عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 03:55 AM   #6
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


شخصا جاز أن يضل كل الناس وإذا جاز أن يعذب حيوانا بلا ذنب ولا عوض جاز أن يعذب كل حي بلا ذنب ولا عوض وإذا جاز عليه أن لا يعين واحدا ممن أمره على طاعة أمره جاز أن لا يعين كل الخلق فلم يفرق الطائفتان بين الشر الخاص والعام وبين الشر الإضافي والشر المطلق ولم يجعلوا في الشر الإضافي حكمة يصير بها من قسم الخير # ثم قال النفاة وقد علم أنه منزه عن تلك الأفعال فإنا لو جوزنا عليه هذا لجوزنا عليه تأييد الكذاب بالمعجزات وتعذيب الأنبياء وإكرام الكفار وغير ذلك مما يستعظم العقلاء إضافته إلى الله تعالى فقالت المثبتة من الجهمية المجبرة بل كل الأفعال جائزة عليه كما جاز ذلك الخاص وإنما يعلم أنه لا يفعل بما لا يفعل أو يفعل ما يفعل بالخبر خبر الانبياء عنه وإلا فمهما قدر جاز أن يفعله وجاز ان لا يفعله ليس في نفس

الأمر سبب ولا حكمة ولا صفة تقتضي التخصيص ببعض الأفعال دون بعض بل ليس إلا مشيئة نسبتها إلى جميع الحوادث سواء ترجح أحد التماثلين بلا مرجح # فقيل لهم فيجوز تأييد الكذاب بالمعجز فلا يبقى المعجز دليلا على صدق الأنبياء فلا يبقى خبر نبي يعلم به الفرق فيلزم مع الكفر بالأنبياء أن لا يعلم الفرق لا يسمع ولا يعقل & المعجزات & #29 فاحتالوا للفرق بين المعجزات وغيرها بأن تجويز إتيان الكذاب بالمعجزات يستلزم تعجيز الباري تعالى عما به يفرق بين الصادق والكاذب أو لأن دلالتها على الصدق معلوم بالاضطرار كما قد بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع وبين خطأ الطائفتين وأن هؤلاء الذين اتبعوا جهما في الخبر ونفوا حكمة الله ورحمته والأسباب التي بها يفعل وما خلقه من القوى وغيرها هم مبتدعة مخالفون للكتاب والسنة وإجماع السلف مع مخالفتهم لصريح المعقول كما أن القدرية النفاة مخالفون للكتاب والسنة وإجماع السلف مع مخالفتهم لصريح المعقول & فصل & # والمقصود هنا الكلام على قوله ^ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ^ وأن هذه تقتضي أن العبد لا يزال شاكرا مستغفرا & إضافة الشر إلى الله & #30 وقد ذكر أن الشر لا يضاف إلى الله إلا على أحد الوجوه الثلاثة وقد تضمنت الفاتحة للأقسام الثلاثة هو سبحانه الرحمن الذي وسعت

رحمته كل شيء وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرحم بعباده من الوالدة بولدها وقد سبقت وغلبت رحمته غضبه وهو الغفور الودود الحليم الرحيم # فإرادته أصل كل خير ونعمة وكل خير ونعمة فمنه ^ وما بكم من نعمة فمن الله ^ # وقد قال سبحانه ^ نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ^ ثم قال ^ وأن عذابي هو العذاب الأليم ^ وقال تعالى ^ اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم ^ فالمغفرة والرحمة من صفاته المذكورة بأسمائه فهي من موجب نفسه المقدسة ومقتضاها ولوازمها # وأما العذاب فمن مخلوقاته الذي خلقه بحكمته هو باعتبارها حكمة ورحمة فالإنسان لا يأتيه الخير إلا من ربه وإحسانه وجوده ولا يأتيه الشر إلا من نفسه فما أصابه من حسنة فمن الله وما أصابه من سيئة فمن نفسه & خطاب الرسول في القرآن #31 وقوله وما أصابك إما أن تكون كاف الخطاب له صلى الله عليه وسلم كما قال ابن عباس وغيره وهو الأظهر لقوله بعد ذلك ^ وأرسلناك للناس رسولا ^ # وإما أن تكون لكل واحد واحد من الآدميين كقوله ^ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ^ # لكن هذا ضعيف فإنه لم يتقدم هنا ذكر الإنسان ولا مكانه وإنما تقدم ذكر طائفة قالوا ما قالوه فلو أريد ذكرهم لقيل ^ ما أصابهم من حسنة فمن الله وما أصابهم من سيئة ^

لكن خوطب الرسول بهذا لأنه سيد ولد آدم وإذا كان هذا حكمه كان هذا حكم غيره بطريق الأولى والأحرى كما في مثل قوله ^ اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ^ وقوله تعالى ^ لئن أشركت ليحبطن عملك ^ وقوله ^ فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ^ # ثم هذا الخطاب نوعان نوع يختص لفظه به لكن يتناول غيره بطريق الأولى كقوله ^ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك ^ ثم قال ^ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ^ # ونوع قد يكون خطابه به خطابا لجميع الناس كما يقول كثير من المفسرين الخطاب له والمراد غيره # وليس المعنى أنه لم يخاطب بذلك بل هو المقدم فالخطاب له خطاب لجميع الجنس البشري وإن كان هو لا يقع منه ما نهى عنه ولا يترك ما أمر به بل هذا يقع من غيره كما يقول ولي الأمر للأمير سافر غدا إلى المكان الفلاني أي أنت ومن معك من العسكر وكما ينهى أعز من عنده عن شيء فيكون نهيا لمن دونه وهذا معروف من الخطاب # فقوله ^ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ^ الخطاب له صلى الله عليه وسلم وجميع الخلق داخلون في هذا الخطاب بالعموم وبطريق الأولى بخلاف قوله ^ وما أرسلناك للناس رسولا ^ فإن هذا له خاصة ولكن من يبلغ عنه يدخل في معنى الخطاب كما قال صلىالله عليه وسلم بلغوا عني ولو آية وقال نضر الله امرء سمع منا حديثا فبلغه إلى من لم يسمعه وقال ليبلغ الشاهد الغائب وقال إن العلماء ورثة الأنبياء وقد قال تعالى

في القرآن ^ وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ^ & أفعال الله الحسنة & #32 والمقصود هنا أن الحسنة مضافة إليه سبحانه من كل وجه والسيئة مضافة إليه لأنه خلقها كما خلق الحسنة فلهذا قال ^ كل من عند الله ^ ثم إنه إنما خلقها لحكمة ولا تضاف إليه من جهة أنها سيئة بل تضاف إلى النفس التي تفعل الشر بها لا لحكمة فتستحق أن يضاف الشر والسيئة إليها فإنها لا تقصد بما تفعله من الذنوب خيرا يكون فعله لأجله أرجح بل ما كان هكذا فهو من باب الحسنات ولهذا كان فعل الله حسنا لا يفعل قبيحا ولا سيئا قط # وقد دخل في هذا سيئات الجزاء والعمل لأن المراد بقوله ما أصابك من حسنة ومن سيئة النعم والمصائب كما تقدم لكن إذا كانت المصيبة من نفسه لأنه اذنب فالذنب من نفسه بطريق الأولى فالسيئات من نفسه بلا ريب وإنما جعلها منه مع الحسنة بقوله ^ كل من عند الله ^ كما تقدم لأنها لا تضاف إلى الله مفردة بل إما في العموم كقوله ^ كل من عند الله ^ # وكذلك الأسماء التي فيها ذكر الشر لا تذكر إلا مقرونة كقولنا الضار النافع المعطي المانع المعز المذل أو مقيدة كقوله ^ إنا من المجرمين منتقمون ^ # وكل ما خلقه مما فيه شر جزئي إضافي ففيه من الخير العام والحكمة والرحمة أضعاف ذلك # مثل إرسال موسى إلى فرعون فإنه حصل به التكذيب والهلاك لفرعون وقومه وذلك شر بالإضافة إليهم لكن حصل به من النفع العام للحلق إلى

يوم القيامة والاعتبار بقصة فرعون ما هو إلا خير عام فانتفع بذلك أضعاف أضعاف من استضر به كما قال تعالى ^ فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ^ وقال تعالى بعد ذكر قصته ^ إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ^ # وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم شقي برسالته طائفة من مشركي العرب وكفار أهل الكتاب وهم الذين كذبوه وأهلكهم الله تعالى بسببه ولكن سعد بها أضعاف أضعاف هؤلاء # ولذلك من شقي به من أهل الكتاب كانوا مبدلين محرفين قبل أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فأهلك الله بالجهاد طائفة واهتدى به من أهل الكتاب أضعاف أضعاف أولئك # والذين أذلهم الله من أهل الكتاب بالقهر والصغار أو من المشركين الذين أحدث فيهم الصغار فهؤلاء كان قهرهم رحمة لهم لئلا يعظم كفرهم ويكثر شرهم # ثم بعدهم حصل من الهدى والرحمة لغيرهم ما لا يحصيهم إلا الله وهم دائما يهتدى منهم ناس من بعد ناس ببركة ظهور دينه بالحجة واليد # فالمصلحة بإرساله وإعزازه وإظهار دينه فيها من الرحمة التي حصلت بذلك مالا نسبة لها إلى ما حصل بذلك لبعض الناس من شر جزئي إضافي لما في ذلك من الخير والحكمة أيضا إذ ليس فيما خلقه الله سبحانه شر محض أصلا بل هو شر بالإضافة

& فصل الحسنات أمور وجودية & #33 الفرق الخامس أن ما يحصل للإنسان من الحسنات التي يعملها كلها أمور وجودية أنعم الله بها عليه وحصلت بمشيئة الله ورحمته وحكمته وقدرته وخلقه ليس في الحسنات أمر عدمي غير مضاف إلى الله بل كلها أمر وجودي وكل موجود وحادث فالله هو الذي يحدثه # وذلك أن الحسنات إما فعل مأمور به أو ترك منهي عنه والترك أمر وجودي فترك الإنسان لما نهى عنه ومعرفته بأنه ذنب قبيح وبأنه سبب للعذاب وبغضه وكراهته له ومنع نفسه منه إذا هويته واشتهيته وطلبته كل هذه أمور وجودية كما أن معرفته بأن الحسنات كالعدل والصدق حسنة



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس