عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:52 AM   #34
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فيظنونها ثابتة في الخارج وإنما هي في نفوسهم ; ولهذا يقول أبو القاسم السهيلي وغيره : نعوذ بالله من قياس فلسفي وخيال صوفي . ولهذا يوجد التناقض الكثير في كلام هؤلاء وهؤلاء . وأما الذين جمعوا الآراء الفلسفية الفاسدة والخيالات الصوفية الكاسدة كابن عربي وأمثاله ; فهم من أضل أهل الأرض . ولهذا كان الجنيد رضي الله عنه سيد الطائفة إمام هدى فكان قد عرف ما يعرض لبعض السالكين فلما سئل عن التوحيد قال : التوحيد إفراد الحدوث عن القدم . فبين أنه يميز المحدث عن القديم تحذيرا عن الحلول والاتحاد . فجاءت الملاحدة كابن عربي ونحوه فأنكروا هذا الكلام على الجنيد ; لأنه يبطل مذهبهم الفاسد . والجنيد وأمثاله أئمة هدى ومن خالفه في ذلك فهو ضال . وكذلك غير الجنيد من الشيوخ تكلموا فيما يعرض للسالكين وفيما يرونه في قلوبهم من الأنوار وغير ذلك ; وحذروهم أن يظنوا أن ذلك هو ذات الله تعالى . وقد خطب عروة بن الزبير من عبد الله بن عمر ابنته وهو في الطواف ; فقال : أتحدثني في النساء ونحن نتراءى الله في طوافنا فهذا كله وما أشبهه لم يريدوا به أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله حتى تكافح الروح ذات الله كما يرى هو نفسه ; فإن هذا لا يمكن لأحد في الدنيا ومن جوز ذلك إنما جوزه للنبي صلى الله عليه وسلم كقول ابن عباس : رأى محمد ربه بفؤاده مرتين ولكن هذا التجلي يحصل بوسائط بحسب إيمان العبد ومعرفته وحبه ; ولهذا تتنوع أحوال الناس في ذلك كما تتنوع رؤيتهم لله تعالى في المنام فيراه كل إنسان بحسب إيمانه ويرى في صور متنوعة . فهذا الذي قاله أبو طالب وهؤلاء : إذا قيل مثله فيما يحصل في القلوب كان مقاربا مع أن في بعض ذلك نظرا . وإما أن يقال : إن الرب تعالى في نفسه هو كذلك فليس الأمر كذلك .
أما قوله : أقرب إلى الروح من حياته وأقرب إلى البصر من نظره وإلى اللسان من ريقه بقرب هو وصفه . . . وقوله : أقرب من حبل الوريد . . . فهذا ليس في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قاله أحد من السلف : لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ولا الأئمة الأربعة وأمثالهم من أئمة المسلمين ولا الشيوخ المقتدى بهم من شيوخ المعرفة والتصوف . وليس في القرآن وصف الرب تعالى بالقرب من كل شيء أصلا بل قربه الذي في القرآن خاص لا عام ; كقوله تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } فهو سبحانه قريب ممن دعاه . وكذلك ما في " الصحيحين " { عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير ; فقال : يا أيها الناس ; اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته } فقال : " إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم " لم يقل إنه قريب إلى كل موجود وكذلك قول صالح عليه السلام { فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب } هو كقول شعيب { واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود } ومعلوم أن قوله { قريب مجيب } مقرون بالتوبة والاستغفار أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه كما أنه رحيم ودود بهم وقد قرن القريب بالمجيب . ومعلوم أنه لا يقال إنه مجيب لكل موجود وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه فكذلك قربه سبحانه وتعالى . وأسماء الله المطلقة كاسمه : السميع والبصير والغفور والشكور والمجيب والقريب لا يجب أن تتعلق بكل موجود ; بل يتعلق كل اسم بما يناسبه واسمه العليم لما كان كل شيء يصلح أن يكون معلوما تعلق بكل شيء . وأما قوله تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } وقوله : { فلولا إذا بلغت الحلقوم } { وأنتم حينئذ تنظرون } { ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون } ; فالمراد به قربه إليه بالملائكة وهذا هو المعروف عن المفسرين المتقدمين من السلف قالوا : ملك الموت أدنى إليه من أهله ولكن لا تبصرون الملائكة وقد قال طائفة : { ونحن أقرب إليه } بالعلم وقال بعضهم : بالعلم والقدرة ولفظ بعضهم بالقدرة والرؤية . وهذه الأقوال ضعيفة فإنه ليس في الكتاب والسنة وصفه بقرب عام من كل موجود حتى يحتاجوا أن يقولوا بالعلم والقدرة والرؤية ; ولكن بعض الناس لما ظنوا أنه يوصف بالقرب من كل شيء تأولوا ذلك بأنه عالم بكل شيء قادر على كل شيء . وكأنهم ظنوا أن لفظ " القرب " مثل لفظ " المعية " فإن لفظ المعية في سورة الحديد والمجادلة في قوله تعالى : { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير } وقوله تعالى : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة } . وقد ثبت عن السلف أنهم قالوا : هو معهم بعلمه . وقد ذكر ابن عبد البر وغيره أن هذا إجماع من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولم يخالفهم فيه أحد يعتد بقوله وهو مأثور عن ابن عباس والضحاك ومقاتل بن حيان وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وغيرهم . قال ابن أبي حاتم في " تفسيره " حدثنا أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن معمر عن نوح بن ميمون المضروب عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : { وهو معكم أين ما كنتم } قال هو على العرش وعلمه معهم . قال : وروي عن سفيان الثوري أنه قال : علمه معهم . وقال : حدثنا أبي قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا نوح بن ميمون المضروب ثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم ; في قوله : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } إلى قوله { أين ما كانوا } قال : هو على العرش وعلمه معهم . ورواه بإسناد آخر عن مقاتل بن حيان هذا وهو ثقة في التفسير ليس بمجروح كما جرح مقاتل بن سليمان . وقال عبد الله بن أحمد : ثنا أبي ثنا نوح بن ميمون المضروب عن بكير بن معروف ثنا أبو معاوية عن مقاتل بن حيان عن الضحاك في قوله تعالى : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا } قال : هو على العرش وعلمه معهم . وقال علي بن الحسن بن شقيق : حدثنا عبد الله بن موسى صاحب عبادة ثنا معدان - قال ابن المبارك : إن كان أحد بخراسان من الأبدال فمعدان - قال : سألت سفيان الثوري عن قوله { وهو معكم أين ما كنتم } ; قال : علمه . وقال حنبل بن إسحاق في كتاب " السنة " : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : ما معنى قوله تعالى { وهو معكم أين ما كنتم } و { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } إلى قوله تعالى { إلا هو معهم أين ما كانوا } قال : علمه عالم الغيب والشهادة محيط بكل شيء شاهد . علام



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس