عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 05:01 AM   #46
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


. وإنما يلزم الناس ما ألزمهم الله ورسوله ; ويعاقب من عصى الله ورسوله ; فإن الإيجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق هو إلى الله ورسوله ; ليس لأحد في هذا حكم وإنما على الناس إيجاب ما أوجبه الله ورسوله ; وتحريم ما حرمه الله ورسوله وتصديق ما أخبر الله به ورسوله . وجرت في ذلك أمور يطول شرحها . ولما اشتهر هذا وتبين للناس باطن أمرهم ; وأنهم معطلة للصفات يقولون : إن الله لا يرى ولا له علم ولا قدرة وإنه ليس فوق العرش رب ; ولا على السموات إله ; وإن محمدا لم يعرج به إلى ربه إلى غير ذلك من أقوال الجهمية النفاة ; كثر رد الطوائف عليهم بالقرآن والحديث والآثار تارة ; وبالكلام الحق تارة ; وبالباطل تارة . وكان ممن انتدب للرد عليهم أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب وكان له فضل وعلم ودين . ومن قال : إنه ابتدع ما ابتدعه ليظهر دين النصارى في المسلمين - كما يذكره طائفة في مثالبه ويذكرون أنه أوصى أخته بذلك - فهذا كذب عليه . وإنما افترى هذا عليه المعتزلة والجهمية الذين رد عليهم ; فإنهم يزعمون أن من أثبت الصفات فقد قال بقول النصارى . وقد ذكر مثل ذلك عنهم الإمام أحمد في الرد على الجهمية ; وصار ينقل هذا من ليس من المعتزلة من السالمية ويذكره أهل الحديث والفقهاء الذين ينفرون عنه لبدعته في القرآن ; ويستعينون بمثل هذا الكلام الذي هو من افتراء الجهمية والمعتزلة عليه . ولا يعلم هؤلاء أن الذين ذموه بمثل هذا هم شر منه وهو خير وأقرب إلى السنة منهم .
وكان " أبو الحسن الأشعري " لما رجع عن الاعتزال سلك طريقة أبي محمد بن كلاب فصار طائفة ينتسبون إلى السنة والحديث من السالمية وغيرهم كأبي علي الأهوازي يذكرون في مثالب أبي الحسن أشياء هي من افتراء المعتزلة وغيرهم عليه لأن الأشعري بين من تناقض أقوال المعتزلة وفسادها ما لم يبينه غيره حتى جعلهم في قمع السمسمة . " وابن كلاب " لما رد على الجهمية لم يهتد لفساد أصل الكلام المحدث الذي ابتدعوه في دين الإسلام بل وافقهم عليه . وهؤلاء الذين يذمون ابن كلاب والأشعري بالباطل هم من أهل الحديث . والسالمية من الحنبلية والشافعية والمالكية وغيرهم كثير منهم موافق لابن كلاب والأشعري على هذا موافق للجهمية على أصل قولهم الذي ابتدعوه . وهم إذا تكلموا في " مسألة القرآن " وأنه غير مخلوق أخذوا كلام ابن كلاب والأشعري فناظروا به المعتزلة والجهمية وأخذوا كلام الجهمية والمعتزلة فناظروا به هؤلاء وركبوا قولا محدثا من قول هؤلاء وهؤلاء لم يذهب إليه أحد من السلف ووافقوا ابن كلاب والأشعري وغيرهما على قولهم : إن القرآن قديم واحتجوا بما ذكره هؤلاء على فساد قول المعتزلة والجهمية وغيرهم . وهم مع هؤلاء . وجمهور المسلمين يقولون : إن القرآن العربي كلام الله وقد تكلم الله به بحرف وصوت فقالوا : إن الحروف والأصوات قديمة الأعيان أو الحروف بلا أصوات وإن الباء والسين والميم مع تعاقبها في ذاتها فهي أزلية الأعيان لم تزل ولا تزال ; كما بسطت الكلام على أقوال الناس في القرآن في موضع آخر . والمقصود هنا التنبيه على أصل مقالات الطوائف وابن كلاب أحدث ما أحدثه لما اضطره إلى ذلك من دخول أصل كلام الجهمية في قلبه وقد بين فساد قولهم بنفي علو الله ونفي صفاته . وصنف كتبا كثيرة في أصل التوحيد والصفات وبين أدلة كثيرة عقلية على فساد قول الجهمية وبين فيها أن علو الله على خلقه ومباينته لهم من المعلوم بالفطرة والأدلة العقلية القياسية كما دل على ذلك الكتاب والسنة . وكذلك ذكرها الحارث المحاسبي في كتاب " فهم القرآن " وغيره ; بين فيه من علو الله واستوائه على عرشه ما بين به فساد قول النفاة ; وفرح الكثير من النظار الذين فهموا أصل قول المتكلمين وعلموا ثبوت الصفات لله وأنكروا القول بأن كلامه مخلوق ; فرحوا بهذه الطريقة التي سلكها ابن كلاب : كأبي العباس القلانسي وأبي الحسن الأشعري والثقفي ; ومن تبعهم : كأبي عبد الله بن مجاهد وأصحابه والقاضي أبي بكر وأبي إسحاق الإسفراييني وأبي بكر بن فورك وغير هؤلاء . وصار هؤلاء يردون على المعتزلة ما رده عليهم ابن كلاب والقلانسي والأشعري وغيرهم من مثبتة الصفات فيبينون فساد قولهم : بأن القرآن مخلوق وغير ذلك وكان في هذا من كسر سورة المعتزلة والجهمية ما فيه ظهور شعار السنة وهو القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وأن الله يرى في الآخرة وإثبات الصفات والقدر وغير ذلك من أصول السنة . لكن " الأصل العقلي " الذي بنى عليه ابن كلاب قوله في كلام الله وصفاته هو أصل الجهمية والمعتزلة بعينه وصاروا إذا تكلموا في خلق الله السموات والأرض وغير ذلك من المخلوقات إنما يتكلمون بالأصل الذي ابتدعه الجهمية ومن اتبعهم ; فيقولون قول أهل الملة كما نقله أولئك ويقررونه بحجة أولئك . وكانت " محنة الإمام أحمد " سنة عشرين ومائتين وفيها شرعت القرامطة الباطنية يظهرون قولهم فإن كتب الفلاسفة قد عربت وعرف الناس أقوالهم . فلما رأت الفلاسفة أن القول المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته هو هذا القول الذي يقوله المتكلمون الجهمية ومن اتبعهم ورأوا أن هذا القول الذي يقولونه فاسد من جهة العقل ; طمعوا في تغيير الملة . فمنهم من أظهر إنكار الصانع وأظهر الكفر الصريح وقاتلوا المسلمين وأخذوا الحجر الأسود كما فعلته قرامطة البحرين . وكان قبلهم قد فعل بابك الخرمي مع المسلمين ما هو مشهور . وقد ذكر القاضي أبو بكر بن الباقلاني وغيره من كشف أسرار " الباطنية " وهتك أستارهم فإنه كان منهم من النفاة الباطنية الخرمية . وصاروا يحتجون في كلامهم وكتبهم بحجج قد ذكرها أرسطو وأتباعه من الفلاسفة وهو أن الحركة يمتنع أن يكون لها ابتداء ويمتنع أن يكون للزمان ابتداء ويمتنع أن يصير الفاعل فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا ; فصار هؤلاء الفلاسفة وهؤلاء المتكلمون كلاهما يستدل على قوله بالحركة . فأرسطو وأتباعه يقولون : إن الحركة يمتنع أن يحدث نوعها بعد أن لم يكن ويمتنع أن يصير الفاعل فاعلا بعد أن لم يكن ; ولأنه من المعلوم بصريح المعقول أن الذات إذا كانت لا تفعل شيئا ثم فعلت بعد أن لم تفعل ; فلا بد من حدوث حادث من الحوادث وإلا فإذا قدرت على حالها وكانت لا تفعل فهي الآن لا تفعل فإذا كانت الآن تفعل ; لزم دوام فعلها . ويقولون : قبل وبعد مستلزم للزمان فمن قال بحدوث الزمان لزمه القول بقدمه من حيث هو قائل بحدوثه . ويقولون : الزمان مقدار الحركة فيلزم من قدمه قدمها ويلزم من قدم الحركة قدم المتحرك - وهو الجسم - فيلزم ثبوت جسم قديم ثم يجعلون ذلك الجسم القديم هو الفلك ; ولكن ليس لهم على هذا حجة كما قد بسط في موضع آخر . وصار المتكلمون من الجهمية والمعتزلة والكلابية والكرامية يردون عليهم ويدعون أن القادر المختار يرجح أحد المقدورين المتماثلين على الآخر المماثل له بلا سبب أصلا وعلى هذا الأصل بنوا



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس