عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:38 AM   #16
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


جاء أمره فكذلك قولوا : جاء ثواب القرآن لا أنه نفسه هو الجائي فإن التأويل هنا ألزم فإن المراد هنا الإخبار بثواب قارئ القرآن وثوابه عمل له لم يقصد به الإخبار عن نفس القرآن . فإذا كان الرب قد أخبر بمجيء نفسه ثم تأولتم ذلك بأمره فإذا أخبر بمجيء قراءة القرآن فلأن تتأولوا ذلك بمجيء ثوابه بطريق الأولى والأحرى . وإذا قاله لهم على سبيل الإلزام لم يلزم أن يكون موافقا لهم عليه وهو لا يحتاج إلى أن يلتزم هذا . فإن هذا الحديث له نظائر كثيرة في مجيء أعمال العباد والمراد مجيء قراءة القارئ التي هي عمله وأعمال العباد مخلوقة وثوابها مخلوق . ولهذا قال أحمد وغيره من السلف : أنه يجيء ثواب القرآن والثواب إنما يقع على أعمال العباد لا على صفات الرب وأفعاله . وذهب " طائفة ثالثة " من أصحاب أحمد إلى أن أحمد قال هذا : ذلك الوقت وجعلوا هذا رواية عنه ثم من يذهب منهم إلى التأويل - كابن عقيل وابن الجوزي وغيرهما - يجعلون هذه عمدتهم . حتى يذكرها أبو الفرج بن الجوزي في تفسيره ; ولا يذكر من كلام أحمد والسلف ما يناقضها . ولا ريب أن المنقول المتواتر عن أحمد يناقض هذه الرواية ويبين أنه لا يقول : إن الرب يجيء ويأتي وينزل أمره بل هو ينكر على من يقول ذلك . والذين ذكروا عن أحمد في تأويل النزول ونحوه من " الأفعال " لهم قولان : منهم من يتأول ذلك بالقصد ; كما تأول بعضهم قوله : { ثم استوى إلى السماء } بالقصد وهذا هو الذي ذكره ابن الزاغوني . ومنهم من يتأول ذلك بمجيء أمره ونزول أمره وهو المذكور في رواية حنبل . وطائفة من أصحاب أحمد وغيرهم - كالقاضي أبي يعلى وغيره ممن يوافق أبا الحسن الأشعري - على أن " الفعل " هو المفعول ; وأنه لا يقوم بذاته فعل اختياري . يقولون : معنى النزول والاستواء وغير ذلك : أفعال يفعلها الرب في المخلوقات . وهذا هو المنصوص عن أبي الحسن الأشعري وغيره قالوا : الاستواء فعل فعله في العرش كان به مستويا وهذا قول أبي الحسن بن الزاغوني . وهؤلاء يدعون أنهم وافقوا السلف ; وليس الأمر كذلك . كما قد بسط في موضعه . وكذلك ذكرت هذه رواية عن مالك رويت من طريق كاتبه حبيب بن أبي حبيب ; لكن هذا كذاب باتفاق أهل العلم بالنقل لا يقبل أحد منهم نقله عن مالك . ورويت من طريق أخرى ذكرها ابن عبد البر وفي إسنادها من لا نعرفه .
واختلف أصحاب أحمد وغيرهم من المنتسبين إلى السنة والحديث : في النزول والإتيان والمجيء وغير ذلك . هل يقال إنه بحركة وانتقال ؟ أم يقال بغير حركة وانتقال ؟ أم يمسك عن الإثبات والنفي ؟ على " ثلاثة أقوال " ذكرها القاضي أبو يعلى في كتاب " اختلاف الروايتين والوجهين "
( فالأول) قول أبي عبد الله بن حامد وغيره .
( والثاني) : قول أبي الحسن التميمي وأهل بيته .
( والثالث) : قول أبي عبد الله بن بطة وغيره . ثم هؤلاء فيهم من يقف عن إثبات اللفظ مع الموافقة على المعنى وهو قول كثير منهم كما ذكر ذلك أبو عمر بن عبد الرحمن وغيره . ومنهم من يمسك عن إثبات المعنى مع اللفظ وهم في المعنى منهم من يتصوره مجملا ومنهم من يتصوره مفصلا ; إما مع الإصابة وإما مع الخطأ . والذين أثبتوا هذه رواية عن " أحمد " هم وغيرهم - ممن ينتسب إلى السنة والحديث - لهم في تأويل ذلك قولان :
( أحدهما) : أن المراد به إثبات أمره ومجيء أمره . و ( الثاني) : أن المراد بذلك عمده وقصده . وهكذا تأول هؤلاء قوله تعالى : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان } قالوا قصد وعمد . وهذا تأويل طائفة من أهل العربية منهم أبو محمد عبد الله بن قتيبة ذكر في كتاب " مختلف الحديث " له : الذي رد فيه على أهل الكلام الذين يطعنون في الحديث . فقال : قالوا حديث في التشبيه يكذبه القرآن والإجماع . قالوا رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ينزل الله - تبارك وتعالى - إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر فيقول : هل من داع ؟ فأستجيب له . أو مستغفر ؟ فأغفر له } و { ينزل عشية عرفة إلى أهل عرفة } . و { ينزل ليلة النصف من شعبان } . وهذا خلاف لقوله تعالى : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا } وقوله : { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } . فقد أجمع الناس أنه يكون بكل مكان . ولا يشغله شأن عن شأن . ونحن نقول في قوله : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } : أنه معهم بالعلم بما هم عليه كما تقول لرجل وجهته إلى بلد شاسع ووكلته بأمر من أمرك : احذر التقصير والإغفال لشيء مما تقدمت فيه إليك ; فإني معك ; يريد أنه لا يخفى علي تقصيرك أو جدك بالإشراف عليك ; والبحث عن أمورك ; فإذا جاء هذا في المخلوق والذي لا يعلم الغيب : فهو في الخالق الذي يعلم الغيب أجوز . وكذلك هو بكل مكان يراك لا يخفى عليه شيء مما في الأماكن هو فيها بالعلم بها والإحاطة فكيف يسوغ لأحد أن يقول : إنه بكل مكان على الحلول مع قوله : { الرحمن على العرش استوى } أي استقر ؟ قال الله تعالى : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك } أي استقررت ومع قوله : { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } ؟ . وكيف يصعد إليه شيء هو معه أو يرتفع إليه عمل هو عنده ؟ وكيف تعرج الملائكة والروح يوم القيامة ؟ وتعرج بمعنى تصعد يقال عرج إلى السماء إذا صعد والله ذو المعارج والمعارج الدرج . فما هذه الدرج ؟ فإلى من تؤدي الملائكة الأعمال إذا كان بالمحل الأعلى مثله بالمحل الأدنى ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق : لعلموا أن الله هو العلي وهو الأعلى وبالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه والأيدي ترتفع بالدعاء إليه . ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر والرزق . وهناك الكرسي والعرش والحجب والملائكة . يقول الله تبارك وتعالى { وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون } { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } . وقال في الشهداء : { أحياء عند ربهم يرزقون } قيل لهم شهداء : لأنهم يشهدون ملكوت الله واحدهم شهيد كما يقال : عليم وعلماء وكفيل وكفلاء . وقال عز وجل : { لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا } أي لاتخذنا ذلك عندنا لا عندكم ; لأن زوجة الرجل وولده يكونان عنده بحضرته لا عند غيره . والأمم كلها ; عجمها وعربها تقول : إن الله عز وجل في السماء ما تركت على فطرتها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم . وفي الحديث { أن رجلا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين الله ؟



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس