسلم { إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم } . والفصل الذي ينزل فيه أول المطر تسميه العرب الربيع لنزول المطر الذي ينبت الربيع فيه وغيرهم يسمي الربيع الفصل الذي يلي الشتاء ؛ فإن فيه تخرج الأزهار التي تخلق منها الثمار وتنبت الأوراق على الأشجار . والقلب الحي المنور ؛ فإنه لما فيه من النور يسمع ويبصر ويعقل والقلب الميت فإنه لا يسمع ولا يبصر . قال تعالى : { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون } وقال تعالى : { ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون } { ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون } وقال تعالى : { ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين } الآيات . فأخبر أنهم لا يفقهون بقلوبهم ولا يسمعون بآذانهم ولا يؤمنون بما رأوه من النار كما أخبر عنهم حيث قالوا : { قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب } . فذكروا الموانع على القلوب ، والسمع والأبصار وأبدانهم حية تسمع الأصوات وترى الأشخاص ؛ لكن حياة البدن بدون حياة القلب من جنس حياة البهائم لها سمع وبصر وهي تأكل وتشرب وتنكح ولهذا قال تعالى : { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء } . فشبههم بالغنم الذي ينعق بها الراعي وهي لا تسمع إلا نداء . كما قال في الآية الأخرى : { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } وقال تعالى : { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل } فطائفة من المفسرين تقول في هذه الآيات وما أشبهها كقوله : { وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه } وأمثالها مما ذكر الله في عيوب الإنسان وذمها فيقول هؤلاء : هذه الآية في الكفار والمراد بالإنسان هنا الكافر فيبقى من يسمع ذلك يظن أنه ليس لمن يظهر الإسلام في هذا الذم والوعيد نصيب ؛ بل يذهب وهمه إلى من كان مظهرا للشرك من العرب أو إلى من يعرفهم من مظهري الكفر كاليهود والنصارى ومشركي الترك والهند . ونحو ذلك فلا ينتفع بهذه الآيات التي أنزلها الله ليهتدي بها عباده . فيقال : - أولا - : المظهرون للإسلام فيهم مؤمن ومنافق والمنافقون كثيرون في كل زمان والمنافقون في الدرك الأسفل من النار . ويقال : " ثانيا " الإنسان قد يكون عنده شعبة من نفاق وكفر وإن كان معه إيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : { أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا عاهد غدر . وإذا خاصم فجر } فأخبر أنه من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق . وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه قال لأبي ذر رضي الله عنه { إنك امرؤ فيك جاهلية } وأبو ذر - رضي الله عنه - من أصدق الناس إيمانا وقال في الحديث الصحيح : { أربع في أمتي من أمر الجاهلية : الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والنياحة والاستسقاء بالنجوم } وقال في الحديث الصحيح { لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . قالوا : اليهود والنصارى قال : فمن } وقال أيضا في الحديث الصحيح : { لتأخذن أمتي ما أخذت الأمم قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع . قالوا : فارس والروم قال : ومن الناس إلا هؤلاء } . وقال ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه وعن علي - أو حذيفة - رضي الله عنهما ما - قال : القلوب " أربعة " . قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وقلب أغلف فذاك قلب الكافر وقلب منكوس . فذاك قلب المنافق وقلب فيه مادتان : مادة تمده الإيمان ومادة تمده النفاق فأولئك قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا . وإذا عرف هذا علم أن كل عبد ينتفع بما ذكر الله في الإيمان من مدح شعب الإيمان وذم شعب الكفر وهذا كما يقول بعضهم في قوله : { اهدنا الصراط المستقيم } . فيقولون المؤمن قد هدي إلى الصراط المستقيم فأي فائدة في طلب الهدى ثم يجيب بعضهم بأن المراد ثبتنا على الهدى كما تقول العرب للنائم : نم حتى آتيك أو يقول بعضهم ألزم قلوبنا الهدى فحذف الملزوم ويقول بعضهم زدني هدى وإنما يوردون هذا السؤال لعدم تصورهم الصراط المستقيم الذي يطلب العبد الهداية إليه ؛ فإن المراد به العمل بما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه في جميع الأمور . والإنسان وإن كان أقر بأن محمدا رسول الله وأن القرآن حق على سبيل الإجمال فأكثر ما يحتاج إليه من العلم بما ينفعه ويضره وما أمر به وما نهى عنه في تفاصيل الأمور وجزئياتها لم يعرفه وما عرفه فكثير منه لم يعمل بعلمه ولو قدر أنه بلغه كل أمر ونهي في القرآن والسنة فالقرآن والسنة إنما تذكر فيهما الأمور العامة الكلية لا يمكن غير ذلك لا تذكر ما يخص به كل عبد ولهذا أمر الإنسان في مثل ذلك بسؤال الهدى إلى الصراط المستقيم . والهدى إلى الصراط المستقيم يتناول هذا كله يتناول التعريف بما جاء به الرسول مفصلا ويتناول التعريف بما يدخل في أوامره الكليات ويتناول إلهام العمل بعلمه فإن مجرد العلم بالحق لا يحصل به الاهتداء إن لم يعمل بعلمه ولهذا قال لنبيه بعد صلح الحديبية : { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما } وقال في حق موسى وهارون : { وآتيناهما الكتاب المستبين } { وهديناهما الصراط المستقيم } والمسلمون قد تنازعوا فيما شاء الله من الأمور الخبرية والعلمية الاعتقادية والعملية مع أنهم كلهم متفقون على أن محمدا حق والقرآن حق فلو حصل لكل منهم الهدى إلى الصراط المستقيم فيما اختلفوا فيه لم يختلفوا ثم الذين علموا ما أمر الله به أكثرهم يعصونه و [ لا ] يحتذون حذوه فلو هدوا إلى الصراط المستقيم في تلك الأعمال لفعلوا ما أمروا به وتركوا ما نهوا عنه والذين هداهم الله من هذه الأمة حتى صاروا من أولياء الله المتقين كان من أعظم أسباب ذلك دعاؤهم الله بهذا الدعاء في كل صلاة مع علمهم بحاجتهم وفاقتهم إلى الله دائما في أن يهديهم الصراط المستقيم . فبدوام هذا الدعاء والافتقار صاروا من أولياء الله المتقين . قال سهل بن عبد الله التستري ليس بين العبد وبين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار وما حصل فيه الهدى في الماضي فهو محتاج إلى حصول الهدى فيه في المستقبل وهذا حقيقة قول من يقول : ثبتنا واهدنا لزوم الصراط . وقول من قال : زدنا هدى يتناول ما تقدم ؛ لكن هذا كله هدى منه في المستقبل إلى الصراط المستقيم ؛ فإن العمل في المستقبل بالعلم لم يحصل بعد ولا يكون مهتديا حتى يعمل في المستقبل بالعلم وقد لا يحصل العلم في المستقبل بل يزول عن القلب وإن حصل فقد لا يحصل العمل فالناس كلهم مضطرون إلى هذا الدعاء ؛ ولهذا فرضه الله عليهم في كل صلاة فليسوا إلى شيء من الدعاء أحوج منهم إليه وإذا حصل الهدى إلى الصراط المستقيم حصل النصر والرزق وسائر ما تطلب النفوس من السعادة والله أعلم .

واعلم أن حياة القلب وحياة غيره ليست مجرد الحس والحركة الإرادية أو مجرد العلم والقدرة كما يظن ذلك طائفة من النظار في علم الله وقدرته كأبي الحسين البصري . قالوا : إن حياته أنه بحيث يعلم ويقدر بل الحياة صفة قائمة بالموصوف وهي شرط في العلم والإرادة والقدرة على الأفعال الاختيارية وهي أيضا مستلزمة لذلك فكل حي له شعور وإرادة وعمل اختياري بقدرة وكل ما له علم وإرادة وعمل اختياري فهو حي . والحياء مشتق من الحياة ؛ فإن القلب الحي يكون صاحبه حيا فيه حياء يمنعه عن القبائح فإن حياة القلب هي المانعة من القبائح التي تفسد القلب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم { الحياء من الإيمان } وقال : { الحياء والعي شعبتان من الإيمان . والبذاء والبيان شعبتان من النفاق } فإن الحي يدفع ما يؤذيه ؛ بخلاف الميت الذي لا حياة فيه [ فإنه ] يسمى وقحا والوقاحة الصلابة وهو اليبس المخالف لرطوبة الحياة فإذا كان وقحا يابسا صليب الوجه لم يكن في قلبه حياة توجب حياءه ، وامتناعه من القبح كالأرض اليابسة لا يؤثر فيها وطء الأقدام بخلاف الأرض الخضرة . ولهذا كان الحي يظهر عليه التأثر بالقبح وله إرادة تمنعه عن فعل القبح بخلاف الوقح الذي ليس بحي فلا حياء معه ولا إيمان يزجره عن ذلك . فالقلب إذا كان حيا فمات الإنسان بفراق روحه بدنه كان موت النفس فراقها للبدن ليست هي في نفسها ميتة بمعنى زوال حياتها عنها . ولهذا قال تعالى : { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء } وقال تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء } مع أنهم موتى داخلون في قوله : { كل نفس ذائقة الموت } وفي قوله : { إنك ميت وإنهم ميتون } وقوله : { وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم } فالموت المثبت غير الموت المنفي . المثبت هو فراق الروح البدن والمنفي زوال الحياة بالجملة عن الروح والبدن . وهذا كما أن النوم أخو الموت فيسمى وفاة ويسمى موتا وإن كانت الحياة موجودة فيهما . قال الله تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى } . وكان { النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه يقول : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور } وفي حديث آخر : { الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا } وإذا أوى إلى فراشه يقول : { اللهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أمسكتها فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين } ويقول : { باسمك اللهم أموت وأحيا }

فصل ومن أمراض القلوب " الحسد " كما قال بعضهم في حده : إنه أذى يلحق بسبب العلم بحسن حال الأغنياء فلا يجوز أن يكون الفاضل حسودا ؛ لأن الفاضل يجري على ما هو الجميل وقد قال طائفة من الناس : إنه تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها بخلاف الغبطة فإنه تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط . والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان : ( أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضا في قلبه ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها ؛ لكن نفعه زوال الألم الذي كان في نفسه ولكن ذلك الألم لم يزل إلا بمباشرة منه وهو راحة وأشده كالمريض الذي عولج بما يسكن وجعه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس