عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 05:02 AM   #49
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


: { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } والاطمئنان هو السكون ; قال الجوهري : اطمأن الرجل اطمئنانا وطمأنينة : أي سكن قال تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة } { ارجعي إلى ربك راضية مرضية } وكذلك للقلوب سكينة تناسبها . قال تعالى : { هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم } . وكذلك " الريب " حركة النفس للشك ومنه الحديث : { أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بظبي حاقف فقال لا يريبه أحد } ويقال : رابني منه ريب و { دع ما يريبك إلى ما لا يريبك } وقال : { الكذب ريبة والصدق طمأنينة } فجعل الطمأنينة ضد الريبة وكذلك اليقين ضد الريب . واليقين يتضمن معنى الطمأنينة والسكون ومنه ماء يقن وكذلك يقال : انزعج . وأزعجه فانزعج أي أقلقه ويقال ذلك لمن قلقت نفسه ولمن قلق بنفسه وبدنه حتى فارق مكانه ; وكذلك يقال : قلقت نفسه ; واضطربت نفسه ونحو ذلك من أنواع الحركة . ويسمى ما يألفه جنس الإنسان ويحبه سكنا ; لأنه يسكن إليه . ويقال : فلان يسكن إلى فلان ويطمئن إليه ويقال : القلب يسكن إلى فلان ويطمئن إليه إذا كان مأمونا معروفا بالصدق ; فإن الصدق يورث الطمأنينة والسكون . وقد سميت الزوجة سكنا قال تعالى : { خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } وقال : { وجعل منها زوجها ليسكن إليها } ; فيسكن الرجل إلى المرأة بقلبه وبدنه جميعا . وقد يكون بدن الشخص ساكنا ونفسه متحركة حركة قوية وبالعكس قد يسكن قلبه وبدنه متحرك . والمحب للشيء المشتاق إليه يوصف بأنه متحرك إليه ; ولهذا يقال : العشق حركة نفس فارغة . فالقلوب تتحرك إلى الله تعالى بالمحبة والإنابة والتوجه وغير ذلك من أعمال القلوب وإن كان البدن لا يتحرك إلى فوق . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد } . ومع هذا فبدنه أسفل ما يكون . فينبغي أن يعرف أن الحركة جنس تحته أنواع مختلفة باختلاف الموصوفات بذلك . وما يوصف به نفس الإنسان من إرادة ومحبة وكراهة وميل ونحو ذلك كلها فيها تحول النفس من حال إلى حال وعمل للنفس وذلك حركة لها بحسبها ; ولهذا يعبر عن هذه المعاني بألفاظ الحركة فيقال : فلان يهفو إلى فلان كما قيل : يهفو إلى البان من قلبي نوازعه وما بي البان بل من دارة البان وهذا اللفظ يستعمل في حركة الشيء الخفيف بسرعة كما يقال : هفا الطائر بجناحه أي خفق وطار وهفا الشيء في الهواء إذا ذهب كالصوفة ونحوها ومر الظبي يهفو أي يطفر ومنه قيل للزلة : هفوة كما سميت زلة والزلة حركة خفيفة وكذلك الهفوة . وكذلك يسمى المحب المشتاق الذي صار حبه أقوى من العلاقة " صبا " وحاله صبابة وهو رقة الشوق وحرارته والصب المحب المشتاق وذلك لانصباب قلبه إلى المحبوب كما ينصب الماء الجاري والماء ينصب من الجبل أي ينحدر . فلما كان في انحداره يتحرك حركة لا يرده شيء سميت حركة الصب " صبابة " وهذا يستعمل في المحبة المحمودة والمذمومة . ومنه الحديث : { أن أبا عبيدة رضي الله عنه لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم في سرية بكى صبابة وشوقا إلى النبي صلى الله عليه وسلم } . والصبابة والصب متفقان في الاشتقاق الأكبر . والعرب تعاقب بين الحرف المعتل والحرف المضعف كما يقولون : تقضى البازي وتقضض وصبا يصبو : معناه مال وسمي الصبي صبيا لسرعة ميله . قال الجوهري : والصبي أيضا من الشوق يقال منه تصابى وصبا يصبو صبوة وصبوا أي مال إلى الجهل والفتوة وأصبته الجارية . وقد يستعمل هذا في الميل المحمود على قراءة من قرأ : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين } بلا همزة في قراءة نافع فإنه لا يهمز " الصابئين " في جميع القرآن . وبعضهم قد حمده الله تعالى ; وكذلك يقال : حن إليه حنينا ; ومنه حنا في الاشتقاق الأكبر يحنو عليه حنوا . قال الجوهري : حنوت عليه عطفت عليه ويحني عليه أي يعطف مثل تحنن كما قال الشاعر : تحنى عليك النفس من لاعج الهوى فكيف تحنيها وأنت تهينها وقال : الحنين : الشوق وتوقان النفس ويقال حن إليه يحن حنينا فهو حان والحنان الرحمة يقال حن عليه يحن حنانا ومنه قوله تعالى : { وحنانا من لدنا وزكاة } والحنان بالتشديد : ذو الرحمة وتحنن عليه ترحم والعرب تقول : حنانيك يا رب وحنانك بمعنى واحد أي رحمتك وهذا كلام الجوهري .
وفي الأثر في تفسير " الحنان المنان " : أن الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال وهذا باب واسع . والمقصود هنا أن هذا كله من أنواع جنس الحركة العامة والحركة العامة هي التحول من حال إلى حال ; ومنه قولنا : لا حول ولا قوة إلا بالله . وفي " الصحيحين " { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي موسى رضي الله عنه : ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ قال : بلى قال : لا حول ولا قوة إلا بالله } . وفي " صحيح مسلم " وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قال المؤذن : الله أكبر ; فقال الرجل : الله أكبر فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ; فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله ; فقال : أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال : حي على الصلاة ; فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال : حي على الفلاح فقال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال : الله أكبر الله أكبر فقال : الله أكبر الله أكبر } . فلفظ الحول يتناول كل تحول من حال إلى حال والقوة هي القدرة على ذلك التحول ; فدلت هذه الكلمة العظيمة على أنه ليس للعالم العلوي والسفلي حركة وتحول من حال إلى حال ولا قدرة على ذلك إلا بالله . ومن الناس من يفسر ذلك بمعنى خاص فيقول : لا حول من معصيته إلا بعصمته . ولا قوة على طاعته إلا بمعونته . والصواب الذي عليه الجمهور هو التفسير الأول وهو الذي يدل عليه اللفظ فإن الحول لا يختص بالحول عن المعصية وكذلك القوة لا تختص بالقوة على الطاعة بل لفظ الحول يعم كل تحول . ومنه لفظ " الحيلة " ووزنها فعلة بالكسر وهي النوع المختص من الحول كما يقال : الجلسة والقعدة واللبسة والإكلة والضجعة ونحو ذلك بالكسر هي النوع الخاص وهو بالفتح المرة الواحدة . فالحيلة أصلها حولة لكن لما جاءت الواو الساكنة بعد كسرة قلبت ياء كما في لفظ ميزان وميقات وميعاد وزنه مفعال ; وقياسه موزان وموقات ; لكن لما جاءت الواو الساكنة بعد كسرة قلبت ياء قال تعالى : { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة } من الحيل ; فإنها نكرة في سياق النفي فتعم جميع أنواع الحيل . وكذلك لفظ " القوة " قال تعالى : { الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة } ولفظ القوة قد يراد به ما كان في القدرة أكمل من غيره ; فهو قدرة أرجح من غيرها أو القدرة التامة . ولفظ " القوة " قد يعم القوة التي في الجمادات بخلاف لفظ القدرة ; فلهذا كان المنفي بلفظ القوة أشمل وأكمل . فإذا لم تكن قوة



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس