عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:56 AM   #39
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


مسعود - وهو مريض - فقال : كيف تجدك ؟ قال أجدني مردودا إلى الله مولاي الحق . قال تعالى : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } { يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين } وقد أقروا بوجوده في الدنيا لكن في ذلك اليوم يعلمون أنه الحق المبين دون ما سواه ; ولهذا قال : { هو الحق } بصيغة الحصر فإنه يومئذ لا يبقى أحد يدعي فيه الإلهية ولا أحد يشرك بربه أحدا .
فصل وإذا عرف تنزيه الرب عن صفات النقص مطلقا فلا يوصف بالسفول ولا علو شيء عليه بوجه من الوجوه بل هو العلي الأعلى الذي لا يكون إلا أعلى وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ليس كمثله شيء فيما يوصف به من الأفعال اللازمة والمتعدية لا النزول ولا الاستواء ولا غير ذلك ; فيجب مع ذلك إثبات ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله والأدلة العقلية الصحيحة توافق ذلك لا تناقضه ; ولكن السمع والعقل يناقضان البدع المخالفة للكتاب والسنة والسلف ; بل الصحابة والتابعون لهم بإحسان كانوا يقرون أفعاله من الاستواء والنزول وغيرهما على ما هي عليه . قال أبو محمد بن أبي حاتم في " تفسيره " ثنا عصام بن الرواد ثنا آدم ثنا أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية { ثم استوى إلى السماء } يقول : ارتفع . قال : وروي عن الحسن يعني البصري والربيع بن أنس مثله كذلك . وذكر البخاري في " صحيحه " في " كتاب التوحيد " قال : قال أبو العالية : { استوى إلى السماء } ارتفع فسوى خلقهن . وقال مجاهد : { استوى على العرش } علا على العرش . وكذلك ذكر ابن أبي حاتم في " تفسيره " في قوله : { ثم استوى على العرش } وروي بهذا الإسناد عن أبي العالية وعن الحسن وعن الربيع مثل قول أبي العالية . وروي بإسناده { ثم استوى على العرش } قال : في اليوم السابع . وقال أبو عمرو الطلمنكي : وأجمعوا - يعني أهل السنة والجماعة - على أن لله عرشا وعلى أنه مستو على عرشه وعلمه وقدرته وتدبيره بكل ما خلقه قال : فأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى : { وهو معكم أين ما كنتم } ونحو ذلك في القرآن أن ذلك علمه وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء . قال : وقال أهل السنة في قوله : { الرحمن على العرش استوى } الاستواء من الله على عرشه المجيد على الحقيقة لا على المجاز واستدلوا بقول الله : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } وبقوله : { لتستووا على ظهوره } وبقوله : { واستوت على الجودي } . إلا أن المتكلمين من أهل الإثبات في هذا على أقوال : فقال مالك رحمه الله : إن الاستواء معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة . وقال عبد الله بن المبارك ومن تابعه من أهل العلم وهم كثير : إن معنى استوى على العرش : استقر وهو قول القتيبي وقال غير هؤلاء : استوى أي ظهر . وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى : استوى بمعنى علا وتقول العرب : استويت على ظهر الفرس بمعنى علوت عليه واستويت على سقف البيت بمعنى علوت عليه ويقال : استويت على السطح بمعناه وقال الله تعالى : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } وقال : { لتستووا على ظهوره } وقال { واستوت على الجودي } وقال : { استوى على العرش } بمعنى علا على العرش . وقول الحسن : وقول مالك من أنبل جواب وقع في هذه المسألة وأشده استيعابا لأن فيه نبذ التكييف وإثبات الاستواء المعقول وقد ائتم أهل العلم بقوله واستجودوه واستحسنوه . ثم تكلم على فساد قول من تأول استوى بمعنى استولى . وقال الثعلبي وقال الكلبي ومقاتل : { ثم استوى على العرش } يعني استقر قال وقال أبو عبيدة ; صعد . وقيل استولى . وقيل : ملك . واختار هو ما حكاه عن الفراء وجماعة أن معناه أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه قال : ويدل عليه قوله : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان } أي عمد إلى خلق السماء . وهذا الوجه من أضعف الوجوه ; فإنه قد أخبر أن العرش كان على الماء قبل خلق السموات والأرض وكذلك ثبت في " صحيح البخاري " عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض } . فإذا كان العرش مخلوقا قبل خلق السموات والأرض فكيف يكون استواؤه عمده إلى خلقه له ؟ لو كان هذا يعرف في اللغة : أن استوى على كذا بمعنى أنه عمد إلى فعله وهذا لا يعرف قط في اللغة لا حقيقة ولا مجازا لا في نظم ولا في نثر . ومن قال : استوى بمعنى عمد : ذكره في قوله : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان } لأنه عدي بحرف الغاية كما يقال : عمدت إلى كذا وقصدت إلى كذا ولا يقال : عمدت على كذا ولا قصدت عليه مع أن ما ذكر في تلك الآية لا يعرف في اللغة أيضا ولا هو قول أحد من مفسري السلف ; بل المفسرون من السلف قولهم بخلاف ذلك كما قدمناه عن بعضهم . وإنما هذا القول وأمثاله ابتدع في الإسلام لما ظهر إنكار أفعال الرب التي تقوم به ويفعلها بقدرته ومشيئته واختياره ; فحينئذ صار يفسر القرآن من يفسره بما ينافي ذلك كما يفسر سائر أهل البدع القرآن على ما يوافق أقاويلهم . وأما أن ينقل هذا التفسير عن أحد من السلف فلا بل أقوال السلف الثابتة عنهم متفقة في هذا الباب ; لا يعرف لهم فيه قولان ; كما قد يختلفون أحيانا في بعض الآيات . وإن اختلفت عباراتهم فمقصودهم واحد وهو إثبات علو الله على العرش . فإن قيل إذا كان الله لا يزال عاليا على المخلوقات كما تقدم فكيف يقال : ثم ارتفع إلى السماء وهي دخان ؟ أو يقال : ثم علا على العرش ؟ قيل : هذا كما أخبر أنه ينزل إلى السماء الدنيا ثم يصعد وروي " ثم يعرج " هو سبحانه لم يزل فوق العرش فإن صعوده من جنس نزوله . وإذا كان في نزوله لم يصر شيء من المخلوقات فوقه ; فهو سبحانه يصعد وإن لم يكن منها شيء فوقه . وقوله : { ثم استوى إلى السماء } إنما فسروه بأنه ارتفع لأنه قال قبل هذا ; { أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين } { وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين } { ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين } { فقضاهن سبع سماوات في يومين } وهذه نزلت في سورة ( حم ) بمكة . ثم أنزل الله في المدينة سورة البقرة { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم } فلما ذكر أن استواءه إلى السماء كان بعد أن خلق الأرض وخلق ما فيها ; تضمن معنى الصعود لأن السماء فوق الأرض فالاستواء إليها ارتفاع إليها . فإن قيل : فإذا كان إنما استوى على العرش بعد أن خلق السموات والأرض في ستة أيام فقبل ذلك لم يكن على العرش ؟ قيل



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس