مدلول لفظ (جن ) في معاجم اللغه يدور حول الستر والشدة والهيمنة ولا يراد به الكائن المسمى: الجن, وعلى الرغم من ذلك يكاد ينحصر مدلول هذه الكلمة عند العوام والعلماء! في المخلوق الناري . ويستطيع اي كان ان يبحث بسهوله في المعاجم على الشبكه وسيرى ان لفظة جن كما ورد في معجم لسان العرب وغيره انها (نعت يصدق على ما يوافق مدلوله, فالشياطين تُنعت بأنها جن , والملائكة كذلك تُنعت بأنها جن, والبشر ينعتون بأنهم جن وانس .)
الآية الكريمه:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً [الكهف : 50]
والتي يستدل بها المستدلون على أن إبليس لم يكن من الملائكة
المشتهر عن إبليس أنه أبو الجن/الشياطين, وهناك من يقول أنه كان واحداً منهم! وهذان القولان يوجدان إشكالين كبيرين:
فإذا قلنا أن إبليس هو أبو الشياطين, فإن الآية تقول: "كان من الجن" وهذا يعني أن هناك غيره, فكيف يكون أصلهم؟!
وإذا قلنا أنه كان من الجن فلماذا خوطب مع الملائكة؟! هناك من يقول أنه اجتهد في العبادة حتى التحق بهم وأصبح معهم!
ولكن هذه الأقوال لا دليل عليها, فلم يُذكر هذا في موضع واحد من المواضع الكثيرة التي جاءت فيها القصة, وإبليس نفسه لم يحتج أنه غير مخاطب بالأمر, وإنما قال أنه أفضل منه!!
فإذا قال قائل أن هذه الآية دليل على أنه لم يكن من الملائكة, فلقد قالت أنه من الجن!
نقول: لاحظ ودقق أن الآية لم تقل: "إلا إبليس من الجن" وإنما قالت: "إلا إبليس كان من الجن" ورتبت على ذلك فسقه عن أمر ربه!
والعجب كل العجب أن بعض المفسرين جعل "كان" بمعنى "صار" أي أنه أصبح شيطانا بعد المعصية! ومنهم من ألغاها بتاتا فجعلها كأن لم تكن, كأن الآية "إبليس من الجن"!! مع أن الآية تقول أنه "كان من الجن" أي أن هذا كان السبب, كما أنه لم يعد كذلك الآن!

أما نحن فنقول أن إبليس كان واحدا من كبار الملائكة البارزين, فلما خوطبت الملائكة بالأمر أبى واستكبر, فلم يعد كذلك وطُرد وأصبح شيطانا!
ونقدم للقارئ مثالين, الأول مشابه لما يقولون به من أن إبليس لم يكن من الملائكة, ويظهر أن الكلام على قولهم غير مترابط, والثاني يبين كيف أن قولنا يلغي كل الإشكاليات المتعلقة بالآية:

"قلت للموظفين اكتبوا الملفات فكتبوا إلافلانا -كان من البائعين- فلم يكتب!"
(فلان غير مخاطب بالأمر أصلا, وعند توجيه الأمر للموظفين كان بائعا, أما الآن فلم يعد كذلك! –بدليل استعمالي: "كان", ولو أنه لا يزال حتى الآن بائعا لقلت: إلا فلان البائع, ولا حاجة لقولي: "كان"!)

"قلت للموظفين اكتبوا الملفات فكتبوا إلا فلانا –كان من المديرين- فلم يكتب"
(فالكلام هنا مترابط, فلقد خاطبت حشدا من العاملين تحتي بأمر, فنفذوا إلا فلانا, استكبر أن يكتب لأنه كان مديرا –ولذلك طردته فلم يعد الآن كذلك-)
فكما رأينا فقولنا بأن المراد من الجن هو "القادة الكبار" قد ألغى جميع الإشكاليات, فهو كان ملكا, لذلك خوطب بالأمر, ولأنه كان قائدا بارزا استكبر, فلم يعد كذلك!