عرض مشاركة واحدة
قديم 15 Mar 2010, 04:38 AM   #6
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الإيمان بوجوده:
إذا قال قائل: ما الدليل على وجود الله عز وجل؟
قلنا: الدليل على وجود الله: العقل، والحس، والشرع.
ثلاثة كلها تدل على وجود الله، وإن شئت، فزد: الفطرة، فتكون الدلائل على وجود الله أربعة: العقل، والحس، والفطرة، والشرع. وأخرنا الشرع، لا لأنه لا يستحق التقديم، لكن لأننا نخاطب من لا يؤمن بالشرع.
ـ فأما دلالة العقل، فنقول: هل وجود هذه الكائنات بنفسها، أو وجدت هكذا صدفة؟
فإن قلت: وجدت بنفسها، فمستحيل عقلاً ما دامت هي معدومة؟ كيف تكون موجودة وهي معدومة؟! المعدوم ليس بشيء حتى يوجد، إذاً لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها وإن قلت: وجدت صدفة، فنقول: هذا يستحيل أيضاً، فأنت أيها الجاحد، هل ما أنتج من الطائرات والصواريخ والسيارات والآلات بأنواعها، هل وجد هذا صدفة؟! فيقول: لا يمكن أن يكون. فكذلك هذه الأطيار والجبال والشمس والقمر والنجوم والشجر والجمر والرمال والبحار وغير ذلك لا يمكن أن توجد صدفة أبداً.
ويقال: إن طائفة من السمنية جاءوا إلى أبي حنيفة رحمه الله، وهم من أهل الهند، فناظروه في إثبات الخالق عز وجل، وكان أبو حنيفة من أذكى العلماء فوعدهم أن يأتوا بعد يوم أو يومين، فجاءوا، قالوا: ماذا قلت؟ قال أنا أفكر في سفينة مملوءة من البضائع والأرزاق جاءت تشق عباب الماء حتى أرست في الميناء ونزلت الحمولة وذهبت، وليس فيها قائد ولا حمالون.
قالوا: تفكر بهذا؟! قال: نعم. قالوا: إذاً ليس لك عقل! هل يعقل أن سفينة تأتي بدون قائد وتنزل وتنصرف؟! هذا ليس معقول! قال: كيف لا تعقلون هذا، وتعقلون أن هذه السماوات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والناس كلها بدون صانع؟ فعرفوا أن الرجل خاطبهم بعقولهم، وعجزوا عن جوابه هذا أو معناه.
وقيل لأعرابي من البادية: بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟
ولهذا قال الله عز وجل: )أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) [الطور: 35].
فحينئذ يكون العقل دالاً دلالة قطعية على وجود الله.
- وأما دلالة الحس على وجود الله، فإن الإنسان يدعو الله عز وجل، يقول: يا رب! ويدعو بالشيء، ثم يستجاب له فيه، وهذه دلالة حسية ، هو نفسه لم يدع إلا الله، واستجاب الله له، رأى ذلك رأي العين. وكذلك نحن نسمع عمن سبق وعمن في عصرنا، أن الله استجاب الله.
فالأعرابي الذي دخل والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة قال: هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا قال أنس: والله، ما في السماء من سحاب ولا قزعة (أي: قطعة سحاب) وما بيننا وبين سلع (جبل في المدينة تأتي من جهته السحب) من بيت ولا دار.. وبعد دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم فوراً خرجت سحاباً مثل الترس، وارتفعت في السماء وانتشرت ورعدت، وبرقت، ونزل المطر، فما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا والمطر يتحادر من لحيته عليه الصلاة والسلام[18] وهذا أمر واقع يدل على وجود الخالق دلالة حسية.
وفي القرآن كثير من هذا، مثل: )وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)(فَاسْتَجَبْنَا لَه)[الأنبياء: 83-84] وغير ذلك من الآيات.
- وأما دلالة الفطرة، فإن كثيراً من الناس الذين لم تنحرف فطرهم يؤمنون بوجود الله، حتى البهائم العجم تؤمن بوجود الله، وقصة النملة التي رويت عن سليمان عليه الصلاة والسلام، خرج يستسقي، فوجد نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها نحو السماء، تقول: اللهم أنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا سقياك.
فقال: ارجعوا، فقد سقيتم بدعوة غيركم، فالفطر مجبولة على معرفة الله عز وجل وتوحيده.
وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله: )وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين)َ (172)(أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ )[الأعراف: 172: 173]، فهذه الآية تدل على أن الإنسان مجبول بفطرته على شهادته بوجود الله وربوبيته وسواء أقلنا: إن الله استخرجتم من ظهر آدم واستشهدهم، أو قلنا: إن هذا هو ما ركب الله تعالى في فطرهم من الإقرار به، فإن الآية تدل على أن الإنسان يعرف ربه بفطرته.
هذه أدلة أربعة تدل على وجود الله سبحانه وتعالى.
- وأما دلالة الشرع، فلأن ما جاءت به الرسل من شرائع الله تعالى المتضمنة لجميع ما يصلح الخلق يدل على أن الذي أرسل بها رب رحيم حكيم، ولا سيما هذا القرآن المجيد الذي أعجز البشر والجن أن يأتوا بمثله.
وملائكته(1)....................................... .................................................. .....
(1) الملائكة جمع: ملأك، وأصل ملأك : مألك، لأنه من الألوكة، والألوكة في اللغة الرسالة، قال الله تعالى: ) جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى) [فاطر: 1].
فالملائكة عالم غيبي، خلقهم الله عز وجل من نور، وجعلهم طائعين له متذللين له، ولكل منهم وظائف خصه الله بها، ونعلم من وظائفهم:
أولاً: جبريل: موكل بالوحي، ينزل به من الله تعالى إلى الرسل.
ثانياً: إسرافيل: موكل بنفخ الصور وهو أيضا أحد حملة العرش .
ثالثاً: ميكائيل: موكل بالقطر والنبات.
وهؤلاء الثلاثة كلهم موكلون بما فيه حياة، فجبريل موكل بالوحي وفيه حياة القلوب، وميكائيل بالقطر والنبات وفيه حياة الأرض، وإسرافيل بنفخ الصور وفيه حياة الأجساد يوم المعاد.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل بربوبية الله لهم في دعاء الاستفتاح في صلاة الليل، فيقول: "اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك. إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"[19]، هذا الدعاء الذي كان يقوله في قيام الليل متوسلاً بربوبية الله لهم.
كذلك نعلم أن منهم من وكل بقبض أرواح بني آدم، أو بقبض روح كل ذي روح وهم: ملك الموت وأعوانه ولا يسمى عزرائيل، لأنه لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن اسمه هذا.
قال تعالى:(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ)[الأنعام: 61]. وقال تعالى: )قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) (السجدة:11). وقال تعالى: )اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)(الزمر: من الآية42).
ولا منافاة بين هذه الآيات الثلاث، فإن الملائكة تقبض الروح، فإن ملك الموت إذا أخرجها من البدن تكون عنده ملائكة، إن كان الرجل من أهل الجنة، فيكون معهم حنوط من الجنة، وكفن من الجنة، يأخذون هذه الروح الطيبة، ويجعلونها في هذا الكفن، ويصعدون بها إلى الله عز وجل حتى تقف بين يدي الله عز وجل، ثم يقول اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض، فترجع الروح إلى الجسد من أجل الاختبار: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وإن كان الميت غير مؤمن والعياذ بالله، فإنه ينزل ملائكة معهم كفن من النار وحنوط من النار، يأخذون الروح، ويجعلونها في هذا الكفن، ثم يصعدون بها إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها وتطرح إلى الأرض، قال الله تعالى: ) وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [الحج: 31] ، ثم يقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في سجين[20] نسأل الله العافية!.
هؤلاء موكلون بقبض الروح من ملك الموت إذا قبضها، وملك الموت هو الذي يباشر قبضها، فلا منافاة إذن، والذي يأمر بذلك هو الله، فيكون في الحقيقة هو المتوفى.
ومنهم ملائكة سياحون في الأرض، يلتمسون حلق الذكر، إذا وجدوا حلقة العلم والذكر، جلسوا[21]
وكذلك هناك ملائكة يكتبون أعمال الإنسان: )وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِين) (َ10)كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) [الانفطار: 10-12] )مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18].
دخل أحد أصحاب الإمام أحمد عليه وهو مريض رحمه الله فوجده يئن من المرض، فقال له: يا أبا عبد الله! تئن، وقد قال طاووس: إن الملك يكتب حتى أنين المريض، لأن الله يقول: )مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18]؟ فجعل أبو عبد الله يتصبر وترك الأنين، لأن كل شيء يكتب ])مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ) من: زائدة لتوكيد العموم، أي قول تقوله، يكتب لكن قد تجازى عليه بخير أو بشر، هذا حسب القول الذي قيل.
ومنهم أيضاً ملائكة يتعاقبون على بني آدم في الليل والنهار، )لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) [الرعد: 11].
ومنهم ملائكة ركَّع وسجَّد لله في السماء، قال النبي عليه الصلاة والسلام: "أطت السماء، وحق لها أن تئط" والأطيط: صرير الرحل، أي: إذا كان على البعير حمل ثقيل، تسمع له صرير من ثقل الحمل، فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "أطت السماء، وحق لها أن تئط ما من موضع أربع أصابع منها، إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد"[22]، وعلى سعة السماء فيها هؤلاء الملائكة.
ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في البيت المعمور الذي مر به في ليلة المعراج، قال: "يطوف به (أو قال: يدخله) سبعون ألف ملك كل يوم، ثم لا يعودون إلى آخر ما عليهم"[23]، والمعنى: كل يوم يأتي إليه سبعون ألف ملك غير الذين أتوه بالأمس، ولا يعودون له أبداً، يأتي ملائكة آخرون غير من سبق، وهذا يدل على كثرة الملائكة، ولهذا قال الله تعالى: )ُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ) [المدثر: 31].
ومنهم ملائكة موكلون بالجنة وموكلون بالنار، فخازن النار اسمه مالك يقول أهل النار: ) يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ )(الزخرف: من الآية77)، يعنى: ليهلكنا ويمتنا، فهم يدعون الله أن يميتهم، لأنهم في عذاب لا يصبر عليه، فيقول: ) إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ)(الزخرف: من الآية77) ، ثم يقال لهم: )لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) [الزخرف:78].



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس