عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:41 AM   #20
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


يكون أكبر من غيره أو أصغر ; جسما ; فهذا لا يوجد في لغة العرب ألبتة ولا يمكن أحد أن ينقل عنهم أنهم يسمون الهواء الذي بين السماء والأرض جسما ولا يسمون روح الإنسان جسما . بل من المشهور أنهم يفرقون بين الجسم والروح ; ولهذا قال تعالى { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } يعني أبدانهم دون أرواحهم الباطنة . وقد ذكر نقلة اللغة أن الجسم عندهم هو الجسد . ومن المعروف في اللغة أن هذا اللفظ يتضمن الغلظ والكثافة فلا يسمون الأشياء القائمة بنفسها إذا كانت لطيفة كالهواء وروح الإنسان وإن كان لذلك مقدار يكون به بعضه أكبر من بعض لكن لا يسمى في اللغة ذلك جسما ولا يقولون في زيادة أحدهما على الآخر : هذا أجسم من هذا ولا يقولون هذا المكان الواسع أجسم من هذا المكان الضيق ; وإن كان أكبر منه وإن كانت أجزاؤه زائدة على أجزائه عند من يقول بأنه مركب من الأجزاء . فليس كل ما هو مركب عندهم من الأجزاء يسمى جسما ولا يوجد في الكلام قبض جسمه ولا صعد بجسمه إلى السماء ولا أن الله يقبض أجسامنا حيث يشاء ويردها حيث شاء : إنما يسمون ذلك روحا ويفرقون بين مسمى الروح ومسمى الجسم كما يفرقون بين البدن والروح وكما يفرقون بين الجسد والروح فلا يطلقون لفظ الجسم على الهواء ; فلفظ الجسم عندهم يشبه لفظ الجسد ; قال الجوهري : الجسد البدن تقول فيه تجسد كما تقول في الجسم تجسم ; كما تقدم نقله عن أئمة اللغة أن الجسم هو الجسد . فعلم أن هذين اللفظين مترادفان أو قريب من الترادف ; ولهذا يقولون لهذا الثوب جسد ; كما يقولون له جسم إذا كان غليظا ثخينا صفيقا وتقول العلماء النجاسة قد تكون مستجسدة كالدم والميتة وقد لا تكون مستجسدة كالرطوبة ويسمون الدم جسدا كما قال النابغة : - فلا لعمر الذي قد زرته حججا وما أريق على الأنصاب من جسد كما يقولون : له جسم . فبطل ما ذكروه عن اللغة أن كل ما يتميز منه شيء عن شيء يسمونه جسما . " المقدمة الثانية " : أنه لو سلم ذلك فقولهم : إن هذا " جسم " يطلقونه عند تزايد الأجزاء هو مبني على أن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة : وهذا لو قدر أنه صحيح ; فأهل اللغة لم يعتبروه ولا قال أحد منهم ذلك ; فعلم أنهم إنما لحظوا غلظه وكثافته . وأما كونهم اعتبروا كثرة الأجزاء وقلتها : فهذا لا يتصوره أكثر عقلاء بني آدم فضلا عن أن ينقل عن أهل اللغة قاطبة أنهم أرادوا ذلك بقولهم جسيم وأجسم . والمعنى المشهور في اللغة لا يكون مسماه ما لا يفهمه إلا بعض الناس وإثبات الجواهر المنفردة أمر خص به بعض الناس ; فلا يكون مسمى الجسم في اللغة ما لا يعرفه إلا بعض الناس وهو المركب من ذلك . وأما " الأصل الثاني العقلي " فقولهم ; إن كل ما يشار إليه بأنه هنا أو هناك ; فإنه مركب من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة . وهذا بحث عقلي وأكثر عقلاء بني آدم - من أهل الكلام وغير أهل الكلام - ينكرون أن يكون ذلك مركبا من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة وإنكار ذلك قول ابن كلاب وأتباعه من الكلابية - وهو إمام الأشعري في مسائل الصفات - وهو قول الهشامية والنجارية والضرارية وبعض الكرامية . وهؤلاء الذين أثبتوا " الجوهر الفرد " زعموا أنا لا نعلم : لا بالحس ولا بالضرورة أن الله أبدع شيئا قائما بنفسه وأن جميع ما نشهده مخلوق - من السحاب والمطر والحيوان والنبات والمعدن وبني آدم وغير بني آدم - فإن ما فيه أنه أحدث أكوانا في الجواهر المنفردة كالجمع والتفريق والحركة والسكون وأنكر هؤلاء أن يكون الله لما خلقنا أحدث أبداننا قائمة بأنفسها أو شجرا وثمرا أو شيئا آخر قائما بنفسه وإنما أحدث عندهم أعراضا . وأما الجواهر المنفردة فلم تزل موجودة . ثم من يقول : إنها محدثة منهم من يقول : إنهم علموا حدوثها بأنها لم تخل من الحوادث وما لم يخل من الحوادث ; فهو حادث . قالوا : فبهذا " الدليل العقلي " وأمثاله علمنا أنه ما أبدع شيئا قائما بنفسه ; لأنا نشهده من حلول الحوادث المشهودة كالسحاب والمطر . وهؤلاء في " معاد الأبدان " يتكلمون فيه على هذا الأصل : فمنهم من يقول يفرق الأجزاء ثم يجمعها . ومنهم من يقول : يعدمها ثم يعيدها . واضطربوا ههنا فيما إذا أكل حيوان حيوانا فكيف يعاد ؟ وادعى بعضهم أن الله يعدم جميع أجزاء العالم ; ومنهم من يقول : هذا ممكن لا نعلم ثبوته ولا انتفاءه . ثم " المعاد " عندهم يفتقر أن يبتدئ هذه الجواهر والجهم بن صفوان منهم يقول بعدمها بعد ذلك ويقول بفناء الجنة والنار لامتناع دوام الحوادث عنده في المستقبل كامتناع دوامها في الماضي وأبو الهذيل العلاف يقول بعدم الحركات وهؤلاء ينكرون استحالة الأجسام بعضها إلى بعض أو انقلاب جنس إلى جنس بل الجواهر عندهم متماثلة والأجسام مركبة منها وما ثم إلا تغيير التركيب فقط لا انقلاب ولا استحالة . ولا ريب أن جمهور العقلاء من المسلمين وغيرهم على إنكار هذا والأطباء والفقهاء ممن يقول باستحالة الأجسام بعضها إلى بعض كما هو موجود في كتبهم . والأجسام عندهم ليست متماثلة ; بل الماء يخالف الهواء والهواء يخالف التراب وأبدان الناس تخالف النبات ; ولهذا صارت النفاة إذا أثبت أحد شيئا من الصفات ; كان ذلك مستلزما لأن يكون الموصوف عندهم جسما - وعندهم الأجسام متماثلة - فصاروا يسمونه مشبها بهذه المقدمات التي تلزمهم مثل ما ألزموه لغيرهم وهي متناقضة لا يتصور أن ينتظم منها قول صحيح وكلها مقدمات ممنوعة عند جماهير العقلاء وفيها من تغيير اللغة والمعقول ما دخل بسبب هذه الأغاليط والشبهات حتى يبقى الرجل حائرا لا يهون عليه إبطال عقله ودينه والخروج عن الإيمان والقرآن ; فإن ذلك كله متطابق على إثبات الصفات . ولا يهون عليه التزام ما يلزمونه من كون الرب مركبا من الأجزاء ومماثلا للمخلوقات ; فإنه يعلم أيضا بطلان هذا وإن الرب عز وجل يجب تنزيهه عن هذا ; فإنه سبحانه أحد صمد و " الأحد " ينفي التمثيل و " الصمد " ينفي أن يكون قابلا للتفريق والتقسيم والبعضية سبحانه وتعالى فضلا عن كونه مؤلفا مركبا : ركب وألف من الأجزاء ; فيفهمون من يخاطبون أن ما وصف به الرب نفسه لا يعقل إلا في بدن مثل بدن الإنسان بل وقد يصرحون بذلك ويقولون : الكلام لا يكون إلا من صورة مركبة مثل فم الإنسان ونحو ذلك مما يدعونه . وإذا قال " النفاة " لهم : متى قلتم إنه يرى ; لزم أن يكون مركبا مؤلفا ; لأن المرئي لا يكون إلا بجهة من الرائي وما يكون بجهة من الرائي لا يكون إلا جسما والجسم مؤلف مركب من الأجزاء . أو قالوا : إن الرب إذا تكلم بالقرآن أو غيره من الكلام ; لزم ذلك وإذا كان فوق العرش ; لزم ذلك وصار المسلم العارف بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن الله يرى في الآخرة لما تواتر عنده من الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وكذلك يعلم أن الله تكلم بالقرآن وغيره من الكلام ويعلم أن الله فوق العرش بما تواتر عنده عن الرسول بما يدل على ذلك مع ما يوافق ذلك من القضايا الفطرية التي خلق الله عليها عباده . وإذا قالوا له : - هذا



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس