عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:31 AM   #9
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


{ يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار } { ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب } { هدى وذكرى لأولي الألباب } { فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار } { إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير } . وسبب ذلك أن لفظ " الجسم " و " التشبيه " فيه إجمال واشتباه كما سنبينه إن شاء الله تعالى ; فإن هؤلاء النفاة لا يريدون بالجسم الذي نفوه ما هو المراد بالجسم في اللغة فإن الموصوف بالصفات لا يجب أن يكون هو الجسم الذي في اللغة كما نقله أهل اللغة باتفاق العقلاء وسنأتي بذلك ; وإنما يريدون بالجسم ما اعتقدوه أنه مركب من أجزاء واعتقدوا أن كل ما تقوم به الصفات فهو مركب من أجزاء وهذا الاعتقاد باطل . بل الرب موصوف بالصفات وليس جسما مركبا لا من الجواهر المفردة ولا من المادة والصورة كما يدعون كما سنبينه إن شاء الله تعالى ; فلا يلزم من ثبوت الصفات لزوم ما ادعوه من المحال بل غلطوا في هذا التلازم . وأما ما هو لازم لا ريب فيه ; فذاك يجب إثباته لا يجوز نفيه عن الله تعالى . فكان غلطهم باستعمال لفظ مجمل وإحدى المقدمتين باطلة : إما الأولى وإما الثانية كما سيأتي إن شاء الله تعالى . وهذه قواعد مختصرة جامعة وهي مبسوطة في مواضع أخرى .
فصل
إذا تبين هذا فقول السائل : كيف ينزل ؟ بمنزلة قوله : كيف استوى ؟ وقوله : كيف يسمع ؟ وكيف يبصر ؟ وكيف : يعلم ويقدر ؟ وكيف يخلق ويرزق ؟ وقد تقدم الجواب عن مثل هذا السؤال من أئمة الإسلام مثل : مالك بن أنس وشيخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن ; فإنه قد روي من غير وجه أن سائلا سأل مالكا عن قوله : { الرحمن على العرش استوى } كيف استوى ؟ فأطرق مالك حتى علاه الرحضاء ثم قال : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا رجل سوء ثم أمر به فأخرج . ومثل هذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك وقد روي هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها : موقوفا ومرفوعا ولكن ليس إسناده مما يعتمد عليه وهكذا سائر الأئمة قولهم يوافق قول مالك : في أنا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته ولكن نعلم المعنى الذي دل عليه الخطاب فنعلم معنى الاستواء ولا نعلم كيفيته وكذلك نعلم معنى النزول ولا نعلم كيفيته ونعلم معنى السمع والبصر والعلم والقدرة ولا نعلم كيفية ذلك ونعلم معنى الرحمة والغضب والرضا والفرح والضحك ولا نعلم كيفية ذلك .
وأما سؤال السائل : هل يخلو منه العرش أم لا يخلو منه ؟ - وإمساك المجيب عن هذا لعدم علمه بما يجيب به فإنه إمساك عن الجواب بما لم يعلم حقيقته - وسؤال السائل له عن هذا إن كان نفيا لما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم فخطأ منه وإن كان استرشادا فحسن وإن كان تجهيلا للمسئول ; فهذا فيه تفصيل . فإن المثبت الذي لم يثبت إلا ما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم ونفى علمه بالكيفية ; فقوله سديد لا يرد عليه سؤاله والمعترض الذي يعترض عليه بهذا السؤال ; اعتراضه باطل فإن ذلك لا يقدح في جواب المجيب . وقول المسئول : هذا قول مبتدع ورأي مخترع - حيدة منه عن الجواب - يدل على جهله بالجواب السديد ; ولكن لا يدل هذا على أن نفي المعترض لما أخبر به الرسول حق ولا على أن تأويله بنزول أمره ورحمته تأويل صحيح . ومما يبين ذلك : أن هذا المعترض إما أن يقر بأن الله فوق العرش وإما أن لا يكون مقرا بذلك . فإن لم يكن مقرا بذلك ; كان قوله : هل يخلو العرش منه أم لا يخلو ؟ كلاما باطلا ; لأن هذا التقسيم فرع ثبوت كونه على العرش . وإن قال المعترض : أنا ذكرت هذا التقسيم لأنفي نزوله وأنفي العلو - لأنه إن قال : يخلو منه العرش لزم أن يخلو من استوائه على العرش وعلوه عليه وأن لا يكون وقت النزول هو العلي الأعلى بل يكون في جوف العالم والعالم محيط به . وإن قال : إن العرش لا يخلو منه قيل له : فإذا لم يخل العرش منه لم يكن قد نزل فإن نزوله بدون خلو العرش منه لا يعقل - فيقال لهذا المعترض : هذا الاعتراض باطل لا ينفعك لأن الخالق سبحانه وتعالى موجود بالضرورة والشرع والعقل والاتفاق . فهو إما أن يكون مباينا للعالم فوقه وإما أن يكون مداخلا للعالم محايثا وإما أن يكون لا هذا ولا هذا . فإن قلت : إنه محايث للعالم بطل قولك فإنك إذا جوزت نزوله وهو بذاته في كل مكان ; لم يمتنع عندك خلو ما فوق العرش منه بل هو دائما خال منه لأنه هناك ليس عندك شيء ثم يقال لك : وهل يعقل مع هذا أن يكون في كل مكان وأنه مع هذا ينزل إلى السماء الدنيا ؟ فإن قلت : نعم ; قيل لك : فإذا نزل هل يخلو منه بعض الأمكنة أو لا يخلو ؟ فإن قلت : يخلو منه بعض الأمكنة ; كان هذا نظير خلو العرش منه . فإن قلت : لا يخلو منه مكان ; كان هذا نظير كون العرش لا يخلو منه . فإن جوزت هذا ; كان لخصمك أن يجوز هذا . فقد لزمك على قولك ما يلزم منازعك بل قولك أبعد عن المعقول لأن نزول من هو فوق العالم أقرب إلى المعقول من نزول من هو حال في جميع العالم فإن نزول هذا لا يعقل بحال وما فررت منه من الحلول وقعت في نظيره بل منازعك الذي يجوز أن يكون فوق العالم وهو أعظم عنده من العالم وينزل إلى العالم أشد تعظيما لله منك ويقال له : هل يعقل موجودان قائمان بأنفسهما أحدهما محايث للآخر ؟ فإن قال : لا ; بطل قوله . وإن قال : نعم ; قيل له : فليعقل أنه فوق العرش وأنه ينزل إلى السماء الدنيا ولا يخلو منه العرش فإن هذا أقرب إلى العقل مما إذا قلت : إنه حال في العالم . وإن قلت ; إنه لا مباين للعالم ولا مداخل له ; قيل لك : فهل يعقل موجودان قائمان بأنفسهما ليس أحدهما مباينا للآخر ولا محايثا له ؟ فإن جمهور العقلاء يقولون : إن فساد هذا معلوم بالضرورة فإذا قال : نعم يعقل ذلك فيقال له : فإن جاز وجود موجود قائم بنفسه ليس هو مباينا للعالم ولا محايثا له فوجود مباين للعالم ينزل إلى العالم ولا يخلو منه ما فوق العالم أقرب إلى المعقول ; فإنك إن كنت لا تثبت من الوجود إلا ما تعقل له حقيقة في الخارج فأنت لا تعقل في الخارج موجودين قائمين بأنفسهما ليس أحدهما داخلا في الآخر ولا محايثا له وإن كنت تثبت ما لا تعقل حقيقته في الخارج فوجود موجودين أحدهما مباين للآخر أقرب إلى المعقول ; ونزول هذا من غير خلو ما فوق العرش منه أقرب إلى المعقول من كونه لا فوق العالم ولا داخل العالم فإن حكمت بالقياس ; فالقياس عليك لا لك ; وإن لم تحكم به ; لم يصح استدلالك على منازعك به . وأما قول السائل : ليس هذا جوابي بل هو حيدة عن الجواب : فيقال له : الجواب على " وجهين " جواب معترض ناف لنزوله وعلوه وجواب مثبت لنزوله وعلوه وأنت لم تسأل سؤال مستفت بل سألت سؤال معترض ناف . وقد تبين لك أن هذا الاعتراض



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس