عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 03:57 AM   #10
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


صدق الأنبياء فيما أخبروا به من الأمر والنهي والوعيد والوعيد ما بشروا به وأنذروا به # ولهذا قال عقيب ذلك ^ هذا نذير من النذر الأولى ^ قيل هو محمد وقيل هو القرآن فإن الله سمى كلا منهما بشيرا ونذيرا فقال في رسول الله ^ إن أنا الا نذير وبشير لقوم يؤمنون ^ وقال تعالى ^ إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ^ وقال تعالى في القرآن ^ كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا ^ وهما متلازمان

# وكل من هذين المعنيين مراد يقال هذا نذير انذر بما أنذرت به الرسل والكتب الأولى # وقوله من النذر أي من جنسها أي رسول من الرسل المرسلين ففي المخلوقات نعم من جهة حصول الهدى والإيمان والاعتبار والموعظة بها وهذه أفضل النعم & نعمة الإيمان أفضل النعم & #44 فأفضل النعم نعمة الإيمان وكل مخلوق من المخلوقات فهو الآيات التي يحصل بها ما يحصل من هذه النعمة قال تعالى ^ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ^ وقال تعالى ^ تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ^ # وما يصيب الإنسان ان كان يسره فهو نعمة بينة وإن كان يسوءه فهو نعمة من جهة أنه يكفر خطاياه ويثاب بالصبر عليه ومن جهة أن فيه حكمة ورحمة لا يعلمها ^ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ^ # وقد قال في الحديث والله لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له واذا كان هذا وهذا فكلاهما من نعم الله عليه & الصبر على السراء والضراء والشكر عليهما & #45 وكلتا النعمتين تحتاج مع الشكر إلى الصبر # أما نعمة الضراء فاحتياجها إلى الصبر ظاهر وأما نعمة السراء فتحتاج

إلى الصبر على الطاعة فيها فإن فتنة السراء أعظم من فتنة الضراء كما قال بعض السلف ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر # وفي الحديث أعوذ بك من فتنة الفقر وشر فتنة الغنى # والفقر يصلح عليه خلق كثير والغنى لا يصلح عليه إلا أقل منهم # ولهذا كان أكثر من يدخل الجنة المساكين لأن فتنة الفقر أهون وكلاهما يحتاج إلى الصبر والشكر لكن لما كان في السراء اللذة وفي الضراء الألم اشتهر ذكر الشكر في السراء والصبر في الضراء قال تعالى ^ ولئن اذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور إلا اللذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ^ ولأن صاحب السراء أحوج إلى الشكر وصاحب الضراء أحوج إلى الصبر فإن صبر هذا وشكر هذا واجب إذا تركه استحق العقاب # وأما صبر صاحب السراء فقد يكون مستحبا إذا كان عن فضول الشهوات وقد يكون واجبا ولكن لإتيانه بالشكر الذي هو حسنات يغفر له ما يغفر من سيئاته # وكذلك صاحب الضراء لا يكون الشكر في حقه مستحبا إذا كان شكرا يصير به من السابقين المقربين وقد يكون تقصيره في الشكر مما يغفر له لما يأتي به من الصبر فإن اجتماع الشكر والصبر جميعا يكون مع تألم النفس وتلذذها يصبر على الألم ويشكر على النعم وهذا حال يعمر على كثير من الناس وبسط هذا له موضع آخر

# والمقصود هنا أن الله تعالى منعهم بهذا كله وأن كان لا يظهر الإنعام بد في الابتداء لأكثر الناس فإن الله يعلم وأنتم لا تعلمون فكل ما يفعله الله فهو نعمة منه & ذنوب الإنسان & #46 وأما ذنوب الإنسان فهي من نفسه ومع هذا فهي مع حسن العاقبة نعمة وهي نعمة على غيره بما يحصل له بها من الاعتبار والهدى والإيمان ولهذا كان من أحسن الدعاء قوله اللهم لا تجعلني عبرة لغيري ولا تجعل أحدا أسعد بما علمتني مني # وفي دعاء القرآن ^ ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ^ ^ ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ^ كما فيه ^ واجعلنا للمتقين إماما ^ أي فاجعلنا أئمة لمن يقتدى بنا ويأتم ولا تجعلنا فتنة لمن يضل بنا ويشقى # والآلاء في اللغة هي النعم وهي تتضمن القدرة # قال ابن قتيبة لما عدد الله في هذه السورة سورة الرحمن نعماءه وذكر عباده آلاءه ونبههم على قدرته وجعل كل كلمة من ذلك فاصلة بين نعمتين ليفهم النعم ويقررهم بها # وقد روى الحاكم في صحيحه والترمذي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمن حتى ختمها ثم قال مالي أراكم سكوتا الجن كان أحسن منكم ردا ما قرأت عليهم هذه الآية من مرة فبأي آلاء ربكما تكذبان إلا قالوا ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد & القرآن كله تذكير بآلاء الله & #47 والله تعالى يذكر في القرآن بآياته الدالة على قدرته وربوبيته

ويذكر بآياته التي فيها نعمه وإحسانه إلى عباده ويذكر بآياته المبينة لحكمته تعالى وهي كلها متلازمة # فكل ما خلق فهو نعمة ودليل على قدرته وعلى حكمته # لكن نعمة الرزق والانتفاع بالمآكل والمشارب والمساكن والملابس ظاهرة لكل أحد فلهذا يستدل بها كما في سورة النحل وتسمى سورة النعم كما قاله قتادة وغيره & الفرق بين الحمد والشكر & #48 وعلى هذا فكثير من الناس يقول # الحمد أعم من الشكر من جهة أسبابه فإنه يكون على نعمة وعلى غير نعمة والشكر أعم من جهة أنواعه فإنه يكون بالقلب واللسان واليد # فإذا كان كل مخلوق فيه نعمة لم يكن الحمد إلا على نعمة والحمد لله على كل حال لأنه ما من حال يقضيها إلا وهي نعمة على عباده # لكن هذا فهم من عرف ما في المخلوقات من النعم والجهمية والجبرية بمعزل عن هذا # وكذلك كل ما يخلقه ففيه له حكمه فهو محمود عليه باعتبار تلك الحكمة والجهمية أيضا بمعزل عن هذا # وكذلك القدرية الذين يقولون لا تعود الحكمة إليه بل ما تم إلا نفع الخلق فما عندهم إلا شكر كما ليس عند الجهمية إلا قدرة # والقدرة المجردة عن نعمة وحكمة لا يظهر فيها وصف حمد كالقادر الذي يفعل ما لا ينتفع به و لا ينفع به أحدا فهذا لا يحمد # فحقيقة قول الجهمية أتباع جهم أنه لا يستحق الحمد فله عندهم ملك بلا حمد مع تقصيرهم في معرفة ملكه

كما أن المعتزلة له عندهم نوع من الحمد بلا ملك تام إذ كان عندهم يشاء ما لا يكون ويكون مالا يشاء وتحدث حوادث بلا قدرته # وعلى مذهب السلف له الملك وله الحمد تامين وهو محمود على حكمته كما هو محمود على قدرته ورحمته # وقد قال ^ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ^ فله الوحدانية في الهيئة وله العدل وله العزة والحكمة # وهذه الأربعة إنما يثبتها السلف وأتباعهم فمن قصر عن معرفة السنة فقد نقص الرب بعض حقه # والجهمي الجبري لا يثبت عدلا ولا حكمة ولا توحيد إلهية بل توحيد ربوبيته والمتعزلي أيضا لا يثبت في الحقيقة توحيد إلهية ولا عدلا في الحسنات والسيئات ولا عزة ولا حكمة في الحقيقة وإن قال إنه يثبت الحكمة بما معناها يعود إلى غيره وتلك لا يصلح أن تكون حكمة من فعل لا لأمر يرجع إليه بل لغيره هو عند العقلاء قاطبة بها ليس بحكيم بل سفيه # وإذا كان الحمد لا يقع إلا على نعمة فقد ثبت أنه رأس الشكر فهو أول الشكر # والحمد وإن كان على نعمته وعلى حكمته فالشكر بالأعمال هو على نعمته وهو عبادة له لإلهيته التي تتضمن حكمته فقد صار مجموع الأمور داخلا في الشكر ولهذا عظم القرآن أمر الشكر ولم يعظم أمر الحمد مجردا إذا كان نوعا من الشكر

# وشرع الحمد الذي هو الشكر المقول أمام كل خطاب مع التوحيد ففي الفاتحة الشكر والتوحيد والخطب الشرعية لا بد فيها من الشكر والتوحيد والباقيات الصالحات نوعان فسبحان الله وبحمده فيها الشكر والتنزيه والتعظيم ولا إله إلا الله والله أكبر فيها التوحيد والتكبير وقد قال تعالى ^ فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ^ & قضاء السيئات & #49 وهل الحمد على كل ما يحمد به الممدوح وإن لم يكن باختياره أو لا يكون الحمد إلا على الأمور الاختيارية كما قيل في الذم فيه نظر ليس هذا موضعه # وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ماقال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد هذا لفظ الحديث أحق أفعل التفضيل # وقد غلط فيه طائفة من المصنفين فقالوا حق ما قال العبد # وهذا ليس لفظ الرسول وليس هو بقول سديد فإن العبد يقول الحق والباطل بل حق ما يقوله الرب كما قال تعالى ^ فالحق والحق أقول ^ ولكن لفظه أحق ما قال العبد خبر مبتدأ محذوف أي الحمد أحق ما قال العبد أو هذا وهو الحمد أحق ما قال العبد



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس