زارهم الراقي وأخذ يلم جوانب الحالة لدراستها ، وبالفعل بدأت الرقية على الزوجة ، وفي الأسبوع الأول وقعت أمورٌ غريبة في المنزل :
كالروائح الكريهة جدًا _ مع العلم أن المنزل كان معطرًا بالكامل _ وأصوات مزعجة ،
والعجيب إذا اتُجِه نحو الصوت لا يوجد أحد !!
استمرت الرقية في الأسبوع الثاني والآلام ظاهرة على الزوجة ، وهنا حصل أمرًا يكاد العقل أن يرفضه ، والعين أن تكذبه ، لو لا أنها رأته أمامها ،
إنها نارًا اشتعلتْ من وسط الجدار وسارتْ نحو الستارة فأحرقتها حتى سقطتْ محترقة !!
تكرر الفعل مرتين أو ثلاثة ، شاهد ذلك الراقي والزوج .
ومع كلُّ هذا كانت الزوجة على حالتها لم يتغير شيئًا تقريباً ..
وفي آخر الأسبوع الثالث وفي آخر ساعة من عصر يوم الجمعة ، وبعد الاستمرار بالرقية قرابة الساعتين ، ومع الإلحاح في الدعاء أذن الله تبارك تعالى لتنكشف حالة المرأة ، ولتنصرع وليتخبط الجان ، ولقد كانت محاولة الهروب أكثر من مرة ، استمر الراقي بالرقية بعد المغرب، وكذا بعد العشاء وحتى الساعة الحادية عشر ليلاً .
نعم لقد وجدها الراقي فرصة ثمينة للمسك بطرف الخيط الذي من ورائه يعرف بإذن الله سر حالة هذه المرأة المسكينة .
استمرت الرقية من الغد ، واستمرت آيات الوعظ وآيات الحرق والعذاب ، وآيات السحر وإبطاله ، ويالله لقد ظهرت إرهاصات توحي بأن الحالة سحر لا محالة !
ازدادت الحالة يومًا بعد يوم سوءًا ، حتى أن الزوج هَمَّ بأن يوقف الرقية من شدة ما تعاني منه الزوجة من الآلام والتعب ، ولكن الراقي أصرّ على المواصلة لاسيّما وقد بدت بوادر الفلاح تلوح ، ورأى رايات النصر قادمة ، طمأن الراقي الزوج وأخبره بأن المسألة بحاجة ماسة إلى صبر ، فالحالة لها سنوات ، والعلاج لن يكون بيوم وليلة ، ولكن شيئًا من الصبر ، " ومن يتصبّر يصبره الله " استمرت الرقية ، وزاد التعب ، وشيئًا فشيئًا حتى جاء ذلك اليوم الذي انتظره الراقي بلهفٍ شديد ؛ نعم لقد بدأت الحرب بين الراقي والشيطان _ خادم السحر وبدأت الصولات ودارت الجولات ، بدأت الموعظة ، ومن ثَم التهديد والوعيد تارة ، والضرب _ المنضبط الحذر _ تارة آخرى .
كانت المناقشات والحوارت شديدة ، حتى أتى ذلك اليوم ليحسم الأمر مع الجان علىأن يخرج السحر في اقل مدة وجيزة ، فاستجاب ، وبدأ يُخرج شيئًا فشيئًا من السحر ، وكان الراقي في كل جلسة يعرض عليه الحكمة من خلقة ، وما المصلحة العائدة عليه من جرّاء فعله مع السحرة ، إلى أن عُرِض َعليه الإسلام ، وبعد شبهات وأمنيات بُيِّنَ عَوَرُها لخادم السحر ، لان جانبه ودخل في الإسلام ، وأخرج السحر خلال بضعة أيام ، وطلب من الزوج أن يحلله ؛ لأنه كان جاهلاً ومخدوعًا ومهددًا في نفس الوقت من السحرة ومردتهم ، وطلب من الزوجة المسامحة والغفران ، بكى واستغفر واعتذر عما بدر منه .
أخذ الراقي عليه العهد وخرج ولله الحمد المنة أولاً وآخرًا .
بدأت حالة المرأة تتحسن شيئاً فشيئًا ، ولم يكد ينتهي شهر شوال إلا وانتهت حالتها ، ولقد استمر الراقي يرقيها شهرًا كاملاً ولله الحمد والمنة وما بها من قَلَبَة ، فرجعت إلى بيتها وإلى العناية به ، وإلى زوجها ولفلذات كبدها ، ودبَّت السعادة من جديد ، فقرت عين الزوج بزوجته ، وحمد الله _ عز وجل _ على ما منَّ به على زوجته بالشفاء .
فلله الحمد من قبل ومن بعد وله الفضل وحده .
لقد كان كل ذلك بسبب صفعة على وجه الخادمة ، بعد أن أفسدت ملابس أطفالها أثناء غسلها ؛ فكانت هذه الصفعة وكان هذا السحر .