عرض مشاركة واحدة
قديم 04 Apr 2010, 04:00 AM   #14
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ذو الفضل العظيم ^ ولذلك حكمة ورحمة هو أعلم بها كما خص بعض الأبدان بقوي لا توجد في غيرها وبسبب عدم القوة قد تحصل له أمراض وجودية وغير ذلك من حكمته # وبتحقيق هذا يدفع شبهات هذا الباب والله أعلم بالصواب

& فصل عقوبة عدم الإيمان & #65 ومما ذكر فيه العقوبة على عدم الإيمان قوله تعالى ^ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ^ وهذا من تمام قوله ^ وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ونقلب أفئدتهم وأبصارهم الآية ^ فذكر أن هذا التقليب إنما حصل لقلوبهم لما لم يؤمنوا به أول مرة وهذا عدم الإيمان # لكن يقال إنما كان هذا بعد دعوة الرسول لهم وهم قد تركوا الإيمان وكذبوا الرسول وهذه أمور وجودية لكن الموجب للعذاب هو عدم الإيمان وما ذكر شرط في التعذيب بمنزلة إرسال الرسول فإنه قد يشتغل عن الإيمان بما جنسه مباح من أكل وشرب وبيع وسفر وغير ذلك وهذا الجنس لا يستحق عليه العقوبة إلا لأنه شغله عن الإيمان الواجب عليه # ومن الناس من يقول ضد الإيمان هو تركه وهو أمر وجودي لا ضد له إلا ذلك & فصل النعم كلها من الله & #66 الفرق السابع من الحسنات والسيئات التي تتناول الأعمال والجزاء في كون هذه تضاف إلى النفس وتلك تضاف إلى الله أن السيئات التي تصيب الإنسان وهي مصائب الدنيا والآخرة ليس لها سبب إلا ذنبه الذي هو من نفسه فانحصرت في نفسه

# وأما ما يصيبه من الخير والنعم فإنه لا تنحصر أسبابه لأن ذلك من فضل الله وإحسانه يحصل بعمله وبغير عمله وعمله نفسه من إنعام الله عليه وهو سبحانه لا يجزي بقدر العمل بل يضاعفه له ولا يقدر العبد على ضبط أسبابها لكن يعلم أنها من فضل الله وإنعامه فيرجع فيها إلى الله فلا يرجو إلا الله ولا يتوكل إلا عليه ويعلم أن النعم كلها من الله وأن كل ما خلقه فهو نعمة كما تقدم فهو يستحق الشكر المطلق العام التام الذي لا يستحقه غيره # ومن الشكر ما يكون جزاء على ما يسره على يديه من الخير كشكر الوالدين وشكر من أحسن إليك من غيرهما فإنه من لا يشكر الناس لا يشكر الله لكن لا يبلغ من حق أحد وإنعامه أن يشكر بمعصية الله أو أن يطاع بمعصية الله فإن الله هو المنعم بالنعم العظيمة التي لا يقدر عليها مخلوق ونعمة المخلوق إنما هي منه أيضا وقال تعالى ^ وما بكم من نعمة فمن الله ^ وقال تعالى ^ وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ^ وجزاؤه سبحانه على الطاعة والمعصية والكفر لا يقدر أحد على مثله & لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق & #67 فلهذا لم يجز أن يطاع مخلوق في معصية الخالق كما قال تعالى ^ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما ^ وقال في الآية الآخرى ^ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ^ # وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح على المرء المسلم

السمع والطاعة في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما الطاعة في المعروف وقال من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه وقال لا طاعة لمخلوق على معصية الخالق # وهذا مبسوط في غير هذا الموضع # والمقصود هنا أنه إذا عرف أن النعم كلها من الله وأنه لا يقدر أن يأتي بها إلا الله فلا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يذهب السيئات إلا هو وأنه ^ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ^ صار توكله ورجاؤه ودعاؤه للخالق وحده # وكذلك إذا علم ما يستحقه الله من الشكر الذي لا يستحقه غيره صار علمه بأن الحسنات من الله يوجب له الصدق في شكر الله والتوكل عليه ولو قيل إنها من نفسه لكان غلطا لأن منها ما ليس لعلمه فيه مدخل وما كان لعمله فيه مدخل فإن الله هو المنعم به فإن لا حول ولا قوة إلا بالله ولا ملجأ ولا منجي منه إلا إليه # وعلم أن الشر قد انحصر سببه في النفس فضبط ذلك وعلم من أين يؤتى فاستغفر ربه مما فعل وتاب واستعان الله واستعاذ به مما لم يعمل بعد كما قال من قال من السلف لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن عبد إلا ذنبه # وهذا يخالف قول الجهمية ومن اتبعهم اللذين يقولون إن الله يعذب بلا ذنب ويعذب أطفال الكفار وغيرهم عذابا دائما أبدا بلا ذنب # فإن هؤلاء يقولون يخاف الله خوفا مطلقا سواء كان له ذنب أو لم يكن له

ذنب ويشبهون خوفه بالخوف من الأسد ومن الملك القاهر الذي لا ينضبط فعله ولا سطوته بل قد يقهر ويعذب من لا ذنب له من رعيته # فإذا صدق العبد بقوله تعالى ^ وما أصابك من سيئة فمن نفسك ^ علم بطلان هذا القول وأن الله لا يعذبه ويعاقبة الا بذنوبه حتى المصائب التي تصيب العبد كلها بذنوبه # وقد تقدم قول السلف ابن عباس وغيره أن ما أصابهم يوم أحد من الغم والفشل إنما كان بذنوبهم لم يستثن من ذلك أحد # وهذا من فوائد تخصيص الخطاب لئلا يظن أنه عام مخصوص # وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه & فصل خبث السيئات & #68 الفرق الثامن أن السيئة إذا كانت من النفس والسيئة خبيثة مذمومة وصفها بالخبث في مثل قوله ^ الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ^ # قال جمهور السلف الكلمات الخبيثة للخبيثين ومن كلام بعضهم الأقوال والأفعال الخبيثة للخبيثين # وقد قال تعالى ^ ضرب الله مثلا كلمة طيبة ومثل كلمة خبيثة ^ وقال الله ^ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ^ والأقوال والأفعال صفات القائل والفاعل

# فإذا كانت النفس متصفة بالسوء والخبيث لم يكن محلها ينفعه إلا ما يناسبها فمن أراد أن يجعل الحيات والعقارب يعاشرون الناس كالسنانير لم يصلح ومن أراد أن يجعل الذي يكذب شاهدا على الناس لم يصلح # وكذلك من أراد أن يجعل الجاهل معلما للناس مفتيا لهم أو يجعل العاجز الجبان مقاتلا عن الناس أو يجعل الأحمق الذي لا يعرف شيئا سائسا للناس أو للدواب فمثل هذا يوجب الفساد في العالم وقد يكون غير ممكن مثل من أراد أن يجعل الحجارة تسبح على وجه الماء كالسفن أو تصعد إلى السماء كالريح ونحو ذلك # فالنفوس الخبيثة لا تصلح أن تكون في الجنة الطيبة التي ليس فيها من الخبث شيء فإن ذلك موجب للفساد أو غير ممكن # بل إذا كان في النفس خبث طهرت وهذبت حتى تصلح لسكنى الجنة كما في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إن المؤمنين إذا نجوا من النار أي عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة # وهذا مما رواه البخاري عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا اذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا # والتهذيب التخليص كما يهذب الذهب فيخلص من الغش

# فتبين أن الجنة إنما يدخلها المؤمنون بعد التهذيب والتنقية من بقايا الذنوب فكيف بمن لم يكن له حسنات يعبر بها الصراط # وأيضا فإذا كان سببها ثابتا فالجزاء كذلك بخلاف الحسنة فإنها من إنعام الحي القيوم الباقي الأول الآخر فسببها دائم فيدوم بدوامه # وإذا علم الإنسان أن السيئة من نفسه لم يطمع في السعادة التامة مع ما فيه من الشر بل علم تحقيق قوله تعالى ^ من يعمل سوءا يجز به ^ وقوله ^ فمن يعمل مثقالا ذرة خير يره ومن يعمل مثقالا ذرة شرا يره ^ # وعلم أن الرب عليم حليم رحيم عدل وأن أفعاله جارية على قانون العدل والإحسان وكل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل # وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه والقسط بيده الأخرى يخفض ويرفع & الثواب والعقاب بحكمة وعدل & #69 وعلم فساد قول الجهمية الذين يجعلون الثواب والعقاب بلا حكمة ولا عدل ولا وضع للأشياء مواضعها فيصفون الرب بما يوجب الظلم والسفه وهو سبحانه قد شهد ^ أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ^ # ولهذا يقولون لا ندري ما يفعل بمن فعل السيئات بل يجوز عندهم أن يعفو عن الجميع ويجوز عندهم أن يعذب الجميع ويجوز أن يعذب ويغفر بلا موازنة بل يعفو عن شر الناس



 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس