عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 03:56 AM   #8
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


التحريم فاعتقده أثيب على اعتقاده وإذا ترك ذلك مع دعاء النفس إليه أثيب ثوابا آخر كالذي تدعوه نفسه إلى الشهوات فينهاها كالصائم الذي تشتهي نفسه الأكل والجماع فينهاها والذي تشتهي نفسه شرب الخمر والفواحش فينهاها فهذا يثاب ثوابا آخر بحسب نهيه لنفسه وصبره على المحرمات واشتغاله بالطاعات التي ضدها فإذا فعل تلك الطاعات كانت مانعة له عن المحرمات # وإذا تبين هذا فالحسنات التي يثاب عليها كلها وجودية نعمة من الله تعالى وما أحبته النفس من ذلك وكرهته من السيئات فهو الذي حبب الإيمان إلى المؤمنين وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان & فصل منشأ السيئات الجهل & #36 وأما السيئات فمنشؤها الجهل والظلم فإن أحدا لا يفعل سيئة قبيحة إلا لعدم علمه بكونها سيئة قبيحة أو لهواه وميل نفسه إليها # ولا يترك حسنة واجبة إلا لعدم علمه بوجوبها أو لبغض نفسه لها

# وفي الحقيقة فالسيئات كلها ترجع إلى الجهل وإلا فلو كان عالما علما نافعا بأن فعل هذا يضره ضررا راجحا لم يفعله فإن هذا خاصية العاقل ولهذا إذا كان من الحسنات ما يعلم أنه يضره ضررا راجحا كالسقوط من مكان عال أو في نهر يغرقه أو المرور بجنب حائط مائل أو دخول نار متأججة أو رمى ماله في البحر ونحو ذلك لم يفعله لعلمه بأن هذا ضرر لا منفعة فيه ومن لم يعلم أن هذا يضره كالصبي والمجنون والساهي والغافل فقد يفعل ذلك # ومن أقدم على ما يضره مع علمه من الضرر عليه فلظنه أن منفعته راجحة # فأما أن يجزم بضرر مرجوح أو يظن أن الخير راجح فلا بد من رجحان الخير إما في الظن وإما في المظنون كالذي يركب البحر ويسافر الأسفار البعيدة للربح فإنه لو جزم بأنه يغرق أو يخسر لما سافر لكنه يترجح عنده السلامة والربح وإن كان مخطئا في هذا الظن # وكذلك الذنوب إذا جزم السارق بأنه يؤخذ ويقطع لم يسرق وكذلك الزاني إذا جزم بأنه يرجم لم يزن والشارب يختلف حاله فقد يقدم على جلد أربع وثمانين ويديم الشرم مع ذلك ولهذا كان الصحيح أن عقوبة الشارب غير محددة بل يجوز أن تنتهي إلى القتل إذا لم ينته إلا بذلك كما جاءت بذلك الأحاديث كما هو مذكور في غير هذا الموضع # وكذلك العقوبات متى جزم طالب الذنب بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله بل إما أن لا يكون جازما بتحريمه أو يكون غير جازم بعقوبته بل يرجو العفو بحسنات أو توبة أو بعفو الله أو يغفل عن هذا كله ولا يستحضر تحريما ولا وعيدا فيبقى غافلا غير مستحضر للتحريم والغفلة من أضداد العلم

& فصل أصل الشر الغفلة والشهوة & #37 فالغفلة والشهوة أصل الشر قال تعالى ^ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ^ والهوي وحده لا يستقل بفعل السيئات إلا مع الجهل وإلا فصاحب الهوى إذا علم قطعا أن ذلك يضره ضررا راجحا انصرفت نفسه عنه بالطبع فان الله تعالى جعل في النفس حبا لما ينفعها وبغضا لما يضرها فلا تفعل ما تجزم بأنه يضرها ضررا راجحا بل متى فعلته كان لضعف العقل # ولهذا يوصف هذا بأنه عاقل وذو نهى وذو حجى # ولهذا كان البلاء العظيم من الشيطان لا من مجرد النفس فإن الشيطان يزين لها السيئات ويأمرها بها ويذكر لها ما فيها من المحاسن التي هي منافع لا مضار كما فعل إبليس بآدم وحواء فقال ^ يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما ^ ^ وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ^ # لهذا قال الله تعالى ^ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم متهدون ^ وقال تعالى ^ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ^ وقال تعالى ^ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم وكذلك زينا لكل أمة

عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ^ # وقوله ^ زينا لكل أمة عملهم ^ هو بتوسيط تزيين الملائكة والأنبياء والمؤمنين للخير وتزيين شياطين الجن والإنس للشر قال تعالى ^ وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ^ # فأصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بكونها تضرهم ضررا راجحا أو ظن أنها تنفعهم نفعا راجحا ولهذا قال الصحابة رضي الله عنهم كل من عصى الله فهو جاهل وفسروا بذلك قوله تعالى ^ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ^ كقوله ^ وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم ^ ولهذا يسمى حال فعل السيئات الجاهلية فإنه يصاحبها حال من حال جاهلية # قال أبو العالية سألت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ^ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ^ فقالوا كل من عصى الله فهو جاهل ومن تاب قبيل الموت فقد تاب من قريب وعن قتادة قال أجمع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على أن كل من عصى ربه فهو في جهالة عمدا كان أو لم يكن وكل من عصى الله فهو جاهل وكذلك قال التابعون ومن بعدهم # قال مجاهد من عمل ذنبا من شيخ أو شاب فهو بجهالة وقال من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته وقال أيضا هو إعطاء الجهل العمد

# وقال مجاهد أيضا من عمل سوءا خطأ أو إثما عمدا فهو جاهل حتى ينزع منه وراهن ابن أبي حاتم ثم قال روى عن قتادة وعمرو ابن مرة والثوري ونحو ذلك خطأ أو عمدا # وروى عن مجاهد والضحاك قالا ليس من جهالته أن لا يعلم حلالا ولا حراما ولكن من جهالته حين دخل فيه # وقال عكرمة الدنيا كلها جهالة # وعن الحسن البصري أنه سئل عنها فقال هم قوم لم يعلموا ما لهم مما عليهم قيل له أرأيت لو كانوا قد علموا قال فليخرجوا منها فإنها جهالة & العلم خشية الله & #38 قلت ومما يبين ذلك قوله تعالى ^ إنما يخشى الله من عباده العلماء ^ وكل من خشيه وأطاعه وترك معصيته فهو عالم كما قال تعالى ^ أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ^ # وقال رجل للشعبي أيها العالم فقال إنما العالم من يخشى الله # وقوله تعالى ^ إنما يخشى الله من عباده العلماء ^ يقتضي أن كل من خشي الله فهو عالم فإنه لا يخشاه إلا عالم # ويقتضي أيضا أن العالم من يخشى الله كما قال السلف # قال ابن مسعود كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار جهلا

# ومثل هذا الحصر يكون من الطرفين حصر الأول في الثاني وهو مطرد وحصر الثاني في الأول نحو قوله ^ إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب ^ وقوله ^ إنما أنت منذر من يخشاها ^ وقوله ^ إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع ^ # ومن ذلك أنه أثبت الخشية للعلماء ونفاها عن غيرهم وهذا كالاستثناء فأنه من النفي إثبات عند جمهور العلماء كقولنا لا إله إلا الله وقوله تعالى ^ ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ^ وقوله ^ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ^ وقوله ^ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ^ # وقد ذهب طائفة إلى أن المستثنى مسكوت عنه لم يثبت له ما ذكر ولم ينف عنه # وهؤلاء يقولون ذلك في صيغة الحصر بطريق الأولى فيقولون نفي الخشية عن غير العلماء ولم يثبتها لهم # والصواب قول الجمهور أن هذا كقوله ^ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق ^ فإنه ينفي التحريم عن غير هذه الاصناف ويثبتها لها لكن أثبتها للجنس أو لكل واحد كما يقال إنما يحج المسلمون ولا يحج إلا مسلم وذلك أن المستثنى هل هو مقتض أو شرط # ففي هذه الآية وأمثالها هو مقتض فهو عام فإن العلم بما أنذرت به

الرسل يوجب الخوف فإذا كان العلم يوجب الخشية الحاملة على فعل الحسنات وترك السيئات وكل عاص فهو جاهل ليس بتام العلم يبين ما ذكرنا من أصل السيئات الجهل وعدم العلم وإذا كان كذلك فعدم العلم ليس شيئا موجودا بل هو مثل عدم القدرة وعدم السمع والبصر وسائر الأعدام # والعدم لا فاعل له وليس هو شيئا وإنما الشيء الموجود والله تعالى خالق كل شيء فلا يجوز أن يضاف العدم المحض إلى الله لكن قد يقترن به ما هو موجود # فإذا لم يكن عالما بالله لا يدعوه إلى الحسنات وترك السيئات # والنفس بطبعها متحولة فإنها حية والإرادة والحركة الإرادية من لوازم الحياة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أصدق الأسماء حارث وهمام فكل آدمي حارث وهمام أي عامل كاسي وهو همام أي يهم ويريد فهو متحرك بالإرادة # وقد جاء في الحديث مثل القلب



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس