عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:52 AM   #33
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


سواه من ذاته شيء ليس في الخلق إلا الخلق ولا في الذات إلا الخالق . قلت : وهذا ينفي الحلول كما نفاه أولا .
ثم قال : ( فصل ) شهادة التوحيد ووصف توحيد الموقنين فشهادة الموقن يقينه أن الله هو الأول من كل شيء وأقرب من كل شيء فهو المعطي المانع الهادي المضل لا معطي ولا مانع ولا ضار ولا نافع إلا الله كما لا إله إلا الله ويشهد قرب الله منه ونظره إليه وقدرته عليه وحيطته به ; فسبق نظره وهمه إلى الله قبل كل شيء ويذكره في كل شيء ويخلو قلبه له من كل شيء ويرجع إليه بكل شيء ويتأله إليه دون كل شيء ويعلم أن الله أقرب إلى القلب من وريده وأقرب إلى الروح من حياته وأقرب إلى البصر من نظره وأقرب إلى اللسان من ريقه - بقرب هو وصفه لا يتقرب ولا يقرب - وأنه تعالى على العرش في ذلك كله وأنه رفيع الدرجات من الثرى ; كما هو رفيع الدرجات من العرش وأن قربه من الثرى ومن كل شيء كقربه من العرش وأن العرش غير ملاصق له بحس ولا تمكن فيه ولا يذكر فيه بوجس ولا ناظر إليه بعين ولا يحاط به فيدرك لأنه تعالى محتجب بقدرته عن جميع بريته ; ولا نصيب للعرش منه إلا كنصيب موقن عالم به ; واجد لما أوجده منه من أن الله عليه وأن العرش مطمئن به وأن الله محيط بعرشه فوق كل شيء وفوق تحت كل شيء فهو فوق الفوق تحت التحت لا يحد بتحت فيكون له فوق ; لأنه العلي الأعلى . أين كان لا يخلو من علمه وقدرته مكان . ولا يحد بمكان . ولا يفقد من مكان ولا يوجد بمكان ; فالتحت للأسفل والفوق للأعلى وهو سبحانه فوق كل فوق في العلو وفوق كل تحت في السمو : هو فوق ملائكة الثرى كما هو فوق ملائكة العرش والأماكن الممكنات ; ومكانه مشيئته ووجوده قدرته والعرش والثرى فما بينهما : هو حد للخلق الأسفل والأعلى بمنزلة خردلة في قبضته وهو أعلى من ذلك محيط بجميع ذلك كما لا يدركه العقل ولا يكيفه الوهم ولا نهاية لعلوه ولا فوق لسموه ولا بعد في دنوه . إلى أن قال : وإن الله لا يحجبه شيء عن شيء ولا يبعد عليه شيء قريب من كل شيء بوصفه وهو القدرة والدراك والأشياء مبعدة بأوصافها : وهو البعد والحجب فالبعد والإبعاد حكم مشيئته والحدود والأقطار حجب بريته . إلى أن قال : { وهو الله في السماوات وفي الأرض } { ثم استوى على العرش } { وهو معكم أين ما كنتم } غير متصل بالخلق ولا مفارق وغير مماس للكون ولا متباعد بل منفرد بنفسه متوحد بوصفه لا يزدوج إلى شيء ولا يقترن به شيء أقرب من كل شيء بقرب هو وصفه وهو محيط بكل شيء بحيطة هي نعته وهو مع كل شيء وفوق كل شيء وأمام كل شيء ووراء كل شيء ; بعلوه ودنوه وهو قربه ; فهو وراء الحول الذي هو وراء حملة العرش وهو أقرب من حبل الوريد الذي هو الروح وهو مع ذلك فوق كل شيء وهو محيط بكل شيء وليس هو تعالى في هذا مكانا لشيء ولا مكانا له شيء وليس كمثله في كل هذا شيء لا شريك له في ملكه ولا معين له في خلقه ولا نظير له في عباده ولا شبيه له في إيجاده وهو أول في آخريته بأولية هي صفته وآخر في أوليته بآخرية هي نعته وباطن في ظهوره بباطنية هي قربه وظاهر في باطنيته بظهور هو علوه ; لم يزل كذلك أولا ولا يزال كذلك آخرا ولم يزل كذلك باطنا ; ولا يزال كذلك ظاهرا . إلى أن قال : هو على عرشه بإخباره لنفسه ; فالعرش حد خلقه الأعلى وهو غير محدود بعرشه ; والعرش محتاج إلى مكان ; والرب عز وجل غير محتاج إليه ; كما قال تعالى : { الرحمن على العرش استوى } الرحمن اسم والاستواء نعته متصل بذاته والعرش خلقه منفصل عن صفاته ; ليس بمضطر إلى مكان يسعه ولا حامل يحمله . إلى أن قال : وهو لا يسعه غير مشيئته ولا يظهر إلا في أنوار صفته ولا يوجد إلا في سعة البسطة . فإذا قبض أخفى ما أبدى ; وإذا بسط أعاد ما أخفى . وكذلك جعله في كل رسم كون ; وفعله بكل اسم مكان ; ومما جل فظهر ومما دق فاستتر . لا يسعه غير مشيئته بقربه . ولا يعرف إلا بشهوده . ولا يرى إلا بنوره ; هذا لأوليائه اليوم بالغيب في القلوب ولهم ذلك عند المشاهدة بالأبصار ولا يعرف إلا بمشيئته إن شاء وسعه أدنى شيء وإن لم يشأ لم يسعه كل شيء . إن أراد عرفه كل شيء وإن لم يرد لم يعرفه شيء إن أحب وجد عند كل شيء . وإن لم يحب لم يوجد بشيء . وذكر تمام كلامه كما حكيناه من قبل . قلت : وهذا الذي ذكره من قربه وإطلاقه وأنه لا يتجلى بوصف مرتين ولا يظهر في صورة لاثنين هو حكم ما يظهر لبعض السالكين من قربه إلى قلوبهم وتجليه لقلوبهم - لا أن هذا هو وصفه في نفس الأمر وأنه كما تحصل هذه التجليات المختلفة تحصل يوم القيامة للعيون - . وهذا الموضع مما يقع الغلط فيه لكثير من السالكين ; يشهدون أشياء بقلوبهم فيظنون أنها موجودة في الخارج هكذا حتى إن فيهم خلقا منهم من المتقدمين والمتأخرين يظنون أنهم يرون الله بعيونهم ; لما يغلب على قلوبهم من المعرفة والذكر والمحبة يغيب بشهوده فيما حصل لقلوبهم ويحصل لهم فناء واصطلام فيظنون أن هذا هو أمر مشهود بعيونهم ولا يكون ذلك إلا في القلب ولهذا ظن كثير منهم أنه يرى الله بعينه في الدنيا .
وهذا مما وقع لجماعة من المتقدمين والمتأخرين وهو غلط محض حتى أورث مما يدعيه هؤلاء شكا عند أهل النظر والكلام الذين يجوزون رؤية الله في الجملة وليس لهم من المعرفة بالسنة ما يعرفون به هل يقع في الدنيا أو لا يقع ؟ فمنهم من يذكر في وقوعها في الدنيا قولين ومنهم من يقول يجوز ذلك . وهذا كله ضلال فإن أئمة السنة والجماعة متفقون على أن الله لا يراه أحد بعينه في الدنيا ولم يتنازعوا إلا في نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة . وقد روي نفي رؤيتنا له في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدة أوجه : منها ما رواه مسلم في " صحيحه { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما ذكر الدجال قال : واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت } وموسى بن عمران عليه السلام قد سأل الرؤية فذكر الله سبحانه قوله : { لن تراني } وما أصاب موسى من الصعق . وهؤلاء : منهم من يقول : إن موسى رآه وإن الجبل كان حجابه فلما جعل الجبل دكا رآه وهذا يوجد في كلام أبي طالب ونحوه . ومنهم من يجعل الرائي هو المرئي ; فهو الله فيذكرون اتحادا وأنه أفنى موسى عن نفسه حتى كان الرائي هو المرئي فما رآه عندهم موسى بل رأى نفسه بنفسه وهذا يدعونه لأنفسهم . والاتحاد والحلول باطل . وعلى قول من يقول به إنما هذا في الباطن والقلب ; لا في الظاهر ; فإن غاية ذلك ما تقوله النصارى في المسيح ولم يقولوا إن أحدا رأى اللاهوت الباطن المتدرع بالناسوت . وهذا الغلط يقع كثيرا في السالكين . يقع لهم أشياء في بواطنهم فيظنونها في الخارج ; في ذلك بمنزلة الغالطين من نظار المتفلسفة ونحوهم ; حيث يتصورون أشياء بعقولهم كالكليات والمجردات ونحو ذلك



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس