*( أخيرٌ ما أصابك أم شرّ )*
❀
أخيرٌ ما أصابك أم شرّ :
إنّ الخير والشرّ ليختلطان على العبدِ حتى يظنّ أنه ما رأى خيراً قَط لِما يظنّ من شرّ حاله ، وربّما يظنُّ أنّه لم يرَ شرّاً قطُّ لما يظنّ من خيرِ أحواله .
قال عمر بن الخطاب : لو عُرضت الأقدارُ على الناس لاختار العبد ما اختاره الله له ، وهذا ما لن يحصل إلا باليقين والثقة التامّة أنّ ما عند الله خيرٌ وأبقى، وأنه تعالى يُولِجُ الخيرَ من ظُلمة الشر .
والجديرُ بالذكر أنّ العبدَ هلوعً جزوعٌ عجولٌ، وأنّ نعمةَ النسيانِ التي منحنا الله إيَاها تحتاجُ لليقينِ دائماً أن الله لا ينسى ، فكم قائلٍ منّا بين يدي ربّه " اللهم دبّر لي " وهيئ لي من أمري رشداً " !
ما ظننتَ أنّ خسارتك لهُ شرٌ هو ربّما كان إجابةً لدعوتك تلكْ ، وما ظننتَ أنّ تعسّر ما أقدمتَ عليه ' حتى الآن - شرٌ هو ربّما تهيئةُ اللهِ التي رجوتَه بها ، فلا تجزع ، وكن راضياً حامداً لأنعمِ الله عليك .
عندما خرجَ سيّدنا موسى برفقة الخضر عليهما السلام ، حدثت الحوادثُ الثلاثة التي نعلمها جميعاً.
أمّا الأولى مما نعلم ، فلقد ظنّ أصحاب السفينةِ أنّهم قد أهُلِكوا وأُريدَ بهم شرٌ ، وودّ أحدهم لو يُعمّر لينتقمَ ممن خرَق سفينتهم ، كيف لا وقد أصابَ بعضُ ذلك رسول الله حينما استنكر على صاحبه فِعلته ، لكنّ الخير قد تمّ والعِلمُ به كان قريبْ ، فحمَدوا الله على نجاتهم بما ظنّوه شرّا من الشرِّ الأكبر .
وأمّا الثانية ، فقد عاشت أمّ الغلام وجميع أهله يحسبونَ أنّ موته شرٌ ، وقد قُتِل ظُلماً ، وهذا ما قد يحدثُ معنا جميعاً فنموتَ قهراً إن لم نصبِر ونوقِن بقدرِ الله ورحمته .
والثالثةُ خيرٌ ظاهرُها وباطنها ، ولذا كان من أدبِ نبي الله أن قال : " فأرادَ ربُك " ولم يقل" أردتُ " عندما كان الظاهرُ شرّا وسيدوم ، و " أردنا " عندما كان الظاهر بعكس الخير المختبئِ لوقتٍ قصير.
فارضَ بالأولى إن أصابتك واصبِر ، واصبر على الثانيةِ إن أتتكَ تَرضَ ، وأبشِر بالثالثةِ إن كنتَ فيما سبقَ راضياً وفيما مضى صالحاً .☘️
|