عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 30 Apr 2023, 10:59 PM
ابن الورد
الحسني
ابن الورد متصل الآن
Saudi Arabia    
لوني المفضل Cadetblue
 رقم باحث : 1
 تاريخ التسجيل : Feb 2005
 فترة الأقامة : 7002 يوم
 أخر زيارة : اليوم (10:04 AM)
 الإقامة : بلاد الحرمين الشريفين
 المشاركات : 17,408 [ + ]
 التقييم : 24
 معدل التقييم : ابن الورد تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
نسبة طب الأطباء إلى النبي كنسبة طِبِّ الطَّرْقِيَّةِ وَالْعَجَائِزِ إِلَى طِبِّهِمْ،



من كتاب الظب التبوي لإبن القيم :
نِسْبَةُ طِبِّ الْأَطِبَّاءِ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ طِبِّ الطَّرْقِيَّةِ وَالْعَجَائِزِ إِلَى طِبِّهِمْ،
وَقَدِ اعْتَرَفَ بِهِ حُذَّاقُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ، فَإِنَّ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بِالطِّبِّ
مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ قِيَاسٌ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ تَجْرِبَةٌ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ:هُوَ إِلْهَامَاتٌ، وَمَنَامَاتٌ، وَحَدْسٌ صَائِبٌ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أُخِذَ كَثِيرٌ مِنْهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْبَهِيمِيَّةِ كَمَا نُشَاهِدُ السَّنَانِيرَ إِذَا أَكَلَتْ ذَوَاتِ السُّمُومِ تَعْمِدُ إِلَى السِّرَاجِ فَتَلَغُ فِي الزَّيْتِ تَتَدَاوَى بِهِ،
وَكَمَا رُئِيَتِ الْحَيَّاتُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ بُطُونِ الْأَرْضِ وَقَدْ عَشِيَتْ أَبْصَارُهَا تَأْتِي إِلَى وَرَقِ الرَّازِيَانِجِ فَتُمِرُّ عُيُونَهَا عَلَيْهَا.

وَكَمَا عُهِدَ مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي يَحْتَقِنُ بِمَاءِ الْبَحْرِ عِنْدَ انْحِبَاسِ طَبْعِهِ،

وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ فِي مَبَادِئِ الطِّبِّ.

وَأَيْنَ يَقَعُ هَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْوَحْيِ الَّذِي يُوحِيهِ اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ بِمَا يَنْفَعُهُ وَيَضُرُّهُ

فَنِسْبَةُ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الطِّبِّ إِلَى هَذَا الْوَحْيِ كَنِسْبَةِ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعُلُومِ إِلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ

بَلْ هَاهُنَا مِنَ الْأَدْوِيَةِ الَّتِي تَشْفِي مِنَ الْأَمْرَاضِ مَا لَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهَا عُقُولُ أَكَابِرِ الْأَطِبَّاءِ،

وَلَمْ تَصِلْ إِلَيْهَا عُلُومُهُمْ وَتَجَارِبُهُمْ وَأَقْيِسَتُهُمْ مِنَ الْأَدْوِيَةِ الْقَلْبِيَّةِ، وَالرُّوحَانِيَّةِ، وَقُوَّةِ الْقَلْبِ وَاعْتِمَادِهِ عَلَى اللَّهِ،
وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَالِالْتِجَاءِ إلَيْهِ، وَالِانْطِرَاحِ وَالِانْكِسَارِ بَيْنَ يَدْيِهِ، وَالتَّذَلُّلِ لَهُ، وَالصَّدَقَةِ، وَالدُّعَاءِ،
وَالتَّوْبَةِ، وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلْقِ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، وَالتَّفْرِيجِ عَنِ الْمَكْرُوبِ،

فَإِنَّ هَذِهِ الْأَدْوِيَةَ قَدْ جَرَّبَتْهَا الْأُمَمُ عَلَى اخْتِلَافِ أَدْيَانِهَا وَمِلَلِهَا، فَوَجَدُوا لَهَا مِنَ التَّأْثِيرِ فِي الشِّفَاءِ مَا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ عِلْمُ أَعْلَمِ الْأَطِبَّاءِ،
وَلَا تَجْرِبَتُهُ، وَلَا قِيَاسُهُ.وَقَدْ جَرَّبْنَا نَحْنُ وَغَيْرُنَا مِنْ هَذَا أُمُورًا كَثِيرَةً،

وَرَأَيْنَاهَا تَفْعَلُ مَا لَا تَفْعَلُ الْأَدْوِيَةُ الْحِسِّيَّةُ، بَلْ تَصِيرُ الْأَدْوِيَةُ الْحِسِّيَّةُ عِنْدَهَا بِمَنْزِلَةِ أَدْوِيَةِ الطَّرْقِيَّةِ، عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ،
وَهَذَا جَارٍ عَلَى قَانُونِ الْحِكْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ لَيْسَ خَارِجًا عَنْهَا،
وَلَكِنَّ الْأَسْبَابَ مُتَنَوِّعَةٌ :

فَإِنَّ الْقَلْبَ مَتَى اتَّصَلَ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَالِقِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ، وَمُدَبِّرِ الطَّبِيعَةِ وَمُصَرِّفِهَا عَلَى مَا يَشَاءُ كَانَتْ لَهُ أَدْوِيَةٌ أُخْرَى

غَيْرُ الْأَدْوِيَةِ الَّتِي يُعَانِيهَا الْقَلْبُ الْبَعِيدُ مِنْهُ الْمُعْرِضُ عَنْهُ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ مَتَى قَوِيَتْ، وَقَوِيَتِ النَّفْسُ وَالطَّبِيعَةُ تَعَاوَنَا عَلَى دَفْعِ الدَّاءِ وَقَهْرِهِ،

فَكَيْفَ يُنْكَرُ لِمَنْ قَوِيَتْ طَبِيعَتُهُ وَنَفْسُهُ، وَفَرِحَتْ بِقُرْبِهَا مِنْ بَارِئِهَا، وَأُنْسِهَا بِهِ، وَحُبِّهَا لَهُ،

وَتَنَعُّمِهَا بِذِكْرِهِ، وَانْصِرَافِ قُوَاهَا كُلِّهَا إلَيْهِ، وَجَمْعِهَا عَلَيْهِ، وَاسْتِعَانَتِهَا بِهِ، وَتَوَكُّلِهَا عَلَيْهِ،

أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهَا مِنْ أَكْبَرِ الْأَدْوِيَةِ، وَأَنْ تُوجِبَ لَهَا هَذِهِ الْقُوَّةُ دَفْعَ الْأَلَمِ بِالْكُلِّيَّةِ،

وَلَا يُنْكِرُ هَذَا إِلَّا أَجْهَلُ النَّاسِ، وَأَغْلَظُهُمْ حِجَابًا، وَأَكْثَفُهُمْ نَفْسًا، وَأَبْعَدُهُمْ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ حَقِيقَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ،
وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ السَّبَبَ الَّذِي بِهِ أَزَالَتْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ دَاءَ اللَّدْغَةِ عَنِ اللَّدِيغِ الَّتِي رُقِيَ بِهَا، فَقَامَ حَتَّى كَأَنَّ مَا بِهِ قَلَبَةٌ.
https://shamela.ws/book/21713/1521#p1




 توقيع : ابن الورد


رد مع اقتباس