في زحام الأعوام .. يمضي عام تلو عام .. وفي كل عام انجازات .. تأملات وطموحات .. دموع وإبتسامات .. نطوي اليوم الى يوم جديد .. ونطوي الاسبوع الى اسبوع جديد .. ونطوي الشهر الى شهر جديد .. والعام الى عام جديد .. ولكن هل سألنا انفسنا ماذا فعلنا باليوم والاسبوع والشهر والعام الفقيد ..!؟ .. او بعبارة أخرى ماذا كان حالنا مع الله .. كيف نستعد للقاء الله .. ماذا جهزنا من الزاد .. وهل اعددنا الجواب لأسئلة القبر ..


نقل عن الحسن البصري , في عبارته الواعية البليغة : (مامن يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم , أنا خلق جديد , وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا قضيت لا أعود إلى يوم القيامة)

.. نحن أيها الأخوة في هذه الأيام .. نودع شمس عام كامل .. قد سُجل علينا كل حرف نطقناه .. وكل شيء اعلنّاه واخفيناه .. نودّع اعمالنا في ذلك العام .. ولا نستطيع ان نتطلب إعادة التصحيح او النظر في الأمر .. ودعنا محرم وودعنا شعبان .. تلاه رمضان وشوال .. ونحن الآن نودع ذي الحجة .. ترى ماذا كانت أعمالنا .. وهل اعددنا الزاد للقاء رب العباد ..


كل شمس يوم جديد تشرق اخواني ما هي إلا أذان من الله لنا بتصحيح أعمالنا فها هي الفرصة تتجدد والروح تعود مرة اخرى فالله تعالى يخبرنا بأنه لا يريدنا ان نأتيه بمعاصي وذنوب اليوم السابق فالله تعالى بنا رؤوف رحيم تواب حليم فالمسلم عندما يستيقظ يحمد الله على ان أعاد له روحه في جسده وأذن له بذكره مرة أخرى .. ولكن العكس ما يحدث فالإنسان يستيقظ من نومه كل همه وفكره ألا يتأخر عن المدرسة او الجامعة او العمل .. وان يستطيع ان ينجز العديد من الأعمال الدنيوية .. ربما قد تكون فاتته صلاة الفجر ولم يفكر بقضائها .. لأن الدنيا قد سيطرت على كل فكره وهمه وقلبه يريد ان يكتسب المال ولا ينظر كيف يأتيه هل من حلال ام حرام لا ينظر الى ما يفعله هل يرضى الله ام يغضبه يصلي صلاة كلها سهو .. نعم لأنا الدنيا ايضا لم تتركه حتى في أداء عبادته .. سيطرت على كل جوانحه وعلى كل ساكن ومتحرك منه .. ياله من مسكين لأنه لم يعلم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث " من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه و جمع له شمله و أتته الدنيا وهي راغمة ، و من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه و فرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له "

.فلماذا نضيع وقتنا فيما لا يفيد .. كل ما علينا ان نبقى مع الله وسيتكفل هو بتصريف امورنا وتفريج همومنا .. أليس هو من خلقنا وأوجدنا من عدم .. اليس هو من أطعمنا ونحن في بطون امهاتنا .. أليس هو ربُنا ..!؟





اخواني في الله .. حاسبو انفسكم قبل ان تحاسبوا .. بعد ان ودعنا هذا العام من يدري اننا سنعيش حتى ندخل في عام آخر .. من يدري ان الفرصة ستعود مرة اخرى .. الفرصة التي اهملناها واضعناها كثيرا .. هل ستعود وهل ستتجدد أنفاسنا ماذا لو أتانا الموت قبل ان نتوب .. ماذا سيحدث إذا لقينا الله بذنوب العام الماضي .. ماذا سيكون مصيرنا اذا توفانا الله على غفلتنا هذه .. علينا اخواني واخواتي ان نبادر بالتوبة الى الله .. والإنابة والرجوع له قبل ان يأتي الطوفان وقبل ان تمر أيام الزمان .. قبل ان يقول الله تعالى لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد .. قبل ان نمشي على الصراط .. قبل ان يقرر المصير بين الجنة والنار



ما مضى لا يمكن ان يعود .. ولكن يمكن المبادرة بالتوبة والإستغفار لتطهير ما فات .. لتطهير صفحة قد لوثناها قبل ان يغلق الكتاب .. ويفتح كتاب آخر .. فما نملك الآن غير ان نندم ونستغفر الله على ما فات ونطلب منه العفو والغفرآن .. وان ندعوه إن كان قد كتب لنا عمر آخر وحياة جديدة ان يرزقنا حسن العمل فيما تبقى من هذا العام الفقيد وان يكون عامنا الجديد هو عام فتح وخير واستقامة لأنفسنا وللأمة الإسلامية جمعا ..
أسأل الله العلي القدير ان يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ويزيدنا علما ..
جزا الله قارئها وناشرها والعامل به كل خير ..

كل لذة دون الجنة فانيـــــة