عرض مشاركة واحدة
قديم 18 May 2016, 03:02 AM   #3
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية بالقرآن نرتقي
بالقرآن نرتقي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 3,065 [ + ]
 التقييم :  18
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الصحة النفسية مطلب شرعي للأستاذة أناهيد السميري حفظها الله



فالصحيح أن طول عمر البلاء مع الإنسان يزيد الإنسان قوةً ولا يسبب له الضعف، وكل الناس الآن يشعرون بهذا جيدًا لو فكروا وراجعوا أنفسهم في أمور في بداية الحياة ما كانت محتملة أبدًا، اليوم لما نقارنها بالأمور التي وصلنا إليها من بلاءات في حياتنا الخاصة نرى الذي فات بسيط وسهل! و الصبر عليه كان يسيرا والسبب أن الله لما تعامليه كما ينبغي يقوي قلبك، فما تقع عليك المصيبة وقلبك ضعيف بل هو قوي وهذا من منته سبحانه.

القاعدة الخامسة: أن البلاء الذي ينزل على الإنسان يناسب قوته تمامًا فلا يضعفه الشيطان.
أنت من تكون فالبلاء يأتي يناسبك تمامًا فلا تجعل الشيطان يقول لك تقول أنا ما أتحمل هذا أبدًا ! لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها يعني ما أعطاك إياه سيكلفك ما أتاك إياه بالضبط فكأن الإنسان يقول لنفسه: الله لم يبتليني إلا وهو يعلم قواي فأقلب قلبي لأستخرج هذه القوة منها، ألسنا نرى الناس تنزل عليهم البلاءات ولا يتصرفون كما ينبغي؟ هل هذا يعني أنه نزل عليهم بلاء لا يناسبهم؟ الجواب لا، بل سبق الشيطان إلى قلوبهم فضعفهم ومنعهم من استخراج القوى التي وُهبت.
بمعنى حتى يكون الإنسان صحيح نفسيًا عليه أن يعرف أن البلاء الذي ينزل عليه يناسب قواه، فلو وقع عليه مايضره حتى لو فكريًا مثلًا يأتي أحد يُدخل عليه شبهة وأصحابه معه مادخلت عليهم شبهة فلماذا دخلت عليه الشبهة؟ لأنه عنده قوة يستطيع أن يستخرجها من نفسه في سؤال الله أن يهديه ويعلمه في سؤال الله أن يدله في أن يعلمه فيتعلم.
فأنت جاءتك هذه البلوى من أجل أنك تستطيع أن تستخرج قواك التي رزقك مايدفع عنك هذا البلاء ويجعلك صحيحًا نفسيًا، فلا أحد يأتي ويقول لماذا أنا أُبتلى وهؤلاء لا يبتلون.
ويتطور الأمر النفسي أن يقول أنا مستعد لأي نوع من البلاء إلا هذا البلاء الذي وقع عليه! هذا كله يسبب أن يدخل الإنسان في اكتئابات شديدة لأنها لا ترى الناس يأتيهم هذا النوع من البلاءفهو يرى أنه لا يستطيع تحمل هذا النوع من البلاء فلا يبتليك إلا بما تستطيعه من البلاء فقط بقي أن:
· تستخرج من نفسك هذه القوة
· وتطلب من الله أن يرزقك الصبر
· وتسأله أن يدفع عنك الباطل وتستعيذ به
عندك ركن شديد تسأله أن يعطيك. فالمقصود أن من أسباب الصحة النفسية أن تعرف أن البلاء يلائمك لا تفكر أبدًا في بلاء غيرك ولا تقول لماذا يأتيني أنا هذا البلاء ولا يأتي لغيري.
مثلًا تجد أحد أسنانه تؤلمه، وأنت رئتك تؤلمك، تقول أنا مستعد أتحمل ألم الأسنان فقط يذهب ألم الرئة! ولما يأتيك ألم الأسنان ستقول نفس الكلام! فأنت لا تتخير المصائب بل تحمل ما أتاك، لا تقول أنا أتحمل كذا وأتحمل كذا! يسوء الأمر أكثر أن يقول: ربنا لو أخذ كل شيء لا بأس إلا هذا لا يأخذه! كل هذا يجعل الشيطان يُكبر دائرة الحزن في القلب والاكتئاب بدل أن يقلصه في القلب أن هذا المفقود وراءه العوض. ولذا تأتي القاعدة التي بعدها.

القاعدة السادسة: الثقة المطلقة أن كل مفقود وراءه عوض أحسن منه
من أسباب الصحة النفسية أن تثق ثقة مطلقة أن كل مفقود وراءه عوض أحسن منه! لا يمكن الكريم الذي خزائنه ملأى ويده سحاء أن يختبرك فيأخذ منك ولايعوضك ويجبر قلبك، هذا في الدنيا قبل الآخرة لكن لابد أن نلحظ أن من أهم العطايا التي هي أعظم من المفقودات أن يصبّ الله على القلب إيمانًا! وهي مما يغفل عنه الناس فقد يأتي أحد فيقول أنا ما عوضني عن المفقود بمثله! نقول عُوضت خيرًا منه:
· لما أعانك على الصبر فصبرت
· ولما احتسبت وقت ماتلقاه
· ولما ازددت يقينًا وإيمانًا فعوضك
فأبسط الأشياء أمامها أعظم التعويض، حتى الشوكة لو شاكتك أنت أمامها مأجور! ويوم القيامة تود في تلك الحسنة أن تزحزحك عن النار، ففكر جيدًا وافهم أن كل مفقود وناقص أمامه العوض، والعوض في الدنيا قبل الآخرة، ومن أعظم العوض الذي يجب أن تشعر به وأنت صحيح نفسيًا أن يزيد إيمانك ويجعل قلبك مشروحًا، الناس ينظرون إليك على أنك مصاب وأنك مريض وأنك مكتئب، وأنت مشروح قابل راض، ومنتج لا تتوقف ولا تنشل. فهذا كله من عطايا الله ومن الجبر الذي يجبره الله وما أطيب جبر الله!
فالمقصود أن العبد لما يفكر جيدًا أن كل شيء يعوض و لا يوجد خسارات أبدًا، ويدخل في الدنيا تجارة مع الله، يبقى يرى أنه رابح فلا يكتئب، ويفكر دائما في الأرباح. من الذي يكتئب؟ من يرى نفسه خسران لكن صاحب الحالة النفسية الذي يعلم أن العوض موجود يفهم أنه رابح فلا يكتئب ويفكر دائمًا في الأرباح وسيجدها دائمًا هنا قبل هناك، ستجد طيبا في نفسك قبل أن تجد الأجور يوم القيامة.
فنقيس أنفسنا و نفكر هل نحن كلما ضاقت علينا الدنيا ونقص علينا شيء نفكر في العوض عند الله أم لا نفكر فيه ولا نتأمل ولا نرى ماذا سيعطينا ربنا أمام ما فقدنا؟ إذا كنا نفكر ونقول أننا نرابح مع الله ونتاج فمعنى ذلك أن نفسنا ستكون في صحة جيدة.
القاعدة السابعة: الصحيح نفسيًا يرى في ماضيه أن الله قد أحسن إليه ويرى وينظر لمستقبله أنه كما أحسن إليه في أول الأمر سيحسن إليه فيما بقي إلى أن يموت.
من القواعد التي تقيس نفسك بها في الصحة النفسية كيف تنظر لماضيك وكيف تنظر لمستقبلك:
· فإن كنت تنظر لماضيك أن الله قد أنعم عليك وأنك لم تشكره حق الشكر فيلهج لسانك بشكره، وتنظر لمستقبلك على أن الله مطمئنك وأن الله لن يخذلك وأنه سيزيدك ويعطيك وأنه سبحانه يستحق أن تشكره قبل أن تصل لهذا المستقبل، فإن كانت هذه نظرتك للماضي والمستقبل فالحمدلله أنت صحيح نفسيًا.
· أما إن كنت تحمل عن الماضي أنك حُرمت وترى وأن الله لا يعطيك وأن ربنا أعطى غيرك أحسن مما أعطاك دائمًا أنت لست محظوظًا هذا وهذا أكثر حظًا منك، إذا كنت كذلك فكيف سترى مستقبلك؟ ستراه أسوأ منه! فهذا يدلّ على أنه ليس هناك صحة نفسية.
الصحيح نفسيًا حالته أنه يرى في ماضيه أن الله قد أحسن إليه ويرى وينظر لمستقبله أنه كما أحسن إليه في أول الأمر سيحسن إليه فيما بقي إلى أن يموت، ليس في قلبه مرض الحسد ولا حقد.
المريض نفسيًّا ينظر لهذا أخذ وهذا أخذ وتبقى في ذاكرته، حتى لو جاء يتكلم عن الماضي تراه يقول هذا أريد أن أقتص منه لأنه اعتدى علي! هذا لما كنا في المرحلة الإبتدائية كان يمسك عني كذا! وهذا لما كنا في المرحلة المتوسطة كان يفعل لي كذا! الآن أصبح رجلًا كبيرًا ويقول لما كنا في الإبتدائي ولما كنا في المتوسط! هذا معناه أن القلب مليء حقد وغل ولا يوجد رضى عن الله وعما قسمه، عندما كنت صغيرًا لا تُلام على غضبك من كذا وكذا، لكن لما تكبر وتنضح فالمنتظر أن هذا الماضي بالنسبة لك لم يحصل فيه شيء!كل مامضى بسيط، قد جبرنا الله وسترنا والحمد لله وأنعم علينا ومدنا بالصحة والعافية.
فالعبد يقدر نعم الله فيرى كيف نعم الله على نفسه ويرى كيف أعطاه وكيف وهبه، لايتذكر من ماضيه إلا مواطن العطاء من رب العالمين، وليس أن يبقى في نفسه النقص.
هذه ثغرات كبيرة يأتي منها الشيطان وتبقى هذه السلسلة ما تنتهي تنسج لنفسك أحزانًا وكل مرة تقول الماضي فعل كذا وكذا والمستقبل سيكون كذا وكذا وسيفعلون كذا وكذا، طالما تفكر في الماضي بهذه الطريقة فسيكون تفكيرك للمستقبل أسوا منه! لما يصبح مريضًا من إشارات المرض الخطير أن ينظر للماضي على أنه كمية من الأحزان وعلى هذا سينظر للمستقبل على أن هذا لن يكلمه وهذا سيهجره وهذا سيأخذ ماله وهذا يضحك عليه ومن ثم لا تطيب نفسه أبدًا بشيء.
لذا لابد أن نستخرج من قلوبنا الرضا عن الله، وهذه أهم كلمة سنقولها في الصحة النفسية كل هذه التفاصيل ستخرجنا بجملة واحدة:

الصحيح تفسيًا هو الذي تجده راض عن الله في كل وضع.
والرضا عن الله يقابله أن الله يرضى عن العبد، والنفس المطمئنة التي نبحث عنها أنها راضية مرضية فالخلاصة أن يعيش الإنسان راض عن الله تراه لا يفتش عن ماضيه في الأحزان ولا في واقعه عن الآلام ولا ينسج لمستقبله مصائب إنما يرضى بما قسم الله.

أسأل الله أن يجعلنا جميعًا من الراضين الصحيحين نفسيًا نصل إلى ربنا بقلب سليم وهو سبحانه الذي يُسلم قلوب العباد، فما لنا إلا أن نسأله أن يسلم قلوبنا وقلوب المسلمين وذرارينا اللهم آمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.



 
 توقيع : بالقرآن نرتقي





بالقرآن نرتقي


رد مع اقتباس