عرض مشاركة واحدة
قديم 16 Mar 2010, 01:56 AM   #7
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الأمرالسادس: الدعوة إلى الله :
أن يكون داعياً بعلمه إلى الله – عز وجل – يدعو في كل مناسبة في المساجد، وفي المجالس، وفي الأسواق وفي كل مناسبة، هذا النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن آتاه الله النبوة والرسالة ما جلس في بيته بل كان يدعو الناس ويتحرك، وأنا لا أريد من طلبة العلم أن يكونوا نسخاً من كتب، ولكني أريد منهم أن يكونوا علماء عاملين.
الأمر السابع: الحكمة :
أن يكون متحلياً بالحكمة، حيث يقول الله تعالي:] يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [ (البقرة: الآية269) والحكمة أن يكون طالب العلم مربياً لغيره بما يتخلق به من الأخلاق، وبما يدعو إليه من دين الله – عز وجل – بحيث يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله، وإذا سلكنا هذا الطريق حصل لنا خير كثير كما قال ربنا – عز وجل:- ] وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [ (البقرة: الآية269) .
والحكيم هو : الذي ينزل الأشياء منازلها ، لأن الحكيم مأخوذ من الإحكام وهو الإتقان، وإتقان الشيء أن ينزله منزلته، فينبغي بل يجب على طالب العلم أن يكون حكيماً في دعوته.
وقد ذكر الله مراتب الدعوة في قوله تعالى: ])ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )(النحل: الآية125) وذكر الله تعالى مرتبة رابعة في جدال أهل الكتاب فقال تعالى:])وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) (العنكبوت: الآية46) .فيختار طالب العلم من أساليب الدعوة ما يكون أقرب إلى القبول، ومثال ذلك في دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، جاء أعرابي فبال في جهة من المسجد، فقام إليه الصحابة يزجرونه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما قضى بوله دعاه النبي وقال له: (( إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن )) (20) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، أرأيتم أحسن من هذه الحكمة؟ فهذا الأعرابي انشرح صدره واقتنع حتى إنه قال (( اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحداً)) .
وقصة أخرى عن معاوية بن الحكم السُلميّ ، قال: بيْنا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله فرجاني القوم بأبصارهم فقلت : واُثكل أُمياه! ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتونني، لكنّي سكتٌ. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبأبي هو وأمي ! ما رأيت معلماً بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ! ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: (( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن )) (21) ومن هنا نجد أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون بالحكمة كما أمر الله – عز وجل -.
ومثال آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً وفي يده خاتم ذهب وخاتم الذهب حرام على الرجال، فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم من يده ورمى به، وقال: (( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده )) (22) ولما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل : خذ خاتمك انتفع به، فقال: والله لا
آخذ خاتماً طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلوب التوجيه هنا أشد؛ لأن لكل مقام مقالاً، وهكذا ينبغي لك من يدعو إلى الله أن ينزل الأمور منازلها وألا يجعل الناس على حد سواء، والمقصود حصول المنفعة.
وإذا تأملنا ما عليه كثير من الدعاة اليوم وجدنا أن بعضهم تأخذه الغيرة حتى ينفر الناس من دعوته، لو وجد أحداً يفعل شيئاً محرماً لوجدته يشهر به بقوة وبشدة يقول: ما تخاف الله، ما تخشى الله، وما أشبه ذلك حتى ينفر منه، وهذا ليس بطيب؛ لأن هذا يقابل بالضد، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – لما نقل عن الشافعي – رحمه الله – ما يراه في أهل الكلام، حينما قال: (( حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في العشائر ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام )).
قال شيخ الإسلام: إن الإنسان إذا نظر إلى هؤلاء وجدهم مستحقين لما قاله الشافعي من وجه، ولكنه إذا نظر إليهم بعين القدر، والحيرة قد استولت عليهم والشيطان قد استحوذ عليهم، فإنه يرق لهم ويرحمهم، ويحمد الله أن عافاه مما ابتلاهم به، أو توا ذكاءً وما أوتوا زكاء، أو أوتوا فهوما وما أوتوا علوما، أو أوتوا سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء.
هكذا ينبغي لنا أيها الإخوة أن ننظر إلى أهل المعاصي بعينين: عين الشرع، وعين القدر، عين الشرع أي لا تأخذنا في الله لومة لائم كما قال تعالى عن الزانية والزاني:(فاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [ (النور: الآية2)
وننظر إليهم بعين القدر فنرحمهم ونرق لهم ونعاملهم بما نراه أقرب إلى حصول المقصود وزوال المكروه، وهذا من آثار طالب العلم بخلاف الجاهل الذي عنده غيرة، لكن ليس عنده علم، فطالب العلم الداعية إلى الله يجب أن يستعمل الحكمة.
الأمر الثامن: أن يكون الطالب صابراً على العلم:
أي مثابراً عليه لا يقطعه ولا يمل بل يكون مستمراً في تعلمه بقدر المستطاع، وليصبر على العلم، ولا يمل فإن الإنسان إذا طرقه الملل استحسر وترك، ولكن إذا كان مثابراً على العلم فإنه ينال أجر الصابرين من وجه، وتكون له العاقبة من وجه آخر، واستمع إلى قول الله – عز وجل – مخاطباً نبيه : ] تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [ (هود الآية:49) .
الأمر التاسع : احترام العلماء وتقديرهم:
إن على طلبة العلم احترام العلماء وتقديرهم، وأن تتسع صدورهم لما يحصل من اختلاف بين العلماء وغيرهم ، وأن يقابلوا هذا بالاعتذار عمن سلك سبيلاً خطأ في اعتقادهم، وهذه نقطة مهمة جداً؛ لأن بعض الناس يتتبع أخطاء الآخرين، ليتخذ منها ما ليس لائقا في حقهم ، ويشوش على الناس سمعتهم، وهذا أكبر الأخطاء، وإذا كان اغتياب العامي من الناس من كبائر الذنوب فإن اغتياب العالم أكبر وأكبر؛ لأن اغتياب العالم لا يقتصر ضرره على العالم بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي.
والناس إذا زهدوا في العالم أو سقط من أعينهم تسقط كلمته أيضاً . وإذا كان يقول الحق ويهدي إليه فإن غيبة هذا الرجل لهذا العالم تكون حائلاً بين الناس وبين علمه الشرعي، وهذا خطره كبير وعظيم.
أقول: إن على هؤلاء الشباب أن يحملوا ما يجري بين العلماء من الاختلاف على حسن النية، وعلى الاجتهاد، وأن يعذروهم فيما اخطأوا فيه، ولا مانع أن يتكلموا معهم فيما يعتقدون أنه خطأ، ليبينوا لهم هل الخطأ منهم أومن الذين قالوا إنهم أخطأوا؟ لأن الإنسان أحياناً يتصور أن قول العالم خطأ، ثم بعد المناقشة يتبين له صوابه. والإنسان بشر (( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون))(23)
أما أن يفرح بزلة العالم وخطئه ، ليشيعها بين الناس فتحصل الفرقة، فإن هذا ليس من طريق السلف.
وكذلك أيضاً ما يحصل من الأخطاء من الأمراء، لا يجوز لنا أن نتخذ ما يخطئون فيه سٌلّماً للقدح فيهم في كل شيء ونتغاضي عما لهم من الحسنات؛ لأن الله يقول في كتابه: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا[ (المائدة: الآية8). يعني لا يحملكم بغض قوم على عدم العدل، فالعدل واجب، ولا يحل للإنسان أن يأخذ زلات أحد من الأمراء أو العلماء أو غيرهم فيشيعها بين الناس ، ثم يسكت عن حسناتهم، فإن هذا ليس بالعدل . وقس هذا الشيء على نفسك لو أن أحداً سٌلط عليك وصار ينشر زلاتك وسيئاتك، ويخفي حسناتك وإصاباتك ، لعددت ذلك جناية منه عليك، فإذا كنت ترى ذلك في نفسك؛ فإنه يجب عليك أن ترى ذلك في غيرك، وكما أشرت آنفاً إلى أن علاج ما تظنه خطأ أن تتصل بمن رأيت أنه أخطأ، وأن تناقشه، ويتبين الموقف بعد المناقشة .
فكم من إنسان بعد المناقشة يرجع عن قوله إلى ما يكون هو الصواب، وكم من إنسان بعد المناقشة يكون قوله هو الصواب، وظننا هو الخطأ. (( فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) (24) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه)( 25) ، وهذا هو العدل والاستقامة.
الأمر العاشر: التمسك بالكتاب والسنة:
يجب على طلبة العلم الحرص التام على تلقي العلم والأخذ من أصوله التي لا فلاح لطالب العلم إن لم يبدأ بها، وهي:
1- القران الكريم : فإنه يجب على طالب العلم الحرص عليه قراءةً وحفظاً وفهماً وعملاً به، فإن القرآن هو حبل الله المتين ، وهو أساس العلوم، وقد كان السلف يحرصون عليه غاية الحرص فيذكرعنهم الشيء العجيبمن حرصهم على القرآن ، فتجد أحدهم حفظ القرآن وعمره سبع سنوات، وبعضهم حفظ القرآن في أقل من شهر، وفي هذا دلالة على حرص السلف – رضوان الله عليهم – على القرآن ، فيجب على طالب العلم الحرص عليه وحفظه على يد أحد المعلمين؛ لأن القرآن يؤخذ عن طريق التلقي.
وإنه مما يؤسف له أن تجد بعض طلبة العلم لا يحفظ القرآن ، بل بعضهم لا يحسن القراءة، وهذا خلل كبير في منهج طلب العلم. لذلك أكرر أنه يجب على طلبة العلم الحرص على حفظ القرآن والعمل به والدعوة إليه وفهمه فهماً مطابقاً لفهم السلف الصالح.
2- السنة الصحيحة: فهي ثاني المصدرين للشريعة الإسلامية، وهي الموضحة للقرآن الكريم، فيجب على طالب العلم الجمع بينهما والحرص عليهما، وعلى طالب العلم حفظ السنة، إما بحفظ نصوص الأحاديث أو بدراسة أسانيدها ومتونها وتمييز الصحيح من الضعيف، وكذلك يكون حفظ السنة بالدفاع عنها والرد على شبهات أهل البدع في السنة.
فيجب على طالب العلم أن يلتزم بالقرآن والسنة الصحيحة، وهما له – إي طالب العلم – كالجناحين للطائر إذا انكسر أحدهما لم يطر.
لذلك لا تراعي السنة وتغفل عن القرآن ، أو تراعي القرآن وتغفل عن السنة ، فكثير من طلبة العلم يعتني بالسنة وشروحها ورجالها، ومصطلحاتها اعتناءً كاملاً؛ لكن لو سألته عن آية من كتاب الله لرأيته جاهلا بها، وهذا غلط كبير، فلا بد أن يكون الكتاب والسنة جناحين لك يا طالب العلم، وهناك شيء ثالث مهم وهو كلام العلماء، فلا تهمل كلام العلماء ولا تغفل عنه ؛ لأن العلماء أشد رسوخاً منك في العلم، وعندهم من قواعد الشريعة وأسرارها وضوابطها ما ليس عندك ولهذا كان العلماء الأجلاء المحققون إذا ترجح عندهم قول، يقولون: إن كان أحد قال به وإلا فلا نقول به، فمثلا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- على علمه وسعة اطلاعه إذا قال قولاً لا يعلم به قائلاً قال : أنا أقول به إن كان قد قيل به، ولا يأخذ برأيه.
لذا يجب على طالب العلم الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يستعين بكلام العلماء .
والرجوع إلى كتاب الله يكون بحفظه وتدبره والعمـل على ما جاء به؛ لأن الله يقول: ] كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[(ص الآيةّ:29) (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ[ وتدبر الآيات يوصل إلى فهم المعنى،] وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [. والتذكر هو العمل بهذا القرآن.
نزل هذا القرآن لهذه الحكمة، وإذا كان نزل لذلك؛ فلنرجع إلى الكتاب لنتدبره ولنعلم معانيه، ثم نطبق ما جاء به ووالله إن فيه سعادة الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: ] فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى[] ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [ (طـه: الآيتان 123 ، :124)
ولهذا لا تجد أحداً أنعم بألاً ، ولا أشرح صدراً ، ولا أشد طمأنينة في قلبه من المؤمن أبداً ، حتى وإن كان فقيراً ، فالمؤمن أشد الناس انشراحاً ، وأشد الناس اطمئناناً ، وأوسع الناس صدراً وأقرأوا إن شئتم قول الله تعالى:] مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون [ (النحل الآية:97) .



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس