عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:05 AM   #22
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض ^ # فإذا قيل إنه استثنى الملائكة والأنبياء كان في هذا إطماع لمن عندهم أن معبوديهم من دون الله يشفعون لهم وهذا مما يبين فساد القول المذكور عن قتادة # فإنه إذا كان المعنى أن المعبودين لا يشفعون إلا إذا كانوا ملائكة أو أنبياء كان في هذا إثبات شفاعة المعبودين لمن عبدوهم إذا كانوا صالحين والقرآن كله يبطل هذا المعنى ولهذا قال تعالى ^ وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ^ وقال تعالى ^ وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ^ فبين أنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الرب فعلم أنه لا بد أن يؤذن لهم فيمن يشفعون فيه وأنهم لا يؤذن لهم إذن مطلق # وأيضا فإن في القرآن إذا نفي الشفاعة من دونه نفاها مطلقا فإن قوله ^ من دونه ^ إما أن يكون متصلا بقوله ^ يملكون ^ أو بقوله ^ يدعون ^ أو بهما فالتقدير لا يملك الذين يدعونهم الشفاعة من دونه أو لا يملك الذين يدعونهم من دونه أن يشفعوا وهذا أظهر لأنه قال ^ ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ^ فأخر الشفاعة وقدم من دونه # ومثل هذا كثير في القرآن يدعون من دون الله ويعبدون من دون

الله كقوله ^ ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ^ وقوله ^ ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك ^ # بخلاف ما إذا قيل لا يملك الذين يدعون الشفاعة من دونه فإن هذا لا نظير له في القرآن واللفظ المستعمل في هذا أن يقال لا يملك الذين يدعون الشفاعة إلا بإذنه أو لمن ارتضى ونحو ذلك لا يقال في هذا المعنى من دونه فإن الشفاعة هي من عنده فكيف تكون من دونه لكن قد تكون بإذنه وقد تكون بغير إذنه # وأيضا فإذا قيل ^ الذين يدعون ^ مطلقا دخل فيه الرب تعالى فإنهم كانوا يدعون الله ويدعون معه غيره ولهذا قال ^ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ^ # والتقدير الثالث لا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة من دونه وهذا أجود من الذي قبله ولكن يرد عليه ما يرد على الأول & من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه & #104 ومما يضعفهما أن الشفاعة لم تذكر بعدها صلة لها بل قال ^ لا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ^ ففي ملكهم الشفاعة مطلقا وهذا هو الصواب وأن كل من دعي من دون الله لا يملك الشفاعة فإن المالك للشيء هو الذي يتصرف فيه بمشيئته وقدرته والرب تعالى لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه فلا يملك أحد من المخلوقين الشفاعة بحال ولا يقال في هذا ^ إلا بإذنه ^ إنما يقال ذلك في الفعل فيقال ^ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ^

# وأما في الملك فلا يمكن أن يكون غيره مالكا لها فلا يملك مخلوق الشفاعة بحال ولا يتصور أن يكون نبي فمن دونه مالكا لها بل هذا ممتنع كما يمتنع أن يكون خالقا وربا وهذا كما قال ^ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ومالهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير ^ فنفى الملك مطلقا ثم قال ^ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ^ فنفى نفع الشفاعة إلا لمن استثناه لم يثبت أن مخلوقا يملك الشفاعة بل هو سبحانه له الملك وله الحمد لا شريك له في الملك قال تعالى ^ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا ^ # ولهذا لما نفى الشفعاء من دونه نفاهم نفيا مطلقا بغير استثناء وإنما يقع الاستثناء إذا لم يقيدهم بأنهم من دونه كما قال تعالى ^ وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ^ وكما قال تعالى ^ وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع ^ وكما قال تعالى ^ مالكم من دونه من ولي ولا شفيع ^ فلما قال من دونه نفى الشفاعة مطلقا وإذ ذكر بإذنه لم يقل من دونه كقوله ^ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ^ وقوله ^ ما من شفيع إلا من بعد إذنه ^ & القرآن متشابه ومثاني & #105 فمن تدبر القرآن تبين له أنه كما قال تعالى ^ الله نزل أحسن

الحديث كتابا متشابها مثاني ^ يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا ليس بمختلف ولا بمتناقض ^ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ^ # وهو مثاني يثني الله فيه الأقسام ويستوفيها # والحقائق إما متماثلة وهو المتشابه وإما مماثلة وهي الأصناف والأقسام والأنواع وهي المثاني # والتثنية يراد بها جنس التعديد من غير اقتصار على اثنين فقط كما في قوله تعالى ^ ارجع البصر كرتين ^ يراد به مطلق العدد كما تقول قلت له مرة بعد مرة تريد جنس العدد وتقول هو يقول كذا ويقول كذا وإن كان قد قال مرات كقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل يقول بين السجدتين رب اغفر لي رب اغفر لي لم يرد أن هذا قاله مرتين فقط كما يظنه بعض الناس الغالطين بل يريد أنه جعل يثني هذا القول ويعدده ويكرره كما كان يثني لفظ التسبيح # وقد قال حذيفة رضي الله عنه في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم إنه ركع نحوا من قيامه يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم وذكر أنه سجد نحوا من قيامه ويقول في سجوده رب اغفر لي رب اغفر لي # وقد صرح في الحديث الصحيح أنه أطال الركوع والسجود بقدر البقرة والنساء وآل عمران فإنه قام بهذه السور كلها وذكر أنه كان يقول سبحان

ربي العظيم سبحان ربي العظيم سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى فعلم أنه أراد بتثنية اللفظ جنس التعداد والتكرار لا الاقتصار على مرتين فإن الاثنين أول العدد الكثير فذكر أول الأعداد يعني أنه عدد هذا اللفظ لم يقتصر على مرة واحدة فالتثنية التعديد والتعديد يكون للأقسام المختلفة # وليس في القرآن تكرار محض بل لا بد من فوائد في كل خطاب # فالتشابه في النظائر المتماثلة والمثاني في الأنواع وتكون التثنية في المتشابه أي هذا المعنى قد ثنى في القرآن لفوائد أخر ف ( الثانى ) لأهل لا إله إلا الله & #106 والمقصود هنا أن قوله ^ ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ^ قد تم الكلام هنا فلا يملك أحد من المعبودين من دون الله الشفاعة ألبتة ثم استثنى ^ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ^ فهذا استثناء منقطع والمنقطع يكون بالمعنى المشترك بين المذكورين فلما نفى ملكهم الشفاعة بقيت الشفاعة بلا مالك لها # كأنه قد قيل فإذا لم يملكوها هل يشفعون في أحد فقال نعم من شهد بالحق وهم يعلمون # وهذا يتناول الشافع والمشفوع له فلا يشفع إلا من شهد بالحق وهم يعلمون فالملائكة والأنبياء والصالحون وإن كانوا لا يملكون الشفاعة لكن إذا أذن الرب لهم شفعوا وهم لا يؤذن لهم في الشفاعة للمؤمنين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله فيشهدون بالحق وهم يعلمون لا يشفعون لمن قال هذه الكلمة تقليدا للآباء والشيوخ كما جاء الحديث الصحيح أن الرجل يسأل في قبره

ما تقول في هذا الرجل فأما المؤمن فيقول هو عبد الله ورسوله جاءنا بالبينات والهدى وأما المرتاب فيقول هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقتله فلهذا قال ^ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ^ # وقد تقدم قول ابن عباس يعني من قال لا إله إلا الله يعني خالصا من قلبه والأحاديث الصحيحة الواردة في الشفاعة كلها تبين أن الشفاعة إنما تكون في أهل لا إله إلا الله # وقد ثبت في صحيح البخاري أن أبا هريرة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة قال يا أبا هريرة لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه # فبين أن المخلص لها من قبل نفسه هو أسعد بشفاعته صلى الله عليه وسلم من غيره ممن يقولها بلسانه وتكذبها أقواله وأعماله # فهؤلاء هم الذين شهدوا بالحق شهدوا أن لا إله إلا الله كما شهد الله لنفسه بذلك وملائكته وأولوا العلم ^ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ^ # فإذا شهدوا وهم يعلمون كانوا من أهل الشفاعة شافعين ومشفوعا لهم فإن المؤمنين أهل التوحيد يشفع بعضهم في بعض كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الطويل حديث التجلي والشفاعة حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استيفاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين

في النار يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون فيقال لهم أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار وذكر تمام الحديث وسبب نزول الآية على ما ذكروه مؤيد لما ذكره # قال أبو الفرج ابن الجوزي سبب نزولها أن النضر بن الحرث ونفرا معه قالوا إن كان ما يقول محمد حقا فنحن نتولى الملائكة فهم أحق بالشفاعة من محمد فنزلت هذه الآية قاله مقاتل # وعلى هذا فيقصد أن الملائكة وغيرهم لا يملكون الشفاعة فليس توليكم إياهم واستشفاعكم بهم بالذي يوجب أن يشفعوا لكم فإن أحدا ممن يدعي من دون الله لا يملك الشفاعة ولكن ^ من شهد بالحق وهم يعلمون ^ فإن الله يشفع فيه # فالذي تنال به الشفاعة هي الشهادة بالحق وهي شهادة أن لا إله إلا الله لا تنال بتولي غير الله لا الملائكة ولا الأنبياء ولا الصالحين & من تشفع بغير الله & #107 فمن والى أحد من هؤلاء ودعاه وحج إلى قبره أو موضعه ونذر له وحلف به وقرب له القرابين ليشفع له لم يغن ذلك عنه من الله شيئا وكان من أبعد الناس عن شفاعته وشفاعة غيره فإن الشفاعة إنما تكون لأهل توحيد الله وإخلاص القلب والدين له ومن تولى أحدا من دون الله فهو مشرك # فهذا القول والعبادة الذي يقصد به المشركون الشفاعة يحرم عليهم الشفاعة فالذين عبدوا الملائكة والأنبياء والأولياء والصالحين ليشفعوا لهم كانت عبادتهم إياهم وإشراكهم بربهم الذي به طلبوا شفاعتهم به حرموا شفاعتهم وعوقبوا بنقيض قصدهم لأنهم اشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا

# وكثير من أهل الضلال يظن أن الشفاعة تنال بهذه الأمور التي فيها شرك أو هي شرك خالص كما ظن ذلك المشركون الأولون وكما يظنه النصارى ومن ضل من المنتسبين إلى الإسلام الذين يدعون غير الله ويحجون إلى قبره أو مكانه وينذرون له ويحلفون به ويظنون أنه بهذا يصير شفيعا لهم قال تعالى ^ قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ايهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا ^ # قال طائفة من السلف كان أقوام يعبدون المسيح والعزير والملائكة فبين الله أنهم لا يملكون كشف الضر عنهم ولا تحويله كما بين أنهم لا يملكون الشفاعة وهذا لا استثناء فيه وإن كان الله يجيب دعاءهم ثم قال ^ أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا ^ فبين أن هؤلاء المزعومين الذين يدعونهم من دون الله كانوا يرجون رحمة الله ويخافون عذابه ويتقربون إليه بالأعمال الصالحة كسائر عبادة المؤمنين وقد قال تعالى ^ ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ^ & ضلال الناس في الشفاعة & #108 وللناس في الشفاعة أنواع من الضلال قد بسطت في غير هذا الموضع # فكثير منهم يظن أن الشفاعة هي بسبب اتصال روح الشافع بروح المشفوع له كما ذكر ذلك أبو حامد الغزالي وغيره ويقولون من كان أكثر صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان أحق بالشفاعة



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس