عرض مشاركة واحدة
قديم 16 Mar 2010, 03:28 AM   #5
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فوائد معرفة أسباب النزول:
معرفة أسباب النزول مهمة جدًّا، لأنها تؤدي إلى فوائد كثيرة منها:
1 - بيان أن القرآن نزل من الله تعالى؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشيء، فيتوقف عن الجواب أحياناً، حتى ينزل عليه الوحي، أو يخفى عليه الأمر الواقع، فينزل الوحي مبيناً له.
مثال الأول: قوله تعالى: )وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الاسراء:85) ففي "صحيح البخاري"(7) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن رجلاً من اليهود قال: يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت، وفي لفظ: فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يرد عليهم شيئاً، فعلمتُ أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال: {)وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } [الإسراء: 85] الآية
ومثال الثاني: قوله تعالى: {)يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَل)(المنافقون: الآية8) ، ففي "صحيح البخاري"(8) أن زيد بن أرقم رضي الله عنه سمع عبد الله بن أُبَي رأس المنافقين يقول ذلك، يريد أنه الأعزُّ ورسول الله وأصحابه الأذل، فأخبر زيد عمه بذلك، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم زيداً، فأخبره بما سمع، ثم أرسل إلى عبد الله بن أُبَي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فأنزل الله تصديق زيد في هذه الآية؛ فاستبان الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم
2 - بيان عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه
مثال ذلك: قوله تعالى: { )وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان:32) وكذلك آيات الإِفك؛ فإنها دفاع عن فراش النبي صلى الله عليه وسلم وتطهيرٌ له عمَّا دنَّسه به الأفَّاكون.
3 - بيان عناية الله تعالى بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غمومهم.
مثال ذلك آية التيمم، ففي "صحيح البخاري"(9) أنه ضاعَ عقدٌ لعائشةَ رضي الله عنها، وهي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأقام النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه، وأقام الناس على غير ماء، فشكوا ذلك إلى أبي بكر، فذكر الحديث وفيه: فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر والحديث في البخاري مطولاً
4 - فهم الآية على الوجه الصحيح.
مثال ذلك قولهُ تعالى: { )إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)(البقرة: الآية158)} أي يسعى بينهما، فإنَّ ظاهر قوله: {فلاجناح عليه } [البقرة: 158] أن غاية أمر السعي بينهما، أن يكون من قسم المباح وفي "صحيح البخاري"(10) عن عاصم بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصفا والمروة، قال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإِسلام أمسكنا عنهما؛ فأنزل الله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } [البقرة: 158] إلى قوله: { أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } [البقرة: 158] وبهذا عرف أن نفي الجناح ليس المراد به بيان أصل حكم السعي، وإنما المراد نفي تحرجهم بإمساكهم عنه، حيث كانوا يرون أنهما من أمر الجاهلية، أما أصل حكم السعي فقد تبين بقوله: { مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } [البقرة: 158]
عموم اللفظ وخصوص السبب:
إذا نزلت الآية لسبب خاص، ولفظها عام كان حكمها شاملاً لسببها، ولكل ما يتناوله لفظها؛ لأن القرآن نزل تشريعاً عامًّا لجميع الأمة فكانت العبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه
مثال ذلك: آيات اللعان، وهي قوله تعالى: { )وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) } إلى قوله ( إن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) النور: ]6 - 9] ففي "صحيح البخاري"(11) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البيِّنة أو حَدٌّ في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل، وأُنزل عليه: { { )وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } [النور: 6] فقرأ حتى بلغ: {إن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ } [النور: 9] الحديث.
فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال بن أمية لامرأته، لكن حكمها شامل له ولغيره، بدليل ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، أن عويمر العجلاني جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، رجل وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أنزل اللهُ القرآنَ فيك وفي صاحبتك فأمرهما رسول الله بالملاعنة بما سمى الله في كتابه، فلاعنها الحديث(12).
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآيات شاملاً لهلال بن أمية وغيره.



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس