عرض مشاركة واحدة
قديم 31 May 2015, 12:47 AM   #4
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية بالقرآن نرتقي
بالقرآن نرتقي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 3,065 [ + ]
 التقييم :  18
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: هل أنت تستغفر بعد الضحك أو أثنائه؟



الضحك ليس أمراً محرماً، فليس ينبغي للمسلم أن يكون عبوسًا خشنًا مكفهر الوجه؛ فإن الضحك أمر جبلي طبعي: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ [النجم: ٤٣]. والابتسامة: مفتاح مؤكد النتيجة، ودواء أكيد المفعول، يقرّب البعيد، ويهدّئ الغضبان من خلاله، يدخل المرء إلى قلب صديقه، وعن طريقه تدخل المرأة إلى شغاف قلب زوجها، ومن نعم الله تعالى على الإنسان أن يرزقه وجهًا مبتسمًا دائمًا، لا يعرف الحزن والهم والغم، يبتسم لكل موقف، لأنه يرضى بقضاء الله وقدره، فالرجل المبتسم يكون دائما في حالة ارتياح نفسي، وهذا أقدر من المنفعل والمتشنج على التفكير، واختيار الكلمات المناسبة، التي يتعامل بها مع الناس.
تعريف الضحك والتبسم:
عرف أهل اللغة التبسم بأنه مبادئ الضحك، والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور، فإن كان بصوت وكان بحيث يسمع من بعد فهو القهقهة، وإلا فهو الضحك؛ وإن كان بلا صوت فهو التبسم.
مراتب الضحك:
بتتبع هذه المراتب نجدها لا تخرج عن حالات ثلاث هي ما يلي:
أولاً: التبسم:
ويعتبر مبتدأ الضحك، وهو انفراج الفم بلا صوت؛ إذ يمثل أقل الضحك وأحسنه؛ ويكون غالبًا للسرور. قال سبحانه وتعالى: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا﴾ [النمل: ١٩]. قال الزجاج: التبسم أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وكانت البسمة أقرب ما تكون إلى قلب الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم وشفتيه، بل كانت من ضمن وصاياه للناس؛ حتى رفع قدرها إلى مستوى الصدقة فقال صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة».
وجعل صلى الله عليه وسلم لقاء الناس بوجه طليق – أي: بوجه باسم – من قبيل المعروف، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط». فالوجه المبتسم: هو من نعم الله تعالى على الإنسان، وينظر إلى صاحبه بشيء من الثقة التي لا توحي بها الملامح المتجهمة المنكرة تحت وطأة الآلام والأحزان.
ثانيًا: الضحك:
وهو أعم من التبسم، فكل تبسم ضحك، وليس كل ضحك تبسمًا؛ ولذلك قال ابن حجر رحمه الله: «فإن كان بصوت وكان بحيث يسمع من بُعد فهو القهقهة وإلا فهو الضحك، وإن كان بلا صوت فهو التبسم».
وتسمى الأسنان في مقدم الفم: الضواحك، وهي الثنايا والأنياب وما يليها، وتسمى النواجذ وهي التي تظهر عند الضحك.
ثالثًا: القهقهة:
والقهقهة هي الضحك بصوت مرتفع بحيث يُسمع من بُعد؛ قالت عائشة رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعًا ضاحكًا قطّ حتى أرى منه لهواته، وإنما كان يتبسم».
واللهوات جمع لهاة وهي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم يعني: ما يكون ضاحكًا تامًا مقبلاً بكليته على الضحك، بحيث تبدو اللهاة التي في آخر الفم.
ولذلك كان هذا النوع من الضحك مخالفًا لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان لا يكثر الضحك ولا يقهقه، أي لا يرفع صوته به، بل كان وقورًا متزنًا هادئًا كما وصفه جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان طويل الصمت قليل الضحك».
وقال ابن حجر رحمه الله بعد أن استعرض عددًا من الأحاديث المتعلقة بالتبسم والضحك: «والذي يظهر من مجموع الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد في معظم أحواله عن التبسم، وربما زاد على ذلك فضحك؛ والمكروه في ذلك إنما هو الإكثار منه أو الإفراط؛ لأنه يُذهب الوقار».
أنواع من الضحك:
ضحك التعجب:
من الضحك ما يكون بسبب التعجب، فإذا تعجب الشخص من أمرٍ ما، فقد يضحك قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ [هود:٦٩-٧٢]، فضحكها كان للتعجب.
ضحك الفرح:
ومن الضحك ما يكون سببه الفرح والسرور، كما قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ [عبس:٣٣-٤٢]. فالمؤمن إذا رأى يوم القيامة ما وعده الله من النعيم سر لذلك واستبشر وضحك؛ وهذا والله الموقف الذي يستحق الضحك.
ضحك التهكم والسخرية:
فقد يكون الضحك بسبب التهكم والسخرية والازدراء، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾ [المطففين:٢٩-٣٠]، وإنما يكون ذلك في الدنيا، كما كان كفار قريش يضحكون على ضعف المؤمنين في أول الإسلام، وقبل أن تقوم لهم دولة؛ وكانوا يضحكون عليهم، وعلى فقرهم وقلتهم.
ضحك الغضب:
وقد يبدو هذا غريبا، ولكن قد يكون الغضب أحيانا دافعا للضحك، وهو كثيرًا ما يعتري الغضبان إذا اشتد غضبه. وسببه: تعجب الغضبان مما أورد عليه الغضب، وشعور نفسه بالقدرة على خصمه، وأنه في قبضته، وقد يكون ضحكه لملكِهِ نفسَه عند الغضب، وإعراضه عمن أغضبه، وعدم اقتدائه به.
وهناك أنواع أخرى من الضحك، مثل ضحك الملاطفة أو الترحيب، وضحك الفوز عند الانتصار، وضحك التسلية، وكذلك الضحك في الحالة الهستيرية والجنون.
مشروعية الضحك والابتسام:
الضحك صفة في الإنسان، وهو مما جبل الله عز وجل الإنسان عليه، وجمعه مع ضده، فكما أنه خلق الموت والحياة، وخلق الذكر والأنثى فكذلك جل شأنه: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ [النجم:٤٣]، بل إن الضحك صفة من صفات الباري جل جلاله، ففي مسند الإمام أحمد رحمه الله، عند أبي رزين قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ضحك ربنا عز وجل من قنوط عباده وقرب غيره»؛ فقال أبو رزين: أو يضحك الرب عز وجل؟ قال: «نعم»، فقال: لن نعدم من رب يضحك خيرا».
فعند أهل السنة والجماعة أن الضحك صفة حقيقية لله جل جلاله، يضحك ربنا لكن ليس كضحك المخلوقات، على حد قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:١١].
ومما ورد أيضا في ضحك الله جل وتعالى الحديث المتفق عليه: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما في الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله عز وجل فيستشهد ثم يتوب الله على القاتل، فيسلم فيقاتل في سبيل الله عز وجل فيستشهد».
والنبي كان ضحكه التبسم، بل كله التبسم وكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، كما في حديث عبدالله بن الحارث رضي الله عنه أنه قال: «ما رأيت أحدًا أكثر تبسما من رسول الله».
الضحك المندوب:
مضاحكة الزوجة وملاعبتها:
قال صلى الله عليه وسلم: «تزوجتَ ياجابر»؟ فقلت: نعم! فقال: «بكرًا أم ثيّبًا؟» قلت: بل ثيّبًا، قال: «فهلاّ جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك».
لقاء الناس بوجه طلق:
وذلك لإدخال السرور عليهم، كما في حديث جرير ابن عبد الله رضي الله عنهما، قال: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي.
وقال صلى الله عليه وسلم: «… تبسمك في وجه أخيك لك صدقة».
من ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وتبسمه:
أولا: في ضحكه صلى الله عليه وسلم:
استأذن عمر رضي الله عنه في الدخول على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر تبادرن بالحجاب، فأذن له النبي فدخل، والنبي يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله بأبي أنت وأمي، فقال: «عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، لما سمعن صوتك تبادرن الحجاب»، فقال: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله، ثم أقبل عليهن فقال: يا عدوّات أنفسهن أتهبنني ولم تهبن رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إيه يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك».
ومن المواقف أيضا التي ضحك فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حكاه أنس ابن مالك رضي الله عنه، قال: كنت أمشي مع رسول الله، وعليه بردٌ نجرانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي وقد أثرت فيها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مُرْ لي من مال الله الذي عندك؛ فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء».
ثانيًا: في تبسمه صلى الله عليه وسلم:
وعن جرير رضي الله عنه: قال ما صحبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي.
وعن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، كثيرًا، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم صلى الله عليه وسلم.
قال النووي: «في هذا الحديث جواز الضحك والأفضل الاقتصار على التبسم كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في عامة أوقاته».
ومن ذلك ما حكاه صهيب الرومي رضي الله عنه، قال: قدمتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ادنُ فكل» فأخذت آكل من التمر، فقال النبي: «تأكل تمرًا وبك رمد؟» قال: فقلت: إني أمضغ من ناحية أخرى! فتبسم رسول الله.
من آداب الضحك:
النهي عن كثرة الضحك:
ليس من المروءة ولا الأدب أن يكون الضحك هو الغالب على المجلس، فقليله يبعث في النفس النشاط ويروح عنها، وكثيره داءٌ يميت القلب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكثروا من الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب».
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «من كثر ضحكه قلّت هيبته، ومن أكثر من شيء عُرِفَ به».
العلاج من كثرة الضحك:
تعالج كثرة الضحك بعدة أمور، منها:
1- الإكثار من ذكر الله تعالى.
2- تذكر عظمة الله تعالى.
3- تذكر الموت واليوم الآخر.
4- مجاهدة النفس في كتم الضحك.
5- عدم الإكثار من مخالطة الشخصيات الهزلية.
6- محاولة اعتياد الجدية.
اجتناب الإضحاك بالكذب:
فعلى المسلم أن يحذر من إضحاك الناس بالكذب، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ويل للذى يحدث بالحديث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له».
أن يكون تبسما أكثر منه ضحكا:
كما في حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه السابق في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وكان لا يضحك إلا تبسمًا».
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «التبسم دعابة وهو أبلغ في الإيناس من الضحك».
* * *



 
 توقيع : بالقرآن نرتقي





بالقرآن نرتقي


رد مع اقتباس