عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 03:58 AM   #11
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue



# ففيه بيان أن الحمد لله أحق ما قاله العباد ولهذا أوجب قوله في كل صلاة وأن تفتتح به الفاتحة وأوجب قوله في كل خطبة وفي كل أمر ذي بال # والحمد ضد الذم والحمد يكون على محاسن المحمود مع المحبة له كما أن الذم يكون على مساويه مع البغض له # فإذا قيل إنه سبحانه يفعل الخير والحسنات وهو حكيم رحيم بعباده أرحم بعباده من الوالدة بولدها أوجب ذلك أن يحبه عباده ويحمدوه # وأما إذا قيل بل يخلق ما هو شر محض لا نفع فيه ولا رحمة ولا حكمة لأحد وإنما يتصف بإرادة ترجح مثلا على مثل لا فرق عنده بين أن يرحم أو يعذب وليست نفسه ولا إرادته مرجحة للاحسان إلى الخلق بل تعذيبهم وتنعيمهم سواء عنده وهو مع هذا يخلق ما يخلق لمجرد العذاب والشر ويفعل ما يفعل لا لحكمة ونحو ذلك مما يقوله الجهمية لم يكن هذا موجبا لأن يحبه العباد ويحمدوه بل هو موجب للعكس # ولهذا فإن كثير من هؤلاء ينطقون بالذم والشتم والطعن ويذكرون ذلك نظما ونثرا # وكثير من شيوخ هؤلاء وعلمائهم من يذكر في كلامه ما يقتضي هذا ومن لم يقله بلسانه فقلبه ممتلئ به لكن يرى أن ليس في ذكره منفعة أو يخاف من عموم المسلمين # وفي شعر طائفة من الشيوخ ذكر نحو هذا # وهؤلاء يقيمون حجج إبليس وأتباعه على الله ويجعلون الرب ظالما لهم # وهو خلاف ما وصف الله به نفسه في قوله تعالى ^ وما ظلمناهم ولكن

كانوا هم الظالمين ^ وقوله ^ وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم ^ وقوله ^ وما ربك بظلام للعبيد ^ # كيف يكون ظالما وهم فيما بينهم لو اساء بعضهم إلى بعض أو قصر في حقه لكان يؤاخذه ويعاقبه وينتقم منه ويكون ذلك عدلا إذا لم يعتد عليه # ولو قال إن الذي فعلته قدر علي فلا ذنب لي فيه لم يكن هذا عذرا له عندهم باتفاق العقلاء # فإذا كان العقلاء متفقين على أن حق المخلوق لا يجوز إسقاطه احتجاجا بالقدر فكيف يجوز إسقاط حق الخالق احتجاجا بالقدر # وهو سبحانه الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما وهذا مبسوط في غير هذا الموضع # فقوله أحق ما قال العبد يقتضى أن حمد الله أحق ما قاله العبد فله الحمد على كل حال لأنه لا يفعل إلا الخير والإحسان الذي يستحق الحمد عليه سبحانه وتعالى وإن كان العباد لا يعلمون & حكمة خلق الإنسان & #50 وهو سبحانه خلق الإنسان وخلق نفسه متحركة بالطبع حركة لا بد فيها من الشر لحكمة بالغة ورحمة سابغة # فإذا قيل فلم يخلقها على غير هذا الوجه # قيل كان يكون ذلك خلقا غير الإنسان وكانت الحكمة التي خلقها بخلق

الانسان لا تحصل وهذا سؤال الملائكة حيث قالوا ^ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ^ ما لم تعلمه الملائكة فكيف يعلمه آحاد الناس # ونفس الإنسان خلقت كما قال الله تعالى ^ إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وغذا مسه الخير منوعا ^ وقال تعالى ^ خلق الإنسان من عجل ^ # فقد خلقت خلقه تستلزم وجود ما وجد منها لحكمة عظيمة ورحمة عميمة فكان ذلك خيرا ورحمة وإن كان فيه شر إضافي كما تقدم فهذا من جهة الغاية مع أنه لا يضاف الشر إلى الله # وأما الوجه الثاني من جهة السبب فإن هذا الشر إنما وجد لعدم العلم والإرادة التي تصلح النفس فإنها خلقت بفطرتها تقتضي معرفة الله ومحبته وقد هديت إلى علوم وأعمال تعينها على ذلك وهذا كله من فضل الله وإحسانه لكن النفس المذنبة لما لم يحصل لها من يكملها بل حصل لها من زين لها السيئات من شياطين الانس والجن مالت إلى ذلك وفعلت السيئات فكان فعلها للسيئات مركبا من عدم ما ينفع وهو الأفضل ووجود هؤلاء الذين خيروها والعدم لا يضاف إلى الله # وهؤلاء القول فيهم كالقول فيها خلقهم لحكمة # فلما كان عدم ما تعمل به وتصلح هو أحد السببين وكان الشر المحض الذي لا خير فيه هو العدم المحض والعدم لا يضاف إلى الله فإنه ليس شيئا والله خالق كل شيء كانت السيئات منها باعتبار ذاتها في نفسها مستلزمة للحركت الإرادية التي تحصل منها عدم مع ما يصلحها تلك السيئات

# والعبد إذا اعترف وأقر بأن الله خالق أفعاله كلها فهو على وجهين # إن اعترف به إقرارا بخلق الله كل شيء بقدرته ونفوذ مشيئته وإقرارا بكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر واعترافا بفقره وحاجته إلى الله وأنه إن لم يهده فهو ضال وإن لم يتب عليه فهو مصر وإن لم يغفر له فهو هالك خضع لعزته وحكمته فهذا حال المؤمنين الذين يرحمهم الله ويهديهم ويوفقهم لطاعته # وإن قال ذلك احتجاجا على الرب ودفعا للأمر والنهي عنه وإقامة لعذر نفسه فهذا ذنب أعظم من الأول وهذا من أتباع الشيطان ولا يزيده ذلك إلا شرا وقد ذكرنا أن الرب سبحانه محمود لنفسه ولإحسانه إلى خلقه ولذلك هو يستحق المحبة لنفسه ولإحسانه إلى عباده ويستحق أن يرضى العباد بقضائه لأنه حكمه عدل لا يفعل إلا خيرا وعدلا ولأنه لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له # فالمؤمن يرضى بقضائه لما يستحقه الرب لنفسه من الحمد والثناء ولأنه محسن إلى المؤمن & قضاء السيئات & #51 وما تسأله طائفة من الناس وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له وقد قضى عليه بالسيئات الموجبة للعقاب فكيف يكون ذلك خيرا # وعنه جوابان # أحدهما أن أعمال العباد لم تدخل في الحديث إنما دخل فيه ما يصيب

الإنسان من النعم والمصائب كما في قوله ^ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ^ ولهذا قال إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له فجعل القضاء ما يصيبه من سراء وضراء هذا ظاهر لفظ الحديث فلا إشكال عليه # الوجه الثاني أنه إذا قدر أن الأعمال دخلت في هذا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن # فإذا قضى له بأن يحسن فهذا مما يسره فيشكر الله عليه # وإذا قضى عليه بسيئة فهي إنما تكون سيئة يستحق العقوبة عليها إذا لم يتب منها فإن تاب أبدلت حسنة فيشكر الله عليها وإن لم يتب ابتلي بمصائب تكفرها فصبر عليها فيكون ذلك خيرا له والرسول صلى الله عليه وسلم قال لا يقضي الله للمؤمن والمؤمن هو الذي لا يصر على ذنب بل يتوب منه فيكون حسنة كما قد جاء في عدة آيات إن العبد ليعمل الذنب فيدخل به الجنة بعمله ولا يزال يتوب منه حتى يدخل بتوبته منه الجنة # والذنب يوجب ذل العبد وخضوعه ودعاء الله واستغفاره إياه وشهوده بفقره وحاجته إليه وأنه لا يغفر الذنوب إلا هو # فيحصل للمؤمن بسبب الذنب من الحسنات ما لم يكن يحصل بدون ذلك فيكون هذا القضاء خيرا له # فهو في ذنوبه بين أمرين إما أن يتوب فيتوب الله عليه فيكون من التوابين الذين يحبهم الله

# وإما أن يكفر عنه بمصائب تصيبه ضراء فيصبر عليها فيكفر عنه السيئات بتلك المصائب وبالصبر عليها ترتفع درجاته # وقد جاء في بعض الأحاديث يقول الله تعالى أهل ذكري أهل مجالستي وأهل شكري أهل زيارتي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم أي محبهم فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأكفر عنهم المعائب & ما في قوله تعالى ^ من نفسك ^ من الفوائد & #52 وفي قوله تعالى من نفسك من الفوائد ان العبد لا يركن إلى نفسه ولايسكن إليها فإن الشر لا يجيء إلا منها ولا يشتغل بملام الناس ولا ذمهم إذا أساءوا إليه فإن ذلك من السيئات التي أصابته وهي إنما أصابته بذنوبه فيرجع إلى الذنوب فيستغفر منها ويستعيذ بالله من شر نفسه وسيئات عمله ويسأل الله أن يعينه على طاعته فبذلك يحصل له كل خير ويندفع عنه كل شر # ولهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة ^ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ^ فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته فلم يصبه شر لا في الدنيا ولا في الآخرة # لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب # ليس كما يقوله طائفة من المفسرين إنه قد هداه فلماذا يسأل الهدى # وإن المراد بسؤال المهدي الثبات أو مزيد الهداية

# بل العبد محتاج إلى أن يعلمه ربه ما يفعله من تفاصيل أحواله والى ما يتولد من تفاصيل الأمور في كل يوم وإلى أن يلهم أن يعمل ذلك # فإنه لا يكفي مجرد علمه إن لم يجعله الله مريدا للعمل بعلمه



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس