عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:28 AM   #6
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


القولين مأثور عن السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان . فالذين قالوا إنهم يعلمون تأويله مرادهم بذلك أنهم يعلمون تفسيره ومعناه وإلا فهل يحل لمسلم أن يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعرف معنى ما يقوله ويبلغه من الآيات والأحاديث بل كان يتكلم بألفاظ لها معان لا يعرف معانيها ومن قال : إنهم لا يعرفون تأويله ; أرادوا به الكيفية الثابتة التي اختص الله بعلمها : ولهذا كان السلف : كربيعة ومالك بن أنس وغيرهما يقولون : الاستواء معلوم والكيف مجهول . وهذا قول سائر السلف كابن الماجشون والإمام أحمد بن حنبل وغيرهم . وفي غير ذلك من الصفات . فمعنى الاستواء معلوم وهو التأويل والتفسير الذي يعلمه الراسخون والكيفية هي التأويل المجهول لبني آدم وغيرهم الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى . وكذلك ما وعد به في الجنة تعلم العباد تفسير ما أخبر الله به وأما كيفيته فقد قال تعالى : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " { يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر } " . فما أخبرنا الله به من صفات المخلوقين : نعلم تفسيره ومعناه ونفهم الكلام الذي خوطبنا به ونعلم معنى العسل واللحم واللبن والحرير والذهب والفضة ونفرق بين مسميات هذه الأسماء وأما حقائقها على ما هي عليه فلا يمكن أن نعلمها نحن ولا نعلم متى تكون الساعة . وتفصيل ما أعد الله عز وجل لعباده لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل . بل هذا من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى . فإذا كان هذا في هذين المخلوقين فالأمر بين الخالق والمخلوق أعظم ; فإن مباينة الله لخلقه وعظمته وكبرياءه وفضله : أعظم وأكبر مما بين مخلوق ومخلوق . فإذا كانت صفات ذلك المخلوق مع مشابهتها لصفات هذا المخلوق : بينهما من التفاضل والتباين ما لا نعلمه في الدنيا - ولا يمكن أن نعلمه ; بل هو من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى - فصفات الخالق عز وجل أولى أن يكون بينها وبين صفات المخلوق من التباين والتفاضل ما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى وأن يكون هذا من التأويل الذي لا يعلمه كل أحد بل منه ما يعلمه الراسخون ومنه ما يعلمه الأنبياء والملائكة ومنه ما لا يعلمه إلا الله . كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : إن التفسير على أربعة أوجه : تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب . ولفظ " التأويل " في كلام السلف لا يراد به إلا التفسير أو الحقيقة الموجودة في الخارج التي يؤول إليها : كما في قوله تعالى : { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله } الآية . وأما استعمال التأويل : بمعنى أنه صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به أو متأخر أو لمطلق الدليل ; فهذا اصطلاح بعض المتأخرين ; ولم يكن في لفظ أحد من السلف ما يراد منه بالتأويل هذا المعنى . ثم لما شاع هذا بين المتأخرين : صاروا يظنون أن هذا هو التأويل في قوله تعالى ; { وما يعلم تأويله إلا الله } . ثم طائفة تقول : لا يعلمه إلا الله وقالت طائفة : بل يعلمه الراسخون . وكلتا الطائفتين غالطة ; فإن هذا لا حقيقة له بل هو باطل والله يعلم انتفاءه وأنه لم يرده . وهذا مثل تأويلات القرامطة الباطنية والجهمية وغيرهم من أهل الإلحاد والبدع . وتلك التأويلات باطلة والله لم يردها بكلامه وما لم يرده لا نقول إنه يعلم أنه مراده فإن هذا كذب على الله عز وجل . والراسخون في العلم لا يقولون على الله تبارك وتعالى الكذب ; وإن كنا مع ذلك قد علمنا بطريق خبر الله عز وجل عن نفسه - بل وبطريق الاعتبار أن الله المثل الأعلى - أن الله يوصف بصفات الكمال : موصوف بالحياة والعلم والقدرة وهذه صفات كمال . والخالق أحق بها من المخلوق . فيمتنع أن يتصف المخلوق بصفات الكمال دون الخالق . ولولا أن هذه الأسماء والصفات تدل على معنى مشترك كلي : يقتضي من المواطأة والموافقة والمشابهة ما به تفهم وتثبت هذه المعاني لله ; لم نكن قد عرفنا عن الله شيئا ولا صار في قلوبنا إيمان به ولا علم ولا معرفة ولا محبة ولا إرادة لعبادته ودعائه وسؤاله ومحبته وتعظيمه . فإن جميع هذه الأمور لا تكون إلا مع العلم ولا يمكن العلم إلا بإثبات " تلك المعاني " التي فيها من الموافقة والمواطأة ما به حصل لنا ما حصل من العلم لما غاب عن شهودنا . ومن فهم هذه الحقائق الشريفة والقواعد الجليلة النافعة ; حصل له من العلم والمعرفة والتحقيق والتوحيد والإيمان وانجاب عنه من الشبه والضلال والحيرة مما يصير به في هذا الباب من أفضل الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ومن سادة أهل العلم والإيمان وتبين له أن القول في بعض " صفات الله " كالقول في سائرها وأن القول في صفاته كالقول في " ذاته " وأن من أثبت صفة دون صفة مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مع مشاركة أحدهما الأخرى فيما به نفاها ; كان متناقضا . فمن نفى النزول والاستواء أو الرضى والغضب أو العلم والقدرة أو اسم العليم أو القدير أو اسم الموجود فرارا بزعمه من تشبيه تركيب وتجسيم ; فإنه يلزمه فيما أثبته نظير ما ألزمه لغيره فيما نفاه هو وأثبت المثبت . فكل ما يستدل به على نفي النزول والاستواء والرضى والغضب : يمكن منازعه أن يستدل بنظيره على نفي الإرادة ; والسمع والبصر والقدرة والعلم . وكل ما يستدل به على نفي القدرة والعلم والسمع والبصر : يمكن منازعه أن يستدل بنظيره على نفي العليم والقدير والسميع والبصير . وكل ما يستدل به على نفي هذه الأسماء : يمكن منازعه أن يستدل به على نفي الموجود والواجب . ومن المعلوم بالضرورة أنه لا بد من موجود قديم واجب بنفسه يمتنع عليه العدم ; فإن الموجود : إما ممكن ومحدث ; وإما واجب وقديم . والممكن المحدث لا يوجد إلا بواجب قديم فإذا كان ما يستدل به على نفي الصفات الثابتة يستلزم نفي الموجود الواجب القديم ونفي ذلك يستلزم نفي الموجود مطلقا ; علم أن من عطل شيئا من الصفات الثابتة بمثل هذا الدليل كان قوله مستلزما تعطيل الموجود المشهود . ومثال ذلك : أنه إذا قال : النزول والاستواء ونحو ذلك من صفات الأجسام فإنه لا يعقل النزول والاستواء إلا لجسم مركب والله سبحانه منزه عن هذه اللوازم ; فيلزم تنزيهه عن الملزوم . أو قال ; هذه حادثة والحوادث لا تقوم إلا بجسم مركب وكذلك إذا قال : الرضا والغضب والفرح والمحبة ونحو ذلك هو من صفات الأجسام . فإنه يقال له : وكذلك الإرادة والسمع والبصر والعلم والقدرة : من صفات الأجسام فإنا كما لا نعقل ما ينزل ويستوي ويغضب ويرضى إلا جسما ; لم نعقل ما يسمع ويبصر ويريد ويعلم ويقدر إلا جسما . فإذا قيل : سمعه ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا وإرادته ليست كإرادتنا وكذلك علمه وقدرته : قيل له : وكذلك رضاه ليس كرضانا وغضبه ليس كغضبنا وفرحه ليس كفرحنا ونزوله واستواؤه ليس كنزولنا واستوائنا . فإذا قال :



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس