بسم الله الرحمن الرحيم



( الـمــــــس والجـــــــن العاشــــــق )



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.



فلقد انتشرت أفات الجن والشياطين بين الضعفاء والجهال وقد نما أثر هذا البلاء وعظم في تبديل طبائع الناس وتغيير سلوكهم وانحرافهم عن الطريق المستقيم ، وهنا يذكرني قول بديع لابن القيم الجوزيه رحمه الله والتي قال فيها في زمنه ( ولو كشف الغطاء لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى من هذه الأرواح الخبيثة وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ولا يمكنها الامتناع عنها ولا مخالفتها ..) زاد المعاد



ومن المعروف ومبين في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وســــلم, ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعوا حزبه ليكونوا من اصحاب السعير ...) فاطر(6) ، وأن هذه العداوة لا تقف عند حد معين ولا على أسلوب وأضح لذا في أتمام سياق هذه الايه ولمجاهدته قال تعالي :- ( .. فاتخذوه عدوا. ..) فاطر (6)

يستطيع الشيطان أن يمس الإنسان بحيث يجعله يتخبط في أقواله وأفعاله والتخبط الملازم باستمرار ما هو إلا فقدان الإدراك الصحيح منه , لأي شئ يهم به أو يفكر فيه ،إن تكاسل عن علاجه يؤدي إلي الجنون.



ويسبب مس الشيطان للإنسان أمراضا قد تتفق أعراضها مع أمراض أخرى عضوية أو نفسية، والذي يميز ذلك شخص ملم بالأحوال النفســــــية والروحية والعلاقة ما بينهما حتى يتم التوجيه الصحيح لتلك الحالة.



وما يهمنا في هذا الصدد سحر العشق , وقد يكون السحر الذي يعطل الزواج أو عدم الإنجاب ناتجا عن سحر قديم لم يتم أبطاله منذ سنوات,مؤثرا في أحدى والديه , وفي هذه الحالة تحول خادم السحر (الجني) إلي عاشق ، وهذا بخلاف المستجد وله أحوال معينة و قد قال ابن تيمية (في الفتاوى) وصرعهم للآنس قد يكون عن شهوة وهــوى وعشق كما يتفق للآنس مع الأنسان .



ومن المعروف أن الجن كافرهم ومسلمهم يعيشون معنا في مجالسنا حسب

الأوضاع، في البيوت والأسواق, وهم يرونا ولا نراهم لقوله تعالى:- ( انه يراكم هو وقبيه من حيث لاترونهم ... ) الأعراف (27)



ولقد من الله سبحانه وتعالى على بني ادم بحسن الخلق ، ( لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ..) فسبحان من أبدعه وجمله ، ومن المعلوم أن الذي يعشق في عالم الأنس صاحب الوجه الحسن رقيق البشرة والذي يحصل أن يحضر الجان على الانسان الكبير والصغير والذميم والمرأة الغير جميلة , ولو كان الجمال هو الغاية عندهم لما بقي الجان العاشق في جسد الممسوس بعد أن يكبر ويشيب ويتجعد وجهه أوجهها ويترهل الجسم.



فالجن أشد غيرة من الأنس, وهولا يفهم معنى الحب الطاهر النقي, كما انه لا يفهمها إلا بمعنى واحد, التملك والاستحواذ، والجن العاشق هو أخطر أنواع الجن وأشرسهم وأشدهم تمسكا بالجسد.حتى انه إذ شعر بان المرأة تتجمل أو تتزين لزوجها فتشتد غيرته فيسبب المشاكل ويثير الشبهات من الزوج فتكثر المشاجرات والخصام ما بينهما..



وحالات العشق هي في الحقيقة صعبة مع حالات الاقتران , وقد يصعب أقناع الجن في البداية بالخروج وترك المصروع , وذلك أذا كان لديه سبب قوي في المصاب ، كبعده عن ذكر الله و بقية العبادات القولية والفعلية. وحب إظهار مفاتنها في مناسبات الأفراح والتباهي بها ..



والفرق بين السحر والمس فانه لا يوجد فرق بينهما إلا في بعض الحالات, ولكن المشترك بينهما هو الجان..

الســــحر: هو عبارة عن قراءات وطلاسم كفر سواء أكانت في طعام

أو شــراب أو غيرها, يوكل به شيطان جني ليقوم بالأذى

والتخريبالجن. يطلب منه الساحر .أو كبير الجن . وحينما يمكث

الجان مدة طويلة في الجسد يصبح عاشقا لهذا الجسد .. ومن ثم

يخاف إن يرجع إلي الجهة التي أرسل منها وذلك خوفا من الساحر

أو كبير الجن..



المـــــــس : فهو عبارة عن دخول شيطان أو جني في جسم الانسان أو خارجه

بسبب أذى الإنس للجن أو إعجاب بالإنس وهو الذي يشجعه على

ذلك, كما ذكرنا من قبل .. حيث إن الإنس هو الذي فتح الطريق

لدخول الجان إليه ..





درجات الإصابة من الجن :

ولكن الحق يقال إن أمراض المس والصرع والسحر قد تتشابه مع الإمراض النفسية وخاصة الفصام (الششيزوفرانيا ) . ولذلك على المعالج إن يأخذ بالأسباب ويعرض الحالة على طبيب كي يتأكد من نوع هذا المرض وذلك بإجراء تخطيط للدماغ للتحقق من عدم وجود خلل عضوي.

وقد ذكر القراء المعالجين من خلال تجاربهم ومتابعتهم للأحوال التي تمر عليهم بان قوة الإصابة التي هي من الجن تختلف اختلافا كبيرا وقد صنف البعض كالتالي:-

المس : وهو تأثير جزء من جسم الانسان بسبب تمرد الجن عليه فيؤثر هــــذا

الاعتداء على سلوكه وهو الطعن بلا نفاذ.. والمس فهو عبارة عن حرب

حامية الوطيس كما يقولون تدور خارج الجسد حيث إن الجان يســـعى

بكافة الوسائل والأسباب والأساليب إلى سيطرة سلوك الانسان وتسييره

كيفما شاء ..

التلبيس: وهو حالة متطورة من المس ينتج عنها سيطرة الجن للجسد..



أسباب مس الجن للإنسان

فهي كثيرة ولكن هنالك بعض الأساسيات والتي تكون ظاهرة ونذكر منها على سبيل المثال:-

كشف العورة في البيت دون ذكر الله تعالى كثيرا وهذا يكون للنساء كثير بحيث أنها تقف أمام المرأة كثيرا أو تسير ذهابا وإيابا مستعرضة لبدنها ومفاتنها معجبة بنفسها , وقد يكون هنالك من الجن العامر في المنازل أو الطارق يراها على هذه الحالة لعدة مرات فيعجب بها ويعشقها ..

ظلم الإنس للجن , بصب ماء ساخن عليه أوعلي احد أفراد أسرته أو الوقوع عليه بدون التنبيه بذكر الله ..

أو تكون في حالات الغضب الشديد – الخوف الشديد- الانكباب على الشهوات والغفلة الشديدة ..

أو أن يكون مرسل من قبل الساحر..



علامات وأعراض الجن العاشق للمرأة

أولا للفتاة العذراء:

فإذا كانت عذراء فان الشيطان يحاول أن لا تتزوج أبدا – وذلك بعدة طرق والله اعلم –

فمنها أن يقلب وجهها إلى وجه قبيح أمام من يجئ لخطبتها فقد يراها المتقدم لها على صورة قبيحة بعكس ما كان يتصورها في ذهنه ..

أو أن يجعل الفتاة في أحوال غريبة وتصرفات مريبة وتثور لأقل الأسباب في وجود الخاطب ..

وأحيانا يلجأ الجني العاشق إلى حيلة خبيثة تــدفع البنت نفسها إلــى الخوف الشديد من الزواج وتصر على رفض أي شخص ولو كانت معجبة به وذلك بان يريها نفسها في المنام وقد ذهبت بكارتها بطريقة أو أخرى وهنا تخاف من الفضيحة وترفض الزواج ..

الاحتلام بكثرة (وليس المقصود الاحتلام الطبيعي) وترى بان هناك احد المحارم يطاردها أو أن يجامعها وهي تستحي أن تذكر ذلك لأحد ..

وجود نفس في الحجرة بان هنالك شخص يحتضنها أو يتبعها أيمنا ذهبت وكثرة النوم والعزلة وحب الانفراد. وقد تتقدم الأطوار إلى أن تكون هنالك ظهور وتجسد أي تشعر بان أحدا يأكل معها أويشرب فقد يظهر إليها أحيانا بإشكال مختلفة يأمرها بما يريد أو يهددها ( نسأل الله العافية) .



ثانيا : المشترك ما بينهما – سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة

الصدود . وهو الصدد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة والتكاسل عنها وسائر الطاعات مع الكسل والخمول في أداء الواجبات المنزلية وكراهيته ..

حزن وضيق في التنفس وسرعة الانفعال لأي الأسباب والرجوع بعدها كأنها لم تفعل شئ ..

الشك في كل شئ بالأخص في زوجها والوسوسة والنسيان ..

التنميل في اليدين والقدمين – كأن نملا يمشي في الجسد – (وهذه الظاهرة تكون للحسد أو العين المقرونة بالجن )

الآلام في الرقبة والأكتاف وأسفل الظهر –

تعثر في المشي بشكل ملفت (الكعبلة)

الأحلام المنامية المزعجة والكوابيس المتكررة بان ترى في المنام أناسا لهم طول مفرط أو قصرمع أشكال غير مألوفة ..

عدم انتظام الدورة الشهرية وأحيانا تنقطع لعدة أشهر..

ملازمة الكوابيس وخاصة محاولة الاعتداء الجنسي من الأهل أو المعارف و شعور دائم بقرب نفس احدهم على الوجه أثناء النوم

التهرب الدبلوماسي في الوضع السريري بالنسبة للمتزوجة والتكاسل ..

الشعور بان هنالك سخانه أو حرارة في المناطق الحساسة..



والملاحظ ومع ذلك بان بعض هذه الإعراض قد لاتظهراذا كان خادم السحر (الجن) ماكر ..



وأحيانا في حالات المس العادية والتي تكون أقل أثرا والتي لا يفقد فيـها المريض وعيه ولا ينطق الجني فيها على لسانه إنما يقتصر على بعض الأفعال – كالبكاء – أو الضحك اللاإرادي – أو أن تذرف دموعا لا اراديه غالبا ما تكون من جانبي العين أو سط الجفن وتتميز بمرارة وهي ليست بالدموع العادية التي تتميز بملوحة الطعم ..

وفي أثناء القراءة تظهر بعض الأعراض : فمنها :

برودة في الإطراف ثم تنميل في الجسم وخوار في القوى وحدوث رعشة.

تثاؤب مستمر وميل للنوم - أو حدوث إغماء مفاجئ..

ضحك لا إرادي أو بكاء كما ذكرنا من قبل..

كحة مفاجئة – وميل للقئ وقد يحدث أحيانا .



وقد يشترك الجن (خادم الساحر ) مع الجان العاشق في مثل هذه الصفات والعلامات وبعضها وهناك فرق بسيط بان جن الساحر قد يفارق المرأة أحيانا ويظهر عند إتمام الخطبة أو بعد القران .

أما بالنسبة فالجن العاشق فلا يترك حبيبته لحظة آبداَ وقد يغضب الجن العاشق ويثور بمجرد إن يرى المرأة قد تتزين لزوجها..



وقد قال ابن القيم- رحمه الله – ومن أعظم علاجات المرض فعل الخير والإحسان والذكر والتضرع والابتهال إلى الله والتوبة ولهذه الأمور تأثير في دفع العلل وحصول الشفاء أعظم من الأدوية المادية – ولكن بحسب استعداد النفس وقبولها وعقيدتها ..



وآما من ناحية تأخر العلاج.

فقد يتأخر العلاج فترة و لله في ذلك شأن. وقد يظن البعض أنه لا علاج أو أن يتجه إلى طرق السحرة والمشعوذين لا اختصار الوقت وفك السحر بالسحر وهو محرم

وأما من ناحية أخرى فقد يتأخر العلاج فلربما يكون -

قوة السحر وإتقان صنعته .

عدم رغبة المريض في العلاج .

تعلق الجن بالمريض .

ضعف التزامه وبعده عن الله وإصراره على المعاصي.

سرعة ملله وقلة صبره وعدم التزامه بتعليمات المعالج .



وأخيرا اسأل الله –عز وجل – إن يعافي كل مبتلي بمس أو سحر جن عاشق .. وعليه أن يتابع الاستشفاء بآيات الله والأذكار والتحصين ومتابعة أهل ألخبره في مثل هذه الحالات.. والله الموفق