ومما يدفع به الهم والقلق :
اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر , وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل , وعن الحزن على الوقت الماضي ..
* ** * ** * ** * ** *
ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن , فالحزن على الأمور الماضيه التي لايمكن ردها ولا استدراكها , والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل ..
* ** * ** * ** * ** *
فيكون العبد ابن يومه , يجمع جده واجتهاده في اصلاح يومه ووقته الحاضر , فإن جمع القلب على ذلك يوجب تكميل الأعمال , ويتسلى به العبد عن الهم والحزن .
* ** * ** * ** * ** *
والنبي صلى الله عليه وسلم اذا دعا بدعاء او ارشد امته الى دعاء فهو يحث - مع الاستعانة بالله والطمع في فضله - على الجد والاجتهاد في التحقق لحصول ما يدعو بحصوله , والتخلي عما كان يدعو لدفعه ; لأن الدعاء مقارن للعمل ..
* ** * ** * ** * ** *
فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا , ويسأل ربه نجاح مقصده , ويستعينه على ذلك ..
* ** * ** * ** * ** *
كما قال صلى الله عليه وسلم : " احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز , واذا اصابك شيء فلا تقل : لو اني فعلت كذا وكذا كان كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل , فإن لو تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم .
* ** * ** * ** * ** *
فجمع صلى الله عليه وسلم بين الامر بالحرص على الامور النافعة في كل حال , والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار , وبين الاستسلام للأمور الماضية النافذة , ومشاهدة قضاء الله وقدره .
* ** * ** * ** * ** *
وجعل الامور قسمين : قسما يمكن العبد السعي في تحصيله او تحصيل ما يمكن منه , او دفعه او تخفيفه فهذا يبدي فيه العبد مجهوده ويستعين بمعبوده ..
* ** * ** * ** * ** *
وقسما لا يمكن فيه ذلك , فهذا يطمئن له العبد ويرضى ويسلم , ولا ريب ان مراعاة هذا الاصل سبب للسرور وزوال الهم والغم .