عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:59 AM   #44
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الماجشون في الرد عليهم وكلام السلف في الرد على هؤلاء كثير وقال لهم الناس : إن هذا الأصل الذي ادعيتم إثبات الصانع به وأنه لا يعرف أنه خالق للمخلوقات إلا به هو بعكس ما قلتم بل هذا الأصل يناقض كون الرب خالقا للعالم ولا يمكن مع القول به القول بحدوث العالم ; ولا الرد على الفلاسفة . فالمتكلمون الذين ابتدعوه وزعموا أنهم به نصروا الإسلام وردوا به على أعدائه كالفلاسفة ; لا للإسلام نصروا ولا لعدوه كسروا بل كان ما ابتدعوه مما أفسدوا به حقيقة الإسلام على من اتبعهم فأفسدوا عقله ودينه واعتدوا به على من نازعهم من المسلمين وفتحوا لعدو الإسلام بابا إلى مقصوده . فإن حقيقة قولهم - إن الرب لم يكن قادرا ولا كان الكلام والفعل ممكنا له ولم يزل كذلك دائما مدة أو تقدير مدة لا نهاية لها ثم إنه تكلم وفعل من غير سبب اقتضى ذلك وجعلوا مفعوله هو فعله وجعلوا فعله وإرادة فعله قديمة أزلية والمفعول متأخرا وجعلوا القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح - وكل هذا خلاف المعقول الصريح وخلاف الكتاب والسنة وأنكروا صفاته ورؤيته وقالوا كلامه مخلوق ; وهو خلاف دين الإسلام . والذين اتبعوهم وأثبتوا الصفات قالوا يريد جميع المرادات بإرادة واحدة وكل كلام تكلم به أو يتكلم به إنما هو شيء واحد لا يتعدد ولا يتبعض وإذا رئي رئي لا بمواجهة ولا بمعاينة وإنه لم يسمع ولم ير الأشياء حتى وجدت ; ثم لما وجدت لم يقم به أمر موجود ; بل حاله قبل أن يسمع ويبصر كحاله بعد ذلك ; إلى أمثال هذه الأقوال التي تخالف المعقول الصريح والمنقول الصحيح . ثم لما رأت " الفلاسفة " أن هذا مبلغ علم هؤلاء وأن هذا هو الإسلام الذي عليه هؤلاء وعلموا فساد هذا أظهروا قولهم بقدم العالم واحتجوا بأن تجدد الفعل بعد أن لم يكن ممتنع ; بل لا بد لكل متجدد من سبب حادث وليس هناك سبب ; فيكون الفعل دائما ثم ادعوا دعوى كاذبة لم يحسن أولئك أن يبينوا فسادها وهو : أنه إذا كان دائما ; لزم قدم الأفلاك والعناصر . ثم إنهم لما أرادوا تقرير " النبوة " جعلوها فيضا يفيض على نفس النبي من العقل الفعال أو غيره ; من غير أن يكون رب العالمين يعلم له رسولا معينا ولا يميز بين موسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين ولا يعلم الجزئيات ولا نزل من عنده ملك بل جبريل هو خيال يتخيل في نفس النبي أو هو العقل الفعال وأنكروا : أن تكون السموات والأرض خلقت في ستة أيام وأن السموات تنشق وتنفطر وغير ذلك مما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم . وزعموا أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أراد به خطاب الجمهور مما يخيل إليهم بما ينتفعون به من غير أن يكون الأمر في نفسه كذلك ومن غير أن تكون الرسل بينت الحقائق وعلمت الناس ما الأمر عليه . ثم منهم من يفضل الفيلسوف على النبي صلى الله عليه وسلم . و " حقيقة قولهم " أن الأنبياء كذبوا لما ادعوه من نفع الناس وهل كانوا جهالا على قولين لهم . إلى غير ذلك من أنواع الإلحاد والكفر الصريح والكذب البين على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . وقد بين في غير هذا الموضع : أن هؤلاء أكفر من اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل وإن تظاهروا بالإسلام ; فإنهم يظهرون من مخالفة الإسلام أعظم مما كان يظهره المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : المنافقون اليوم شر من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قيل : ولم ذلك ؟ قال : لأنهم كانوا يسرون نفاقهم وهم اليوم يعلنونه . ولم يكن على عهد حذيفة من وصل إلى هذا النفاق ولا إلى قريب منه ; فإن هؤلاء إنما ظهروا في الإسلام في أثناء " الدولة العباسية " وآخر " الدولة الأموية " لما عربت الكتب اليونانية ونحوها وقد بسط الرد عليهم في غير هذا الموضع . والمقصود هنا : أن هؤلاء المتكلمين الذين زعموا أنهم ردوا عليهم لم يكن الأمر كما قالوه بل هم فتحوا لهم دهليز الزندقة ولهذا يوجد كثير ممن دخل في هؤلاء الملاحدة إنما دخل من باب أولئك المتكلمين : كابن عربي وابن سبعين وغيرهما . وإذا قام من يرد على هؤلاء الملاحدة فإنهم يستنصرون ويستعينون بأولئك المتكلمين المبتدعين ويعينهم أولئك على من ينصر الله ورسوله ; فهم جندهم على محاربة الله ورسوله كما قد وجد ذلك عيانا . ودعواهم أن هذه طريقة إبراهيم الخليل في قوله : { لا أحب الآفلين } : كذب ظاهر على إبراهيم ; فإن الأفول هو التغيب والاحتجاب باتفاق أهل اللغة والتفسير وهو من الأمور الظاهرة في اللغة وسواء أريد بالأفول ذهاب ضوء القمر والكواكب بطلوع الشمس أو أريد به سقوطه من جانب المغرب ; فإنه إذا طلعت الشمس يقال : إنها غابت الكواكب واحتجبت وإن كانت موجودة في السماء ولكن طمس ضوء الشمس نورها . وهذا مما ينحل به الإشكال الوارد على الآية في طلوع الشمس بعد أفول القمر وإبراهيم عليه السلام لم يقل : { لا أحب الآفلين } لما رأى الكوكب يتحرك ; والقمر والشمس بل إنما قال ذلك حين غاب واحتجب . فإن كان إبراهيم قصد بقوله الاحتجاج بالأفول على نفي كون الآفل رب العالمين - كما ادعوه - كانت قصة إبراهيم حجة عليهم ; فإنه لم يجعل بزوغه وحركته في السماء إلى حين المغيب دليلا على نفي ذلك ; بل إنما جعل الدليل مغيبه . فإن كان ما ادعوه من مقصوده من الاستدلال صحيحا فإنه حجة على نقيض مطلوبهم وعلى بطلان كون الحركة دليل الحدوث . لكن الحق أن إبراهيم لم يقصد هذا ولا كان قوله : { هذا ربي } أنه رب العالمين ولا اعتقد أحد من بني آدم أن كوكبا من الكواكب خلق السموات والأرض وكذلك الشمس والقمر ولا كان المشركون قوم إبراهيم يعتقدون ذلك ; بل كانوا مشركين بالله يعبدون الكواكب ويدعونها ويبنون لها الهياكل ويعبدون فيها أصنامهم وهو دين الكلدانيين والكشدانيين والصابئين المشركين ; لا الصابئين الحنفاء وهم الذين صنف صاحب " السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم " كتابه على دينهم . وهذا دين كان كثير من أهل الأرض عليه بالشام والجزيرة والعراق وغير ذلك وكانوا قبل ظهور دين المسيح عليه السلام وكان جامع دمشق وجامع حران وغيرهما موضع بعض هياكلهم : هذا هيكل المشتري وهذا هيكل الزهرة . وكانوا يصلون إلى القطب الشمالي ; وبدمشق محاريب قديمة إلى الشمال . والفلاسفة اليونانيون كانوا من جنس هؤلاء المشركين يعبدون الكواكب والأصنام ويصنعون السحر وكذلك أهل مصر وغيرهم . وجمهور المشركين كانوا مقرين برب العالمين والمنكر له قليل مثل فرعون ونحوه . وقوم إبراهيم كانوا مقرين بالصانع ولهذا قال لهم إبراهيم الخليل : { أفرأيتم ما كنتم تعبدون } { أنتم وآباؤكم الأقدمون } { فإنهم عدو لي إلا رب العالمين } فعادى كل ما يعبدونه إلا رب العالمين وقال تعالى : { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس