عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:55 AM   #37
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } وقال تعالى : { حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون } وقال تعالى : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون } . ومما يدل على ذلك أنه ذكره بصيغة الجمع فقال : { ونحن أقرب إليه منكم } { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } وهذا كقوله سبحانه { نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون } وقال { نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن } وقال : { إن علينا جمعه وقرآنه } { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } { ثم إن علينا بيانه } . فإن مثل هذا اللفظ إذا ذكره الله تعالى في كتابه دل على أن المراد أنه سبحانه يفعل ذلك بجنوده وأعوانه من الملائكة ; فإن صيغة نحن يقولها المتبوع المطاع العظيم الذي له جنود يتبعون أمره وليس لأحد جند يطيعونه كطاعة الملائكة ربهم وهو خالقهم وربهم فهو سبحانه العالم بما توسوس به نفسه وملائكته تعلم ; فكان لفظ نحن هنا هو المناسب . وكذلك قوله : { ونعلم ما توسوس به نفسه } فإنه سبحانه يعلم ذلك وملائكته يعلمون ذلك كما ثبت في " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا هم العبد بحسنة كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر حسنات . وإذا هم بسيئة لم تكتب عليه فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة وإن تركها لله كتبت حسنة } . فالملك يعلم ما يهم به العبد من حسنة وسيئة وليس ذلك من علمهم بالغيب الذي اختص الله به وقد روي عن ابن عيينة أنهم يشمون رائحة طيبة فيعلمون أنه هم بحسنة ويشمون رائحة خبيثة فيعلمون أنه هم بسيئة وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه ; بل الشيطان يلتقم قلبه فإذا ذكر الله خنس وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ; ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له . وقد ثبت في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها : { أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم } . وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا . وإما أن تكون ذات الرب في قلب كل أحد كافر أو مؤمن فهذا باطل لم يقله أحد من سلف الأمة ولا نطق به كتاب ولا سنة بل الكتاب والسنة وإجماع السلف مع العقل يناقض ذلك . ولهذا لما ذكر الله سبحانه قربه من داعيه وعابديه قال : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } فهنا هو نفسه سبحانه وتعالى القريب الذي يجيب دعوة الداع لا الملائكة ; وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته : { إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته } . وذلك لأن الله سبحانه قريب من قلب الداعي فهو أقرب إليه من عنق راحلته . وقربه من قلب الداعي له معنى متفق عليه بين أهل الإثبات الذين يقولون : إن الله فوق العرش ومعنى آخر فيه نزاع . فالمعنى المتفق عليه عندهم يكون بتقريبه قلب الداعي إليه كما يقرب إليه قلب الساجد ; كما ثبت في " الصحيح " : { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد } فالساجد يقرب الرب إليه فيدنو قلبه من ربه وإن كان بدنه على الأرض . ومتى قرب أحد الشيئين من الآخر صار الآخر إليه قريبا بالضرورة . وإن قدر أنه لم يصدر من الآخر تحرك بذاته كما أن من قرب من مكة قربت مكة منه . وقد وصف الله أنه يقرب إليه من يقربه من الملائكة والبشر فقال : { لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون } وقال : { والسابقون السابقون } { أولئك المقربون } وقال تعالى : { فأما إن كان من المقربين } { فروح وريحان وجنة نعيم } وقال تعالى : { عينا يشرب بها المقربون } وقال : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب } وقال : { وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا } .
وأما قرب الرب قربا يقوم به بفعله القائم بنفسه فهذا تنفيه الكلابية ومن يمنع قيام الأفعال الاختيارية بذاته . وأما السلف وأئمة الحديث والسنة فلا يمنعون ذلك وكذلك كثير من أهل الكلام . فنزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا ونزوله عشية عرفة ونحو ذلك هو من هذا الباب ; ولهذا حد النزول بأنه إلى السماء الدنيا وكذلك تكليمه لموسى عليه السلام ; فإنه لو أريد مجرد تقريب الحجاج وقوام الليل إليه لم يخص نزوله بسماء الدنيا كما لم يخص ذلك في إجابة الداعي وقرب العابدين له قال تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } . وقال : { من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا } وهذه الزيادة تكون على الوجه المتفق عليه بزيادة تقريبه للعبد إليه جزاء على تقربه باختياره . فكلما تقرب العبد باختياره قدر شبر زاده الرب قربا إليه حتى يكون كالمتقرب بذراع . فكذلك قرب الرب من قلب العابد وهو ما يحصل في قلب العبد من معرفة الرب والإيمان به وهو المثل الأعلى ; وهذا أيضا لا نزاع فيه ; وذلك أن العبد يصير محبا لما أحب الرب مبغضا لما أبغض مواليا لمن يوالي ; معاديا لمن يعادي ; فيتحد مراده مع المراد المأمور به الذي يحبه الله ويرضاه . وهذا مما يدخل في موالاة العبد لربه وموالاة الرب لعبده . فإن الولاية ضد العداوة و " الولاية " تتضمن المحبة والموافقة و " العداوة " تتضمن البغض والمخالفة . وقد ثبت في " صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ; فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ; ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن : يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه } . فأخبر سبحانه وتعالى أنه يقرب العبد بالفرائض ولا يزال يتقرب بالنوافل حتى يحبه الله فيصير العبد محبوبا لله كما قال تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } وقال تعالى : { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } وقال تعالى : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } وقال تعالى : { فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين } وقال : { فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين } وقال تعالى : { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } وقال تعالى : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص } وقال تعالى : { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } وقال تعالى : { وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين } . فقد أخبر أنه يحب المتبعين لرسوله والمجاهدين في سبيله وأنه يحب المتقين والصابرين والتوابين والمتطهرين وهو سبحانه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس