عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:41 AM   #19
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


يقول : من يدعو الله فيستجيب له ؟ من يسأله فيعطيه ؟ من يستغفره فيغفر له ؟ كما ثبت في " الصحيحين " " وموطأ مالك و " مسند أحمد بن حنبل " وغير ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا أحب الله العبد نادى في السماء يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه ; فيحبه جبريل ; ثم ينادي جبريل : إن الله يحب فلانا فأحبوه ; فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض } وقال في البغض مثل ذلك . فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين نداء الله ونداء جبريل فقال في نداء الله : { يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه } وقال في نداء جبريل { إن الله يحب فلانا فأحبوه } وهذا موجب اللغة التي بها خوطبنا بل وموجب جميع اللغات فإن ضمير المتكلم لا يقوله إلا المتكلم . فأما من أخبر عن غيره فإنما يأتي باسمه الظاهر وضمائر الغيبة . وهم يمثلون نداء الله بنداء السلطان ويقولون : قد يقال : نادى السلطان إذا أمر غيره بالنداء - وهذا كما قالت الجهمية المحضة في تكليم الله لموسى : إنه أمر غيره فكلمه لم يكن هو المتكلم . فيقال لهم : إن السلطان إذا أمر غيره أن ينادي أو يكلم غيره أو يخاطبه ; فإن المنادي ينادي : معاشر الناس أمر السلطان بكذا أو رسم بكذا لا يقول إني أنا أمرتكم بذلك . ولو تكلم بذلك لأهانه الناس ولقالوا : من أنت حتى تأمرنا والمنادي كل ليلة يقول : { من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ } كما في ندائه لموسى عليه السلام : { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري } وقال : { أنا الله رب العالمين } . ومعلوم أن الله لو أمر ملكا أن ينادي كل ليلة أو ينادي موسى لم يقل الملك : " من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ " ولا يقول : " لا أسأل عن عبادي غيري " .
وأما قول المعترض : إن الليل يختلف باختلاف البلدان والفصول في التقدم والتأخر والطول والقصر . فيقال له : الجواب عن هذا كالجواب عن قولك : هل يخلو منه العرش أو لا يخلو منه ؟ وذلك أنه إذا جاز أنه ينزل ولا يخلو منه العرش ; فتقدم النزول وتأخره وطوله وقصره كذلك ; بناء على أن هذا نزول لا يقاس بنزول الخلق . وجماع الأمر أن الجواب عن مثل هذا السؤال يكون بأنواع .
( أحدها) : أن يبين أن المنازع النافي يلزمه من اللوازم ما هو أبعد عن المعقول الذي يعترف به مما يلزم المثبت فإن كان مما يحتج به من المعقول حجة صحيحة ; لزم بطلان النفي فيلزم الإثبات ; إذ الحق لا يخلو عن النقيضين . وإن كان باطلا ; لم يبطل به الإثبات فلا يعارض ما ثبت بالفطرة العقلية والشرعة النبوية وهذا كما إذا قال : لو كان فوق العرش لكان جسما وذلك ممتنع ; فيقال له : للناس هنا ثلاثة أقوال : منهم من يقول : هو فوق العرش وليس بجسم . ومنهم من يقول : هو فوق العرش وهو جسم ومنهم من يقول : هو فوق العرش ولا أقول هو جسم ولا ليس بجسم ثم من هؤلاء من يسكت عن هذا النفي والإثبات ; لأن كليهما بدعة في الشرع . ومنهم من يستفصل عن مسمى الجسم . فإن فسر بما يجب تنزيه الرب عنه نفاه وبين أن علوه على العرش لا يستلزم ذلك وإن فسر بما يتصف الرب به لم ينف ذلك المعنى . فالجسم في اللغة هو البدن والله منزه عن ذلك وأهل الكلام قد يريدون بالجسم ما هو مركب من الجواهر المفردة أو من المادة والصورة . وكثير منهم ينازع في كون الأجسام المخلوقة مركبة من هذا وهذا ; بل أكثر العقلاء من بني آدم عندهم أن السموات ليست مركبة لا من الجواهر المفردة ولا من المادة والصورة ; فكيف يكون رب العالمين مركبا من هذا وهذا ؟ فمن قال : إن الله جسم وأراد بالجسم هذا المركب ; فهو مخطئ في ذلك . ومن قصد نفي هذا التركيب عن الله ; فقد أصاب في نفيه عن الله لكن ينبغي أن يذكر عبارة تبين مقصوده . ولفظ التركيب قد يراد به أنه ركبه مركب أو أنه كانت أجزاؤه متفرقة فاجتمع أو أنه يقبل التفريق والله منزه عن ذلك كله . وقد يراد بلفظ الجسم والمتحيز ما يشار إليه بمعنى أن الأيدي ترفع إليه في الدعاء وأنه يقال : هو هنا وهناك ويراد به القائم بنفسه ويراد به الموجود . ولا ريب أن الله موجود قائم بنفسه وهو عند السلف وأهل السنة ترفع الأيدي إليه في الدعاء وهو فوق العرش . فإذا سمى المسمي ما يتصف بهذه المعاني جسما ; كان كتسمية الآخر ما يتصف بأنه حي عالم قادر جسما وتسمية الآخر ما له حياة وعلم وقدرة جسما . ومعلوم أن هؤلاء كلهم ينازعون في ثلاث مقامات :
( أحدها) أن تسمية ما يتصف بهذه الصفات بالجسم بدعة في الشرع واللغة ; فلا أهل اللغة يسمون هذا جسما بل الجسم عندهم هو البدن كما نقله غير واحد من أئمة اللغة وهو مشهور في كتب اللغة . قال الجوهري في " صحاحه " المشهور : قال أبو زيد : الجسم الجسد وكذلك الجسمان والجثمان وقال الأصمعي : الجسم والجثمان الجسد والجثمان الشخص قال : والأجسم الأضخم بالبدن وقال ابن السكيت : تجسمت الأمر أي ركبت أجسمه وجسيمه أي معظمه قال : وكذلك تجسمت الرجل والجبل أي ركبت أجسمه . وقد ذكر الله لفظ الجسم في موضعين من القرآن ; في قوله تعالى : { وزاده بسطة في العلم والجسم } وفي قوله تعالى : { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } والجسم قد يفسر بالصفة القائمة بالمحل وهو القدر والغلظ كما يقال هذا الثوب له جسم وهذا ليس له جسم أي له غلظ وضخامة بخلاف هذا وقد يراد بالجسم نفس الغلظ والضخم . وقد ادعى طوائف من أهل الكلام النفاة أن الجسم في اللغة هو المؤلف المركب وأن استعمالهم لفظ الجسم في كل ما يشار إليه موافق للغة ; قالوا : لأن كل ما يشار إليه ; فإنه يتميز منه شيء عن شيء وكل ما كان كذلك ; فهو مركب من الجواهر المنفردة التي كل واحد منها جزء لا يتجزأ ولا يتميز منه جانب عن جانب أو من المادة والصورة اللذين هما جوهران عقليان كما يقول ذلك بعض الفلاسفة . قالوا : وإذا كان هذا مركبا مؤلفا ; فالجسم في لغة العرب هو المؤلف المركب بدليل أنهم يقولون : رجل جسيم وزيد أجسم من عمرو إذا كثر ذهابه في الجهات وليس يقصدون بالمبالغة في قولهم : أجسم وجسيم إلا كثرة الأجزاء المنضمة والتأليف ; لأنهم لا يقولون : أجسم فيمن كثرت علومه وقدره وسائر تصرفاته وصفاته غير الاجتماع حتى إذا كثر الاجتماع فيه بتزايد أجزائه قيل : أجسم ورجل جسيم ; فدل ذلك على أن قولهم : جسم ; مفيد للتأليف . فهذا أصل قول هؤلاء النفاة وهو مبني على أصلين : سمعي لغوي ونظري عقلي فطري . أما السمعي اللغوي فقولهم : إن أهل اللغة يطلقون لفظ الجسم على المركب واستدلوا عليه بقوله : هو أجسم إذا كان أغلظ وأكثر ذهابا في الجهات وأن هذا يقتضي أنهم اعتبروا كثرة الأجزاء . فيقال : أما " المقدمة الأولى " وهو : أن أهل اللغة يسمون كل ما كان له مقدار بحيث



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس