عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:27 AM   #5
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


المنتسبين إلى التشيع والمنتسبين إلى التصوف . أو يقوله طائفة ثالثة : إنه الوجود المطلق لا بشرط كما تقوله طائفة منهم . وهم متفقون على أن المطلق بشرط الإطلاق عن الأمور الوجودية والعدمية لا يكون في الخارج موجودا . فالمطلق بشرط الإطلاق عن كل أمر ثبوتي ; أولى أن لا يكون موجودا . فإن المقيد بسلب الوجود والعدم نسبته إليهما سواء والمقيد بسلب الوجود يختص بالعدم دون الوجود والمطلق لا بشرط إنما يوجد مطلقا في الأذهان . وإذا قيل : هو موجود في الخارج ; فذلك بمعنى أنه يوجد في الخارج مقيدا لا أنه يوجد في الخارج مطلقا فإن هذا باطل ; وإن كانت طائفة تدعيه . فمن تصور هذا تصورا تاما ; علم بطلان قولهم وهذا حق معلوم بالضرورة . فهذا القانون الصحيح لم ينتفعوا به في إثبات وجود الرب ; بل جعلوه مطلقا بشرط الإطلاق عن النقيضين أو عن الأمور الوجودية . أو لا بشرط وذلك لا يتصور إلا في الأذهان . والقوانين الفاسدة أوقعتهم في ذلك التناقض والهذيان وهم يفرون من التشبيه بوجه من الوجوه ; ثم يقولون : الوجود ينقسم إلى : واجب وممكن فهما مشتركان في مسمى الوجود وكذلك لفظ الماهية والحقيقة والذات . ومهما قيل : هو ينقسم إلى واجب وممكن . ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام فقد اشتركت الأقسام في المعنى العام الكلي الشامل لما تشابهت فيه فهذا تشبيه يقولون به وهم يزعمون أنهم ينفون كل ما يسمى تشبيها حتى نفوا الأسماء فكان الغلاة من الجهمية والباطنية لا يسمونه شيئا فرارا من ذلك . وأي شيء أثبتوه ; لزمهم فيه مثل ذلك وإلا لزم أن لا يكون وجود واجب الوجود ممكنا وقديما ومحدثا وأن المحدث والممكن لا بد له من قديم ومن المعلوم بالاضطرار أن الوجود فيه محدث ممكن وأن المحدث الممكن لا بد له من قديم واجب بنفسه ; فثبوت النوعين ضروري لا بد منه . وحقيقة الأمر أن لفظ المطلق قد يعنى به ما هو كلي لا يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه . ويمتنع أن يكون شيء موجود في الخارج قائما بنفسه أو صفة لغيره بهذا الاعتبار ; فضلا عن أن يكون رب العالمين الأحد الصمد كذلك . وقد يراد بالمطلق : المجرد عن الصفات الثبوتية أو عن الثبوتية والسلبية جميعا ; والمطلق لا بشرط الإطلاق . وهذا إذا قدر جعل معينا خاصا لا كليا فإنه يمتنع وجوده في الخارج أعظم من امتناع الكليات المطلقة بشرط لكونها كلية . فإن تلك الكليات لها جزئيات موجودة في الخارج والكليات مطابقة لها . وأما وجود شيء مجرد عن أن يوصف بصفة ثبوتية وسلبية ; فهذا يمتنع تحققه في الخارج كليا وجزئيا . وكذلك المجرد عن أن يوصف بصفة ثبوتية بل هذا أولى بالامتناع منه . وإذا كان هذا قد شارك سائر الموجودات في مسمى الوجود ولم يميز عنها إلا بالقيود السلبية وهي قد امتازت عنه بالقيود الوجودية ; كان كل ممكن في الوجود أكمل من هذا الذي زعموا أنه واجب الوجود فإن الوجود الكلي مشترك بينه وبينها ولم يميز عنها إلا بعدم وامتازت عنه بوجود فكان ما امتازت به عنه أكمل مما امتاز به هو عنها إذ الوجود أكمل من العدم . وأما إذا قيل : هو الوجود لا بشرط . فهذا هو الوجود الكلي والطبيعي المطابق لكل موجود وهذا لا يكون كليا إلا في الذهن . وأما في الخارج ; فلا يوجد إلا معينا . ومن الناس من قال : إن هذا الكلي جزء من المعينات . فإن كان الأول هو الصواب ; لزم أن يكون الموجود الواجب معدوما في الخارج أو أن يكون عين الواجب عين الممكن كما يقوله من يقوله من القائلين بوحدة الوجود وإن كان الثاني هو الصواب ; لزم أن يكون وجوده جزءا من كل موجود ; فيكون الواجب الوجود جزءا من وجود الممكنات . ومن المعلوم بصريح العقل أن جزء الشيء لا يكون هو الخالق له كله بل يمتنع أن يكون خالقا لنفسه فضلا عن أن يكون خالقا لما هو بعضه إذ الكل أعظم من الجزء فإذا امتنع أن يكون خالقا للجزء ; فامتناع كونه خالقا للكل أظهر وأظهر . فصحيح المنطق لم ينتفعوا به في معرفة الله وباطل المنطق أوقعهم في غاية الكذب والجهل بالله { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } و { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات } . وهو القائل : { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز } وهو القائل : { كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من الليل ما رواه مسلم في صحيحه : { اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ; اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم } " . فصل وتمام الكلام في هذا الباب أنك تعلم أنا لا نعلم ما غاب عنا إلا بمعرفة ما شهدناه فنحن نعرف أشياء بحسنا الظاهر أو الباطن وتلك معرفة معينة مخصوصة ثم إنا بعقولنا نعتبر الغائب بالشاهد فيبقى في أذهاننا قضايا عامة كلية ثم إذا خوطبنا بوصف ما غاب عنا لم نفهم ما قيل لنا إلا بمعرفة المشهود لنا . فلولا أنا نشهد من أنفسنا جوعا وعطشا وشبعا وريا وحبا وبغضا ولذة وألما ورضى وسخطا لم نعرف حقيقة ما نخاطب به إذا وصف لنا ذلك وأخبرنا به عن غيرنا . وكذلك لو لم نعلم ما في الشاهد : حياة وقدرة وعلما وكلاما لم نفهم ما نخاطب به إذا وصف الغائب عنا بذلك . وكذلك لو لم نشهد موجودا لم نعرف وجود الغائب عنا فلا بد فيما شهدناه وما غاب عنا من قدر مشترك هو مسمى اللفظ المتواطئ . فبهذه الموافقة والمشاركة والمشابهة والمواطأة نفهم الغائب ونثبته وهذا خاصة العقل . ولولا ذلك لم نعلم إلا ما نحسه ولم نعلم أمورا عامة ولا أمورا غائبة عن إحساسنا الظاهرة والباطنة ولهذا من لم يحس الشيء ولا نظيره لم يعرف حقيقته . ثم إن الله تعالى أخبرنا بما وعدنا به في الدار الآخرة من النعيم والعذاب وأخبرنا بما يؤكل ويشرب وينكح ويفرش وغير ذلك . فلولا معرفتنا بما يشبه ذلك في الدنيا ; لم نفهم ما وعدنا به ; ونحن نعلم مع ذلك أن تلك الحقائق ليست مثل هذه ; حتى قال ابن عباس رضي الله عنه : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء وهذا تفسير قوله { وأتوا به متشابها } على أحد الأقوال . فبين هذه الموجودات في الدنيا وتلك الموجودات في الآخرة مشابهة وموافقة واشتراك من بعض الوجوه وبه فهمنا المراد وأحببناه ورغبنا فيه أو أبغضناه ونفرنا عنه وبينهما مباينة ومفاضلة لا يقدر قدرها في الدنيا . وهذا من التأويل الذي لا نعلمه نحن بل يعلمه الله تعالى ; ولهذا كان قول من قال : " إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله " حقا وقول من قال : " إن الراسخين في العلم يعلمون تأويله " حقا . وكلا



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس