عرض مشاركة واحدة
قديم 23 Mar 2010, 11:28 AM   #2
((( الباحث )))
باحث فضي


الصورة الرمزية ((( الباحث )))
((( الباحث ))) غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8198
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 03 Jan 2012 (07:37 PM)
 المشاركات : 173 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وانعدام التوعية الثقافية، بحيث تلجأ إلى الشعوذة لتحقيق ذاتها و إبراز حضورها داخل الإطار الأسري وخارجه، بشكل خاص المرأة المهمشة، المحرومة من ممارسة حقها الطبيعي في مختلف مجالات الحياة… » وتضيف: « كانت هذه الممارسات متفشية في الأوساط الفقيرة والمهمشة وبين النساء الأميات والجاهلات فقط، إلا أنه لوحظ خلال السنوات الأخيرة انتشارها بين فئات المتعلمات والمثقفات من عالم الفن والسياسة والاقتصاد، بسبب الضغط والإكراه والإحساس بالضعف أو الحقد، وكثيرا ما يلعب الجانب العاطفي دورا كبيرا في هذه الممارسات…»، هذه العوامل كثيرا ما تشكل دافعا قويا لطرق أبواب الشعوذة رغبة في الحصول على وصفات سحرية غالبا ما تحتوي على “ مخ الضبع“ أو ” لسان الحمار“ من أجل إخضاع الرجل لسيطرتها، ولا يفرق معها إن كان هذا الرجل أبا أو أخا أو ابنا أو حتى زوجا، المهم أنه رجل وأن عليها أن تبحث عن وسيلة ما للتفوق عليه، وكثيرا ما تكون هذه الوسيلة غريبة ومثيرة في نفس الوقت، فالشعوذة في هذه الحالة هي أكثر الوسائل فعالية، تقول فاطمة 30 سنة (ربة بيت): « ترعرعت في بيت يتكون من 7 ذكور، الأب و 6 إخوة، حرمت من الدراسة في سن مبكرة وتعرضت لمختلف أشكال التنكيل والتعنيف أحيانا من طرف الأب و أحيانا من طرف الإخوة، حتى أصغرهم سنا، لم يتوقف يوما عن ضربي وإلحاق أضرار بجسدي، لدرجة أني أصبحت أخجل من الخروج للتسوق، حتى الزواج تم بالغصب وتحت التهديد بالضرب والقتل، والزوج لم يكن أرحم من الذكور الذين خلفتهم ورائي في منزل الأسرة، صبرت طويلا، إلى درجة أني أصبحت معقدة، وحمدت الله لأني لم أرزق بأطفال يذكرونني بالجحيم الذي عشته تحت سقف بيته، فالإنجاب كان أحد أسباب تعنيف الزوج لي، فهل كان أمامي غير اللجوء للشعوذة؟؟! للحصول على حقي، لكني دخلت في متاهة، لا نهاية لها… ».
إن وقوع المرأة في مجموعة من المشاكل الاجتماعية التي لا تجد لها حلا، والإحساس بالضعف في مواجهتها وعدم الاهتداء إلى السبل السليمة لاسترجاع الحقوق الضائعة، والرغبة في الانتقام بشكل خفي من دون الظهور في الصورة تدفعها إلى الارتماء بين أحضان الشعوذة بمختلف أشكالها، فتأخر زواج المرأة مثلا إلى حدود 30 سنة، يعتبر فضيحة ومؤشرا على خلل ما يثير عدة تساؤلات واستفهامات، خصوصا في البيئة الاجتماعية الضيقة والمدن الصغيرة المهمشة، إذ تقع تحت رحمة نظرة التشفي والإشفاق التي تلاحقها وتحْتَ الضغط الأسري، مما يدفع بالمرأة إلى قبول التفسيرات الخرافية لوضعها التي ترجع سبب تأخر الزواج إلى ” العكس“ و “ السحر“ ، وعندما تفشل المرأة المغربية في الحصول على زوج مناسب تكون عرضة لنصائح بعض النساء المتقدمات في السن باللجوء إلى الشعوذة كحل لطرد سوء الحظ الذي يجثم على أنفاسها، فلا تمتنع عن ممارسة بعض الطقوس التي يفرضها عليها المشعوذ / الفقيه حسب المصطلح المتداول في البيئة الشعبية المغربية. تقول سيدة في 40 من عمرها « من أجل الحصول على زوج مناسب تضطر المرأة إلى الخضوع لوصفات وطقوس غريبة، تفرضها تعاليم الفقيه، كأن تقتني حرباء عذراء من عند العطار وتلقي بها حية في موقد صغير، لتبخر كل أطراف جسدها بالدخان المتصاعد من جثتها المحترقة، هذا الانجراف وراء الوهم الذي يسكن خيال المرأة العانس أو القليلة الحظ، يجعلها تستحم بأوراق مكتوبة بخط الزعفران أو القطران، أو تبخر بهما، وكلما فشلت في الحصول على عريس بعد مرور المدة التي حددها الفقيه، تلجأ إلى فقيه آخر وآخر، دون ملل أو يأس من قدرتهم العجيبة على جلب زوج مناسب لها، فأحيانا يوهمها بأنها تعاني من العكس أو السحر، وأحيانا أخرى يخبرها بأنها مسكونة بجني يفرض عليها أوامره ولن يطلق سراحها، وقد تصل تعاليم الفقيه وتخاريفه إلى حد اغتصاب زبونته بمبرر إبطال السحر، إلا أن ثقتها العمياء وأملها الذي لا ينفذ يجعلها تتغلغل أكثر في أعماق سبل الشعوذة، جريا وراء حلم لن يتحقق أبدا…».
كما أن حب الانتقام والحقد الذي يسكن أعماق المرأة اتجاه شخص ما، يكون حافزا آخر للجوء إلى الشعوذة التي تعتبر الوسيلة الوحيدة والفعالة لتدمير ذلك الشخص سواء كان رجلا أو امرأة، بحيث تسخر المرأة مختلف أشكال السحر وطقوسه الغريبة، لتحقيق انتقامها، فيصبح ذلك الشخص مشلول الإرادة والتفكير، غير قادر على الحفظ والتركيز، بحيث يتحول إلى إنسان آخر فاشل في حياته وزواجه وعلاقته بالناس، تقول سعاد 36 سنة (ربة بيت): « في رأيك، هل كان من الطبيعي أن أسامحه بعد أن خدعني بكلماته العسلية التي أفقدتني صوابي، مستغلا جهلي وعدم وعيي، بالعلاقات العاطفية وأحاديث الحب، تصورت أني سأحقق معه حلما ورديا مفعما بالأماني الجميلة وبالسعادة التي لا تنتهي، إلا أنني اكتشفت فجأة أني عشت سنوات طويلة في الوهم، بعد أن فقدت كل شيء، شرفي وكرامتي و سمعتي، وهجرني ليتزوج أخرى، ” بنت دارهم ” كما أخبرني ذات ليلة، ورغم أنه ارتبط بتلك المرأة إلا أنه استمر في علاقته بي، واكتشفت مع الوقت أني تحولت من حبيبة إلى عشيقة، خاصة بعد أن اكتشف أمري من طرف الأسرة، فرحلت عن المنزل، هروبا من الفضيحة، ورغم أني حاولت مرارا الابتعاد عنه إلا أني لم أستطع، ما كان يربطني به أقوى بكثير، إلا أن الحقد الذي تشكل في داخلي اتجاهَهٌ و اتجاه ضعفي، جعلني أستمع إلى نصائح صديقة عزيزة على قلبي التي خيرتني بين الكراهية والمحبة، وبين الحصول عليه أو طرده من حياتي بشكل نهائي، إلا أني اخترت حلا آخر هو الانتقام منه، بحيث لن تحصل عليه أية امرأة أخرى حتى لو كانت زوجته، لجأت إلى سيدة كان يطلق عليها اسم “الشريفة” أذهلتني بأدق التفاصيل عن حياتي وعلاقتي الغرامية والجنسية، بل إنها أخبرتني بأن حبيبي يلجأ إلي فقط لأنه لا يحقق المتعة الجنسية مع زوجته، وطلبت مني بعض المواد التي لم أعد أتذكر أسماءها، وأمام دهشتي، طلبت مني 2500 درهم مقابل جلب هذه المواد لأنها نادرة و يستحيل العثور عليها، وبعد 10 أيام قدمت لي قنينة صغيرة الحجم مملوءة بمزيج أسود لأبخر بقطرات منه، واستحم بقطرات أخرى، وأصب قطرات في حساء خضر وأقدمها له مع التمر والحليب وعلى ضوء الشمع الباهت حتى تكون الطقوس كاملة، وبدل أن يحبني أو يكرهني، نقل إلى المستشفى بعد ساعة من خروجه من بيتي، ورحل بعيدا ولم أعد أسمع عنه أي شيء… ».
و تعتبر نسبة البطالة المتزايدة بين صفوف النساء وانعدام فرص الشغل وانتشار الفقر حوافز أخرى للاعتماد على قدرة الشعوذة في فتح أبواب الرزق أمامهم عبر“ القبول“ الذي ينسجه الفقيه على ورق أبيض بالصمغ، موهما زبناءه بأن الاحتفاظ به في جيب السروال أو بين ثنايا الملابس الداخلية أو في حافظة النقود، وسيلة للتغلب على كل المصاعب وسلاحا لفتح كل الأبواب الموصدة في وجه حامله، كما أن الهجرة من البوادي إلى المدن تفرز لنا الكثير من رواد الشعوذة بسبب التهميش والإقصاء، والإحساس بالضعف والخضوع لسيطرة الرجل وضغط التقاليد والرغبة في اختراق الفضاءات المغلقة التي تكبس على أنفاس المرأة، كلها عوامل تدفع إلى ممارسة الشعوذة باعتبارها الوسيلة الفعالة للوصول إلى كل شيء.



 

رد مع اقتباس