عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:58 AM   #42
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


( والثاني) أن يقال : هب أنه لا يفتقر إلى خلق لكن يفتقر إلى سبب يحصل به الخلق . وإن لم يسم ذلك خلقا وذلك السبب إنما تم عند وجود الخلق ; فتمامه حادث وكل حادث فلا بد له من سبب ; إذ لو كان ذلك الخلق لا يفتقر إلى سبب حادث للزم وجود الحادث بلا سبب حادث . وإن قيل : إن السبب التام قديم ; لزم من ذلك تأخر المسبب عن سببه التام ; وهذا ممتنع . وهنا للقائلين بأن الخلق غير المخلوق وأن الخلق حادث ثلاثة أجوبة :
( أحدها) قول من يقول : الخلق الحادث لا يفتقر إلى سبب حادث لا إلى خلق ولا إلى غيره ; قالوا : أنتم يا معشر المنازعين كلكم يقول إنه قد يحدث حادث بلا سبب حادث فإنه من قال : المخلوق غير الخلق ; فالمخلوقات كلها حادثة عنده بلا سبب حادث ومن قال : الخلق قديم فلا ريب أن القديم لا اختصاص له بوقت معين ; فالمخلوق الحادث في وقته المعين له لم يحصل له سبب حادث . قالوا : وإذا كان هذا لازما على كل تقدير ; لم يخص بجوابه بل نقول المخلوق حدث بالخلق والخلق حصل بقدرة الله ومشيئته القديمة من غير افتقار إلى سبب آخر وهذا قول كثير من الطوائف من أهل الحديث والكلام كالكرامية وغيرهم .
( الجواب الثاني) قول من يقول من المعتزلة : إن الخلق الحادث قائم بالمخلوق أو قائم لا بمحل كما يقولون في الإرادة إنها حادثة لا في محل من غير سبب اقتضى حدوثها بل أحدثها بمجرد القدرة .
( الجواب الثالث): جواب معمر وأصحابه الذين يسمون " أهل المعاني " فإنهم يقولون بالتسلسل في آن واحد فيقولون : إن الخلق له خلق وللخلق خلق وللخلق خلق آخر وهلم جرا لا إلى نهاية وذلك موجود كله في آن واحد وهذا مشهور عنهم .
و( الجواب الرابع) قول من يقول : الخلق الحادث يفتقر إلى سبب حادث وكذلك ذلك السبب وهلم جرا . وهذا يستلزم دوام نوع ذلك وهذا غير ممتنع ; فإن مذهب السلف أن الله لم يزل متكلما إذا شاء وكلماته لا نهاية لها وكل كلام مسبوق بكلام قبله لا إلى نهاية محدودة وهو سبحانه يتكلم بقدرته ومشيئته . وكذلك يقولون : الحي لا يكون إلا فعالا كما قاله البخاري وذكره عن نعيم بن حماد . وعثمان بن سعيد وابن خزيمة وغيرهم ولا يكون إلا متحركا كما قال عثمان بن سعيد الدارمي وغيره وكل منهما يذكر أن ذلك مذهب أهل السنة . وهكذا يقول ذلك من أساطين الفلاسفة من ذكر قوله بذلك في غير هذا الموضع من متقدميهم ومتأخريهم . قالوا وهذا تسلسل في الآثار والبرهان إنما دل على امتناع التسلسل في المؤثرين فإن هذا مما يعلم فساده بصريح المعقول وهو مما اتفق العقلاء على امتناعه كما بسط الكلام عليه في موضع آخر . فأما كونه سبحانه وتعالى يتكلم كلمات لا نهاية لها وهو يتكلم بمشيئته وقدرته فهذا هو الذي يدل عليه صحيح المنقول وصريح المعقول وهو مذهب سلف الأمة وأئمتها والفلاسفة توافق على دوام هذا النوع وقدماء أساطينهم يوافقون على قيام ذلك بذات الله كما يقوله أئمة المسلمين وسلفهم . والذين قالوا إن ذلك ممتنع هم أهل الكلام المحدث في الإسلام من الجهمية والمعتزلة وهم الذين استدلوا على حدوث كل ما تقوم به الحوادث بامتناع حوادث لا أول لها . ومن هنا يظهر الأصل الثاني الذي تبنى عليه أفعال الرب تعالى اللازمة والمتعدية وهو أنه سبحانه هل تقوم به الأمور الاختيارية المتعلقة بقدرته ومشيئته أم لا ؟ فمذهب السلف وأئمة الحديث وكثير من طوائف الكلام والفلاسفة جواز ذلك . وذهب نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة والفلاسفة والكلابية من مثبتة الصفات إلى امتناع قيام ذلك به . أما " نفاة الصفات " فإنهم ينفون هذا وغيره ويقولون : هذا كله أعراض والأعراض لا تقوم إلا بجسم والأجسام محدثة فلو قامت به الصفات ; لكان محدثا . أما " الكلابية " فإنهم يقولون : نحن نقول تقوم به الصفات ولا نقول هي أعراض فإن العرض لا يبقى زمانين وصفات الرب تبارك وتعالى عندنا باقية بخلاف الأعراض القائمة بالمخلوقات ; فإن الأعراض عندنا لا تبقى زمانين . وأما جمهور العقلاء فنازعوهم في هذا وقالوا : بل السواد والبياض الذي كان موجودا من ساعة هو هذا السواد بعينه كما قد بسط في غير هذا الموضع إذ المقصود هنا التنبيه على مقالات الطوائف في هذا الأصل . قالت " الكلابية " : وأما الحوادث فلو قامت به للزم أن لا يخلو منها فإن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده . وإذا لم يخل منها لزم أن يكون حادثا فإن هذا هو الدليل على حدوث الأجسام . هذا عمدتهم في هذا الأصل ; والذين خالفوهم قد يمنعون المقدمتين كليهما وقد يمنعون واحدة منهما . وكثير من أهل الكلام والحديث منعوا الأولى : كالهشامية والكرامية ; وأبي معاذ وزهير الإبري وكذلك الرازي والآمدي وغيرهما من الأشعرية منعوا المقدمة الأولى وبينوا فسادها ; وأنه لا دليل لمن ادعاها على دعواه . بل قد يكون الشيء قابلا للشيء وهو خال منه ومن ضده كما هو الموجود ; فإن القائلين بهذا الأصل التزموا أن كل جسم له طعم ولون وريح ; وغير ذلك من أجناس الأعراض التي تقبلها الأجسام . فقال جمهور العقلاء : هذا مكابرة ظاهرة ; ودعوى بلا حجة وإنما التزمته الكلابية لأجل هذا الأصل . وأما المقدمة الثانية ; وهو منع دوام نوع الحادث فهذه يمنعها أئمة السنة والحديث القائلون بأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته ; وأن كلماته لا نهاية لها ; والقائلون بأنه لم يزل فعالا ; كما يقوله البخاري وغيره . والذين يقولون الحركة من لوازم الحياة فيمتنع وجود حياة بلا حركة أصلا ; كما يقوله الدارمي وغيره وقد روى الثعلبي في " تفسيره " بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه : أنه سئل عن قوله تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا } لم خلق الله الخلق ؟ فقال : لأن الله كان محسنا بما لم يزل فيما لم يزل إلى ما لم يزل فأراد الله أن يفيض إحسانه إلى خلقه وكان غنيا عنهم لم يخلقهم لجر منفعة ولا لدفع مضرة ولكن خلقهم وأحسن إليهم وأرسل إليهم الرسل حتى يفصلوا بين الحق والباطل فمن أحسن كافأه بالجنة ومن عصى كافأه بالنار . وقال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : { وكان الله غفورا رحيما } { وكان الله عليما حكيما } ونحو ذلك قال : كان ولم يزل ولا يزال . ويمنعها أيضا جمهور الفلاسفة ولكن الجهمية والمعتزلة والكلابية والكرامية يقولون بامتناعها وهي من الأصول الكبار التي يبتنى عليها الكلام في كلام الله تعالى وفي خلقه . وهذا القول هو أصل الكلام المحدث في الإسلام الذي ذمه السلف والأئمة . فإن أصحاب هذا الكلام في الجهمية والمعتزلة ومن اتبعهم ظنوا أن معنى كون الله خالقا لكل شيء - كما دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارى وغيرهم - أنه سبحانه وتعالى لم يزل معطلا لا يفعل شيئا ولا يتكلم بشيء أصلا بل هو وحده موجود بلا كلام يقوله ولا فعل يفعله . ثم إنه أحدث ما أحدث من



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس